• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مرآة الإعلام الوطني

عمار كاظم

مرآة الإعلام الوطني

كان الإعلام في بداية ظهوره يهتم بمجالات معينة فقط، وكانت محدودة بوسائلها وتأثيراتها، لكن الأمر لم يتوقف على ذلك، بل فاقت تطوراتها كلّ التصورات بفضل التطور المذهل لوسائل الاتصال من جهة، وقدرة الإعلام على التعبير عن مختلف المجالات. لذا فقد اتسعت مجالات الإعلام بصورة واضحة بحيث شملت الصحّة والتعليم الأمن والدفاع والاقتصاد والبيئة والمناخ والعلوم... وغيرها وكلّ ما يهم الوطن والمواطن. وكما شملت بلغتها  الشرائح والمستويات كافة حتى باتت من أهم أدوات المعرفة في العصر الراهن في كلّ جوانب الحياة. وكان ذلك نتيجة للتطورات الكبيرة التي طرأت على التكنولوجيا وتقنيات الاتصال والإعلام والتي جعلت من العالم يبدو وكأنه قرية إلكترونية صغيرة، وأصبح الإعلام محوراً أساسياً لمختلف القضايا الأساسية، وازدادت أهميته بوسائله المختلفة في المجتمع في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. ومن جانب غاية في الأهمية، يلعب الإعلام من خلال وسائله المتعددة – المقرؤءة منها والمسموعة والمرئية - دوراً هاماً وحيوياً في تنمية الحس الوطني وفي بناء الوعي المجتمعي تجاه القضايا – السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية – التي تهم المواطن والوطن في آن واحد. فالإعلام اليوم ما عاد  يقتصر دوره على نقل الأخبار والمسلسلات والبرامج الترفيهيه بل أصبح يعمل على تشكيل الذهنية والعقلية للأفراد والمجتمعات ويعمل على توجيه دفة الرأي العام باتجاهاته المختلفة  سلبية كانت أم إيجابية بما يتلائم مع الأهداف المخططة له من مصادرها وجهاتها المتنوعة - فالتطور السريع لتكنولوجيا العصر ووسائل الاتصال- ساهمت بصورة جلية في خلق إعلام أُممي (إعلام العولمة) بات من الصعب السيطرة على مخرجاته ومضامين رسائله وأهدافه إلّا بوجود إعلام وطني مضاد يستند إلى تقنية متقدمة ومهنية عالية في هذا المجال – فالأخبار والتحاليل - ما صدق منها وما بطل – والحقائق والأكاذيب - كلّها أصبحت من السهولة بمكان الحصول عليها وفي أسرع وقت وأنت في منزلك لا تحتاج إلّا إلى - ضغطت زر - وبسرعة متناهية ينهمر عليك سيلاً من الأخبار والأقوال والتقارير لها أوّل وليس لها نهاية - لهذا فالعالم أصبح أشبه بقرية صغيرة – بفضل هذا التقدم العلمي الهائل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا – الجميع أصبح  يعلم عن الآخر والآخر أصبح يعلم عن الجميع ما يجري وما يحدث في مجتمعه - دون حواجز أو قيود  – لهذا فإنّ الإعلام الوطني يقع عليه مسؤوليات كبيرة وجسام هذه الأيام  تجاه الوضع القائم وتجاه المواطن المحلي – فالمواطن بحاجة إلى إعادة بناء الثقة والتصالح مع مؤسسات الإعلام في وطنه وكذلك الإعلام بحاجة إلى آليات تصالحية جديدة مع المواطن تعيد الثقة به وبمخرجاته الإعلامية، سواء كانت هذه المخرجات  كلمة مكتوبة أو عبارة منطوقة أو صورة مرئية – فالقضية بين المواطن والإعلام أشبه ما تكون بمعادلة رياضية لها شقين - الشق الأوّل منتج للكلمة والعبارة والصورة - والشق الثاني من المعادلة - متلقي ومستهلك لها – لهذا لابدّ للإعلام الوطني أن ينفض الغبار عن كاهله وعن وسائله وعن مخرجاته وأن يعمل على تجويد بضاعته إذا ما أراد لهذه المنتوجات سهولة الوصول إلى الأسواق والمستهلكين من المواطنين في الداخل والخارج وزيادة الطلب على منتوجه باستمرار – فالإعلام الجيّد هو صناعة لها ماركتها المسجلة الذي يكثر الطلب عليها باستمرار وبدون توقف - من هنا فنحن بحاجة إلى إعلام يوسم بالانفتاح على التقدم الحضاري، فعّال في مسيرة الخير والعطاء، إطاره الكلمة الصادقة الواعية المسؤولة، شعاره الحقيقة والسعي ورائها، إيجابي السمات وموضوعي الطرح، ذو مهنية عالية ونبل إنساني في الشكل والمضمون، يهدف إلى تعزيز أفكار البناء الوطني والعمل الشعبي التقدمي - يدافع عن مكتسبات وإنجازات الوطن -  يحارب الغلو والتطرف والتعصب والإرهاب الفكري، ويشجع على قيم التسامح والعدل والمساواه - وقبل هذا وذاك - إعلام يحترم أحاسيس وعقلية الإنسان في هذا الوطن. فالمواطن في بلدنا يشكل الجذر والمقام لهذا الكيان وهو أغلى وأعز ما نملك من موجودات في هذه الدنيا.

ارسال التعليق

Top