• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

استخدام الأطفال للتكنولوجيا.. مضر أم مفيد؟

استخدام الأطفال للتكنولوجيا.. مضر أم مفيد؟

رغم صغر سنهم ونعومة أظافرهم أصبحت التكنولوجيا المتقدمة الأقرب إليهم، حيث باتت أجهزة الإنترنت والآيباد والهواتف المحمولة بكل تطبيقاتها المتقدمة في متناول الأطفال والمراهقين بدلاً من "الباربي" والسيارة والطائرة الورقية وغيرها من الألعاب التقليدية، وتعدت ذلك لتدخل إلى مدارسهم وصفوفهم الدراسية وحتى أسرّتهم وأفرشتهم الدافئة.

هي ظاهرة في المجتمعات الغربية والعربية ومثار للتفاخر لدى الأهل فتتغنى أم بأن ولدها الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات أو أربع سنوات يجيد استخدام الإنترنت والآيباد والمحمول إضافة إلى البلي ستيشن واللعب الليزرية.

ظاهرة لقت رواجاً وتشجيعاً لدى الكثيرين على اعتبارها تساعد على توسيع مدارك الأطفال وتجعل منهم أناساً مثقفين مستقبلاً ومواكبين لعصر تكنولوجيا المعلومات دون أدنى انتباه لما قد تحدثه من أثر على صحتهم وتفاعلهم مع المحيط، فضلاً عن تعرضهم للضغوط النفسية والاجتماعية والتحرش والاستغلال عبر تصفح مواقع ضارة أو شبكات للتواصل الاجتماعي أصبحت هدفاً لمجرمي الإنترنت.

يذكر أن ثلث الأطفال البريطانيين يعانون من الحرمان من النوم بسبب إرسال الرسائل القصيرة، وأن عدد مشتركي فيسبوك بالولايات المتحدة من الشبان والفتيات ممن تقل أعمارهم عن 13 عاماً وصل إلى 7.5 ملايين مشترك، خمسة ملايين منهم تقل أعمارهم عن عشر سنوات بحسب ما أورده موقع "كمبيوتر وورلد" المختص بشؤون التكنولوجيا عام 2012.

ان استخدام الإنترنت بالنسبة للأطفال له مساوئه الكثيرة، والتي قد تفوق مميزاته، لا سيما في التأثير على علاقات الطفل الاجتماعية، فهي تؤدي إلى إضاعة الوقت أمام الإنترنت، والغوص في عالمه، وتكون له نتائجه الملحوظة والمباشرة على علاقة الطفل بأسرته، وعلى علاقاته الاجتماعية، ومع الاستمرار على هذه العادة ومداومة الاندماج فى عالم الإنترنت بعيداً عن العالم الحقيقي، يحدث بداخل الطفل نوعٌ من الانفصال، والشعور بالفردية، والرغبة فى الابتعاد عن أي مشاركة اجتماعية، سواء على مستوى الأسرة، أو على مستوى المجتمع المحيط به من أصدقاءَ وجيران وغيرهم.

إن هذه الظاهرة لا ينتج عنها تأثيرات فردية، وإنّما يترتب عليها نتائج سلبية على نطاق واسع، تتمثل في التأثير على مستوى الأطفال من الناحية الدراسية، وتغير سلوكياتهم بشكل سلبي؛ نتيجة لِما يرونه ويتعاملون معه في هذا العالم الافتراضي؛ مما ينتج عنه فى نهاية الأمر من إخراج جيل افتراضي غير قادر على التواصل مع المجتمع الذى يعيش فيه، وغير قادر على التعامل مع من حوله إلّا من خلال العالَم الافتراضي الذي تعوَّد عليه منذ صغره.

نستطيع القول إن تأثير الإنترنت على الأطفال أشد وأقوى من أي تأثير آخر، سواء كان من الأسرة، أو من المدرسة، لذلك فان حلَّ هذه الظاهرة لا يكمُنُ في منع الأطفال من استخدام الإنترنت، خاصة أن الأسرة إذا تمكنت من ذلك أمام أعينها، فإنّهم لن يتمكنوا من منع أطفالهم من استخدام الإنترنت خارج المنزل، ان السماح للطفل باستخدام الإنترنت فى المنزل أفضلُ بكثير، ولكن يجب أن يتمَّ ذلك من خلال ضوابط ومعايير يجب أن يراعيَها الوالدان، يتمثل أهمُّها فى العمل على إحاطة الطفل علماً بهذه الوسيلة التي يتعامل معها، وتنبيهه إلى المخاطر التي قد يتعرض لها أثناء التصفح، فيما يُعرَف بعملية تثقيف كاملة للطفل بالإنترنت؛ حتى لا يكون جاهلًا بما يتعامل معه، ومن ثم يكون فريسة للجوانب السيئة في الإنترنت، وأن تحرص الأسرة دائماً على ترسيخ مخافة الله عزّوجلّ داخل نفوس أطفالهم، وإعلامهم بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليهم في كلّ وقت؛ حتى يكون ذلك بمثابة رقابة ذاتية من الطفل على نفسه.

ارسال التعليق

Top