• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

محمّد (ص).. بلسم آلام البشرية

أسرة البلاغ

محمّد (ص).. بلسم آلام البشرية

◄السراج المنير:

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب/ 45-46)؛ فالرسول (ص) كان سراجاً منيراً... وليس من شأن السراج أنّه إذا أراد الإنارة أنار، وإن لم يرد لم يُنِر. فالسراج منيرٌ أراد أم لم يُرد. أينما كان وجوه، يجعل ذلك المحيط منوّراً ونورانيّاً. لقد شبه الله سبحانه الرسول بالسراج، ليس السراج المطفأ، بل المضيء: السراج المنير. أينما يكون، يجعل جوّ حياة الرسول (ص) وذلك المحيط منوّراً أساساً. كان ينير الجوّ بأخلاقه، بمسلكه، بطريقة عمله، بتعامله، بعلمه، بحكمته؛ سواءٌ أعطى الدروس لأحد أم لا. لم يكن نورُ الرسول (ص) يضيء فقط حين كان يذهب إلى المسجد ويعظ الناس؛ بل كان ينير أيضاً عندما كان يجلس في بيته، وحين يكون ساكتاً، وعندما كان يمشي، وحين يكون في ميدان القتال، في كلّ تلك الأوضاع والأحوال، كان وجود الرسول ينير؛ كان منوِّراً ومنيراً في الوقت نفسه؛ وذلك لأنّ تمام حركات الرسول وسكناته وأقواله وأعماله، كانت كلّها في خدمة الله وفي سبيل الله.

كان الرسول العظيم (ص) أميناً، وصادقاً، وصبوراً، ومتواضعاً وشهماً ومدافعاً عن المظلومين في كافّة الحالات. كان سلوكه سليماً. وكان تعامله مع الناس يقوم على أساس الصدق والصفاء والصحّة. كان حَسَنَ الكلام، ولم يكن حديثه مؤذياً. كان طاهراً. كان في مرحلة شبابه معروفاً بالعفّة والحياء والطهارة في تلك البيئة الفاسدة أخلاقياً في الجزيرة العربية قبل الإسلام وكان الجميع يقبلونه ولم يكن متلوّثاً بأيّ شيء. كان من أصحاب النظافة: كان لباسه نظيفاً، كا وجهه نظيفاً، وكان سلوكه سلوكاً ممزوجاً بالنظافة. كان شجاعاً ولم تتمكّن أيّ جبهة من الأعداء مهما كانت عظيمة أن تفتّ من عضده أو تخيفه. كان صريحاً، يوضّح كلامه انطلاقاً من الصراحة والصدق. كان في حياته حكيماً وزاهداً كما كان رؤوفاً متسامحاً كريماً. وكان يعطي المال ولا ينتقم، كان سموحاً وعَفُوّاً.

... كان كثير الحنان والتسامح والتواضع وكان من أصحاب العبادة. وكانت هذه الخصوصيات موجودة في شخصيته العظيمة في كافة جوانب حياته منذ مرحلة الشباب إلى الوفاة طيلة ثلاث وستّين سنة.

كان حقاً مداوي لآلام البشرية بأفضل العلاجات وقد تحدّث أمير المؤمنين (ع) حول الرسول (ص) قائلاً: "طبيب دوارٌ بطبه قد أحكم مراهمه وأحمى مواسمه".

كان الرسول وما تمتّع به من مقام وشأن وعظمة، غير غافل عن عبادته؛ كان يبكي منتصف الليل ويدعو ويستغفر.

كانت عبادته، عبادة مَن تتورّم قدماه من الوقوف في المحراب. كان يقضي جزءاً طويلاً من الليل صاحياً ومشغولاً بالعبادة والتضرّع والبكاء والاستغفار والدعاء. كان يناجي الله ويستغفره.

 

ذكر الله دائماً:

كان الرسول الأكرم (ص) مع تلك القوّة الملكوتيّة، دائم الذكر والتوجّه والتوسّل إلى الله تعالى.

نُقِل عن النبيّ الأكرم (ص) أنّه قال: "ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم، تدعون ربّكم بالليل والنهار فإنّ سلاح المؤمن الدعاء". لذلك كان رسول الإسلام المكرَّم يقوم بكافّة الأعمال الضرورية في ساحة الحرب؛ كان ينظِّم الجنود ويضع كلّ منهم في مكانه ويقدّم لهم الإمكانيات اللازمة ويوصيهم بما يجب، ويشرف عليهم إشراف القائد على جنوده؛ ولكنّه كان في الوقت عينه، يركع على الأرض ويرفع يديه للدعاء والتضرّع ومناجاة الله تعالى ليطلب منه ما يريد.

 

عدم الخوف من أحد غير الله:

كان الرسول (ص) ذاكراً الله في كافّة الحالات وكان يطلب المدد منه في جميع الساحات، كان يطلب من الله ولم يخَف أحداً سواه. ويكمن السرّ الأساسي لعبودية الرسول أمام الله تعالى في أنّه لم يحسب أيّ حساب لأي قوّة في مقابل الله، ولم تكن علاقته به علاقة واهم، ولم يقطع سبيل الله بسبب أهواء الآخرين. يجب أن يتحوّل مجتمعنا إلى مجتمعٍ من خلال الدرس الذي يتعلّمه من الأخلاق النبويّة.►

ارسال التعليق

Top