• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حين يكتئب شريكي مع اقتراب المناسبات

حين يكتئب شريكي مع اقتراب المناسبات

◄أحياناً نتحدّث عن أُمور نعتبر أنّها يجب أن تكون تلقائية بالنسبة للآخرين لأنّها كذلك في قاموسنا. فتكون ردات فعلنا على تصرّف الآخر أمام نفس الموقف رافضة. لأنّنا لا نتقبّل أن يفكّر الآخر ويشعر بطريقة مختلفة عنّا. الأعياد والمناسبات السعيدة ليست كلّها فرحة بالنسبة للجميع. على الرغم من الإيجابية في التسمية؛ لكنّنا أمام واقع كلّه خصوصية للأفراد. فكلمة أعياد مثلاً تعني تكرار. وفي التكرار ذكريات، فمنها مَن تكون حزينة ومنها مَن تكون جميلة. في طبيعة الحال الذكريات الجميلة ننتظرها من مرة إلى أخرى كي نُعيد إحياء المشاعر نفسها التي عشناها في المراحل السابقة. أمّا الذكريات المؤلمة المرتبطة بمكان أو زمان أو أشخاص تشعرنا بالقلق مع اقتراب أي مناسبة لأنّها تضعنا في حالة توتر وشعور بعدم الراحة خوفاً من تكرار الظروف الحزينة مع عودة الأعياد والمناسبات.

كما هو معلوم، أنّ الأشخاص لا يتفاعلون بنفس الطريقة مع المواقف نفسها. فكلّ بحسب اختباراته وطبيعة شخصيته ونمط حياته يتفاعل ويعبّر. لذا حين يكون الشخص ضمن ثنائي قد يجد صعوبة في التأقلم مع ردات فعل من شريكه غير مألوفة بالنسبة إليه في مواقف معينة. فحين نتحدّث عن الأعياد والمناسبات، فلا تأتِ ردات فعل الشريك من الانفعالات أمام المناسبات على مقاس انتظارات شريكه. فقد لا يتصرّف الشريك بالطريقة نفسها التي يعبّر بها الشريك الآخر وقد يكون ذلك مفاجئاً للشريك.

حين لا يتفهّم الشريك أسباب انفعالات وردات فعل شريكه قد يقوم بردات فعل وانفعالات لا تعبّر عن تفهّم، وبالتالي ستجعل الشريك يحزن مرّتين: مرّة لقدوم الأعياد التي هي السبب الأساسي لحزنه وقلقه، والثاني هو لعدم تفهّم شريكه وسعيه لعدة محاولات لإخفاء مشاعر القلق والحزن والتوتر. وبالتالي التظاهر بأنّ الأمور تسير على ما يرام في حين هي ليست كذلك.

نذكرك - عزيزي القارئ - أنّ هناك عدّة مواقف مرتبطة ببعضها حين تكون المناسبة مصدر قلق بالنسبة للأشخاص، فمثلاً حين يكون الفرد مشغولاً بالحزن الذي يلفه نتيجة اقتراب الأعياد نراه يفتقد إلى المبادرات لمفاجأة الشريك بأُمور تفرحه، أو أنّه ينسى الهدايا. يتحوّل إلى شخص تقليدي يقوم بأقل من واجبه تجاه الشريك.

الشخص الذي يعيش الأعياد كمرحلة بشعة في حياته، قد يصبح مُملاً بالنسبة للشريك. وقد يتحوّل إلى شخص عدائي، رافض لكلّ شيء، لا يقم بالمبادرات ولا يتجاوب مع مبادرات الشريك أو الآخرين.

 

عزيزي القارئ...

في مواقف من هذا النوع إن لم يكن الشريك على معرفة حقيقية بشريكه تجعله يتفهّم التخبط الذي يمرّ به شريكه والآلام النفسية التي يعيشها، قد يصبح مزعجاً وغير متفهّم، لا بل يمكن أن يتحوّل إلى شخص متطلب وعدائي رافض لردات فعل شريكه الناتجة عن القلق وعدم الراحة، وبالتالي تصبح الأعياد مُملة وتخلق لديهما ذكريات جديدة من الأسى والحزن.

فلكلّ اختباراته في الحياة. هناك الكثير ممّن عاشوا صدمات كثيرة في حياتهم جعلتهم يتحوّلون إلى أشخاص مُتعبين، في حين هم يعانون من مشاكل كثيرة.

فقبل الحكم على الشريك ومعاملته بالمثل والقيام بردات فعل رافضة عدائية وسلبية، بادر عزيزي القارئ إلى معرفة شريكك بشكل جيِّد وتفهّم انفعالاته وردات فعله من خلال التواصل المباشر معه حول الانفعالات التي يعيشها والتي ترونها غير مناسبة، مثل الحزن في الأعياد، الخوف في المناسبات العائلية، الشعور بالحاجة إلى الوحدة حين تجتمع العائلة الكبرى وغيرها. وبشكل خاص حين يبدي عدم اهتمام بالهدايا التي تقدمونها له أو حين يقصر بواجباته تجاهكم، فالحل الأنسب هو عدم قصاصه والتوقف عن القيام بالمبادرات وتقديم الهدايا وممارسة العادات العائلية التي اعتدتموها قبل الارتباط به.

إنّما اسعوا تدريجياً إلى إعطائه تطمينات. كما أنّه لن يكون مفيداً أو إيجابياً أن تفررضوا على الشريك التغيير وتنتظروا التجاوب السريع بمجرد أنّكم ارتقيتم ذلك. فقد لا يكون مدركاً للأسباب التي تجعله يعيش ما يعيشه في مراحل مثل الأعياد، أو أنّه قد يكون مدركاً لكنّه غير جاهز للتغيير، أو أنّه لم يستطع الحداد على ماضٍ مؤلم أو وجع أو حتى ميت.

فبادروا بإعطاء الشريك الفرصة للتمكن من التخلص من واقع مربوط بذكريات مُرّة، وخلق معه ذكريات جديدة جميلة وإيجابية تعيد للأعياد رونقها وجمالها في عينيه.►

ارسال التعليق

Top