• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام الجواد (عليه السلام).. جوهر الطاعة والإخلاص

عمار كاظم

الإمام الجواد (عليه السلام).. جوهر الطاعة والإخلاص

الإمام محمّد الجواد بن عليّ الرضا (عليهما السلام)، هو الإمام التاسع من أئمة أهل البيت الاثنى عشر (عليهم السلام)، الذي يأتي في طليعة العظماء، الذين خلّدهم التاريخ بقيمهم، وعطائهم للمجتمع الإنساني، والذي اضاءت الدنيا بعلمه وبفضائله وکمالاته، رغم قصر عمره. كان (عليه السلام) أعبد أهل زمانه، وأشدّهم خوفاً من الله تعالى، وأخلصهم في طاعته وعبادته، شأنه شأن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) من آبائه الذين وهبوا أرواحهم لله، وعملوا كلّ ما يقرّبهم إلى الله زلفى. كان الإمام (عليه السلام) من أندى الناس كفّاً، وأكثرهم سخاءً، وقد لُقِّبَ بالجواد؛ لكثرة كرمه ومعروفه وإحسانه إلى الناس. لقد شارك الناس في البأساء والضرّاء وواساهم في فجائعهم ومحنهم، ومدَّ يد المعونة إلى فقرائهم وضعفائهم، وبهذا البرّ والإحسان فقد ملك القلوب والعواطف، وأخلص له الناس وأحبّوه كأعظم ما يكون الإخلاص والحبّ.

ولقّب بالتقي؛ لأنّه اتَّقى الله وأناب إليه واعتصم به فلم يستجب لأيّ داع من دواعي الهوى، بل أناب إلى الله وآثر طاعته على كلّ شيء. كما لقّب بالقانع، والمرتضى، والرضي، والمختار، والمتوكِّل، والزكي.

للإمام الجواد (عليه السلام) أدعية كثيرة تُمثِّل مدى انقطاعه إلى الله تعالى، فمن أدعيته، قوله: «يا مَن لا شبيه له، ولا مثال، أنت الله، لا إله إلّا أنت، ولا خالق إلّا أنت، تفني المخلوقين، وتبقى أنت، حلمت عمّن عصاك، وفي المغفرة رضاك...». وتمثِّل أدعية الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) جوهر الإخلاص والطاعة لله، فقد اتصلوا بالله تعالى، وانطبع حبّه في مشاعرهم وعواطهفم، فهاموا بمناجاته ودعائه.

بالرغم من قصر المدة التي عاشها الإمام الجواد (عليه السلام) وهي خمسة وعشرون سنة منذ ولادته وحتى استشهاده، وهو أقصر عمر في أعمار الأئمة الاثني عشر (عليهم ‌السلام) من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ التراث الذي وصل إلينا إذا قارنّاه بالظروف التي أحاطت بالإمام (عليه السلام) وقارنّاه بأعمار من سبقه من آبائه الكرام (عليهم السلام)، نجده غنيّاً من حيث تنوّع مجالاته، ومن حيث سموّ المستوى العلمي المطروح في نصوصه وحجمه، ومن حيث دلالاته التي تعد تحدّياً صارخاً عند ملاحظة صدور هذا التراث من مثل هذا الإمام (عليه السلام) الذي بدأ بالإشعاع والعطاء منذ ولادته وحتى سِنيّ إمامته وهو لم يبلغ عقداً واحداً من العمر.

من منهجه التربوي (علیه السلام)، الحثُّ على النشاط الاجتماعي وخدمة الناس، والنشاط العلمي والتعليمي وأحاديثه الشريفة في هذا الباب تُؤكّدُ على ضرورة الاهتمام بخدمة الناس وقضاء حوائجهم. عنه (عليه السلام) أنّه قال: «ما عظمَت نِعمُ الله على أحدٍ إلّا عظُمت إليه حوائجُ الناس، فمن لم يتحمّل تلك المؤونة عرّضَ تلك النعمة للزوال». ومن غرر حكمه (عليه السلام): «إنّ مَن وَثِقَ بالله أراه السرور، ومَن توكّل على الله كفاه الأُمور. والثقة بالله حصن لا يتحصّن فيه إلّا المؤمن، والتوكل على الله نجاة من كلّ سوء وحرز من كلّ عدوّ». «مَن استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومَن اتّقى الله أحبّه الناس»، «القصد إلى الله تعالى بأعماق القلوب أبلغ من إتعاب الجوارح». «ثلاثة مَن كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة، والمشورة، والتوكل على الله عند العزيمة. ومَن نصح أخاه سرّاً فقد زانه، ومَن نصحه علانيةً فقد شانه».

ارسال التعليق

Top