• ٨ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٣٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مسؤولية إكرام اليتيم وإصلاحه

عمار كاظم

مسؤولية إكرام اليتيم وإصلاحه

في مسألة البرّ، نقرأ قوله تعالى: (وَآَتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ) (البقرة/ 177)، ويقول تعالى مخاطباً رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى ـ ماذا نصنع بهم؟ وما هي مسؤوليتنا عنهم، وقد أصبحوا بلا أب يصونهم أو أُمّ ترعاهم ـ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌـ عليكم أن تجعلوهم أُناساً صالحين ـ وإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ـ ولا تنظروا إلى الأيتام كما يُنظر إلى إنسان من الدرجة السفلى، بل خالطوهم مخالطة الأخ لأخيه ـ وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ـ فالله يطّلع على الإنسان الذي يفسد كما يطّلع على المصلح ـ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ ـ لأوقعكم في المشقة ـ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة/ 220). وورد أيضاً قوله تعالى: (فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) (الضُّحى/ 9)، فعندما يعيش اليتيم معك، في البيت أو في المؤسّسة التي ترعاه، فإنّ عليك أن تحفظ له إنسانيته وحقّه، وأن لا تقهره وتعنف في أسلوبك معه.

ويقول تعالى: (وَابْتَلُوا اليَتَامَى ـ سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ـ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ـ صاروا في سنّ البلوغ ـ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًاـ اختبروهم، فإذا رأيتموهم قد أصبحوا راشدين، وأصبح باستطاعتهم إدارة أموالهم، فلا يخدعهم أو يغشهم أو يغبنهم أحد ـ فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ـ لأنّ كلّ واحدٍ منهم أصبح شخصيةً متكاملةً مستقلةً راشدةً ـ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) (النِّساء/ 6)، لأنّ مال اليتيم أمانة الله عندكم.

ويتحدث الله تعالى في سورة الفجر عن بعض النماذج التي تملك المال، ولكنّها تبخل به عمّن يحتاج إليه: (كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ) (الفجر/ 17-18). ويقول تعالى: (وَآَتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ـ ادفعوا إليهم أموالهم عندما يصبحون في سنّ الرُّشد ـ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ـ بأن تبدّلوا أموالهم أو أسهمهم الرابحة بعملة أو أسهم خاسرة ـ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) (النِّساء/ 2)، أي ذنباً كبيراً. ويقول تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ـ بما يصلح أمره، ويصرف في تأمين حاجاته الطبيعية ـ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (الأنعام/ 152). والله تعالى يهدِّد مَن يأكل أموال الأيتام بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (النِّساء/ 10). وورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا وكافل اليتيم كهاتين ـ وجمع السبّابة والوسطى ـ في الجنّة إذا اتقى الله عزّوجلّ»، فالذي يتكفّل اليتيم ويبقى في خطِّ التقوى، فإنّه سيكون رفيق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنّة، وهذه مرتبة عظيمة، وجائزة كبرى.

لذلك علينا أن نرعى الأيتام، سواء في الشكل الفردي أو في الشكل الجماعي، وذلك بأن نرعى مؤسّسات الأيتام التي ترعى حياتهم وتربيتهم وعلمهم وإنسانيتهم. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ في الجنّة داراً يُقال لها دار الفرح، لا يدخلها إلّا مَن فرّح يتامى المسلمين».

ارسال التعليق

Top