• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ماذا نعرف عن القرآن الكريم؟

أسرة البلاغ

ماذا نعرف عن القرآن الكريم؟

جرت العادة في كلّ حديث أو مقال عن القرآن الكريم، أن نتحدث عن منهج القرآن الكريم وروعة أسلوبه وإعجاز بيانه وبلاغة ألفاظه وجمال تأثيره في النفس والروح، وهو أمر لا انفكاك عنه إذ الغاية من القرآن الكريم أن نتعرف إلى مكنونه وما يريده منّا. لكن في خِضَمّ هذا التوجه افتقر الناس اليوم إلى معارف مهمة تتعلق بالثقافة التأريخية للقرآن الكريم، حتى بات الناس يجهلون الكثير من بديهيات المعرفة التأريخية للقرآن الكريم، من حيث نزوله وترتيبه وجمعه وعلومه.

التعريف بالقرآن الكريم ولماذا سُمّي قرآناً ومصحفاً؟

قال بعض أهل العلم إنّه مشتق من (قرأ) ومعناه الجمع والضم، والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في التنزيل والقرآن، وهو كذلك لأنّه قراءة للآيات مقرونة بعضها ببعض، قال تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة/ 17-18). وقال بعض أهل العلم إنّ القرآن مأخوذ من قولنا (قران) من غير هَمْز، بما معناه اقتران الشيء بالشيء، أي أنّ آيات القرآن يقترن بعضها ببعض لتشابهها في النّسَق والإعجاز. وذكر بعضهم أنّه سُمّي قرآناً لأنّه جمع ثمار ونتاج الكتب السماوية، والراجح والله أعلم، هو الرأي الأوّل لما امتاز به القرآن من خصوصية القراءة له في كلّ وقت وحين.

أمّا في الاصطلاح، فأبرز ما قالوه من حدود تحدّ تعريفه قولهم: القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، المنزل على رسوله (ص)، بواسطة أمين الله على وحيه جبريل (ع). قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء/ 193-194). المتعبّد بتلاوته، فعن ابن مسعود يقول: قال رسول الله (ص): "مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشر أمثالها، لا أقول الم حَرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرف"، سنن الترمذي. المعجز بلفظه قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة/ 23). المبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس. وبتلك الضوابط لم يعد لأحد أن يظهر ما يشبه القرآن أو يفتري بما يشاء، قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ...) (الأنعام/ 93).

وأما عن سبب تسميته بالمصحف، فقيل لأنّه أصحف، أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدفتين.

 

حفظ القرآن الكريم:

تَكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم، وذلك الحفظ هو من أبرز المعجزات التي تَميّز هذا الكتاب، إذ هو الكتاب الخالد، والمعجزة المتجدِّدة، المحفوظ من النقص أو الزيادة أو التحريف أو التصحيف، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر/ 9).

بينما لم تتوافر ميزة الحفظ وبهذه الطريقة للكتب السماوية الأخرى، إذ أوكَل الله تعالى مسؤولية الحفظ هذه لأرباب العلم من أهل الكتاب، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ...) (المائدة/ 44)، كما أنها كانت شرائع وقتيّة مرتبطة بالزمان والمكان، بينما كانت شريعة الإسلام ممتدة لكلّ زمان ومكان.

ارسال التعليق

Top