• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحب في الجامعة.. هل يُكتب له الاستمرار؟

محمود بكري

الحب في الجامعة.. هل يُكتب له الاستمرار؟
بين أغلبية تستخف به وأقلية تعتبره صادقاً في مرحلة المراهقة يبحث الشباب من الجنسين عن الحب، وغالباً ما تكون هذه المرحلة موازية لفترة الدراسة وتظهر بشكل ملحوظ في مرحلة الجامعة. داخل أسوار الجامعة، تنمو قصص الحب التي يلاحظها كل منا عندما نرى شاباً يجلس بجوار فتاة ينظر إليها نظرات كلها رومانسية مردداً على مسمعيها كلمات عذبة كتلك التي يسمها في الأغاني. وعندما نقترب منهما، نكاد نجزم أنهما لن يفترقا أبداً. ولكن أغلب تلك القصص في الواقع لا يكتب لها الاستمرار، فما السبب في ذلك؟ وهل الارتباط في مرحلة الجامعة هو عبارة عن حب حقيقي ومشاعر ناضجة وصادقة يكتب لها النجاح، أم أنّه مجرد عبث وعدم مسؤولية ومشاعر كاذبة لمجموعة من المراهقين؟   - ذكريات جميلة: "إنّ أيام الجامعة والدراسة لا يمكن أن تنسى أبداً، بما تتضمنه من حكايات وعلاقات عاطفية مع الفتيات، والبحث عن أميرة تتوج على عرش القلب". هذا ما يقوله محمد عبدالهادي (مراقب)، لافتاً إلى أن "هذا التفكير كان ولا يزال هو الغالب في ذهن الشباب إلى الآن، مع اختلاف الأزمنة وأسلوب الحياة". ويضيف: "كنت أرى أن هناك فعلاً حباً حقيقياً. ولكن، كان الحال الأعظم بالنسبة إلى الشباب، هو تمضية الوقت والمرح مع الفتيات فقط كتسلية من دون مشاعر حقيقية". ويشير محمد إلى أن "تلك الأيام لن تعوض"، متمنياً "أن تعود ولو ليوم واحد فقط، فنحن نعيش على هذه الذكريات الجميلة التي كانت ملامحنا فيها أكثر براءة من أي وقت آخر". ويقول: "دائماً ما يهاجم الحنين قلبي إلى يوم واحد من أيام الجامعة".   - كذب وخداع: من ناحيته، يرى محمد علي (صحافي) "أنّ الحب في مرحلة الجامعة، هو عبارة عن مشاعر مزيفة ليس لها أساس على أرض الواقع، حيث تجد الشاب يتظاهر بالحب أمام البنت، وهي تحاول أن تقنع نفسها بأنّه صادق في نواياه، ما يجعل الكذب والخداع متبادلين من الطرفين". ويقول: "لم أرَ بعيني خلال مرحلة الدراسة كلها قصة حب حقيقية تتوج بالزواج". ويشير محمد إلى أنّ "المسؤولية تقع بالشكل الأكبر على البنت، لأنها هي من تسمح للشاب بهذا وأكثر، وهي تعلم تمام العلم أنّه مجرد طالب لا يملك وظيفة ولا يملك فكراً ناضجاً للمستقبل ومتطلباته، وأن كل ما يملكه هو الخيال وبناء القصور في الهواء فقط".   - مسألة مبدأ: بدوره يتساءل خالد بكري (طالب جامعي): "ما المانع إذا أعجب شاب بزميلته في الدراسة وأبدي إعجابه بها في الإطار السليم، وهو أن يكون صريحاً معها وأن يذهب إلى أهلها طالباً يد هذه البنت مادام فعلاً يحبها بشكل حقيقي ويتمنى أن تكمل معه العمر كله؟". ويقول: "بحكم أنني لا أزال طالباً وأرى كل هذا أمام عيني، فأنا لا أخفي أنّ الموضوع كله مسألة مبدأ، وهو يرجع إلى التربية والأخلاق والدين والقيم الجميلة التي تربينا عليها"، لافتاً إلى أنّ "المنظر غير السوي الذي نشاهده داخل الحرم الجامعي، من المزاح غير المقبول