• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شخصية الإمام الحسين (ع)

شخصية الإمام الحسين (ع)
◄لقد ارتبطت عاشوراء بشخصية الإمام الحسين (ع)، هذه الشخصية التي تربت في حضن الرسالة ونهلت من معين الإسلام الصافي، وامتلكت رصيداً من المحبة في قلوب الناس، وجسدت مجموعة من العناوين الإسلامية والإنسانية، التي ما زالت تلهم كل طالب حق، وكل ثائر ضد الظلم، وكلّ وإذا كانت بعض القراءات للثورة الحسينية تقدم البعد العاطفي على العناوين الأخرى، ولا ترى في الحسين (ع) إلا إنساناً وأباً مفجوعاً بأهله وأولاده وأصحابه، فإنّ هذه الرؤية تظل قاصرة عن الارتقاء إلى مستوى العناوين الأخرى في هذه الشخصية. فمن أبرز هذه العناوين أنّ الحسين كان الشخص الوحيد في الساحة الإسلامية القادر على تجسيد الإسلام قولاً وفعلاً، والقائد الذي يحمل اخلاقاً تقنع الناس، بخلاف ما كانت عليه القيادات التي تتصدى لتحمل المسؤوليات في المجتمع الإسلامي، فقبل الثورة وأثناء الاعداد لها، جسّد الحسين (ع) في مواقفه أخلاق النبوة والإمامة "أنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحط الرحمة.. بنا فتح الله وبنا ختم.. ومثلي لا يبايع مثله". والواقع أنّ الإمام نهج طريق طلب الحق في كل لحظة من لحظات حياته، وهو الذي خاطب معاوية عندما جاء واليه لأخذ البيعة ليزيد "فوالله ما برحت تقدح باطلاً في جور، وحنقاً في ظلم حتى ملأت الأسقية". وكان الحسين (ع) القائد الذي يخطط انطلاقاً من مبادئه وأخلاقه النبوية، فلم يلجأ أبداً لأي أسلوب يتعارض مع ذلك الصفاء الإيماني خصوصاً على صعيد استقطاب الأنصار، وحرص على الوضوح والشفافية والصراحة معهم، حتى في أشد الساعات، فيطلعهم على خطورة الموقف ويخبرهم بما يفكر، فبعد استشهاد مسلم بن عقيل وقف ليصارحهم "لقد نزل من الأمر ما قد ترون، وانّ الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء، الا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه، حقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما". وهذا الاخلاص والنقاء والطهارة في العمل الثوري أعطى الحسين (ع) بعداً إنسانياً، وتحول إلى نموذج إنساني عالمي، وقدوة لكثير من المفكرين والسياسيين والثوار مسلمين ومسيحيين وهندوس وعلمانيين، وهنا نستحضر كمثال ما قاله الزعيم الهندي مهاتما غاندي في كتابه (قصة تجاربي مع الحقيقة): لقد عرفت الإسلام بشخصية الإمام الحسين (ع).. وعلى الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين (ع) وقال: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر. ومن مواقفه نتعرف شخصيته الحوارية، التي تؤمن بالحوار وبإلقاء الحجة على الخصم، وكان هذا ديدنة مع جميع خصومه، حتى مع جيش عمر بن سعد ولأكثر من مرة، قبل المعركة وأثنائها وحتى اللحظات الأخيرة، يسعى لثنيهم عن باطلهم ووعي خطورة ما يقومون به على مستوى الدنيا والآخرة، وظل يردد ويذكرهم بالهدف الذي جاء لأجله، حتى وصل بمحاورتهم إلى أن يقول لهم مقرعاً: "إن لم يكن دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم".►   المصدر: مجلة الرسالة/ العدد 65 محرم الحرام 1435هـ/ 2013م

ارسال التعليق

Top