• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أعمال شغب في كينيا تكشف الانقسامات السياسية والاقتصادية

أعمال شغب في كينيا تكشف الانقسامات السياسية والاقتصادية

كشف اغتيال رجل دين مسلم في مدينة مومباسا الساحلية الكينية واعمال الشغب التي اعقبت ذلك الانقسامات الاجتماعية والسياسية والطائفية العميقة التي يمكن ان تثير مزيدا من العنف قبل انتخابات رئاسية تجري العام المقبل.
وامطر مسلحون مجهولون سيارة عبود روجو بالرصاص يوم الاثنين فقتلوا رجلا اتهمته كل من الحكومة الكينية والولايات المتحدة بمساعدة المتشددين الاسلاميين المرتبطين بالقاعدة في الصومال.
وخاض انصار روجو معارك متواصلة في الشوارع مع قوات الامن خلال الساعات التي تلت قتله واستمرت اعمال العنف بشكل متقطع خلال الايام التالية. واحرقت كنائس والقيت قنبلتان يدويتان على مركبات للشرطة. وقتل خمسة اشخاص على الاقل.
وتقول الحكومة ان اعمال العنف نظمها "اعداء" كينيا وتنحي باللائمة على راديكاليين اسلاميين من بينهم روجو في دعم حركة الشباب التي يقاتلها الجيش الكيني منذ غزو الصومال العام الماضي.
وينحي المسلمون الذي يشكلون اغلبية في احياء كثيرة في مومباسا ثاني اكبر مدن كينيا باللائمة على السلطات في قتل روجو ويقولون انه جزء من حملة ضد طائفتهم ودينهم.
ويقولون ان تفجر العنف بشكل عفوي كان ردا طبيعيا على اغتيال روجو وعقود من التهميش السياسي والاقتصادي في منطقة تتجمع فيها المباني العشوائية الى جانب المنتجعات الشاطئية الفخمة.
وقال اوتينو رمضان (25 عاما) وهو واحد ممن اعتنقوا الاسلام ويبيع الفحم "محرض؟ لست بحاجة لان يحرضني أحد لاقوم بشغب وأنا أرى شيخي تقتله الحكومة.
"نحن شبان من الساحل لا نملك اي شيء ليست لدينا وظائف بعد وهناك اناس يجري توظيفهم يوميا في الميناء. كل ما جلبوه لنا هنا هو المخدرات التي تقتلنا ببطء.
"ساقوم بشغب .بوسعهم ان يقتلونا بالرصاص اذا كانوا يريدون."
وتذكر احمد يحيى وهو جزار يبلغ من العمر 27 عاما كيف تملكه الغضب عندما وصلت انباء قتل روجو للمسجد الذي كان يصلي فيه في منطقة كيسوني في مومباسا.
واندفع هو ومصلون اخرون الى الشوارع. وهتف الحشد "الشرطة قتلة."
وقال يحيى وهو يقطع شريحة من اللحم في متجره ان "روجو مسلم صادق وكان اكثر ما يعجبني فيه..مواقفه الحازمة والجريئة بشأن امور الاسلام. ولكنكم ترون فكونك مسلما حازما لا يجعلك ارهابيا."
وبنى روجو قاعدة وفية من الانصار في اجزاء من مومباسا مع نشر كثير من خطبه على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. واندلعت اعمال الشغب مع انتشار انباء مقتله عبر كيسوني وحي ماجينجو.
وقال يحيى ان "الشيخ تحدانا بان نكون مسلمين حقيقيين بالقول والفعل مستعدون لفعل اي شيء للدفاع عن ديننا حتى وان كنا سنموت."
ويشكل المسلمون 11 في المئة فقط من سكان كينيا ولكنهم يمثلون منذ فترة طويلة الجماعة المهيمنة على امتداد الساحل حيث تأثرت الثقافة السواحلية المحلية منذ قرون بالعلاقات التجارية مع الشرق الاوسط عبر المحيط الهندي.
ويشكو المسلمون السواحليون فى المناطق الساحلية من انهم فقدوا ارضهم ووظائفهم لحساب مستوطنين من الداخل في الوقت الذي لم يروا شيئا يذكر من الثروة الناجمة عن السياحة على شواطئهم وحركة المرور في مينائهم والذي يخدم معظم شرق ووسط افريقيا.
وقالت فيليس مويما التي تدير مؤسسة اجتماعية تنظم برامج للشبان العاطلين ان "الساحل الكيني يواجه ظلما تاريخيا مثل فرص العمل المحدودة وهذا دفع الناس للاعتقاد بان هذه الحكومة ضد الاسلام."
وفي منطقتي كيسوني وماجينجو في مومباسا تتفشى البطالة وكذلك ادمان المخدرات.
