• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام زين العابدين (عليه السلام).. عِلماً ومنهجاً

عمار كاظم

الإمام زين العابدين (عليه السلام).. عِلماً ومنهجاً

الإمام زين العابدين (عليه السلام) هو الإمام الذي ملأ الواقع الإسلاميّ في مرحلته علماً وروحانيّةً ومنهجاً وحركةً في المجالات الّتي كان الإسلام يواجهها ويتحرَّك فيها في ذلك العهد، عندما يقول في آخر الدّعاء: «اللَّهمَّ وفِّقنا في يومنا هذا وليلتنا هذه لاستعمال الخير، وهجران الشرّ، وشكر النّعَم، واتّباع السنن، ومجانبة البِدَع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحياطة الإسلام».

كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) العالم المعلِّم، ولو درسنا ما جاء عنه (علیه السلام) من تراث متنوّع في أكثر من موقع من مواقع المعرفة الإسلاميّة، لرأينا أنّ الإمام كان أستاذ الفكر الإسلامي آنذاك، وعندما نعدّد تلامذته، فإنَّنا نجد أنهم يتنوّعون في ما يختصُّ بالتاريخ والتفسير والفقه وشتى المعارف، ولذلك، فإنّ تراث الإمام (علیه السلام) الذي يجهله الكثيرون منّا في المجال الفكريّ والثقافيّ في مواقع المعرفة كلِّها، يزيد عن تراثه في الدعاء، وقد روى عنه فقهاء العامة من العلوم ما لا يُحصى كثرةً، وحُفظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيّام، ما هو مشهورٌ بين العلماء، ولو قصدنا إلى شرح ذلك لطال به الخطاب وتقضّى به الزمان.

وعندما ندرس حياة الذين أخذوا العلم عنه، فإنّنا نرى أنَّه استطاع أن يعلّم أساتذة العالم الإسلامي آنذاك، كان الإمام يستقبل كلّ هؤلاء ويعطيهم من علمه علماً ومن خشيته لله خشية، ومن ورعه ورعاً، وكانوا يردّدون بصوت واحد، ليس هناك في المسلمين أشدّ ورعاً وفضلاً من عليّ بن الحسين، كانوا يقولون ذلك بشكل عفوي، وكانت مكانته التي انطلقت في هذا الخطّ وفي كلِّ الخطوط تعيش في أعماقهم، عن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهريّ، لقيتَ عليّ بن الحسين (عليه السلام)؟ قال: «نعم لقيته، وما لقيت أحداً أفضل منه، والله ما علمت له صديقاً في السرّ، ولا عدواً في العلانية، فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: لأنّي لم أرَ أحداً وإن كان يحبُّه إلّا وهو لشدّة معرفته بفضله يحسده، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلّا وهو لشدّة مداراته له يداريه».

وهذا هو الفرق بين أن تدخل أعماق النّاس من خلال استقامتك، وبين أن تدخل حياة الناس من خلال سيفك أو سلطتك.. كان (عليه السلام) يعيش مع الناس من الموقع الإسلاميّ البسيط، ينفتح على النّاس كلِّهم، يعفو عن مسيئهم ويعطي فقيرهم ويهدي ضالّهم ويعلّم جاهلهم ولا يمتنُّ على أحدٍ بشي‏ء، وكان إذا سافر لا يسافر مع قومٍ يعرفونه، حتى كان يُكلَّف بما كان يكلّف به كلُّ أهل القافلة.

ارسال التعليق

Top