• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الدبلوماسي المعاصر والإعلام

الدبلوماسي المعاصر والإعلام
الدبلوماسي المعاصر أو العصري له مصادره في الحصول على المعلومات. لقد تطرق الدكتور يوسف الحسن في كتابه "نحو دبلوماسية عربية معاصرة" (صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 1994) للمجالات التي يستطيع من خلالها الدبلوماسي التوصل إلى المعرفة والمعلومات.. (حددت قوانين خاصة المجال الذي يمكن للدبلوماسي أن يتحرك من خلال فاتفاقية فيينا للعلاقات والحصانة الدبلوماسية نصت على إمكانية جمع الدبلوماسي للمعلومات بالنص التالي، الذي يتحدث عن حقه في "التعرف بكل الوسائل المشروعة على الظروف والتطورات في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك إلى حكومة الدولة المرسلة "ولأن التدفق الحر للمعلومات يلغي الحدود بين الدول.. "يسارع الدبلوماسي الحذق عادة إلى إقامة علاقات شخصية مع بعض الصحفيين المتخصصين.. فينجح أحياناً في التأثير على الصحفي خاصة في مجال تصحيح بعض معلوماته عن قضية معينة أو منطقة تقع في مجال إهتماماته " ويسارع أيضاً بجمع الأخبار والمعلومات التي تهم بلده. ويؤكد د. الحسن، بأنّ المعلومات الصحفية المنشورة هي بعض مهم من الشغل الشاغل للدبلوماسي. ويتعرض لكيفية حصول الدبلوماسي على المعلومات، إذ أن "جمع المعلومات وإعداد التقارير من أبرز وظائف الدبلوماسي المعاصر".  

-        مصادر المعلومات للدبلوماسي: المصدر الأساسي لإستقاء المعلومات هو قراءة الصحف بكل أنواعها.. ويتطلب ذلك قدرات لغوية وذهنية وشغف بالقراءة والإطلاع.. إن ذلك يحتاج أيضاً لدراية ومعرفة باتجاهات الصحف وميولها. ويحذّر د. الحسن من مغبة القراءة المبْتَسرة والسطحية للأحداث ونقل المعلومات الواردة في الصحف كما هي، ويؤكد على أهمية استقراء ما يكتب بعمق والقيام بعملية التحليل والغربلة والتقييم، ومعرفة ما يكمن وراء السطور ومعرفة ما هو موثوق ومدى التحيز ومصادر الأخبار وأبعادها. بهذا، نرى أنّ الطريق للوصول إلى المعلومات وعر، ويتلخص بالخطوات التالية: قراءة الصحف – الإستقراء – التدقيق والمعالجة – التحليل والغربلة – والتقييم.. "فالتحليل يجب أن يتبعه تقييم للمعلومات، حتى يتمكن الدبلوماسي من التعرف على مدى العلاقة بين الخبر أو التعليق المنشور وبين القضية محل اهتمامه ومدى تأثيره على سياسة بلده وسياسة البلد الموفد إليها أيضاً". ويطالب الدكتور الحسن باختيار موضوعي وعلمي للدبلوماسي، فالدولة بوسعها أن تمد الدبلوماسي بالمال، لكن ليس بوسعها أن تمد الدبلوماسي البليد بالعقل والموهبة". والعلاقة التي تربط الدبلوماسي ورجال الإعلام في البلد المعتمد لديه ينبغي أن تقوم على الصداقة. والصداقة إن وجدت فينبغي أن تقوم على الاحترام المتبادل وبذلك فهي "ضرورة وطنية ووظيفية". ويحدد د. الحسن بعض أشكال العلاقة التي من الممكن أن يقيمها الدبلوماسي مع الصحافي ومهنها: الدعوات على العشاء والغداء، المجاملات الاجتماعية، إمداد الصحفيين بحقائق موضوعية هادئة (وليس بالنشرات الإعلامية المزعجة ذات الطابع الدعائي في معظم الأحيان) وترتيب برامج لزيارات إعلاميين لبلد الدبلوماسي (شرط أن تكون في غاية الدقة والجدية والحرص والتنظيم ومراعاة الأنظمة والاعراف التي تسير عليها المؤسسات الصحفية التي يعمل بها الإعلاميين الزائرين) وحتى لا يكون مردود هذه الزيارات سلبياً. وأهم المفاتيح لخلق الجسور والصلات الشخصية مع الأوساط الإعلامية: ثقافة الدبلوماسي وإطلاعه وعلمه ومعرفته وجاذبية شخصيته وحضورها، وما يتمتع به من عقلية يقظة خصبة، وما يتميز به من سلوك مهذب وتصرف سليم كيّس ومجاملة وكرم. إنّ أهم المفاتيح في العلاقات العامة أو ما نسميه بـ"العلاقات ما بين الأشخاص أو الناس" Interpersonal Communication هو مقدرة الدبلوماسي على الإجابة المبدعة وطرح الاستفسارات الذكية دقيقة الملاحظة. فالدبلوماسي المبدع، ذو القدرة في العلاقات ما بين الأفراد يظهر ذلك في ردوده وكتاباته عن دولته في الصحف والندوات بدون إثارة وانفعال. ويحذر د. الحسن من تحول الدبلوماسي إلى مترجم صحفي، ويؤكد على أهمية التحقيق والتحليل والتدقيق والمعالجة والتقييم. محاذير أخرى: ويحذر غالباً من عملية التضليل الذي قد تلعبه أحياناً وسائل الإعلام حيال الدبلوماسي.. وذلك عندما تقوم هذه الوسائل بتحريف الخبر أو الحدث أو بحجبه أو بإعطائه أهمية أقل من حقيقته، أو عندما تعرض الحقائق بطريقة ملتوية أو عندما تعتمد على حدث معيّن. بقي أخيراً أن نؤكد على أهمية الإبقاء على العلاقة بين الدبلوماسي ووسائل الإعلام وتوخي الصدق في نقل الصورة (أو طبيعة) هذه العلاقة وعدم التهويل في عمقها ووضع الأمور بأحجامها الحقيقية، حتى لا يخدع المرء نفسه أولا وقبل كل شيء.   المصدر: كتاب (مبادئ في الإتصال)

ارسال التعليق

Top