• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

رجب.. شهر استجابة الدعاء

عمار كاظم

رجب.. شهر استجابة الدعاء

إنّ هذا الشهر في موقع عظيم من الشرف، ومن أسباب شرفه أنّه: من الأشهُر الحُرُم، وأنّه من مواسم الدعاء. كان هذا الشهر معروفاً في أيّام الجاهليّة، ينتظره الناس لحوائجهم. وفي الإسلام أصبح معروفاً بأنّه شهر أمير المؤمنين عليّ (ع)، كما أنّ شهر شعبان هو شهر رسول الله محمّد (ص) وأنّ شهر رمضان هو شهر الله جلّ جلاله.

قال رسول الله (ص): "ألا إنّ رجب شهر الله الأصمّ، وهو شهر عظيم؛ وإنّما سُمّي الأصمّ لأنّه لا يقارنه شهر من الشهور حرمةً وفضلاً عند الله تبارك وتعالى. وكان أهلُ الجاهليّة يعظّمونه في جاهليّتها، فلمّا جاء الإسلام لم يَزدَد إلّا تعظيماً وفضلاً".

عن النبيّ (ص) قال: "إنّ الله تبارك وتعالى اختار من الكلام أربعة، ومن الملائكة أربعة، ومن الأنبياء أربعة، ومن الصادقين (الصدّيقين) أربعة، ومن الشهداء أربعة، ومن النساء أربعاً، ومن الأيام أربعاً، ومن البِقاع أربعاً...".

وأمّا خيرته من الأنبياء، فاختار: إبراهيمَ خليلاً، وموسى كليماً، وعيسى رُوحاً، ومحمّداً حبيباً. وأمّا خيرته من الصدّيقين: فيوسفُ الصدّيق، وحبيب النجّار، (وحِزبيل مؤمن آل فرعون)، وعليّ بن أبي طالب. وأمّا خيرته من الشهداء: فيحيى بن زكريا، وجِرجِيس النبيّ، وحمزة بن عبدالمطّلب، وجعفر الطيّار. وأمّا خيرته من النساء: فمريم بنت عمران، وآسية بنت مُزاحم امرأة فرعون، وفاطمة الزهراء، وخديجة بنت خُوَيلد. وأمّا خيرته من الشهور: فرَجَب، وذو القعدة، وذو الحجّة، والمحرّم.. وهي الأربع الحُرُم.

ومن حيث الشرف، تبلغ الأشهر الثلاثة: رجب وشعبان وشهر رمضان، الغاية القصوى في ذلك، حتى ورد في فضائلها كثير من الأحاديث الشريفة التي تحثّ على النهوض بأعمالها.. من ذلك ما جاء في شهر رجب عن الإمام أبي الحسن (ع)، قال: "رجبٌ شهرٌ في الجنّة، أشدُّ بَياضاً من اللبن وأحلى من العسل، مَن صام يوماً من رجب سقاهُ اللهُ عزّوجلّ من ذلك النهر".

ومن مُراقبات المؤمن لهذا الشهر أن يرى في آثار الأخبار ولآلئها: أنّ الليلة الأولى منه هي إحدى الليالي الأربع التي يتأكدّ إحياؤها بالعبادات. وأنّ يوم النصف منه هو من أحبّ الأيام إلى الله تعالى، وأنّ شهر رجب هو موسم عمل الاستفتاح، يكون مقدّمة ناهضة لأداء عبادات شهر رمضان المبارك. أمّا السابع والعشرون من رجب فهو يوم مبعث النبيّ (ص)، وهو يوم ظهور الرحمة ظهوراً لم يُرَ مِثله، وهو أشرف الأيام معنوية وقَدْراً.

ومن مهمّات هذا الشهر الأصبّ، الذي تُصَبّ فيه الرحمة الإلهيّة على العباد صبّاً، أنّه يُذكّر ـ من أوّله إلى آخره ـ بحديث الملَك الداعي، على ما روي عن رسول الله (ص) من أنّ الله تعالى نَصَب في السماء السابعة مَلَكاً يُقال له "الداعي".. فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملَكُ كلّ ليلة منه إلى الصباح:

"طُوبى للذاكرين، طوبى للطائعين. يقول الله تعالى: أنا جليسُ مَن جالسني، ومطيعُ مَن أطاعني، وغافرُ مَن استغفرني. الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمَن دعاني في هذا الشهر أجَبتُه، ومَن سألني أعطيتُه، ومَن استهداني هَدَيتُه، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصلَ إليّ".

ارسال التعليق

Top