• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ترسيخ أهميّة القراءة لدى الشباب

عمار كاظم

ترسيخ أهميّة القراءة لدى الشباب

إذا كان وقت الفراغ - كما يعرّفه بعض المهتمين - هو الوقت الحرّ الذي لا يرتبط بضرورة أداء واجب معيّن، والذي يتحرّر فيه الإنسان من التزامات وضرورات الحياة، وتكون له حرّية قضائه كيفما يريد ويرغب، فإنّ ذلك يشمل بالنسبة للطلبة والشبّان خلال فترات العطل الصيفية والشتوية والأسبوعية، والإجازات والأوقات الخارجة عن الدوام الرسمي. مهما قيل في أنّ أهمّية الكتاب قد تراجعت خلال العقدين الماضيين في قبال المنافسات الأُخرى (كالمذياع والتلفاز والصُّحف والحاسوب وشبكة المعلوماتية) إلّا أنّ الكتاب مازال وسيبقى محتفظاً بقيمته. ولا يخفى أنّ ما نجنيه من متعة القراءة وفائدتها لا تقدّر حقّ قدرها إلّا من قبل أُولئك القرّاء الذين عشقوا الكتاب وأقاموا معه صُحبة طويلة. فإنّ من بين أفضل الطُّرق لملء الفراغ هي القراءة المنوّعة والجادّة. ويمكن إلحاق الكتابة بالقراءة على اعتبار أنّها ثمرة من ثمارها، ففي أوقات الفراغ يمكن للشاب أو الشابّة أن يمارسا هوايتهما في الكتابة سواء في المقالة أو القصّة أو الشعر وما إلى ذلك.. لنكتب ونعرض ما نكتب على أهل الخبرة ونعمل على الأخذ بملاحظاتهم فذاك سبيل من سُبُل تطوير موهبة الكتابة لدينا.

القراءة عنوان الحضارة، ووسيلة التقدُّم والريادة، وطريق الارتقاء والصدارة، إنّ خير جليس في الزمان كتاب، لذا فالقراءة هي الوسيلة الأساسية لتثقيف المرء وتوعيته بما يدور، وهي الوسيلة التي تنقل الفرد من الجهل والظلام إلى النور والعلم ومن ثمّ الوصول به إلى درجات النُّضج الفكري والعقلي وتكوين شخصيته بأبعادها المختلفة وهذا يكون نتاجه الحنكة في التعامل مع الحياة ومع المواقف المتعدّدة التي تمرّ بنا.. فبالقراءة تستنير العقول وتزدهر، ويزداد الشباب علماً ومعرفة، فيرتقون في أفكارهم وسلوكهم وعطائهم، وبارتقاء الأفراد وخاصّة الشباب ترتقي المجتمعات والأوطان، وأُمّة الإسلام أُمّة القراءة، وأوّل آية نزل بها الروح الأمين على سيِّد المرسلين مُصدَّرة بالأمر بالقراءة، في قوله تعالى: (اقرأ)، وهذا الأمر بالقراءة الذي افتُتحت به رسالة الإسلام كان دافعاً للمسلمين لبناء حضارة عظيمة، امتدت أنوارها في مختلف أصقاع العالم، لتمدَّ البشرية بالتطوّر والنهضة الأخلاقية والروحية والمادّية.

إنّ أهمية ترسيخ القراءة لدى الشباب كبيرة؛ فالشباب هم ذخيرة الأوطان، وبعقولهم وسواعدهم يكون البناء والنهضة، والشباب الواعي الذي يستحضر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه يتسلح بالقراءة، ويصاحب الكتاب، ليزداد عِلماً وثقافة، فيستنير فكره، ويزداد وعيه، وتتوسع مداركه، وترتقي عنده مَلكة الإبداع والتميز، فيجود لمجتمعه ووطنه بالأفكار الإبداعية الخلاقة والإنجازات العلمية الباهرة، ويحمل اسم وطنه عالياً في الآفاق. قال الإمام عليّ (عليه السلام): «لكلّ شيء قيمة، وقيمة المرء ما يُحسنه».. فاحرص على أن تكون القراءة زادك المقصود، ومعينك المورود، واستكثر منها ما استطعت، وابذل فيها غاية المجهود.

وإنّ أعظم الكُتُب القرآن الكريم، فاجعل لتلاوته نصبياً وافراً؛ فقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله سلم): «مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة». والكتاب كالغذاء، فكما أنّ سلامة الغذاء سبب لسلامة الجسم والبدن، فكذلك سلامة الكتاب سبب لسلامة العقل والفكر، ولا بأس أن يستعين الشاب في هذا الباب بأهل الخبرة من الأساتذة وغيرهم، ليرشدوه إلى حُسن الاختيار، ويدلُّوه على أفضل العناوين والمواضيع، وأفضل الطبعات للكُتُب، وعليه أن يحرص على مواكبة الجديد المفيد، فعجلة طباعة الكُتُب دوَّارة، ومعارض الكُتُب تنضح في كلّ موسم بكلّ جديد، كما أنّ عليه أن يضع لنفسه برنامجاً مناسباً للقراءة، وأن ينظّم وقته في ضوء ذلك.

ارسال التعليق

Top