• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

استثمار وقت فراغ الشباب إيجابياً

استثمار وقت فراغ الشباب إيجابياً
◄تتجلى أهمية وقت الفراغ في أنّه منطلق التكوين الذاتي وإعادة إنتاج الحياة الذاتية من خلال ممارسة أفراد المجتمع نشاطات تسهم في بناء شخصياتهم وتنميتها فمن خلال معرفة نشاطات أوقات الفراغ يمكن الحكم على شخصياتهم وتنميتها فمن خلال معرفة نشاطات أوقات الفراغ يمكن الحكم على شخصيات الإنسان؛ أي قل لي ماذا تفعل في وقت فراغك؟ وأنا أخيرك بشخصيتك ويمكن أن تكشف أنشطة وقت الفراغ عن مواهب الناس وقدراتهم وتعمل على الترويح والترفية عن أنفسهم ونجدد طاقاتهم الإنتاجية ونلبي حاجاتهم البيولوجية والنفسية والاجتماعية، كما تعمل على استعادة القوى التي خسرها الإنسان أثناء عمله اليومي مما يعني أنّ وقت الفراغ مرحلة من مراحل التهيوء للعمل والإبداع ولابدّ من الإشارة إلى أنّ إساءة الاستثمار وقت العمل ووقت الفراغ أو التناقص بينهما قد يؤدي إلى تصرفات غير سوية، مثل اندفاع الشباب وملل الكبار ويأس الشيوخ إضافة إلى الحوادث المختلفة من سرقة واعتداء وعدم استقرار عاطفي وضعف المستوى الصحي وإدمان على المسكرات والمخدرات، وهذه كلّها سلوكيات تبدد الطاقة الإنسانية وتعرقل تحقيق طموحات تنمية المجتمع.

وتزداد أهمية استثمار وقت الفراغ عندما يتعلق الأمر بالشباب عموماً لاسيّما الشباب الجامعي هذا الشباب الذي يشكل فئة متميزة في أي مجتمع بشري لأسباب ذاتية وموضوعية وتتلخص في وجودهم في طبقات المجتمع وفئاته كلّها وهم أكثر فئات المجتمعات حركة ونشاطاً ويعدّون مصدراً من مصادر التغيير الاجتماعية وحالة نفسية اجتماعية انفعالية تتقبل التغير وسرعة التوافق مع المتغيرات والتكيف معها بكلّ جراءة كما تتصف هذه الفئة بالإنتاج والعطاء والإبداع في المجالات كافة وأنّهم المأهلون قوّة وعملاً وعلماً وثقافةً وسلوكاً للنهوض بمسؤوليات بناء المجتمع لأنّ خصائصهم المميزة تختصر الزمن وتدفع عملية التنمية إلى الأمام.

إنّ كثرة أوقات فراغ الشباب إضافة إلى الوسائل المتطورة التي انتجها التقدم العلمي والثقافي وعدم التحكم في آليتها وكيفية استثمارها وقدرتها على جذب الشباب إليها خصوصاً الشباب الذي لم يدخل معترك الحياة بعد تتطلب التخطيط لاستثمار أوقات الفراغ عند الشباب لفهم حاجاتهم ورغباتهم وإيجاد الوعي بأهمية استثمار أوقات فراغهم وتدريبهم على حسن استثماره بوضع برامج تحقق لهم توازناً انفعالياً وعقلياً وصحياً واجتماعياً بحيث يغدو وقت الفراغ منفذ تعبير عن حاجاتهم ورغباتهم، وبذلك يكسبهم أنماطاً من السلوك تعزز صفات إيجابية مثل التعاون والصداقة والشعور بالولاء والانتماء والمنافسة الشريفة والمبادرة والعطاء ويمكنهم من التكيف الاجتماعي الذي يتفق مع المعايير الاجتماعية.

وقد يؤدي عدم استثمار أوقات الفراغ إيجابياً إلى وقوع الشباب في مشكلات منها القلق والتوتر والخوف من الذات والضجر والملل والبطالة والضياع والسقوط والانهيار الأخلاقي وتناول المسكرات وتعاطي المخدرات والسهر في أماكن منحرفة، وهذه كلّها سلوكيات تؤدي إلى الحط من قيمة الإنسان وزيادة احتمال حدوث مظاهر الضعف والجمود والسلبية والانحراف لديه وإضعاف شخصيته الاجتماعية فالتخطيط في مجال الشباب عمل وقائي تنموي يندرج في إطار خطط التنمية الشاملة التي تحمي المجتمع حاضراً ومستقبلاً وتصون إمكاناته وتبعده من الوقوع في المشكلات التي تمنع تطوره بشكل متوازن.

وإذا كان هناك من يعتقد أنّ أي إنفاق في أوقات الفراغ أو من أجل تأمين القاعدة المادية الضرورية لاستثمار أوقات الفراغ هو إنفاق ترقي غير منتج فإنّ هذا الرأي لا يدرك معنى علاقة التأثير المتبادل بين وقت العمل والفراغ فالتوظيف في مجالات وقت الفراغ ينعكس إيجابياً على إنتاجية العمل وتصاعدها ويوفر الإمكانات الكبيرة التي كان من المفترض أن تُهدر في سبيل معالجة المشكلات الاجتماعية الأمر الذي يعني أنّ الاستثمار في أوقات الفراغ هو استثمار إنتاجي في الدرجة الأولى.

يعتبر استثمار وقت الفراغ من الأسباب المهمة التي تؤثر على تطورات ونمو الشخصية، كما يعتبر من المشاكل المهمة التي توليها المؤسسات والهيئات الاجتماعية القدر الكبير من العناية والاهتمام، هذا بالإضافة إلى أنّ استثمار وقت الفراغ لدى الشباب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل التربوي في المؤسسات التربوية للشباب كالمدارس والجامعات ومنظمات الشباب.

وفي مجال الشباب المثقف تظهر هذه المشكلة بوضوح في محاولة المؤسسة التربوية توصيل الجيل الصاعد وتوعيته بأهمية استثمار وقت الفراغ بصورة نافعة تعود عليه وعلى وطنه بالفائدة وإتاحة الفرصة أمامه لممارسة العديد من الانشطة الترويحية في وقت فراغه يهدف تربيته وتنميته.►

 

المصدر: كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ

ارسال التعليق

Top