• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

خدمة الناس.. رحمة إلهية

خدمة الناس.. رحمة إلهية

◄من النعم الإلهية الكبرى أن يوفّق الإنسان للقيام بخدمة أو معروف اتجاه إخوانه، لأنّه لو اطلع على ما أعدّه الله تعالى له من عطاء أبدي لا ينفذ لأدرك أنّ الأمر بالعكس، بمعنى أنّ المحتاج والمخدوم هو الذي يسدي خدمة للخادم والباذل، لأنّه السبب في حصوله على هذه الهبة الربّانية الفريدة، وعليه ليس من الصواب أن تتاح فرصة لأحدنا بتقديم مساعدة للآخرين وقضاء حوائجهم فيفوّت تلك الفرصة.

روي عن الإمام الصَّادق (ع): «تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله، فإنّ للجنة باباً يقال له المعروف، لا يدخله إلّا من اصطنع المعروف في الحياة الدُّنيا، فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكّل الله به ملكين، واحداً عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته».

وفي الواقع من يطرق بابك محتاجاً إلى معاونتك فقد ساق رحمة الله تعالى إليك، وينبغي أن تستبشر خيراً وتقابله بوجه ملؤه البسمة والانشراح، فإن قدرت على إجابته وتلبية طلبه كان زيادة في حسناتك وذخيرة ليوم معادك، ومن غير اللائق استقباله بوجه عبوس ومنطق غليظ وأسلوب مهين، حتى مع العجز عن القيام بخدمته وإيصاله إلى مطلوبه، حيث لا يبرّر عدم القدرة على تلبية طلبه التعامل السيّء معه، مع كونه سبباً من أسباب الرحمة كما في الحديث عن الإمام أبي عبد الله الصادق (ع): «أيّما مؤمن أتى أخاه في حاجة، فإنّما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسبّبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنه ردَّ عن نفسه رحمة من الله عزَّ وجلَّ، ساقها إليه وسبَّبها له، وذخر الله تلك الرحمة إلى يوم القيامة، حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إن شاء صرفها إلى نفسه، وإن شاء صرفها إلى غيره».

وفي الوصية المتقدِّمة حدّثنا الامام عن الثواب الجزيل المعدّ لأهل المعروف جزاء مشيهم وخطواتهم في حاجات إخوانهم مشيراً إلى الميدان الذي فيه تكون هذه التجارة الرابحة مع الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله (ع): «من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا». فعلينا اغتنام هذه الفرصة الثمينة وتزيين صفحات وجودنا بها ولنا من الخالق سبحانه خير الجزاء.

 

خدمة الناس هي خدمة الله‏

جاء عن مولانا الصادق (ع): «من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله تعالى عمره».

يكشف لنا هذا الحديث الشريف عن عمق وحقيقة الخدمة الإنسانية مبيّناً بأنها خدمة إلهية طالما المراد بها وجه الله تعالى ونيل رضاه، وإلّا لو كانت للتباهي وكسب مودة أصحاب النفوذ ورياء يراد بها وجه الناس، فليس هناك شك في عدم اعتبارها خدمة لله تعالى وإنّما خدمة للناس بغية نيل مكانة لديهم أو الحصول على منصب من مناصب الدنيا الفانية.

 

الثمار الطيّبة لخدمة الناس‏

ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) بيان كافٍ ووافٍ للآثار المترتِّبة على خدمة الناس باختلاف أشكالها وأساليبها، ومن هذه الآثار:

– الأمن يوم القيامة: روي عن مولانا الكاظم (ع) أنّه قال: «إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة».

– ألف ألف حسنة: روي عن الإمام الباقر (ع): «من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله كتب الله له ألف ألف حسنة». نلاحظ هنا أن هذا الأثر الأخروي مترتّب على السعي حتى وإن لم تقض الحاجة، فلو بذل الإنسان وسعه وسعى ليقضي حاجة أخيه فلم يوفّق كان له هذا الأثر فكيف لو قضيت؟ وكذلك يشير هذا الحديث الشريف إلى مسألة طلب وجه الله تعالى بذلك لا طلب وجه الناس والدنيا.

– ثواب عبادة تسعة آلاف سنة: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «من سعى في حاجة أخيه المؤمن فكأنما عبد الله تسعة آلاف سنة، صائماً نهاره قائماً ليله».

– كان الله في حاجته: روي عن الإمام الصادق (ع): «من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه».

– استغفار الملائكة له: جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع): «إنّ العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن، فيوكّل الله عزَّوجلّ به ملكين: واحداً عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته».

– ثواب المجاهدين: روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهدين في سبيل الله».

– ثواب السعي بين الصفا والمروة: روي عن الإمام الصادق (ع): «الماشي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة».

– كمن عبد الله دهره: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهره».

– الفوز بالجنة: روي عن الإمام الصادق (ع): «ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله تبارك وتعالى: عليّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنة».

– تهون عليه سكرات الموت وأهوال القبر: روي في الحديث عن الإمام الصادق (ع): «من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهوّن عليه سكرات الموت، وأن يوسّع عليه قبره، وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى».

– قبول الأعمال: روي عن مولانا الكاظم (ع): «إنّ خواتيم أعمالكم قضاء حوائج إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يقبل منكم عمل».►

ارسال التعليق

Top