• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التوافق مع إيقاع الشخص الآخر

التوافق مع إيقاع الشخص الآخر

«كلّ ما يوجد خلفنا، وكلّ ما يوجد أمامنا ليس سوى شؤون ضئيلة، مقارنة بما يكمن بداخلنا» (أوريسون سوت ماردن).

للتوقيت دور خطير في التوافق مع الآخرين، وخاصّة في نطاق السِّحر. فكما قيل في الحكمة القديمة: «لكلّ شيء تحت السماء أوانه المحدَّد»، ومهمّتك هي أن تحدِّد هذا الأوان.

هل سبق أن حاولت التحدّث إلى آخرين لتكتشف أنّك لست على نفس الموجة المزاجية لهم؟ فأنت منشرح الصدر ودود وهم في حالة قلق وانزعاج.. أنت تشعر بأنّ حالتك المعنوية في السماء، بينما حالتهم المعنوية في الحضيض.

إنّ كلاً منكما يعيش في عالم منفصل، وأيّة محاولة لعقد صلة سوف يُحكم عليها بالفشل.. قد تحاول أن تكون داعماً ومهدئاً؛ ولكن لا يبدو أنّ شيئاً يجدي معهم، لأنّك، ببساطة، غير قادر على التواصل؛ ولكن لماذا؟ قد يرجع هذا إلى أنّ كلاً منكما لديه – في هذه اللحظة – إيقاعه الخاص وأنّكما تتحرّكان بسرعات مختلفة، مثل تروس سيّارة تصطك ببعضها.

الأمر نفسه يصدق على البشر.. عليك أن تجد طريقة لكي تجعل التروس تتماشى مع بعضها البعض، للتأكد من أنّك والشخص الآخر على الموجة نفسها، بحيث تستطيعان عقد تواصل بينكما، بصرف النظر عن مقدار اختلافكما.

- تمرّن على المحاكاة والتوافق:

قبل ظهور البرمجة اللغوية العصبية (NLP) بوقت طويل، استخدم المحترفون تمريناً للأداء التمثيلي يُسمّى «المحاكاة والتوافق» لتعلم طبيعة أن يكون المرء قائداً أو تابعاً. كان التمرين يدرّب الممثلين على العمل في تناغمٍ مع بعضهم البعض عن طريق ضبط إيقاع حركتهم وسلوكياتهم معاً. فمثلاً، أحد الشخصين يدندن بنغمة والآخر يحاول أن يدندن بالنغمة نفسها في وقت مطابق في الظاهر، أو أن يصير شخصان – بتعاون كلّ منهما مع الآخر – صورة في مرآة لبعضهما البعض.

لدى أغلبنا القدرة الكامنة على تقبل ومواكبة أنماط مختلفة من الأشخاص؛ ولكنّنا لأسباب عديدة ومتنوّعة لا نقوم بذلك. أيمكنك أن تتخيل ماذا سيكون عليه الأمر إذا أمكنك أن تتواصل مع أشخاص مماثلين لك تماماً؟ كم سيكون عالمك ضيِّقاً عندئذ؟ ولهذا السبب يصير الكثيرون متصلبين وميالين إلى إصدار الأحكام على الآخرين. فإن لم يكن الشخص الآخر يتبع نفس أسلوبي، وإن لم يكن يرى العالم كما أراه تماماً، فهو على خطأ، ولا يستحقّ الاهتمام، وهو شخص زائد على الحاجة.

يتجنب الأشخاص الساحرون أن يكونوا متصلبي الرأي وميالين لإصدار الأحكام.. إنّهم يستمتعون برؤية العالم من خلال أعيُن الآخرين إلى جانب أعيُنهم الخاصّة. ويعدّ هذا أحد الأسرار الجوهرية للسِّحر، أي القدرة على رؤية العالم من خلال عيني شخص آخر.

- أدوات لسِحر الآخرين:

في المرّة التالية التي تخوض فيها محادثة، جرِّب هذا التمرين:

أوّلاً: قم عن قصد بمحاكاة ومسايرة الشخص الآخر أو الأشخاص الآخرين ممّن تتحدّث إليهم عن طريق الاستماع إلى كلامهم ومراقبة لغتهم الجسدية. إذا تحدّثوا بسرعة، فسايرهم. وإذا تحدّثوا ببطء شديد، فقم بالأمر نفسه. إذا كانوا يكثرون من الإيماء، فسوف يتوجب عليك أن تحاكيهم. وإذا كانوا متحفظين في استخدام الإيماءات، فكن أنت أيضاً كذلك.

ثانياً: أيّاً كان موضوع الساعة الذي يشغلهم، فحاول رؤيته من وجهة نظرهم. أومئ، ابتسم، وافق، وقدم توكيداتك؛ فالهدف هو أن تجعلهم يقولون في عقولهم: «إنّني مستريح للغاية مع هذا الشخص.. لدينا كثير من الأشياء المشتركة.. إنّنا متشابهون للغاية».. نحن جميعاً نميل إلى أن نشعر بالارتياح مع أشخاص متوافقين ومتناغمين معنا، ونميل لمحبّتهم، وذلك لأنّنا نجدهم أشخاصاً ساحرين.

* برايان تراسى، رون آردين

المصدر: كتاب قوّة السِّحر

ارسال التعليق

Top