• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور العادات الغذائية في تشكل دهون البطن

دور العادات الغذائية في تشكل دهون البطن

    دهون البطن، مثلها مثل بقية دهون الجسم، تتشكل عندما نتناول عدداً من الوحدات الحرارية، يفوق ذلك الذي يتمكن الجسم من إستخدامه وحرقه. والواقع أنّ أجسامنا ليست مصمَّمة لتتلقّى كلّ أنواع الأطعمة ذات الطاقة الكثيفة، المتوافرة في أيامنا هذه. ويقول المتخصص الأميركي البروفيسور فلويد شيلتون: إنّه من المؤكد أن ما نأكله اليوم لا يتماشى أبداً مع حاجاتنا. فأجسامنا التي تطوّرت على مدى عشرات الآلاف من السنين، غير مجهّزة جينياً لتناول أطعمة مثل الوجبات السريعة الجاهزة غير الصحية.

وتقول سافارد: إنّ دهون البطن لم تكن تشكّل أي مشكلة في الماضي، بسبب نمط الحياة الذي كان قائماً والذي كان غنياً بالنشاط البدني، وبسبب طبيعة الأطعمة التقليدية، الطبيعية، الكاملة التي كان الناس يتناولونها.

أمّا اليوم، فالطعام ليس فقط أكثر توافراً ووفرة ممّا كان في الماضي، بل إنّ معظم المنتجات الغذائية الرائجة حالياً، هي أطعمة خضعت للعديد من عمليات التصنيع، لدرجة أننا غالباً ما نأكل أشياء لا تتعرَّف إليها أجسامنا على أنّها طعام. وعملية الأيض لدينا لاتزال مبرمجة لتتعامل مع الأطعمة الطبيعية، التي كانت متوافرة في الماضي (نتاج الصيد والزراعة التقليدية)، وعندما تواجه المشروبات الغازية الحلوة والمنتجات المحضرة في مختبر، عوضاً عن الحقل، فإنّها لا تعرف كيف تستخدمها بفاعلية. وعوضاً عن إستخدامها، تضطر أجسامنا إلى تخزينها، وغالباً ما يتم ذلك في منطقة البطن، حيث لا تسبب إلا الأضرار.

    أمّا الخبر الجيِّد في كلّ ذلك، فهو أنّه على الرغم من أن دهون البطن موجودة في مناطق عميقة في الجسم، إلا أنّها تكون أوّل ما يحرقه الجسم من دهون، حالما نقرر تخفيف أوزاننا، ونبدأ بتطبيق الخطوات الكفيلة بذلك. وتقول المتخصصة الأميركية في علوم اللياقة البدنية والرياضة في جامعة "مونتغمري" في ولاية ألاباما، البروفيسورة ميشل أولسون: إنّه قبل بلوغ سن اليأس يكون التخلص من دهون البطن، أكثر سهولة على المرأة من تخلصها من دهون الردفين والفخذين. وهي تنصح بالبدء في تنفيذ ذلك بأسرع وقت ممكن. لكنها تحذّر من اتِّباع الحميات السريعة القاسية، لأنّها غالباً ما تؤدي في النهاية إلى استعادة الوزن المفقود، وحتى أكثر منه. فإقتطاع أكثر من 25% من كمية الوحدات الحرارية التي نتناولها عادة، يؤدي إلى تباطؤ عملية الأيض في الجسم، وإلى خفض عدد الوحدات الحرارية، التي يحرقها الجسم لأداء وظائفه الأساسية. وهي تنصح بإعتماد نظام غذائي صحي ومعتدل، غني بالأطعمة الكاملة غير المصنّعة، إضافة إلى ممارسة النشاط البدني اليومي. وتقول سافارد: إنّه عوضاً عن التركيز على الوزن، علينا أن نركّز على قياس محيط الخصر. فالتخلص من 5 سنتيمترات من محيط الخصر (أي من دهون البطن)، يخفض بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بمرض القلب والسكري والسرطان والأمراض الأخرى.

    ويُقدِّم مُتخصِّصو مكافحة السمنة نصائح عدة، خاصة للتخلص من دهون البطن. ونُورد في ما يلي أهمها:

    1- إقتطاع 100 وحدة حرارية فقط مما نتناوله في اليوم الواحد: يؤكد الدكتور أوز، مؤلف كتاب "أنت والحمية، دليل التحكم في محيط الخصر" أن اقتطاع هذه الوحدات الحرارية يومياً هو كلّ ما نحتاج إليه للتغلب على ترهل البطن. وهذا يعني عملياً التخلي عن تناول بسكويتة بالشوكولاتة وعبوة من المشروبات الغازية فقط في اليوم. ومن شأن ذلك أن يساعدنا على التخلص من 6 كيلوغرامات زائدة في السنة، من دون أي جهود أخرى. وليس أسهل من الإلتزام بمثل هذه الخطة، مادامت لا تتضمّن أي حرمان فعلي، أو أي قواعد حمية أخرى يجب اتِّباعها.