ويريد مجلس مومباسا الجمهوري وهو جماعة ساحلية محظورة الانفصال عن كينيا. وهددت هذه الجماعة باثارة قلاقل اذا لم يلب طلبها بالاستقلال بحلول انتخابات الرئاسة في العام المقبل.
ونأت هذه الجماعة بنفسها عن اعمال العنف التي اعقبت اغتيال روجو وتنفي تأكيدات حكومية بان لها صلة بالتطرف الاسلامي او دعم حركة الشباب الصومالية.
وقال راندو نزاي الامين العام لمجلس مومباسا الجمهوري "لا نشارك في هذه الامور .انه ليس ترتيبنا وليس مشروعنا."
وقال رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا ان من الواضح ان رد الفعل العنيف على قتل روجو منظم. وانحى باللائمة على اعداء البلاد في السعي الى "خلق عداء ديني."
واضاف "لماذا تعمد مهاجمة الكنائس؟ هذا بالضرورة جزء من (رد فعل) منظم. من أين جاءت القنابل ؟ هذا يؤكد شكوكنا في أن هناك تنظيما سريا يدير هذا الأمر."
وقال مسؤول حكومي كبير لرويترز ان الشرطة تبحث عن ثلاثة رجال دين متحالفين مع روجو وتشتبه في اثارتهم الاضطرابات. وامتنع عن الكشف عن هوياتهم.
وكان الشيخ جمعة نجاو وهو رجل دين مسلم معتدل مختلفا مع روجو بشأن التطرف وتجنيد المسلمين الكينيين للقتال في الصومال من بين الحشد الذي احاط بسيارة روجو بعد الهجوم الذي تعرضت له يوم الاثنين.
وانحى باللائمة على مساعدين بارزين لروجو في اشعال اعمال العنف.
وقال نجاو مساء الاربعاء في الوقت الذي كان فيه رصاص الشرطة يدوي من شارع قريب "قالوا انه يجب ان يبدأوا العنف بعد الدفن..ومن ثم لقد كان شيئا منظما بشكل متعمد لاظهار غضبهم على رجل الدين الراحل."
ويمثل التطرف بين مسلمي كينيا احد الاسباب الرئيسية لقلق الغرب منذ تفجيري السفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998 واللذين اسفرا عن مقتل 223 شخصا على الاقل وانحي باللائمة فيهما على اتباع محليين لاسامة بن لادن.
وتزايد القلق بحدة منذ العام الماضي مع تدخل كينيا في الحرب ضد مقاتلي الشباب في الصومال.
ووجد تحقيق اجرته الامم المتحدة العام الماضي ان المتمردين الصوماليين انشأوا شبكات تمويل وتجنيد وتدريب مكثفة في كينيا. وعبر عدد غير معروف من المسلمين الكينيين الحدود للقتال الى جانب حركة الشباب.
وبعد عبور القوات الكينية الحدود العام الماضي لقتال الشباب توعد الاسلاميون الصوماليون بتنفيذ هجمات انتقامية في كينيا. ومنذ ذلك الوقت وقعت هجمات على كنائس في كينيا بالاضافة الى اهداف سهلة مثل الحانات المحلية.
واعلنت الحكومة عفوا عن الكينيين الذين قاتلوا الى جانب المتمردين الصوماليين .
وقالت مويما التي تدير جماعات شبابية في الساحل ان الشبان المسلمين الكينيين عادوا من القتال في الصومال بافكار متطرفة مع عدم وجود احتمال لالتحاقهم بوظائف.
واضافت "عملنا مع الشيوخ الذين يقولون لنا ان الشبان بدأوا يعودون وهم ينتظرون فقط تلقي تعليمات ليتحركوا. وهم مسلحون.
"استهداف الكنائس يوضح لنا ان الامر ليس مجرد قتل شيخ ولكن تطبيق ايدولوجية مفادها انكم يجب ان تكونوا ضد الناس الذين ترون انهم غير مؤمنين."
وتعيد هذه الاضطرابات الاهلية على الساحل الى الاذهان اعمال العنف القبلية التي ادت الى سقوط اكثر من 1200 قتيل وكادت ان تمزق كينيا بعد خلاف بشأن نتائج انتخابات الرئاسة الماضية عام 2007-2008.
وقال المؤرخ الساحلي اسطنبولي احمد ناصر "انها كقنبلة موقوتة الان ..الساحل ومجلس مومباسا الجمهوري والانفصال وحركة الشباب كل هذه الامور."
وقد يلحق استمرار الاضطرابات على الساحل ضررا بالغا بصناعة السياحة التي تدر ملايين الدولارات على كينيا والتي كانت قد تعافت للتو من اثار خطف سائحين في منتجع ساحلي العام الماضي.

ارسال التعليق

Top