• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

خطُّ العدالة في حركة الإنسان

خطُّ العدالة في حركة الإنسان

 

◄"قلبُك عرشُ الله، فلا تُدخلْ فيه مَن لا يُحبّه الله".

 

خط العدالة:

في حديث القرآن، وفي خط حديث السيرة، هناك فصل من فصول سورة (النساء) أنزله الله آيات متعدّدة من أجل أن يسدِّد الواقع الإسلامي، وأن يؤكِّد خطّ العدالة في حركة الإنسان في الواقع. من دون فرق بين أن يكون العدل لمسلم أو لغير مسلم، وفي حركة هذه الآيات هناك عدّة نقاط تتصل بحركة الإنسان في المجتمع في علاقته بالناس الآخرين، وهذا هو دور القرآن في أن يرافقنا، كما رافق المسلمين من قبلنا، في حركتنا لينقذ أيّ انحراف يحدث هنا وهناك، وليوجهنا إلى خط الاستقامة في الطريق.

فلنقرأ هذا الفصل من آيات سورة (النساء) ولنقف مع المفاهيم التي يمكن أن نستوحيها من ذلك.

(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) (النساء/ 105)، والخطاب لرسول الله (ص) (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا * وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (النساء/ 105-112).

 

إلصاق التُّهم:

هذا هو الفصل، فما هي القصّة؟

كان هناك في عهد النبيّ (ص) رجل مسلم سرق من رجلٍ مسلم آخر كيساً من طحين أو ما أشبه ذلك، وكانت الظروف كلّها تتجمّع من خلال العلامات لتبتعد بهذا الإنسان المسلم السارق عن التهمة... فانبرى أفراد العشيرة للتداول مخافة أو تلتصق التهمة بصاحبهم فقرروا أن يلصقوا التهمة بيهودي، مستغلين الحساسية من اليهود وجوّ العداوة الذي كان سائداً بين المسلمين واليهود وبيّتوا المسألة على أساس أن يأتوا إلى رسول الله (ص) من أجل إكمال الحيثيات التي تدين اليهودي وتبرّئ ذمّة المسلم، وكادت المسألة أن تتم لولا أنّ رسول الله (ص) وهو الذي يعلّمه الله غيبه كان يقضي بالأيمان والبيّنات، وكان يقول: "إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان، وبعضكم ألحن بحجّته من بعض فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار".

فالرسول (ص) يحكم بحسب البيّنات التي بين يديه، ولربما تخطئ البيّنة ولا يخطئ الرسول، فلا يقول أحدكم إذا كانت بيّنته على غير الحقّ، أو كان يمينه على غير الحقّ، لقد قضى لي رسول الله بهذا، وقضاءُ رسول الله هو الحقّ، فهو لا يقضي بعلمه ولا من خلال الوحي وإنما يقضي من خلال الحيثيات المعطيات التي تقدم بين يديه.

فالخطأ هو خطأ المعطيات، وليس خطأ النبيّ (ص) وهو المعصوم عن الخطأ.

ولذلك كادت المسألة أن تتم، لأنّ القوم ربّما كانوا قد أحكموها إحكاماً شديداً، فأنزل الله هذه الآيات ليبرّئ اليهودي وليركز الجريمة على المجرم السابق وهو المسلم.

 

في إطار القضايا المماثلة:

دعونا نتحرّك مع الآيات لنفهم الظروف التي أحاطت بالقصة حتى لا تبقى الآيات مجرد تاريخ نقرؤه في القرآن، بل تتحوّل إلى واقع حيّ في كلّ القضايا المماثلة التي يمكن أن تحدث لنا عندما يجرم أو يخطئ بعض أقاربنا أو بعض أصدقائنا أو بعض "محازبينا" أو من هم من طائفتنا أو مذهبنا، فنحاول أن نبرّأه من الخطأ لنلصقه بإنسان بريء مستغلين بعض الظروف القلقة، وبعض التعقيدات الاجتماعية التي توجه التهمة.

فالله تعالى يخاطب رسوله (ص) ويقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) (النساء/ 105)، فالكتاب هو الحقّ، والله عندما يريد للكتاب أن يتحرّك في حياة الناس ليركّز حياتهم على أساس الحقّ فلأجل أن تكون مفاهيمهم مفاهيم الحقّ وشرائعهم شرائع الحقّ، وحتى تكون أعمالهم أعمال الحقّ، وحتى تكون أحكامهم أحكام الحقّ.

(لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) من الحقّ الذي لا باطل ولا لبس فيه (وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) أي لا تكن مدافعاً عن الخائنين، فكلّ مَن خالف الله ورسوله ونفسه ومجتمعه وأُمته والحياة من حوله فلا تدافع عنه مهما كانت قرابته وعلاقته بك.

(وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ) إذا كان بك ما يبعدك عن الحقّ، فإنّ مَن (يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، ومن الطبيعي، أنّ الآية ليست موجهة إلى رسول الله (ص) لأنّه لا ينطق عن الهوى، ولأنّ الله عصمه من أن يخطئ كما عصمه من أن ينحرف، ولكن القرآن كما قال أحد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) نزل على طريقة (إيّاك أعني واسمعي يا جارة).

فالخطاب هنا للنبيّ ولكن المقصود هو الأئمة ليؤكد القرآن في أُسلوبه أو لو أخطأ النبيّ – ولن يكون ذلك – لخوطب بالاستغفار، فكيف بكم أنتم، والنبيّ (ص) لا يخطئ وعلى هذا جاء قوله: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزّمر/ 65)، وهو داعية التوحيد (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ) (النساء/ 107)، أي عن الذين يخونون أنفسهم وخيانة الإنسان لنفسه، وأن يوجّه الإنسان نفسه في الطريق الذي يمكن أن يؤدي إلى هلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة.

لا تجادل عن هذا الإنسان الذي يخون نفسه، لأنّه إنسان يقف في أعلى درجات الخيانة، لأنّ الإنسان عادةً يخون الآخرين لمصلحة نفسه، فإذا كان يخون نفسه، فكيف يمكن أن يتعامل مع الآخرين؟

(إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (النساء/ 107)، وإذا كان الله لا يحب الخونة ولا يحب العاصين فكيف بك أيها المسلم المؤمن أن تحب هؤلاء الخائنين لمجرد أنّهم أقرباؤك أو أصدقاؤك أو محازبوك وما إلى ذلك... إنّ المؤمن هو الذي يحب مَن أحبّ الله، ويبغض مَن أبغضه الله.

فعلينا أن نجعل قلوبنا في خدمة إيماننا، من خلال الخط المستقيم، فإذا انطلق إيمانك في اتجاه، فعلى قلبك أن يتحرّك في عاطفته ومشاعره وأحاسيسه ونبضاته في هذا الاتجاه. لذلك لا يجتمع أن تحبّ الله وأن تحب مَن لا يحبّه الله. ففي الحديث "عرشُ الله قلبُ المؤمن" وفي الحديث القدسي "ما وسعتني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن". فقلبك هو عرش الله، وإذا كان قلبك – أيها المؤمن – هو عرش الله فكيف تدخل في عرش الله مَن لا يحبّه الله، فاعط قلبك لله، واستأذن الله في كلّ من تدخله قلبك، وذلك أنّ علامة الإيمان أن تتولّى مَن تولّاه الله وأن تحبّ مَن أحبّ الله وأن تتبرّأ ممّن تبرّأ منه، أو ممّن تحرّك في غضب الله.

 

قيمة عليّ (ع):

لقد كانت قيمة علي بن أبي طالب (ع) عند رسول الله (ص) واضحة جلية، ولذلك أحبّه، واحتضنه، وأشاد به، وولّاه، كما عبّر في (وقعة خيبر) وقد انهزم بعض الناس أمام اليهود "لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله" فقيمته أنّ قلبه امتلأ بحبّ الله، وليس فيه فراغ – البتّة – لغير حبّ الله وحبّ الرسول، لأنّ حبّ الله يجعل الإنسان يحب كلّ عباد الله السائرين في الخط، ولأنّ حبّ رسول الله يجعل الإنسان يحبّ كلّ السائرين في خطّ رسول الله (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران/ 31).

 

الخوّان الأثيم:

(إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) فحاسبوا قلوبكم وحاولوا أن تحاكموها لأنّ الكثير من الناس ممن يخونون الله والرسول وأمانات الأُمّة يدخلون إلى قلبك من غير شعور عندما يقدمون لك خدمة أو يثيرون أمامك بعض ما تحب، ولذلك احترس من أن يسرق أحدٌ قلبك.. واحفظه من أن يسرقه الخونة ليدخلوا فيه ويتملكوه.

(وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا). كيف يفعل هؤلاء؟

إنّهم يجتمعون في الليل ويغلقون الأبواب ويضعون الحرس على المنافذ لئلّا يسمعهم أحد ولئلّا يقترب منهم أحد فتنكشف الخطة المبيّنة، وهناك عندما يخلو بعضهم إلى بعض يشعرون بالأمن، ظناً منهم أن لا يراه ولا يسمعهم أحد (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ)، (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ) (المجادلة/ 7)، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر/ 19)، يسمع من فوق عرشه ما تحت سبع أرضين ويسمع السرّ وأخفى ويسمع وساوس الصدور، (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ)، إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول من مؤامرتهم وخطتهم ومشاورتهم، وكان الله بما يعملون ويخططون ويتحرّكون محيطاً.