بين الجنسين والاختلاط الذي طغى بشكل كبير في الكليات وجلوس كل ولد مع بنت في أماكن الدراسة وفي كافيتريا الجامعة وكأنّه زوج لها، لن يعتدل ويتبدل إلا إذا رجعنا مرة أخرى إلى الآداب والتقاليد العامة التي كانت أهم ما يميز مجتمعنا المصري". ويضيف: "أريد أن أوجه كلمة لكل زملائي الشباب في الجامعة، فليعتبر كل واحد منهم أن تلك البنت ممكن أن تكون أختاً له، فهل يقبل بأن يرى أحداً يتلاعب بها وبمشاعرها؟". ويختم: "أيضاً، أقول للفتيات إنهنّ المتحكم الأوّل في تلك العلاقات، لذلك عليهنّ ألا يبخسن بأنفسهنّ وأن يكن غاليات حتى لا يصبحن عرضةً للنزوات الزائلة".   - نعم هناك حب: في المقابل، يؤكد أحمد عبده (محاسب) "أنّ الحب موجود في كل زمان ومكان وغير مرتبط بالدراسة أو الجامعات". ويقول: "كل ما في الأمر أنّ الشاب من هؤلاء يريد أن يعبر مرحلة المراهقة ويبحث عن ذاته ولكن بشكل ضيق، وهو حصر كل تلك المشاعر في الارتباط بزميلته في الجامعة". ويضيف: "إنّ الفتيات أنفسهنّ يسعين أشد السعي إلى أن يجذبن أنظار الجميع إليهنّ، ولأنهنّ عاطفيات أكثر من الشبان، غالباً ما تقع البنت في الحب بشكل أسرع بكثير". ويشير إلى أنّه "في ما يتعلق بي شخصياً، أنا لم أدخل في أي تجربة عاطفية أثناء الدراسة الجامعية، ولكني كنت أشاهد أصدقائي من الجنسين، وكنت أرى قصص حب رائعة أكثر بكثير من القصص الكاذبة التي تعتمد على الغش والتسالي واللهو الرخيص". ويكمل أحمد قائلاً: "إنّ العلاقات العاطفية في الجامعة يغلب عليها طابع البراءة وليس العكس كما يدعي البعض. ولكن الاندفاع وعدم النضج الكافي، خاصة من قبل الشبان، يكون هو السبب الأغلب في عدم اكتمال هذه القصص وخروجها إلى النور".   - الحب الذي كان: ويقول محمد معتمد (مهندس إلكترونيات) إنّه "في الوقت الراهن، ومع اختلاف الزمان، تبدلت المشاعر وأصبح الحب كلاماً فقط وليس للفعل فيه أي نصيب، وأصبحت كلمة (أحبك) تقال من دون وعي حتى فقد هذا المعنى الرائع بريقه وسحره وسط طغيان اهتمامات أخرى، أصبحت في وقتنا هذا أهم بكثير من الأحاسيس والحنان من الطرفين". ويضيف: "إنّ الحب الحقيقي في أيام الجامعة والدراسة، كان في الماضي فقط، حيث كان التفكير وأسلوب الحياة شديد الاختلاف عما هما عليه حالياً". ويتايع: "أنا لا أرى اليوم إلا القليل من الشباب ممن يستطيعون تحمل المسؤولية والوفاء بالوعود والتفكير السليم والتروي قبل اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تغير مسار الحياة بالسلب أو بالإيجاب".   - أيام حلوة ولكن.. في الناحية المقابلة، تقول أسماء الواحي (خبيرة موضة): "في الحقيقة، إنّ هذا الموضوع يذكرني بالأيام الخوالي التي كنا فيها لا نحمل أي هم، وكانت أكبر مشاكلنا تتعلق بتنظيم الرحلات والإعداد للامتحانات قبل موعدها بأيام". وتضيف: "كان للحب نصيب كبير في تلك المرحلة، ليس عندي أنا فقط، ولكن عند الكثير من الفتيات اللواتي يملن بالفطرة إلى الرومانسية وفيض المشاعر".. وتقول: "الحب يكون موجوداً في قلب كل بنت في مرحلة الجامعة، أما الشبان، فينحصر