• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيفية تسجيل اللون في الصورة الرقمية

سوسن عزت عامر*

كيفية تسجيل اللون في الصورة الرقمية

◄الضوء المرئي هو مدى صغير من الأطول الموجية Wavelengths من الطاقة الكهرومغناطيسية التي تؤثر في الخلايا الموجودة بمؤخرة العينين، وترسل العينان بدورهما رسائل إلى العقل، وفي هذه المرحلة تتحول هذه الرسائل لتعطينا رؤية. والعين حساسة إلى طول موجي بين 400 و700 نانومتر، وهذا النطاق الضيق من الضوء المرئي – أو الضوء الأبيض – يكفي ليعطينا رؤية ملونة كاملة. تعمل الكاميرا الرقمية بطريقة مماثلة، حيث تُنتج صورة فوتوغرافية كاملة الألوان من خلال دمج الألوان الأساسية الثلاثة (الأحمر، والأخضر، والأزرق). فالتصوير الرقمي الملون يفصل المعلومات الحمراء والخضراء والزرقاء في الصورة إلى ثلاث قنوات مميزة، وهي التي تتحد لنرى الصورة على شاشة الـLCD الخاصة بالكاميرا الرقمية – سواء في التصوير الفوتوغرافي أو الفيديو الرقمي.

تعتمد التكنولوجيا الرقمية على أن يستبدل بالفيلم الحساس في الكاميرا الفوتوغرافية، أو شريط الفيديو في كاميرا الفيديو، وسيط حساس للضوء. يتكون الوسيط الحساس من مجموعة من رقاقات السيليكون تحتوي كلّ رقاقة منها على ملايين الصفوف والأعمدة من البيكسل. ويتكون كلّ بيكسل من صمام ثنائي حساس للضوء Photodiodes، وبالتالي فالبيكسل هو الوحدة البنائية في الوسيط الحساس وهو الجزء الذي يتعامل مع الضوء ويقوم بتجميع وتوليد الشحنات الكهربية، وكلّ بيكسل يُعبر عن الكثافات والألوان المقابلة له في الموضوع المصور.

وفي حقيقة الأمر، الوسيط الحساس للضوء غير مُدرِك للألوان (أي أعمى بالنسبة للون)، وما يحدث هو أنّ الوسيط الحساس يدرك شدة الاستضاءة ولا يميز الألوان، حيث يسجل البيكسل الحساس للضوء مستويات شدة الضوء المنعكس فقط من الموضوع المصور.

تتوافر أنظمة عدة لرؤية اللون في الكاميرا الرقمية. يوجد أحد هذه الأنظمة في وسائط المصفوفة الواحدة Single matrix sensor، ويعتمد هذا النظام الذي يسمى Bayer Pattern على وضع فلتر أحمر وأخضر وأزرق فوق كلّ بيكسل موجود في المصفوفة. يستخدم هذا النموذج عملية تسمى interpolation وهي عملية دقيقة من حساب المتوسطات، بمعنى أنّه يتم تقدير "اللون الحقيقي" للبيكسل في النهاية عن طريق مقارنة البيكسل بالبيكسيلات المجاورة له، أيّا كان لونها. ومدى دقة هذه العملية هو الذي يحدد جودة الوسيط الحساس، وبالتالي دقة وجودة الصورة المسجلة.

ويتوافر نظام آخر هو وسيط الصورة المباشر Direct Image Sensor، حيث توجد ثلاث طبقات من الفلاتر (الأحمر – الأخضر – الأزرق) ملتصقة بالسيليكون الخاص بالوسيط الحساس بالكامل، وتقوم الأطوال الموجية من الضوء الأحمر والأخضر والأزرق، القادمة من الضوء المنعكس عن الموضوع الجاري تصويره، باختراق السيليكون على أعماق مختلفة. وفي هذه الحالة يصبح كلّ بيكسل قادراً على تسجيل شدة الاستضاءة وأيضاً اللون في نهاية العملية بشكل مباشر، دون الاحتياج إلى عملية interpolation.

