• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف يراك ابنك المراهق؟

كيف يراك ابنك المراهق؟
◄كيف يرى المراهقون آباءهم في نظرهم؟ وهل يُمارس الآباء الضغط عليهم ولا يُراعون تطلّعاتهم ورغباتهم وظروفهم الخاصة؟

إنّ المراهقة مرحلة خاصة يمرّ بها الإنسان، وتحتاج إلى عناية خاصة وتوجيه خاص، ذلك أنّ مسيرة الإنسان قد تتحدّد من خلال هذه المرحلة، فإن كانت هذه المرحلة موجّهة بصورة صحيحة، فإنّ أثر هذا التوجيه سينعكس على بقيّة مراحل العمر.

غالباً ما تنظر إلى ابنك المراهق نظرة سلبية، تنظر إليه من خلال بعض الممارسات التي تتسم بها شخصية المراهق، وهذه نظرة غير عادلة، فليس كّل مراهق يكون سلبياً في سلوكياته، بل إنّ البعض لم يعرف ما معنى المراهقة أصلاً.

 

سنوات المراهقة:

تتحدّد سنوات المراهقة بين سِنّي 13 و18 سنة، وقد تمتد إلى سن 21 سنة، إنّ معرفتك بهذه السنوات تُحتّم عليك، إن أردت أن تبني مُراهقاً بناءً سليماً، أن تُبرمج هذه السنوات برمجة إيجابية، يخرج منها ابنك المراهق بكفاءة، ويكون فرداً صالحاً في مجتمعه.

 

سلوكيات المراهق:

إنّ لكلّ مرحلة من مراحل حياة الإنسان سلوكيات خاصة بها، ومن أبرز سلوكيات المراهق (العواطف الحساسة، حُبّ المغامَرة، العناد والتمرُّد، المزاجية المتقلبة، والتصرفات المزعجة). ولهذا، يحتاج ابنك المراهق، في هذه الفترة الحساسة من حياته، إلى التوجيه والإرشاد بعد فهم ووعي هذه السلوكيات، وذلك من أجل ضبط عواطفه الحساسة، وتعديل سلوكه، وتهذيب نفسه، حتى تحافظ عليه من الانسياق المتطرّف وراء رغباته ونَزَواته. تحتاج إلى برنامج يتسم بالهدوء والشفافية واللّطافة، بعيداً عن القسوة في التعامل الذي لا ينتج عنها سوى المزيد من العناد، والمزيد من الإصرار على الخطأ.

أمّا رأي ابنك المراهق فيك، فهو غالباً رأي أغلب المراهقين، وذلك بعد دراسة قامت بها جامعة أمريكية على نحو 1500 مراهق، كانت آراؤهم كالآتي:

- إنّك تتوقع منه أن يكون الأوّل في دراسته دائماً، ولا ترى أي سبب يمنعنه من الحصول على المركز الأوّل، بل تستمر في مُقارنته بأصدقائه وجيرانه.

- التوبيخ المستمر له في كلّ صغيرة وكبيرة، وعدم ملاحظتك لأي شيء حسن أو صالح يقوم به.

- الاستبداد المتطرف وارتكابه لأي خطأ بسيط، يسبب مشاكل كثيرة حتى لو كسر شيئاً من دون قصد يُفاجأ بسَيْل من الشتائم والاتهامات. ومن أسوأ أنواع العقاب التي يتعرض لها العقاب أمام أصدقائه أو أقاربه، ما يجعله في نظرهم طفلاً صغيراً تافهاً وبلا شخصية.

- فرض الرأي، فإن قال لك لا، على رأي أو فكرة تطرحها، تصفه بعدم الاحترام والتقدير لك، وأنّه يحتاج إلى تهذيب ليعرف كيف يتعامل معك أو مع الكبار.

- اللّامُبالاة والإهمال. نعم، المراهق يريد الحرّية.. لكن ليس لدرجة إهماله نهائياً وكأنّه ليس له وجود. فالاهتمام به وبما يريد والقُرب منه، يجعله في توازن نفسي وصحّي وراحة، تجعل هذه المرحلة تمرّ بسلام من دون التعرض لمشاكل يصعب حلّها. لكن، من دون فرض سيطرة كاملة عليه.

- تظنّ أنّ ابنك قد كبر، وأنّه لا يحتاج إلى مَن يربت على كتفه، أو يحتضنه مُشجّع إياه، لاسيّما عندما يتعرض لمشكلة، وليس لأنّه الأوّل في الدراسة فقط، يريد المراهق حناناً غير مشروط بفعل جيد قام به.

