• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

إخوة الإيمان

عمار كاظم

إخوة الإيمان

لا يجوز لمؤمن أن يؤذي مؤمنا أو مؤمنة حتى ورد في القرآن الكريم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) (الاحزاب/ 58). فجعل الله تعالى للمؤمن حرمة وفي الحديث عن الامام الصادق عليه السلام {إن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة سبعين مرة}. أراد الله تعالى للمؤمنين أن يحترموا بعضهم بعضا وأن لا يؤذي مؤمن مؤمنا واحترام المؤمن الآخر وحرم عليه إيذاءه بأي نوع من أنواع الأذى.

وفي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام {أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين ليحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما} أراد الله تعالى للعلاقة بين المؤمنين أن تنطلق على أساس الأخوة التي تفرض الاحترام والتعاون. وللمؤمن حرمة عظيمة جعلها الله تعالى له كرامة لإيمانه ولكلمة التوحيد التي نطق بها ، وكفى للمؤمن عزا أن يكون الله تعالى وليه في تسديده وتأييده . ومن الذنوب الكبيرة التي أوعد الله تعالى عليها بالعذاب هي هتك حرمة المؤمن بأي نحو كان سواء بالسخرية أو الشتم أو سوء القول أو الاشاعة أو التعيير أو الإذلال والاحتقار أو الاستخفاف والاهانة أو الهجو ومنها السب والطعن أو الافتراء والكذب والبهتان والنميمة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله {من أذى مؤمنا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله ملعون في التوراة والإنجيل والفرقان}.

القرآن الكريم يصور لنا الإيمان في شخصية المؤمن التزاما عمليا بالخط العقيدي في الواقع فلا يلغي الايمان التجريدي في الذهن بل لا بد من أن يتجسد الإيمان عمليا في الممارسة فالله تعالى أراد للإيمان أن يتجسد في مظاهر الحياة ومفرداتها ولهذا كان القرآن يؤكد في النداءات التي يوجهها إلى المؤمنين على نتائج الإيمان العملية لجهة الالتزام بخط التقوى في كل ممارساتهم وأخلاقياتهم وعلاقاتهم العامة والخاصة . فالمؤمن ليس له مجال للعفو الذي لا يحمل في مضمونه أي نفع للإنسان أو أي هدف للحياة سواء تجسد ذلك في فراغ الكلمة الروحي أو في تفاهتها المعنوية أو في ما تثيره من أجواء خالية من الفائدة بالنسبة للفكر أو الشعور . الصورة المشرقة للمسيرة الظافرة للمجتمع الموحد المتضامن على قاعدة الايمان بالله من خلال ما يمثله من قيم ومبادىء وخط للحياة (وِالْمُؤُمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ) (التوبة/ 71). إنها ولاية الإيمان التي يشعر فيها كل واحد منهم بالعلاقة الفكرية والروحية والعملية التي تربطه بالآخر والتي تتحول إلى علاقة وجدانية حميمة تتعمق في الفكر والروح والضمير والحياة لإنها لا تنطلق من نزوة سريعة أو حالة طارئة بل من قاعدة ثابتة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، واستطاع الايمان في مضمونه أن يركز المجتمع المؤمن الذين حملوا مسؤولية العقيدة على أكتافهم وتحملوا كل نتائجها على صعيد الواقع بكل هدوء واطمئنان وذلك ما يريد الله أن يثيره في أجواء المؤمنين على مدى الزمن في ما يستقبلهم من أجواء وأوضاع . لذا ينبغي على المؤمنين أن يعيشوا هذه الولاية القائمة على أساس متين من الخط المستقيم والهدف الواضح.

{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة/ 105).

ارسال التعليق

Top