• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التضامن الاجتماعي.. مسؤولية الجميع

عمار كاظم

التضامن الاجتماعي.. مسؤولية الجميع

جعلت الرسالة الإسلامية التضامن الاجتماعي، والاهتمام بشؤون المجتمع، وحلّ مشاكله، مسؤوليّة يجب أن يفكّر بها ويتحملها كلّ مسلم، كما يفكّر في شؤون أهله وأسرته، فالغني مسؤول عن الفقير، والجار مسؤول عن جاره، وذو الرحم مسؤول عن مواصلة رحمه، والقوي مسؤول عن حماية الضعيف... إلخ. شبّه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، المجتمع البشري من حيث الترابط والتجاوب بالجسم الإنساني، إذ جاء ذلك في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى». إنّ دور الفرد في المجتمع هو أن يتكافل مع الآخرين ويتعاطف معهم، ويشعر بآلامهم، ويشاركهم مشاعرهم في السرّاء والضرّاء، وفي الفقر والغنى، ويهتمّ بأمورهم، ويسعى لقضاء حوائجهم. وقد أمر القرآن الكريم المسلمين بأن يشعروا بهذا الشعور، ويتعاطفوا ويتكافلوا ويهتمَّ بعضهم بشؤون بعضهم الآخر، فقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2). وقد وضّح الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذه المسؤوليّة بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من لم يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم»، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من بات شبعاناً وجاره جائع فليس بمسلم».

وقد مثّل الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الترابط بين الفرد والجماعة في الحديث الآتي: «إنّ مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ اِزدَحَموا على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أسفَلَها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا مرّوا على مَن فوقَهم قالوا: لو خرَقْنا في نصيبنا خَرْقاً، فنخرج منه الماء، ولا نؤذي مَن فوقَنا، فإن تركوهم هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيدِيهم نَجَوا». إنّ الحديث النبوي الشريف يشبِّه المجتمع البشري بالسفينة التي تحمل ركابها، فلا يمكن لأحد منهم أن يتصرّف في مجاله الخاص تصرُّفاً ضارّاً دون أن يجلب الضرر على الآخرين. وهكذا فالوجود الاجتماعي مرتبط بعضه ببعض؛ لذا يجب الأخذ على أيدي المُخرِّبين والمعتدين، ومنعهم من تخريب المجتمع، وجلب الضرر على الآخرين، فإذا لم يمارس الآخرون مسؤوليّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انساق الجميع إلى الهلاك والدمار. ولذلك قال رسول الله (ص): «من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». وقد وضّح الإمام الباقر (علیه السلام) أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله: «إنّ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاجُ الصُلحاء، فريضةً عظيمة، بها تُقام الفرائِض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمّر الأرض وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر».

إنّنا مسؤولون جميعاً عن القيام بمهمّة الإصلاح الاجتماعي، وأداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن طريق إرشاد الأفراد المخالفين، أو عن طريق الكتابة والخطابة والصحافة وأجهزة الإعلام، وتأسيس الجمعيات والمنظّمات والأحزاب السياسية على أساس الإسلام.

ارسال التعليق

Top