• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

آثار التكافل الاجتماعي على الأرامل

عمار كاظم

آثار التكافل الاجتماعي على الأرامل

الأرملة هي المرأة التي مات عنها زوجها، سُميت أرملة لأنّها فقدت كاسبها ومَن كان عيشها صالحاً به، كما قال أهل اللغة؛ ويجب على المجتمع أن توفر للأرامل والأيتام سُبل العيش الكريم حتى يستطيعوا النهوض والقيام بأنفسهم.

فهذا حقّ من حقوقهم على المجتمع والدولة، وقد قال النبيّ (صلّى الله عليه آله وسلم): «اللّهُمّ إنّي أحرج حقّ الضعيفين اليتيم والمرأة». ويكون ذلك أشد توكيداً وأعظم حرجاً إذا كانت المرأة أرملة ولها أيتام؛ وقال - صلّى الله عليه وآله وسلم -: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى».

منذ تأسيس المجتمع المسلم بعد الهجرة النبويّة الشريفة كان التكافل الاجتماعي والتشارك في كلّ شيء هو أساس بناء المجتمع وظهر ذلك جلياً في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، واقتسام أموالهم وممتلكاتهم، وتوحدهم ضمن بوتقة المجتمع الإسلامي.

أمّا بالنسبة لمصطلح التكافل الاجتماعي في المفهوم الحديث فيقصد به اجتماع أفراد المجتمع على المصالح المشتركة فيما بينهم، وأن يكونوا يداً واحدة ضد المعوقات الفردية والجماعية التي تواجههم، ويتّحدوا على دفع الضرر والمفسدة عن جميع أفراده، والوقوف على كلّ ما يواجه أفراد المجتمع الواحد، من مساعدة للمحتاج وإغاثة للملهوف وحماية للضعيف الذي يشمل الأرامل والأيتام وغيرها، وتكريم مَن يستحق التقدير، والنظر إلى كلّ مَن لديه حاجة خاصّة، والوقوف إلى جانب بعضهم في دفع المظالم وتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع الواحد.

ومن أهم آثار التكافل الاجتماعي أنّها تصون نفس الفرد وتجعله يشعر بالراحة والطمأنينة والحبّ، كما تزداد ثقته بنفسه لأنّه يجد التقدير والدعم من الآخرين، والذي يدفعه بدوره إلى التقدير الذاتي، وهذا أيضاً ينعكس على أفراد المجتمع الواحد، فيصبح المجتمع أكثر لُحْمةً وتماسكاً واستقراراً وله قدرة أكبر على مواجهة كلّ ما يعترض طريقه، ويسهم في زوال الضرر وسد حاجات المجتمع وزيادة أواصر الألفة والوفاق فيما بين أفراده، وهذا ما يزيد التميز والعطاء، وينعكس على زيادة الإنتاجية الفردية والجماعية، ويعزز المواهب وينميها في المجتمع ويفجر الطاقات في أوجهها السليمة.

ولا يمكن للتكافل الاجتماعي أن يأتي بصورة واحدة، فهناك عدة صور للتكافل الاجتماعي منها ما هو مادّي، كمساعدة المحتاج وقضاء الدَّين وكفالة مَن لا معيل له، أو قد يكون معنوياً من خلال تحفيز أفراد المجتمع لبعضهم، وتطوير بعضهم بعضاً، والإفادة من خبرات بعضهم لخدمة الأفراد الأخرين، فمن أهم خصائص المجتمع أنّه يحتوي على تنوّع كبير، وبالتالي تتعدّد فيه الخبرات، ويسهم تبادل هذه الخبرات في تدعيم مقدرة المجتمع ككلّ وجعله أكثر قدره على مواجهة المشكلات الاجتماعية.

كما يمكن للتكافل الاجتماعي أن يكون كأحد صور توزيع المسؤوليات على أفراد المجتمع، وخاصّة ما يتعلق بأصحاب القرار في المجتمعات وذوي الرأي فيه، فهؤلاء تقع على أعناقهم مسؤولية حماية المجتمع وحل مشاكله، فمنهم يجب أن تبدأ مبادرات التكافل الاجتماعي، والتي تبحث عن المشكلات المعقدة في المجتمعات وتحاول حلها وتخطيها، لينعم أفراد المجتمع بالراحة والأمان.

ارسال التعليق

Top