• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تأثير الرسالة الإعلامية

تأثير الرسالة الإعلامية
  ◄انطلقت بحوث ودراسات متعددة وكثيرة حول مدى تأثير وسائل الإعلام والاشباعات التي تحققها وسائل الإعلام للأفراد.

وقد تطورت تلك الدراسات والبحوث يوماً بعد يوم حتى يومنا هذا، حيث أصبحت هناك مؤسسات تعنى في دراسة بحوث الاتصال وما يتصل منها بتأثير وسائل الإعلام على الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول أيضاً.

وعلى الرغم من أنّ نظريات التأثير ما زالت قائمة على فرضيات بحثية، ولا زالت خاضعة للبحث والتطوير، فحتما سيختلف مضمون الاتصال وتختلف مقدرتنا على فهم رسالته لأسباب عدة منها انّ جميع النظريات الإعلامية اتفقت والمنظرين في المجال الإعلامي أيضاً على أنّ هناك تأثيراً لوسائل الاتصال أو طبيعة تأثيرية لتلك الوسائل، لكن النظرة لقوة هذا التأثير تختلف بين ظرية وأخرى وبين باحث وآخر.

ويمكن أن ننظر لوسائل الإعلام من حيث الاستخدام إلى زاويتين الأولى: (المرسل) الذي يمثل وسائل الاتصال الإعلامية، والثانية (المستقبل) الذي يمثل الجماهير التي تستقبل الرسالة من خلال وسائل الإعلام. حيث تسعى الأولى إلى توظيف وسائل الاتصال لتحقيق أهداف خاصة قد تكون هدفاً إقناعياً أو إغرائياً أو هدفاً ترفيهياً، بينما تسعى الزاوية الثانية إلى إشباع بعض حاجات الجماهير الخاصة من خلال تعرضهم لتلك الوسائل والتي تعمل على إشباع بعض الاحتياجات الخاصة بهم، وذلك من خلال استخدامهم واعتمادهم وتعاملهم مع وسائل الإعلام المختلفة، وهذه الحاجات على النحو الآتي:

 

1-  الحاجات المعرفية:

تقوم الحاجات المعرفية بمساعدة الجماهير المستخدمة لوسائل الإعلام على فهم البيئة المحيطة بهم وبالتالي تقوية المعلومات واتساع المعرفة لديهم، حيث تشبع لديهم حب الاستطلاع والاكتشاف واتساع الثقافة من خلال الاطلاع على حضارات البلدان وثقافتها. لأنّ هذا الفهم والمعرفة الكبيرة التي تشبعنا فيها وسائل الإعلام تجعلنا نوجه أعمالنا وسلوكياتنا بطريقة تبادلية مع الآخرين. وبذلك تكون وسائل الإعلام قد حققت الحاجات المعرفية للجماهير إضافة إلى إشباع رغباتهم المختلفة بها.

 

2-  الحاجات العاطفية:

تقوم وسائل الاتصال على اشباع الحاجات العاطفية لدى الأفراد وذلك أثناء تعرضهم لوسائل الإعلام، حيث تقوم على تقوية خبراتهم الجمالية العاطفية وتحريك المشاعر من فرح أو حزن... إلخ، وذلك بعد أن تكون حققت لهم الحاجات المعرفية.

 

3-  الحاجات الشخصية:

تعمل وسائل الإعلام على إشباع الأفراد بالحاجات الشخصية من خلال رغبة الفرد بالاندماج الشخصي أو الذاتي مع نفسه وتحقيق الذات والثقة بالنفس والمساعدة على التفاؤل والطموح والشعور بالاستقرار والأمان، ما تجعله يشعر بنفسه على انّه جزء من المجتمع الذي يعيش فيه.

 

4-  الحاجات الاجتماعية:

تقوم وسائل الاتصال الجماهيري بمساعدة الفرد في تحقيق احتياجاته من خلال الاندماج الاجتماعي في مجتمعه، مثلما تكون قد ساعدته على تحقيق احتياجاته في الاندماج الشخصي مع ذاته. بحيث تعمل على تقوية اتصاله بالبيئة المحيطة، وتقوية اتصاله بالعائلة والأصدقاء والزملاء في العمل والجماعات المختلفة في مجتمعه.

 

5-  الحاجات التخديرية:

تقوم وسائل الإعلام على إشباع الأفراد بالحاجات التخديرية أو بمعنى أدق الحاجات "الهروبية" من خلال ما تقدمه من برامج تسلية وترفيه، فتشعره بالراحة ومن التخلص من الروتين اليومي سواء في المجال الوظيفي أو المهني أو العلمي... إلخ. وبالتالي تكون قد عملت على تخفيف حدة التوتر لدى المتلقي. وهذا الإشباع يؤدي بالجماهير أثناء تعرضها لوسائل الإعلام إلى الهروب من الواقع الذي نعيش.

وعموماً فهناك حاجات تعتبر رئيسة بالنسبة للفرد يتضمنها مثلث أو هرم ماسلو، وذلك حسب ضرورتها لحياة الفرد وهي كما يلي:

 

1-  الحاجات الفسيولوجية أو العضوية:

وهي حاجات الطعام والشراب والمسكن والجنس وحماية الجسم من الحرارة أو البرودة... إلخ.

