• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الاكتئاب مع تقدم السن.. الوقاية والعلاج

الاكتئاب مع تقدم السن.. الوقاية والعلاج

يتم العلاج الملائم للاكتئاب في كبار السن بمراعاة ظروف كلّ حالة على حده، فبعض الحالات تحتاج إلى الإرشاد والتدخل لوضع حل لمشكلة العزلة التي يعانيها بعض المرضى الذين يعيشون بمفردهم، وقد يتطلب العلاج أن يشترك الأهل مع الأطباء والخدمة الاجتماعية لمساعدة المريض وتهيئة البيئة المناسبة له، وبعض حالات الاكتئاب تحتاج إلى العلاج الطبي عن طريق الدواء، وهنا يجب الاحتياط في استخدام أدوية الاكتئاب وضبط الجرعات حتى لا تسبب آثاراً جانبية سيئة وهناك بعض الحالات الشديدة التي يخشى معها أو يفكر المريض في إيذاء نفسه أو يضع حداً لحياته بالانتحار، وهنا يجب التدخل السريع لعلاج هذه الحالات وتستخدم أحياناً الصدمات الكهربائية كعلاج ناجح لحالات الاكتئاب

وهنا نقدم بعض الأفكار التي تساعد على الاستمتاع بالشيخوخة، وكنت أود أن تكون مطبوعة في دليل جذاب مثل المطبوعات السياحية، لكن هذه دعوة إلى المسنين فقط للتفكير معي في هذا التصور للاستمتاع بالشيخوخة، وطالما أنّها إحدى مراحل العمر التي فرض علينا أن نعيشها بما لها وما عليها فلماذا لا نقرر أن نتخلص من متاعبنا فيها بقدر الإمكان، وها هي بعض السبل إلى ذلك..

·      لا للعزلة.. فالابتعاد عن الحياة يزيد الوضع سوءاً، ونحن نتكلّم ونفكّر جيداً حين نكون مع الناس، وحين نناقش الآخرين، إنّ ذلك هو الوسيلة الوحيدة لتدريب قدراتنا العقلية، والاحتفاظ بها في مواجهة ما قد يصيبها من تدهور مع السن، كما أنّه وسيلة لتدعيم ثقتنا في أنفسنا.

·      لا للفراغ.. عليك بشغل الوقت باستمرار، ولم لا يكون لديك برنامج يومي في حياتك؟ إنّ ذلك هو البديل عن الفراغ القاتل حيث تصحو من نومك وقت تشاء وتبقى دون تغيير ملابس النوم طول الوقت، وتأكل وقت تجوع دون انتظام، إبدأ بإعداد برنامج مناسب لسنك يتضمن بعض الأعمال التي كنت تقوم بها من قبل، أو حتى عمل جديد تتعلمه وتمارسه وتستمتع به، وهناك الكثير من الأعمال الخيرية المناسبة حيث تفيد الآخرين وتستفيد أنت نفسك.

·      استمر على علاقة بالعالم من حولك، ولا تسمح للعجز أو المرض الذي أصابك أن يفصلك عن العالم الخارجي، فضعف السمع أو البصر أو العجز عن الحركة يمكن استخدام وسائل للتغلب عليها، وطالما توفرت لدينا إرادة الحياة فلا يمكن أن يحول بيننا وبين الاستمتاع بهذه المصاعب.

·      العلاقة مع الماضي يجب أن تظل قائمة، وقد يكون النسيان سبباً لقلقك وحرجك في بعض المواقف لكنني هنا سأذكرك ببعض الوسائل التي تساعدك على التغلب على النسيان، فاستخدام مفكرة الجيب لتسجيل المواعيد، وتدوين المعلومات الهامة، والإعداد المسبق قبل مواجهة بعض المواقف، أو الأجواء إلى التذرع بتقدم السن بدل الحرج عند النسيان كلّها وسائل تخفيف من آثار النسيان، ولا تدع المجال لضعف الذاكرة ليحول بيننا وبين الاستمتاع بالحياة.

·      حاول أن تحتفظ بحالة من صفاء العقل والفكر، ولا تدع شيئاً يتملك تفكيرك ويعكر صفو حياتك، حاول أن تجعل الجو المحيط بك يساعدك على هذا الصفاء، وليكن المكان من حولك ملائماً ليشيع في النفس البهجة، ولا داعي لكلّ ما يثير مشاعرك أن يتواجد أمامك، وعليك أن تبقى فقط على الأشياء الجذابة.

·      عليك دائماً بالتفاؤل، والسبيل إلى ذلك أن تتبنى أفكاراً إيجابية عن الحياة فحين تردد لنفسك دائماً "الشيخوخة كلّها يؤس والآلام" فإنّ مثل هذه العبارة قد تشيع في نفسك الاضطراب والهزيمة واليأس، أما إذا استبدلتها بعبارات أخرى إيجابية ترددها مع نفسك مثل: "السعادة موجودة داخلي ومن حولي"، ومثل: "الحمد لله.. حالتي أحسن من غيري كثيراً" فإنّ ذلك من شأنه أن يملأك بالتفاؤل والفرق كبير جدّاً بين اليأس والتشاؤم من ناحية وبين الأمل والرضا والتفاؤل من الناحية الأخرى، إنّ السبيل إلى الاستمتاع هو عدم التخلي عن المشاعر الإيجابية، وعدم الاستسلام لليأس والمشاعر السلبية كالندم والاحباط.

·      لا داعي للمخاوف.. والمخاوف هنا تتسلل إليك في الشيخوخة شيئاً فشيئاً مع التعب والمرض حتى تتملكك تماماً، فالخوف من المرض أسوأ من المرض نفسه، أما الخوف من الموت الذي يسيطر على الناس مع تقدم السن فليس له ما يبرره إذا كان الموت حقيقة لا خلاف عليها، ونحن لا نموت لأن نكبر ونمرض، ولكن نموت لأنّنا نولد ونعيش، إنّ الموت آت في موعده ولا يجب أن يدفعنا ذلك إلى التوقف عن الاستمتاع بالحياة.

·      ستقول لي إنّ الناس قد انفضوا من حولي في شيخوختي، والخطأ ليس فيك بل هو في الآخرين، ولكن عليك ألا تكون مملاً بالشكوى الدائمة والانتقاد لكلّ ما هو جديد، ولتكن حسن الصحبة لتحتفظ ببعض الأصدقاء، ولا مانع من مصاحبة من هم أصغر سناً والاستماع إليهم حتى وإن كانوا يتحدثون لغة جديدة لا نألفها، فربما كانت لغتنا نحن هي التي لم تعد مناسبة، إنّنا غالباً نتفق على الاعتقاد بأنّ كلّ جيل يأتي أسوأ من الجيل الذي سبقه، لكن ما دام العالم مستمراً على هذا النحو لأجيال طويلة فلا مانع من أن تكون روحنا رياضية ونقبل الحال على ما هو عليه لأنّنا لن نغير الكون وليس مطلوباً منا ذلك، إنّ المطلوب هو أن نستمتع بحياتنا فقط.

 

    الكاتب: د. لطفي الشربيني

   المصدر: كتاب الزهايمر (مرض أرذل العمر)

ارسال التعليق

Top