• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

رفقاً بأبنائنا.. إنّهم يتشكّلون

رفقاً بأبنائنا.. إنّهم يتشكّلون

    أولادنا في مرحلة الصيرورة والتشكّل، ليس في بنائهم الجسمي فقط، بل حتى في بنائهم الفكري والنفسي والعمليّ، هذه الحقيقة تستدعي الرفق بهم، وإلا فإنّ إغفالها يوقعنا في الحسابات الخاطئة، إذ إنّ تصوّرنا أنّ طفل الأمس أو الفتى الصغير أصبح شاباً وبالتالي أصبح ناضجاً بما فيه الكفاية، وعارفاً للأمور، ومقدّراً للعواقب، يجعلنا نشدِّد في الحساب عليهم، وربّما نؤاخذهم على الصغيرة والكبيرة، فلا نجد لهم عذراً على خطأ هو من بعض مظاهر التشكّل، ولا نسامحهم على عثرة هي جزء من خبرة لم تكتمل، ومن تجربة لم تنضج بعد.

    هل يعني هذا أن لا نراقب ولا نحاسب ولا نعاتب؟ طبعاً لا.. إنّما هي لفتُ نظر أو تذكرة أن نضع الأشياء في موضعها، وأن لا نُحمِّل الكاهل الفتي فوق ما يحتمل.

    مرحلة البناء والتشكّل مرحلة إيجابية – على ما يترتّب فيها من أخطاء وتجاوزات – لأنّها تعني أن أبناءنا وبناتنا في مرحلة المرونة والقدرة على التغيير، فلا ينبغي أن يقلقنا تصرّف صبياني، أو خطأ عابر، أو موقف غير لائق، فكل ذلك فرصة للتعليم وأخذ الدرس والعبرة والاستفادة منه كتجربة تضاف إلى الرصيد.

    هنا نقطة جوهرية، فأفضل فرص التعليم هي أثناء ارتكاب الخطأ أو بعده مباشرة، أي إنّك تلتقط الخطأ لا (لتعاقب) به أو عليه بل(تعلّم) به (وتثقف) على الصحيح، وهذا أيضاً لا يعني عدم جدوى الوقاية والتلقيح والتنبيه والتحذير المسبق، لكنّ الشاب أو الفتاة في هذه الحالة يكون كمن يأخذ لقاحاً وهو في كامل الصحة والعافية، فقد لا يقدّر قيمة ما تعطيه له في الآن واللحظة، لأنّه يشعر انّه ليس بحاجة فعليّة أو حالة طوارئ.

    أمّا عندما يعيش التجربة ويعاني من وطأة الخطأ، فإنّ فرصة التربية هنا فرصتان: فرصة التذكير بما سبق أن تعلّمه كنظرية ولم ينتفع به من التطبيق، وفرصة التذكير بما سبق أن تعلّمه كنظرية ولم ينتفع به من التطبيق، وفرصة تقييم التطبيق الخاطئ أو نسيان ما يفترض أن يتذكره في الموقف ويعمل وفقاً له.

   ولأنّ الحياة مدرسة مفتوحة، فإنّنا لا نجافي الحقيقة إذ نقول إنّنا كأولياء أمور نعيش في تشكل دائم وصيرورة دائمة أيضاً، بدليل إنّنا لا نزال نخطئ على ما لدينا من تجربة ورصيد عملي ومعرفي، فما بالك بالناشئة من فتياننا وفتياتنا الذين هم في بواكير البناء والتشكل؟!

ارسال التعليق

Top