• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف نبني المجتمع؟

كيف نبني المجتمع؟

  التواصل الاجتماعي:

كما شدّد الإسلام على أهمية التواصل مع الأصحاب والأصدقاء، وعلى حسن العلاقة مع الجيران والأرحام، وعلى برّ الوالدين، شدّد أيضاً على العلاقات الحسنة مع المحيط الاجتماعي بشكل عامّ. فهذا المحيط له حقّ علينا كما أنّ لنا حقاً عليه. وعلى الإنسان المؤمن أن يهتمّ لأمر مجتمعه لأنّه جزء منه. فهو مع باقي أفراد المجتمع عبارة عن جسم واحد، وأيّ خلل يقع على المجتمع سيشتكي منه باقي أفراد الأُمّة. ولذلك نجد توصيات كثيرة في القرآن الكريم وفي كلمات العترة الطاهرة حول هذا الموضوع.

يقول تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات/ 10).

فالإصلاح والتزام التقوى من أهمّ العوامل التي تقوّي أواصر المجتمع الإسلامي وتبقيه متماسكاً. ويقول تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران/ 103)، فاتّحاد واعتصام المجتمع المسلم بمبدأ واحد من أهم أسباب المنعة والقوّة.

ويقول رسول الله (ص): "مَن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومَن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم".

ويقول (ص) أيضاً: "الخلق عيال الله فأحبّ الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سروراً".

وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: "المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإنّ روح المؤمن لأشدّ اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها".

استنتاج:

-         لا تقتصر الضوابط على علاقة الإنسان بأصدقائه وجيرانه وأرحامه، بل تتعدّاها إلى كامل المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه.

-         الإسلام أبدى اهتماماً شديداً بالتواصل الاجتماعي، ودعا إلى أن يكون المجتمع الإسلامي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت باقي الأعضاء له بالسهر والحمى.

 

مبادئ في التواصل:

قدّم الإسلام منهجاً حياتياً متكاملاً لمن أراد إقامة رابطة متينة وسليمة مع محيطه الاجتماعي. هذا المنهج يندرج تحت قاعدة عامّة مفادها: "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته". وأوّل بنود هذا المنهج:

1- التقوى. فالتقوى مصدر كلّ خير وصلاح. وهي درع يقي كلّ مجتمع من التفرُّق والتفسُّخ والضّعف.

أمّا باقي البنود فهي على الشكل التالي:

2- التعاون مع الآخرين ومساعدتهم: عملاً بقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2).

3- الإحسان إليهم بما أمكن: عملاً بقوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء/ 36).

4- النصرة: يقول تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ..) (الأنفال/ 72).

5- أداء الأمانة: يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء/ 58).

6- المساعدة والبذل للمحتاجين: يقول تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات/ 19).

7- عدم الاعتداء على حقوق الآخرين: يقول تعالى: (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة/ 190).

8- عدم بخس الناس حقوقهم: يقول تعالى: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) (الأعراف/ 85).

9- عدم السخرية منهم: يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) (الحجرات/ 11).

ونضيف إلى ما سبق ما ورد عن الإمام زين العابدين (ع): "وأما حقّ أهل ملّتك عامّة: فإضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألّفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك، فإنّ إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كفّ عنك أذاه وكفاك مؤونته، وحبس عنك نفسه، فعمّهم جميعاً بدعوتك، وانصرهم جميعاً بنصرتك، وأنزلهم جميعاً منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، وأوسطهم بمنزلة الأخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه".

استنتاج:

مبادئ التواصل الاجتماعي في الإسلام تندرج تحت قاعدة عامّة مفادها كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته، ومن بنود التواصل الاجتماعي الأساسية: التقوى والتعاون والإحسان والنُصرة.

 

عوائق أمام التواصل:

يُعتبر سوء الخلق باباً لكلّ شرّ في أيّ محيط اجتماعي. فهو يفسد العلاقة بين الإخوة، ويشحن الصدور، ويحجب رحمة الله؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- توعّد سيّئي الخلق بالعذاب. ومن أبرز مظاهر سوء الخلق اللِّسان البذيء، ويلحق به المعاملة السيِّئة، وسوء الظنّ بالناس والتسرّع في الحكم عليهم والتعرّض لأعراضهم.

ويعتبر الكذب أيضاً من أهم العوامل التي تشيع الفرقة بين الناس في المجتمع الواحد، حيث تنعدم الثقة بينهم، ويلحق بالكذب الخلف بالوعد، والغيبة والبهتان، وإشاعة الفاحشة..

استنتاج:

أهمّ عوائق التواصل الاجتماعي سوء الخلق، وأبرز مظاهر سوء الخلق اللسان البذيء والكذب وسوء الظن.

ارسال التعليق

Top