نعود مرة أخرى للضوء المنعكس من الموضوع الجاري تصويره، في محاولة لفهم عملية تسجيل اللون في الكاميرا الرقمية في أي من أنظمة تسجيل اللون المستخدمة، إذا كان الوسيط الحساس يقرأ شدة الاستضاءة ولا يقرأ اللون. ولفهم ذلك يمكنك القيام بالتجربة التالية بنفسك: قم بتحويل ضبط الكاميرا الرقمية لديك إلى وضع التصوير الأبيض والأسود لتماثل بذلك الحساس الأعمى للون، ثمّ قم بملء ثلاثة أكواب بالألوان الأساسية، الأحمر والأخضر والأزرق، لتمثل الموضوع الجاري تصويره. وبعدها قم بتصوير الأكواب الثلاثة ثلاث مرات مستخدماً في كلّ مرة فلتراً أحمر ثمّ أخضر ثمّ أزرق على التوالي، موضوعاً أمام العدسة كبديل للفترات الملونة الموضوعة على الوسيط الحساس. ستلاحظ بعد التصوير أنّ الكاميرا سجلت صوراً مختلفة في شدة الاستضاءة للألوان الثلاثة في كلّ مرة حسب لون الفلتر المستخدم. فمثلاً، المنطقة الحمراء من الموضوع ستظهر أفتح في التباين عند استخدام الفلتر الأحمر (أي في القناة الحمراء)، لكنها أكثر قتامة في حالة القناة الخضراء والزرقاء. ما حدث هو أنك قمت بفصل هذه القنوات الثلاث بحيث تشاهد كلّ واحدة منها بشكل فردي، في شكل صور أبيض وأسود، مما سهل رؤية اختلاف شدة استضاءتها مع اختلاف الفلتر المستخدم.

إذن هذا ما يحدث: تقوم الفلاتر الموضوعة على الوسيط الحساس – سواء في النظام الأوّل أو الثاني السابقين من أنظمة رؤية اللون – بتحديد كثافة كلّ لون على حدة. وعند سقوط الضوء على الوسيط الحساس، يقوم البيكسل بتسجيل الألوان كشدة استضاءة. ولكن، كيف يقوم البيكسل بعد ذلك بتحويل هذه القيم من كثافات اللون إلى "لون حقيقي"؟ يقوم البيكسل بتحويل الطاقة الضوئية الناتجة عن سقوط الضوء (الفوتونات) إلى طاقة كهربية (إلكترونات)، وتتناسب عملية التحويل مع شدة الإضاءة؛ فكلما زادت الطاقة الضوئية الساقطة على البيكسل كلما زادت قيم الجهد الكهربي. تتم قراءة إشارة الشحنة الخارجة من الوسيط، حيث يتم نقل الشحنات الكهربية المتجمعة في الصف الأوّل من بيكسلات الوسيط إلى مسجل قراءة الإشارات الخارجية Read out register، ثمّ يتم تكبير هذه الإشارة بواسطة مكبر Amplifier لتدخل بعد ذلك إلى محول الإشارات من تناظرية إلى رقمية Convertor AD. تتحول الإشارات الكهربية بعد ذلك إلى معلومات رقمية تعبر عن شدة الاستضاءة وعن النصوع وقيم اللون.

بمجرد أن تتم قراءة الصف، يتم مسح شحناته من على مسجل الإشارات الخارجية. وعندئذ تدخل شحنات الصف التالي إلى المسجل لتتم قراءة إشارتها، وهكذا تتم قراءة جميع الإشارات الخارجة من الصفوف والتي تحمل معلومات الصورة.►

 

*مدرس بقسم الفوتوغرافيا والسينما والتلفزيون، جامعة 6 أكتوبر، مصر

المصدر: مجلة العربي/ العدد 670 لسنة 2014م

ارسال التعليق

Top