- يكره المراهق الواجبات الاجتماعية، لأنّه مُطالب بأن يؤدي بعض الواجبات الاجتماعية التي لا يطيقها، مثل تهنئة الأقارب بخطبة أو زواج والمولود ومناسبات لا تنتهي، وقد تُجبره على البقاء لمدة طويلة وسط جماعة من كبار السن بالكاد يعرفهم، أو الذهاب إلى عَزاء أو تشييع جنازة بحُكم أنّه ولد ورجل مثلاً.

 

رسائل تربوية:

·      من المهم جدّاً معرفة قُدرات وضعف ابنك (المراهق) الدراسية، وكيفية مساعدته على التغلب عليها والبحث عن الأسباب، وليس من المهم أن يكون الأوّل ومن المتفوقين، وإنما الأهم أن ينجح بدرجة جيدة.

·      تشجيع الأبناء بالكلمات الطيِّبة وتقدير مجهوداتهم يساعدان على تقدمهم، مع الابتعاد عن التوبيخ والكلمات القاسية التي تسبّب للمراهق الإحباط، الذي يمنعه من التقدم حتى لو كانت قُدراته العقلية عالية.

·      لا تستخدم سلطتك كما يحلو لك، خصوصاً التوبيخ أمام الأصدقاء أو العقاب البدني مثل الضرب، فكلها تأتي بنتائج عكسية على المراهق، وتُدخله في حالات نفسية تنعكس على تحصيله الدراسي.

·      عليك أن توسِّع صدرك وتتناقش مع ابنك بهدوء لكي يفهم وجهة نظرك، ومن ثم توجهيه إلى الطريق الصحيح.

·      أثبتت جميع الدراسات التربوية أنّ الإهمال كأسلوب للعقاب لا يُجدي نفعاً، فالمراهق يحتاج منكِ إلى إظهار الحنان والاهتمام بمستقبله، وبتقدّمه الدراسي ويساعده على ذلك.

·      لا تَعتبر ابنك كبيراً في بعض المواقف، وأخرى صغيراً لا يستطيع الاعتماد عليه، سواء أكان في حضور المناسبات الاجتماعية أم أي مسؤوليات أخرى، فهذا يسبّب له الارتباك في حكمك عليه ويُفقده الثقة بنفسه.

·      إذا كان ولابدّ من حضور بعض المناسبات الاجتماعية، استخدم مع المراهق أسلوب الإقناع من الناحية الدينية وأهمية صلة الرحم، ولا تُجبره على الحضور لوقت طويل، واجعله يحضر للأقارب والأصدقاء الأكثر قُرباً للعائلة، حتى يتعوّد مستقبلاً على الاهتمام بالمجاملات والواجبات الاجتماعية، وأنّ له الأجر في حضور العزاء قبل المناسبات السعيدة.

·      احترام المراهق. حينما يجد المراهق أنّ شخصيته محترمة، من خلال إشعاره بأنّه قد بلغ سنّاً يُعتَمد عليه فيها، وأنّه له الحقّ في التعبير عن رأيه، وإشراكه في بعض القضايا الأسرية، وغيرها من سلوكيات تُنمّي فيه روحيّة الاحترام وتُشعره بأهميته، فإنّ طاقاته ومواهبه وكفاءاته الكامنة ستتفجّر، بينما يخدم المجتمع.

·      التثقيف الجنسي. لكي تحافظ على ابنك المراهق من الانحرافات الجنسية، لابدّ من ممارسة التثقيف الجنسي وفق رؤية علمية صحيحة، وذلك من خلال توضيح أهم المسائل المتعلقة بالجنس وخطورتها وما يتعلق بها من أمراض.

وأخيراً، فإنّ مرحلة المراهقة تُعدّ من المراحل المفصليّة في حياة الإنسان، وتقع المسؤولية على الوالدين في تنشئة ولدهما تنشئة سليمة وصحيحة، وهذه العملية التربوية ليست سهلة، بل هي من العمليات الصعبة التي تحتاج إلى حكمة وتجربة وتعلّم أهم المبادئ في كيفية التعامل مع هذه المرحلة. لذلك، لابدّ للوالدين من التثقيف الذاتي في كيفية التعامل مع هذه المرحلة، عبر قراءة الكتب المختصة، أو الانضمام إلى المراكز المتخصصة في هذا الجانب.

وتذكّر أنّ المراهق يحتاج إلى الحضن الدافئ الذي يمنحه الاطمئنان والحنان، ويُشعره بأنّه لا يزال محبوباً، على الرغم من فشله أو خطئه، كما يُحفّزه على النجاح والاستعداد لإصلاح أخطائه.►

ارسال التعليق

Top