    2- بناء النسيج العضلي: خلال ممارسة تمارين "الأيروبيكس"، يقوم الجسم بحرق مئات الوحدات الحرارية، غير أنّ عملية الأيض فيه تتباطأ، حالما نتوقف عن ممارسة هذه التمارين. أمّا عند ممارسة تمارين تقوية العضلات، فإنّ عملية الأيض تظل نشيطة وسريعة، ويستمر الجسم في حرق الوحدات الحرارية لساعات بعد التوقف عن ممارستها. ويقول المتخصص الأميركي في اللياقة البدنية تيم دافيس، إنّ رفع الأوزان بانتظام يمكن أن يزيد من سرعة الأيض بنسبة 15% تقريباً وهو ينصح بممارسة تمارين رفع الأوزان لمدة تتراوح بين 45 و50 دقيقة، 3 مرّات في الأسبوع.

    3- الهرولة: يقول دافيس: إنّ أكثر الوسائل فاعلية للتخفيف من دهون البطن هي الهرولة، وهو ينصح بممارستها لمدة تتراوح بين نصف ساعة وساعة، ما بين مرّتين وأربع مرّات في الأسبوع. ويمكن للفرد، الذي لا يرغب في ممارسة الهرولة، أن يستعيض عنها بالتدريب المتقطع، ويعني ذلك عملياً التغيُّر المتواصل لسرعة ممارسة التمارين، لأنّ ذلك يساعد على حرق عدد أكبر من الوحدات الحرارية، ما يسهّل عملية تخفيف الوزن. وينصح دافيس بالركض السريع لمدة دقيقتين، واتِّباع ذلك بثانية من المشي العادي، ثمّ العودة إلى الركض السريع لدقيقتين، ثمّ المشي وهكذا لمدة نصف ساعة.

    4- اختيار الأطعمة المناسبة: يؤكد الدكتور أوز أنّ الجسم ذكي، وأنّه يعرف عندما لا يحصل على أي عناصر مغذية. لذلك فإننا عندما نقضم الأطعمة المصنعة، مثل رقائق البطاطا والبسكويت والدّونات الخالية من أي عناصر مغذية، نظل نشعر بالجوع، لأنّ الجسم يستمر في المطالبة بالمواد الأساسية التي يحتاج إليها. وتنصح المتخصصة الأميركية في التغذية كيري جانس، بالمواضبة على تناول الفواكه والخضار، الأسماك، الحليب ومشتقاته خفيفة الدسم، والحبوب الكاملة لتأمين كلّ الفيتامينات والمعادن والعناصر المغذية الأخرى، التي يحتاج إليها الجسم. من جهة ثانية يُستحسَن تناول الطعام في وجبات صغيرة عديدة، مُوزَّعة على ساعات النهار، بحيث نأكل كلّ 4 ساعات مثلاً، وجبة متوازنة وصحية عوضاً عن الوجبات الثلاث الرئيسية الكبيرة التي اعتدنا عليها.

    5- الحرص على تناول البروتينات والدهون الصحية: يجب التوقف عن تناول رقائق الحبوب الحلوة في الصباح، فهضمها سهل جدّاً، أي أنّها تطلق السكر الذي تحتوي عليه بسرعة في الدم، ما يجعلنا نشعر بالجوع مجدّداً بعد مرور وقت قصير على تناولنا الوجبة. وينصح الدكتور لويس آرون، أستاذ الطب العيادي في جامعة "كورنيل" الأميركية، والمتخصِّص في التحكم في الوزن، بتناول طبق من العجّة المحضّرة ببياض البيض، عوضاً عن رقائق الحبوب الحلوة. فالبيض غني بالبروتين الذي يساعد على الإحساس بالشبع لوقت طويل، إضافة إلى الدور الكبير الذي يلعبه في بناء النسيج العضلي. وفي الحالات التي يتعذّر فيها الجلوس إلى المائدة لتناول وجبة الإفطار، يمكننا تناول علبة صغيرة من اللبن غير المحلّى بالسكر، مع ثمرة فاكهة وملعقة صغيرة من العسل، أو القليل من الجبن الأبيض مع خبز القمح الكامل. أمّا بخصوص الدهون، فيحذِّر المتخصِّصون من الوقوع ضحية الأفكار المغلوطة، التي تقول إنّ تناول الدهون يضر بالقوام ويزيد الوزن. فهناك أنواع صحية من الدهون، مثل الدهون الأحادية غير المشبعة الموجوة في زيت الزيتون، والأفوكادو، وأحماض أوميغا/3" الدهنية، الموجودة في الأسماك والمكسرات والبذور. والواقع أنّ هذه الدهون تلعب دوراً مهماً في حرق الدهون المتراكمة في الجسم، وخاصة في منطقة البطن.

