• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دعوة القرآن الكريم للعلم

أ. عبدالأمير المؤمن

دعوة القرآن الكريم للعلم

نزل القرآن، ونزلت معه الرحمة والعلم والحضارة، وإذا الدنيا جديدة، والعالم جديد أيضاً، لقد ولّى الظلام، وسطع نور الإسلام، ومعه نور الحياة الكريمة، ونور العلم والحضارة في كلّ مكان وصل إليه، فلم يمضِ زمن طويل على نجاح الدعوة الإسلامية في جزيرة العرب في عهد النبيّ الكريم (ص) وتوطيد دعائمها، حتى انتشر الإسلام خارج الجزيرة في فترة زمنية قياسية مدهشة، وامتدت الفتوح العربية بسرعة كبيرة إلى جميع أقطار الشرق الأدنى والأقاليم الشرقية، ومع انتشار الإسلام انتشر العلم والثقافة والكرامة، فرضع من معين الكتاب الإلهي عددٌ  كبير من الرجال من مختلف الدول والأقاليم ليبنوا أعظم حضارة في التاريخ.

وكان العلم من أهم سمات الحضارة الإسلامية، حيث اهتم القرآن الكريم اهتماماً كبيراً بالعلم والعلماء، ولم ينافسه أيّ دين آخر في هذا المجال، فإذا ما قارنّاه بالديانة المسيحية فسنجد الفرق بعيداً، يقول ج. برنال الباحث في تاريخ العلوم: "لم يضع الدين الإسلامي قيوداً على الفكر البشري مثلما وضعت المسيحية، فعندما ظهر الإسلام... سعى قادة المسلمين عقب القرن الأوّل لفتوحاتهم سعياً جاداً في الحصول على المعارف اليونانية القديمة وعلى غيرها من الثقافات بقدر ما كان القرآن يسمح به".

فالقرآن يؤكد العقل والتفكير الصحيح، ويحارب تقليد الآباء وأساطير الأولين، يقول عزّ وجلّ: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ) (البقرة/ 170).

ويؤكد الحواس والعقل معاً في آية كريمة أخرى فيقول تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل/ 78). وعدم استخدام هذه الأدوات يعني تحمل الإنسان مسؤولية كبيرة يقول عزّ وجلّ: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) (الإسراء/ 36).

ثمّ يأتي الحثُّ على النظر في الكون ومكوناته، سمائه ونجومه وشمسه وقمره وأرضه ونباته وزرعه وأشيائه الأُخر، وهذا هو عين المنهج الذي ظهر في العصر الحديث، وأدى إلى ظهور الحضارة العلمية الراهنة.

وفي القرآن الكريم آيات قرآنية كثيرة تؤكد العلم والعلماء وتصفهم بأفضل الأوصاف وأقدسها، وإلى جانب ذلك هناك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة تؤكد هذا المعنى.

فلأهمية العلم أقسم الباري عزّ وجلّ بالقلم، فهو أداة مهمة من أدوات العلم، قال عزّ وجلّ: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (القلم/ 1).

ولأهمية العلم أيضاً أكّد القرآن الكريم في أوّل سورة على القراءة والتعلم قال عزّ وجلّ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق/ 1).

ولقيمة العلم الكبرى قرن الباري عزّ وجلّ أهل العلم به، وبملائكته، بقوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران/ 18).

وهناك آيات أُخر كثيرة تؤكد العلم والعلماء كقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر/ 28).

وآية أخرى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه/ 114).

وآية أخرى: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر/ 9).

وفي أخرى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة/ 11).

وآيات أُخر غير المذكورة لا مجال لذكرها.

وإضافة إلى هذه الآيات وأمثالها التي تحث على العلم، هناك أحاديث نبوية كثيرة في هذا المجال، نذكر منها:

-         من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سَهّل الله له طريقاً إلى الجنة.

-         اطلبوا العلم ولو في الصين، فان طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة.

-         العلماء ورثة الأنبياء.

-         إنّ الحكمة تزيد الشريف شرفاً وترفع المملوك حتى يدرك مدارك الملوك.►

 

المصدر: كتاب دراسات قرآنية (علاقة القرآن بالسُّنة – مفاهيم قرآنية)/ القسم الثاني

ارسال التعليق

Top