• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحوار بدل الصراخ

عمار كاظم

الحوار بدل الصراخ

◄دور الحوار:

الحوار منهج تربوي يعزّز القناعات ويزيل الشبهات ويزرع الفكر ويزيد في النشاط ويصحّح المفاهيم المغلوطة.

الحوار يلعب دوراً هامّاً وبارزاً في حلّ الكثير من الخلافات وإذابة الجليد المتراكم وإزالة الحواجز النفسية والتصوّرات الظالمة أو الخاطئة.

يزيل الحوار كثيراً من سوء الفهم، ويبدّد الأفكار المغلوطة، وهو أفضل السبل في بناء فهم مشترك أو فضّ نزاع أو حلّ مشكلة أو إيصال فكرة معينة أو تنضيجها أو تطويرها. إنّ استخدام القوة أو التهديد أو الشتائم أو إلحاق الأذى المادي والمعنوي بالآخر يأتي عندما لا يكون الحوار ولا يستخدم المنطق والأسلوب القرآني جميل في هذا المجال (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (المؤمنون/ 96).

فالحوار أسلوبٌ حضاريٌّ في التخاطب والتفاهم وتسوية الخلافات والصراعات وتنضيج الرؤى.

فبالحوار يستطيع الإنسان للوصول إلى عقول وقلوب الآخرين بعكس أساليب العنف والشتائم والتراشق بالكلمات المبتذلة والنابية والجارحة سواء باللسان أو الكتابة أو الغيبة أو التكفير والتهميش والتسقيط وإلغاء الآخر، هذه الوسائل الذي تلبّد الأجواء بغيوم البُغض وسموم الحقد والكراهية وتعميق الجراح (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125).

 

الحوار دعوة إلهية:

مبادئ القرآن الكريم تحثُّنا على الحوار والمحادثة والمناقشة والمجادلة بالتي هي أحسن فهي التي تنقّي الأجواء وتصفّيها، وهي التي ترأب الصدع وتردم هوّة الخلاف، وتجمع ما يفرّقه وما يمزّقه العنف.

فالإنسان يمتاز عن غيره من المخلوقات بأنّه كائن أخلاقي تعيش في نفسه الأحاسيس والدوافع الأخلاقية، كالحب والكراهية والرحمة والقسوة والبر والعقوق والعدل والظلم والإيثار والأنانية والاحترام والتجاوز على الآخرين والبخل والكرم والتعاطف والقطيعة والعفو والانتقام والإحسان والإساءة، ويقوم البناء الإنساني في الإسلام على أساس الأخلاق، ويُوضح نبيّ الإنسانية صاحب الخُلُق الرفيع أهمية العنصر الأخلاقي في بناء الحياة والشخصية "إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"، كذلك هنالك مصالح مشتركة ينطلق على أساسها الحوار من روابط أساسية تربط أفراد المجتمع، ومنافع متبادلة، كما أنّ الفرد خُلِق ليعيش ضمن حياة جماعية على أساس مبدأ التعاون وبناء اجتماعي ومنظومة من العلاقات الصالحة والمنافع المشروعة المتبادلة التي تتجسّد في مشاريع ومؤسّسات ذات مردودات اجتماعية (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2).

 

الحوار رقيٌّ:

مسؤوليّتنا عظيمة لابدّ أن يكون الجميع ملتزماً بها، لابدّ من استخدام اللغة المهذّبة لا كلمات الشتائم والسباب والتشهير والتسقيط والكلمات الجارحة، لابدّ من استخدام اللغة الرقيقة الليّنة، لا الكلمات الجافة والقاسية التي تُوصد الأبواب وتُغلق طرق الحوار، ولابدّ من احترام الرأي الآخر لخلق حالة من الانفتاح على الآخرين، ولابدّ من إيجاد سُبل التواصل بين الأجيال والاستعانة بالخبراء والمختصّين والمربّين وأصحاب التجارب حتى يحقّقوا للحوار مدى أكبر من الجدية والفاعلية والنفع.

على السلطتَيْن التنفيذية والتشريعية أن تكونا قدوة للآخرين وتصويب نهجهم للحوار فيما بينهم، واستخدام الأساليب الراقية في التعامل مع بعضهم البعض لينعكس على أفراد المجتمع. وإنّ الصراع يضرّ بالوطن وأهله، ولا سيّما الأخذ بالاعتبار الصراعات الداخلية والخارجية التي تحيط بنا، ولابدّ من جعل الوطن فوق كلّ اعتبار وفوق كلّ مصلحة شخصية، وإنّ وَقْف التشنّج والتأزيم بين السلطتين يؤدي إلى مزيدٍ من الإنجازات والأعمال لكثيرٍ من القضايا التي ينتظرها الوطن والمواطنون، ولابدّ أن يعي الجميع الأخطاء ويتجنّبوها ويعملون معاً يداً واحدة من أجل مصلحة الوطن.

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة/ 105). ►

 

المصدر: كتاب مفاهيم خيرٍ وصلاح

ارسال التعليق

Top