    6- عدم تفويت الوجبات: يُخطئ مَن يعتقد أن تفويت الوجبات يساعد على تخفيف الوزن. فمن البديهي أن يؤدي حرمان الجسم من الطعام لساعات طويلة إلى الإفراط في الأكل في أوّل مناسبة. وتنصح جانس بتناول حصص صغيرة من الطعام كلّ 3 أو أربع ساعات، للحفاظ على نشاط عملية الأيض، ولتفادي "إفزاع" الجسم. فعندما نتوقف عن تزويد جسمنا بالطعام لفترة طويلة، يعتقد أننا نَمرُّ بفترة مَجاعة، فيُبرمج نفسه للتعامل مع هذا التجويع، ويتوقف عن حرق الوحدات الحرارية، أو يحرق الحد الأدنى الذي يحتاج إليه منها، ويلجأ إلى التمسك بكل كمية الدهون المتراكمة لديه.

    7- مكافحة التوتر: يدفع التوتر الجسم إلى تخزين الدهون في منطقة البطن. ويقول الدكتور أوز، إننا عندما نتعرض للتوتر والإجهاد، يعتقد الجسم أن أزمة ما قادمة. فيُراكم الخلايا الدهنية في منطقة البطن، لأنّها أكثر أمكنة التخزين مُلاءمةً من حيث الإتِّساع. أما بيك فتقول: إننا جميعاً نواجه يومياً حالات مُسبِّبة للتوتر، لكن يمكن تحمُّلها، مثل أزمات السير الخانقة، وطوابير الإنتظار، وهي لا تؤثر سلباً في الصحة. أما عندما يتحول التوتر إلى حالة مزمنة، مثل الحياة الزوجية السيِّئة، أو التعرض لضغوط مستمرة في العمل، فإنّ ذلك يؤدي إلى إفراز الجسم كميات كبيرة من الكورتيزول، الذي يقوّي الشهية، ويدفعنا إلى الإفراط في الأكل. والأسوأ من ذلك هو أن معظم هذا الوزن الزائد الذي يتراكم في أجسامنا بفعل ارتفاع مستويات الكورتيزول، يميل إلى الإستقرار في منطقة البطن. وينصح الدكتور أوز بمكافحة التوتر عن طريق ممارسة "اليوغا"، التأمُّل، أو التدليك. ويمكن لمن يلجأ إلى تناول الطعام عند التعرض للضغوط والتوترات، أن يحتفظ بأطعمة صحية في متناول يديه، مثل: المكسرات النيئة أو الفواكه، وذلك كي يتفادى الإفراط في أكل الأطعمة غير الصحية عندما يضطر إلى قضم الطعام بفعل التوتر.

    8- النوم لمدة كافية: يقول آرون إنّ الإفتقار إلى النوم يزيد من إمكانية زيادة الوزن. فعندما نكون مرهقين ترتفع مستويات الهرمونات التي تحفّز الشهية إلى الأكل وتقويها، بينما تنخفض مستويات الهرمونات التي تساعدنا على الإحساس بالشبع. وهو ينصح بالنوم لمدة تتراوح بين 7 و8 ساعات كلّ ليلة.

    9- بَذل المزيد من النشاط البدني: الكمبيوتر والتلفزيون والسيارات تجعلنا نلتصق بمقاعدنا ساعات طويلة. وتكون النتيجة تَراجعاً كبيراً في مستويات النشاط البدني الذي نبذله. وتنصح أولسن بالقيام بكل ما من شأنه أن يجعلنا نتحرك، حتى ولو كان ذلك لمدة 10 دقائق فقط. فقد أظهرت الدراسات، أنه في إمكاننا أن نحرق 350 وحدة حرارية يومياً (أي ما يعادل ما نأكله في وجبة غداء) إذا تعوّدنا أن نمشي في أرجاء المنزل عند إجراء المكالمات الهاتفية، وأن ننقر أصابع أقدامنا على الأرض عند الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر، ونقوم بتمارين قَرفَصة أثناء تنظيف أسناننا بالفرشاة والمعجون. 

ارسال التعليق

Top