 

2-  الحاجة إلى الأمن:

فإذا ما حقق الفرد حاجاته الفسيولوجية، فإنّه سينظر إلى حاجاته في تحقيق السلامة والأمن له ولأفراد أسرته خصوصاً الأطفال.

 

3-  الحاجة إلى الحب والانتماء:

يلاحظ أنّ الفرد لا يكتفي بالانتماء للأُمّة بالانتماء للأُمّة كفرد أو للدولة والمجتمع كمواطن فحسب، بل يظل حريصاً على الانتماء لجماعات صغيرة كالأسرة أو العشيرة أو الروابط والجمعيات الثقافية أو المهنية.

 

4-  الحاجة للاحترام:

وهي مرتبطة بسلوك الآخرين إضافة إلى ما يقوم به الفرد، والفرد يبحث عن هذا الاحترام من قبل الآخرين لأنّه بغير الاحترام يبدو ضعيفاً فاقد الثقة ضعيف الإرادة.

 

5-  الحاجة إلى تحقيق الذات:

وهي قمة الحاجات التي يتطلع لها الإنسان، فالإنسان يحقق ذاته عندما يشعر بأنّه يقوم بما ولد لأجله أو بما كان طموحاً لديه طوال النهار.

لا شكّ أنّ وسائل الاتصال الجماهيري تساعدنا على عملية الفهم الاجتماعي لبيئات الشعوب المختلفة والبعيدة عن محيطنا مما يجعلنا نتعاطف معها من خلال تعرضنا لوسائل الإعلام، التي بدورها تؤثر فينا أوّلاً تأثيرات معرفية من ثمّ عاطفية من ثم تأثيرات سلوكية وذلك على النحو الآتي:

 

أوّلاً: التأثيرات المعرفية:

هي التأثيرات التي يتعرض لها الفرد المتلقي من وسائل الإعلام المختلفة من خلال حصوله على معلومة أو خبر أو صورة أو فيديو.. إلخ، ما يجعله متأثراً معرفياً بذلك.

 

ثانياً: التأثيرات الانفعالية (العاطفية):

وتعني تأثيرات الفرد المتلقي عاطفياً فإما أن يكون التأثير سلبياً أو إيجابياً، يتمثل إما بالمحبة وإما بالكراهية، وإما بالفرح وأما بالحزن. وقد يكون إعجاباً أو اندهاشاً. فعلى سبيل المثال، عندما تقوم وسائل الإعلام بعرض مسرحية قد نفرح ونضحك، وعندما تقوم تلك الوسائل بنشر صور الأطفال قتلوا في حرب العراق فحتما فإننا قد نحزن وأحياناً نبكي. ولكن ربما يكون نشر صور الأطفال قتلوا في العراق قد يعني الكثير للعالم العربي ويثير بداخلهم مشاعر الحزن، بينما قد لا تعني شيئاً لدول غير عربية أو لدول غريبة ولا تثير لديهم أي مشاعر للحزن. وهذه التأثيرات العاطفية تتفاوت وتختلف من مجتمع لآخر ومن دولة لأخرى بحسب أهمية الرسالة الموجهة لهم ومدى تأثيرها عليهم.

 

ثالثاً: التأثيرات السلوكية:

السلوك هو كلّ قول وكلّ فعل يصدر عن الإنسان، فقد يكون سلوك المتلقي الفعل والقول معاً، أو القول، أو الفعل. ويتمثل السلوك الإنساني أما بالفرض أو القبول بنعم أو لا بالموافقة أو عدم الموافقة... إلخ.

وعلى سبيل المثال، قد تقوم إحدى وسائل الإعلام بتقديم برنامج حول الأجهزة الطبية، وهنا يقوم الفرد المتلقي بسلوك معيّن أما بالقول أو الفعل، وذلك بعد أن يتأثر معرفياً وعاطفياً، حيث يصدر عنه سلوك أما برفض شراء السلعة واستخدامها أو بالموافقة على شراء جهاز من تلك الأجهزة التي عرضتها إحدى الوسائل الإعلام.

فعلى سبيل المثال، قد يقوم الفرد بقراءة كتاب يتحدث عن الطب فحتما سيتشكل لديه معلومات حول ما يتعلق في المجال الطبي، أو يتلقى خبراً عبر وسائل الإعلام عن مدينة البتراء فحتما ستتشكل لديه معرفة حول مدينة البتراء وأهميتها السياحية. وقد نجد أنّ الشخص الذي شاهد أو سمع خبراً عن مدينة البتراء قد يتأثر معرفياً عن أهمية مدينة البتراء حضارياً، بينما قد نجد أنّ شخصاً آخر قد أثر عليه الخبر من الناحية السياحية المرتبطة بأسعار الدخول إلى المدينة والمطاعم والخدمات الموجودة في البتراء، وهذا ما يدل على أنّ الأشخاص الذين يتعرضون للوسيلة الإعلامية ويتلقون جميعهم الخبر ذاته قد يتأثرون به تأثيرات مختلفة ومتعددة.►

 

المصدر: كتاب الإعلام رسالة ومهنة

ارسال التعليق

Top