• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

يعز علي أن أكتب في نعيك يا جداه..

يعز علي أن أكتب في نعيك يا جداه..

"مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".

"رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَار".

يعز علي أن أكتب في نعيك يا جداه.. يا من كنت مصداقاً للآيتين المباركتين.. رأيت فيك القدوة أيها العبد الصالح.. الحبر يسيل والدمع جاري.. وإنا على فراقك لمحزونون.

الكلمات لن توفي حق رجل أعطى ما أعطى لله، فلا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.. أنفق لله وحده فأخلص النية والتوحيد له، فأصبح خالداً في مشاريعه الخيرية النيرة في كل أصقاع العالم.

لا أود الحديث عن المشاريع الممتدة في أنحاء المعمورة، بل عن رجل مداوم ومقيم للصلاة حتى وهو على فراش المرض، كان محباً وعاشقاً للصلاة حتى مع كبر سنه ومرضه لم يكن يؤخر فريضة بل يسأل عن أول وقتها إن كان قد حان أم بعد.

ولا أنسى ونحن جلوس في حسينية دار الزهراء (ع) هذه الدار العامرة التي شيدها بسعيه وكثيراً ما كان يوصي بالاهتمام بها والحضور إليها ولأنشطتها والمساهمة فيها، فخرج الأجيال المتلاحقة من شباب مؤمنين واعين، وكانت  الحرب في سوريا دائرة ومشتعلة وإذا بهذا الرجل الثمانيني المقعد الحامل لِهَم الإسلام والأمة وهو في ذلك الوضع الصحي يعرب عن رغبته في الذهاب لتلك المناطق المدمرة لإغاثة المحتاجين واليتامى ! أي روح كان يحملها هذا الرجل ؟!

كان يحمل هم الإسلام والمسلمين.. كان رجل الإسلام.. فهِم بحق بأن هذه الدنيا زائلة لامحالة ولا قيمة للعمر ما لم يكن بِذلَةً في سبيل الله.

في أحد زياراتي للحجي خلال عودتي للوطن في أحد العطل الدراسية وكان كثير السؤال عن أحوالي وأحوال الدراسة وكان ويعرف ذلك كل من خالطه عن سؤاله عن أحوال الناس ومن حوله. وإذا به يذكر الموت، وكأنه بانتظاره مشتاقاً إليه قائلاً : " أي قيمة للحياة إن لم تفنيها لمساعدة الناس ؟!" وهو كان المعطي والمساند للناس حتى على فراش المرض. وكان الحجي يكرر الأبيات المنسوبة لأمير المؤمنين (ع): "ألا أيها الموت الذي ليس بتاركي أرحني فقد أفنيت كل خليل.. أراك خبيراً بالذين أحبهم كأنك تسعى نحوهم بدليل" وقد سكنت وارتاحت هذه الروح فعلا عند بارئها جل جلاله.

" أنَّ النَّبيَّ (ص) قَالَ لِعَليًّ (ع): "فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم"

عزاؤنا أنك بجوار من واليت وأحببت أمير المؤمنين (ع) يا من اهتدى على أثره الأفواج من الناس فدخلوا في دين الله، فلا خوف عليك بجوار محمد وآله (ع).

جعلنا الله من السائرين على هذا النهج والمكملين لهذه الرسالة على أكمل وجه.

حفيدك عبدالمحسن عمار

الجمعة 19/10/2018م

الموافق 9 صفر 1440هـ

 

ارسال التعليق

Top