اهتمامهم في العمل وتأمين مستقبلهم. ولا تكاد تؤثر العاطفة فيهم مثل ما يحدث معنا نحن الإناث، حيث إن من الممكن أن نبكي تأثراً بكلمة واحدة أو أغنية رومانسية حزينة". وتشير أسماء إلى أنّه "على الرغم من جراح الحب، تبقى تلك الأيام من أحلى الأيام وأفضلها من وجهة نظري الشخصية"، لافتة إلى أنّ "العيب يكمن في الشاب غير الملتزم في وعده والذي لا يقدر الفتاة التي معه، وأيضاً في الفتاة التي يسعى الشاب إلى أن يفعل من أجلها كل شيء ولكنها تتجاهل كل ذلك وتبيع حبه في لحظة".   - ليس حكراً على مكان: بدورها، تقول نهى سيد ("مونتير"): "إن ارتباط عاطفة الحب بمرحلة الجامعة، يدل على مفهوم خاطئ جداً، لأنّ الحب ليس حكراً على مكان معيّن، فهو موجود وباقٍ ببقاء الكون، ويحدث في الشارع وفي البيت، وفوق السحاب". وتضيف: "لكن، في هذه المرحلة من العمر، وبوجود الولد جنباً إلى جنب بجوار الفتاة في الجامعة تحديداً، قد تنشأ مشاعر وتتولد أحاسيس جميلة تكون متبادلة". وإذ تؤكد أن "هذا شيء رائع وجميل"، تقول: "لكن الشيء السيئ هو ظهور الكذب والاستهتار بمشاعر الغير، وهذا يتحمل مسؤوليته الشاب والفتاه على حد سواء، ولا يقتصر على جنس معين حتى لا نظلم أحداً". وتتابع نهى: "من يحب أحداً، يشعر بأنّه يريد أن يحتفظ به إلى الأبد ولا يصبر على فراقه لحظة، ويشعر بلوعة في قلبه حينما يغيب الحبيب عنه، وهنا يكمن السر". وتضيف: "من تكون مشاعره صادقة، يفعل كل ما في وسعه للاحتفاظ بحبيب قلبه. ومن يكون سطحياً وهوائياً، لا يهمه إلا إضاعة الوقت وشغله بالسخافات".   - وجهات نظر: وترى سارة الحسيني (مديرة شؤون موظفين) "أنّ الأمر يختلف من شخص إلى آخر، فهناك شخص يستطيع الحياة من دون حب لبعض الوقت، نظراً إلى أنّه لا يجده شرطاً أساسياً حتى يلازمه أثناء دراسته في الجامعة، وهناك أشخاص آخرون يعتبرون أنّه يساعدهم على التعايش داخل الحرم الجامعي حتى لا يقال عن البنت إنها معقدة، أو يقال عن الشاب إنّه متخلف". وتقول: "للأسف، إنّ هذا ما يجعل بعض الفتيات يدخلن تلك التجارب حتى ولو عن غير اقتناع باطرف الآخر في العلاقة. وهذا كله يدل على أنّ الحب في مرحلة الجامعة هو مجرد وجهات نظر قد تؤيدها فئة من الناس وقد تعارضها فئة أخرى". وتضيف: "في ما يتعلق بي شخصياً، أنا لم أشعر بالحب إلا بعد أن أنهيت دراستي، حيث ارتبطت بمن أختاره قلبي والحمد لله نعيش حياة هادئة مليئة بالحب والدفء". وتؤكد سارة أن "من الضروري أن يكون الأب والأُم دائماً على درجة عالية من القرب من الأبناء حتى لا يدخلوا في تجارب عاطفية قد تكون لها أضرار لا تحمد عقباها".   - قسمة ونصيب: بهدوء لافت، تقول سهام زروق: "إنّ الحب بالنسبة إليّ هو مسألة حظ فقط، لأنّه لا يوجد على وجه الأرض أحد يعلم الغيب ليعرف مدى إمكان استمرار العلاقة من عدمه". وتضيف: "أنا لا أعتبر الحب في مرحلة الدراسة الثانوية وما قبلها حباً، لأنّ المشاعر تكون في تلك المرحلة غير متوازنة". وتشير إلى أنّه "في الجامعة، من الممكن أن نجد الحب الصادق، ولكنه نادر جدّاً، نظراً إلى أن أغلب الشبان لا يهمهم إلا أن تكون الفتاة التي يرتبطون بها جميلة فقط من دون النظر إلى جوهرها الداخلي". وتتابع: "في رأيي، إنّ الشاب هو من يتحمل مسؤولية الفراق أكثر من البنت، لأنّه المتحكم الأساسي في العلاقة وفي رسم الطريق وشكل الحياة في المستقبل".   - الحب الأوّل: من جهتها، تقول سارة حبيب: "إن الحب هو أجمل شيء في الوجود، ومن دونه تستحيل الحياة ولا يمكن أن تكتمل أبداً". وتضيف: "أنا أرى أنّ المراهق هو أصدق الناس في مشاعره، على الرغم من اتهام الناس له بالتهور والسرعة في اتخاذ القرار وإصدار الأحكام بمنتهى العفوية ووقوعه دوماً في مصيدة سوء التقدير". وتشير إلى أنّه "قد يكون ذلك صحيحاً في شتى مجالات الحياة، لكن في الحب، أجد أنّ المراهق مظلوم، ولا أحد أدنى شك في أنّ الحب الأوّل الحقيقي دائماً يأتي في مرحلة الجامعة والشباب يجلس إلى جوار الفتيات في مدرج واحد يتلقون العلوم النافعة معاً". وإذ تلفت سارة حبيب إلى أن "هناك تجارب كثيرة ناجحة"، تقول: طأعلم أن هناك من يبكي من قسوة الحب في أيام الدراسة، ولكنني وجدت نماذج متميزة من العشاق بحق، كتب الله لهم النجاح في حياتهم وقد التقوا للمرة الأولى في الجامعة".   - تشويش فكري: تعليقاً على كل ما تقدم، يقول خبير علم الاجتماع الدكتور منصور مغربي: "إنّ تفاوت آراء الشبان والفتيات في ما يتعلق بالحب في الجامعة، إنما يرجع إلى وجود تشويش فكري كبير حول مدى علاقة الولد والبنت في مجتمعنا الشرقي الأصيل ونظرة المجتمع إليهم". ويشير إلى أنّ "هذا الأمر يدخل ضمن المحظورات حتى وإن كان ملء السمع والبصر، نظراً إلى الاعتبارات الأخلاقية والدينية والتقاليد الشرقية التي تشكل الركيزة الأساسية في بناء المجتمع العربي ككل". ويؤكد د. مغربي "أنّ الحب في مرحلة الجامعة قد يكون مقبولاً جدّاً مادام يرضي الله ولا يغضبه، وحينما يكون بعلم الأهل وأن يأخذ الارتباط شكله الجدي البهيج الذي يدخل الفرحة والسرور على قلوب كل أفراد الأسرة". ويضيف: "لا نستطيع أن نقول إنّ الحب في مرحلة الجامعة هو عبارة عن مشاعر زائفة أو أفكار صغيرة غير ناضجة، لأنّ هذا يتوقف على تفكير الشاب والبنت فقط، فهما الوحيدان القادران على تحديد نوعية علاقتهما من حيث النضج أو التفاهة". ويختتم د. مغربي كلامه قائلاً: "يرجع السبب في هذه الظاهرة طويلة الأمد التي ظهرت منذ إنشاء الجامعات في أوائل القرن الماضي إلى أسباب عدة، منها: الرغبة في إثبات الشخصية وتقليد الكبار، والرغبة في وجود فتى وفتاة الأحلام التي يشاهدها الشبان والبنات في الأفلام والمسلسلات التركية ويسمعونها في الأغاني، إضافة إلى أن هناك من يفكر من الجنسين بشكل شهواني لا يمت إلى العاطفة بصلة، ظناً من الطرفين أنهما لن يصلا إلى النضج الكامل إلا بالدخول في علاقات قد تتطور إلى أشياء محظورة ومحرمة يرفضها الجميع".

تعليقات

  • رازان

    روح إقنعهم على هذا، لأنهم بلا ذمة وضمير والبنت لازم تحترم حالها وما تسمحلهم إنهم يحكو عليها، يارب إستر علينا وعلى جميع المسلمين والمسلمات

ارسال التعليق

Top