• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شذرات من حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

عمار كاظم

شذرات من حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

وُلِدَ الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام) عام 232هـ في المدينة، وتوفّي عام260هـ في سامراء، كما تقدّم على كافّة أهل عصره في ما يُوجبُ له الإمامة ويقتضي له الرئاسة، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم وكثرة الأعمال المقرّبة إلى الله. وأمّا لَقَبُ «العسكري»، فنسبةً إلى البلد التي كان يُقيم فيها، وهي التي تسمّى الآن «سامرّاء» أو «سُرَّ مَن رأى». كان يُلقب أيضاً بـ«الصامت، الهادي، الرفيق، الزكي، النقي، وغير ذلك من الألقاب التي تعكس تلك الخصال الحميدة التي تجلّت في حياته (عليه السلام)». وكانوا يلّقبونه أيضاً هو وأباه الهادي وجدّه الإمام الجواد بـ«ابن الرِّضا».

والإمام العسكري (عليه السلام) عاش كما عاش آباؤهُ من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في موقع الإمامة من أجل فتح عقول الناس وقلوبهم على الإسلام الأصيل الذي انطلق به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسار فيه أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، باعتبار أنّهم أُمناء الله على الرسالة، ولأنّهم خلفاؤه سبحانه في أرضه وحججه على عباده.. وقد تتلمذ عليه الكثيرون من الرُّواة والعلماء، وأثّر في مجتمعه بالرغم من حداثة سنه تأثيراً كبيراً جدّاً، حتى أنّ أعداءه كانوا يشهدون له بما يشهد له به أولياؤه. وكما ذكرنا، فإنّه بالرغم من أنّه كان أصغر الأئمّة عمراً، لكنّه استطاع أن يستولي على ثقة المجتمع كلّه، وكان يُقَدَّم على شيوخ بني هاشم، والمجتمع كلُّه يقدّمه ويثقُ به ويتحرّك باتّجاه علمه وإمامته. وكان الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) في معالي أخلاقه نفحة من نفحات الرسالة الإسلامية فقد كان على جانب عظيم من سموّ الأخلاق، يقابل الصديق والعدو بمكارم أخلاقه ومعالي صفاته، وكانت هذه الظاهرة من أبرز مكوناته النفسية، ورثها عن آبائه وجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي وسع الناس جميعاً بمكارم أخلاقه، وقد أثّرت مكارم أخلاقه على أعدائه والحاقدين عليه، فانقلبوا من بغضه إلى حبّه والإخلاص له.

ونقل المؤرخون أنّ المتوكل الذي عرف بشدّة عدائه لأهل البيت (عليهم السلام)، وحقده على الإمام عليّ (عليه السلام)، أمر بسجن الإمام العسكري (عليه السلام) والتشديد عليه إلّا أنّه لمّا حلّ في الحبس ورأى صاحب الحبس سمو أخلاق الإمام (عليه السلام) وعظيم هديه وصلاحه انقلب رأساً على عقب، فكان لا يرفع بصره إلى الإمام (عليه السلام) إجلالاً وتعظيماً له، ولمّا خرج الإمام من عنده كان أحسن الناس بصيرة، وأحسنهم قولاً فيه. كما عُرِف الإمام العسكري (عليه السلام) في عصره بكثرة عبادته وتبتّله وانقطاعه إلى الله سبحانه واشتهر ذلك بين الخاصّة والعامّة.

ومن جميل وصايا الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) حيث يوصي مواليه بأن يكونوا قدوات حسنة، مدافعين عن الإسلام وأهل البيت (عليهم السلام)، بإثبات كلّ حسن لهم ودفع كلّ قبيح عنهم، ولا ينسَ المرء بأنّ في تقواه وورعه واجتهاده لله وصدق حديثه وأدائه للأمانة وكثرته للعبادة وحسنه للجوار علواً للإسلام وتكريماً لأهل البيت (عليهم السلام).. إنّه (عليه السلام) يقول: «أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).. فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدَّى الأمانة وحسّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعيّ فيسرّني ذلك. اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح، فإنّه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك، لنا حقّ في كتاب الله، وقرابة من رسول الله، وتطهير من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا كذّاب، اكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصيتكم به واستودعكم الله، واقرأ عليكم السلام».

ارسال التعليق

Top