• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الثقة بالله تعالى.. غاية الإيمان

الثقة بالله تعالى.. غاية الإيمان

◄الثقة بالله تعالى من أهمِّ ما يقوم عليه إيمان الإنسان، الذي يعيش الإيمان سلوكاً أصيلاً وسويّاً وعملياً في الحياة، وليس فقط مجرّد إيمان على مستوى التصوُّر والعقيدة.

في إحدى وصايا الإمام الكاظم (ع) لهشام بن الحكم، يقول: «يا هشام، قال تعالى: وعزّتي وجلالي، وعظمتي وقدرتي، وبهائي وعُلُوّي في مكاني، لا يؤثِّر عبد هواي على هواه، إلّا جعلتُ الغنى في نفسه، وهمّه في آخرته، وكففت عنه ضيعته، وضمنت السموات والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر».

لا يكفي أن نعيش الإيمان تصوّراً وعقيدةً من دون ممارستهما على مستوى المسؤولية في مواجهة الأنانيات والعصبيات ونزوات النفس، لأنّ كثيرين ربّما يعيشون الإيمان تصوّراً وعقيدةً، ولكنّهم يسقطون أمام سطوة الأنانيات والأهواء والنزوات.

ألا يكفي الإنسان أنّ ربَّ السموات والأرض، خالق الخلق، وباسط الرزق، يخاطبه من موقع قدسه ورحمته بهذا المخلوق الضعيف، ويدعوه إلى سلوك طريق الحقّ والرضوان واتّباع سبيل الله، فالله يكفل أمنه ورزقه وسلامته وحياته، ويجعله غنيّاً في نفسه إن التزم بحدوده وتعاليمه.

ألا يكفي الإنسان عزّاً وفخراً أن يدعوه الله إليه ويخاطبه، ليأخذ بسبيله كي لا يتيه ويضيع في دنياه، فعندما يحبّ الله وينفتح عليه بوعي، لا تعود الدُّنيا همّه، بل ينطلق من ميادينها إلى بناء آخرته بما ينسجم مع روح إيمانه الساعي إلى رضا الله، حيث أعلى درجات الإيمان.

وحول الرواية المتقدِّمة المنقولة عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، فهذه الكلمات نسبها الإمام (ع) إلى الله سبحانه وتعالى ـ وهو الصادق الأمين ـ وقد تكون من الأحاديث القدسية التي وردت عن الله تعالى بشكل غير مباشر، أو قد تكون وردت في صُحُف الأنبياء(ع)، كصُحُف إبراهيم وموسى (ع)، وغيرهما ممّا أوحى الله تعالى به إلى أنبيائه.

إنّ هذه الفقرات تشير إلى معنى يتّصل بالإيمان، حيث يريد الله عزّوجلّ للإنسان في تصوّراته الإيمانية، وفي ما يختزنه في نفسه، وفي كلّ مواقع إرادته ومناهج سلوكه، أن يحقّق ما يريده الله تعالى وما يحبّه، بحيث يفقد الإنسان نفسه أمام الله سبحانه وتعالى، فلا يكون لذاته في عناصرها الشخصية، في ما يحبّه الإنسان ويهواه، أيّ دور في ما يفعل أو في ما يترك، بل هو في كلّ أُموره في الحياة، ينصر موقع رِضا الله تعالى، أي أنّ رِضا الله هو الخطّ الذي يسير عليه، والأُفق الذي يتطلَّع إليه.

ما أجمل التواضع لله، والثقة به، وأن نكون من السَّامعين الواعين لخطابه لنا! فالله تعالى كرَّمنا بدعوته لنا، فعلينا أن نكون من الذين يقدّرون الله حقّ قدره، ويحترمون خطابه بكلِّ وعي وتحضّر ومسؤولية، فإيماننا بالله هو كلّ الغنى، وكلّ السعادة، وكلّ الثبات والأصالة في الوجود. إنّ الإيمان العملي بالله في محاربة الهوى والتغلّب على الشهوات هو طريق معرفة الله، وإيثاره على كلّ المظاهر والاعتبارات هو درب السلامة في الدُّنيا والآخرة.

إنّ دعوة الله لنا لنثق به ونتّكل عليه ونسلك درب هواه، مفتوحة على كلّ زمان ولكلّ إنسان وُجِد وسيوجد لاحقاً. فلنكن من الذين يستمعون كلام الله وينصتون إلى دعوته خاشعين، ويتفكّرون في خطابه، ويراجعون أحوالهم وظروفهم وعلاقاتهم، وأين هم من درب الله تعالى وسبيله، كي يعودوا إلى أحسن العلاقة وأفضلها مع الله تعالى، لأنّها العلاقة الوحيدة الباقية والنافعة والراقية التي تحفظ الإنسان في وجوده في دنياه وآخرته.►

ارسال التعليق

Top