ثمّ يقول الله لهم: هل تتصورون أنّ الدنيا هي نهاية المطاف؟ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ودافعتم عنهم وبرّأتموهم، تنصّبون محامياً هنا ومدافعاً هناك، وتوسطون رجلاً كبيراً هنا ورجلاً وجيهاً هناك، وتستطيعون من خلال ذلك أن تبرّأوا المذنب، ولكن عندما يقوم الناس لربّ العالمين، ماذا تفعلون يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله؟ ماذا تقولون يوم تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها؟ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة؟ أم مَن يكون عليهم وكيلاً، مَن الذي يكون وكيلاً عليهم حيث لا محامي دفاع؟ والله يقول: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) (النساء/ 123).

وهكذا تنطلق الآيات لترسم القاعدة. أيها الإنسان الذي يعمل السيئات عندما يطوف بك الشيطان، أيها الإنسان الذي يظلم نفسه عندما تنحرف عن طريق ربّك، هناك فرصة للتراجع، فالله الذي عصيته أرحم الراحمين، والله الذي انحرفت عن طريقه المستقيم يمكن أن يعطيك فرصة للعودة إليه. (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ) إذا عملت سوءاً وظلمت نفسك قل اللّهمّ اغفر لي ذنوبي "ربِّ إنّي عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي كلّها فإنّه لا يغفر الذنوب كلّها إلّا أنت".

فاستغفر الله تجد الله غفوراً رحيماً. ثم (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ) أنت عندما تكسب إثماً أو ترتكب جريمة فإنّك المسؤول عنها، ولا تطال عشيرتك ولا ولدك ولا أباك ولا كلّ الناس (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الأنعام/ 164)، المسؤولية في الإسلام فردية (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (مريم/ 95)، (وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا) (لقمان/ 33).

 

المسؤولية فردية:

لذلك فالمسؤولية فردية لأنّك تدافع عن نفسك، فأنت تكسب الخير فتُجزى به خيراً وتكسب الشرّ فتُجزى به شراً (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة/ 7-8)، (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا) إنّه يعلم عندما تكسب الإثم وعندما تقوم بالجريمة، لكنه حكيم يعاملك وفق حكمته فقد يستر عليك وقد يفضحك. (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) أنت تفعل الخطيئة إثماً ثمّ تقول فعلها فلان، لستُ أنا السارق وإنما هو، لستُ أنا الخائن ولكن الخائن فلان، لستُ أنا القاتل ولكن القاتل فلان، وهكذا.. (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، ولابدّ لله سبحانه وتعالى من أن يعاقبك على ذلك، لأنّك عندما تمارس البهتان وهو أن تنسب إلى شخص آخر ما لا يفعله، أو تمارس الإثم فتعصي الله في ذلك، فإنّ الله يعاقبك على ذلك كلّه.

 

درس قصّة السارق:

ويبقى الدرس لنا من خلال هذه القصّة، أنّنا إذا واجهنا مثل هذه القصة فعلينا أن نقف ضدها وأن لا نعمل مثلما عمل الأولون، وعندها سوف يبقى المجتمع أميناً على نفسه وحافظاً لتوازنه لأنّه إذا بقي المجرم في دائرة جريمته لينال جزاءه، وبقي البريء في داخل برائته ليخرج من دون أي سوء، فهذا هو المجتمع المسلم، المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان البريء فلا يخاف من الآخرين أن يتهموه لأنّهم مؤمنون، والمؤمن لا يتهم إلّا على أساس حجة، وكما لا يشعر المجرم بأنّ الآخرين سوف يحفظونه وسوف يحرسونه لأنّ المؤمنين لا يمكن أن يحرسوا المجرمين، هذا هو درس القرآن في حركة الحياة، فهل نعمل على أن نحرّك القرآن في حياتنا ليغنيها، وليقويها، وليثبتها، وليركِّزها، وليقرِّبنا من خلال ذلك إلى الله زلفى، وليعمل القرآن على تحويل حياتنا إلى جنّة مصغّرة على الأرض تماماً كما هي الجنّة في الآخرة (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (الحجر/ 47). هل لنا أن نتعلّم أخلاق الجنّة في الأرض، لنعرف كيف نمارس حياتنا في حركة الإنسان في الجنّة؟!►

ارسال التعليق

Top