• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شهر الخيرات وبلوغ الغفران

عمار كاظم

شهر الخيرات وبلوغ الغفران

شهر رمضان، هو شهر الخير والبركات والغفران، شهر الصيام والقيام والتهجد والتراحم والتواصل والتسامح، شهر التقوى والصبر، هو الشهر الوحيد الذي حظي بصفة الكرم والإحسان. يقول الرسول (ص): "أيها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله". هو شهر تمتلئ فيه المساجد وتنهمر الدموع وترتفع الأيدي بكل خشوع، شهر تتضاعف فيه الأجور، فنحن الأُمّة التي منحها رب العالمين ما لم يمنحه لأي أُمّة أخرى، وهب لنا سبحانه هذا الشهر المبارك العظيم الذي أنزل فيه كتابه الكريم، فتفتح لنا فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب جهنم وتصفد الشياطين. شهر رمضان هو شهر القرآن والإحسان، وشهر الذكر والصبر، لذا ينبغي على كلّ مسلم الإهتمام به والمبالغة في إكرامه، لأنّه ضيف الله تعالى على خلقه. لذلك يحتاج المسلم إلى الهمة العالية التي تدفعه إلى الإفادة من رمضان وما فيه من خير عميم، وثواب جزيل. وللصيام فوائد إجتماعية منها شعور الناس بأنّهم أُمّة واحدة يأكلون في وقت واحد، ويصومون في وقت واحد، ويشعر الغني بنعمة الله ويعطف على الفقير، ويقلل من مزالق الشيطان لابن آدم، وفيه تقوى الله، وتقوى الله تقوي الأواصر بين أفراد المجتمع. وينبغي للصائم أن يكثر من الطاعات، ويجتنب جميع المنهيات، ويجب عليه المحافظة على الواجبات والبعد عن المحرمات، فيصلي الصلوات في أوقاتها، ويترك الكذب والغيبة والغش، وكلّ قول أو فعل محرم، قال النبي (ص): "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه".

إنّ الصوم إمتحان وإختبار لصدق الإنسان مع الله تعالى، وكشف لعلاقته به، وحبه له، ورغبته في الإخلاص له، بردع النفس عن الملذات والشهوات، وتغلب حب الله والإستجابة لإرادته على حب الإنسان لذاته. شهر رمضان شهر كريم وهو واحة من واحات التفكر والتدبير والعبادة، وهو محطة يخلد فيها الإنسان إلى الراحة من صخب الدنيا وحبها والجري وراءها، ليتجه إلى الله تعالى بكل أحاسيسه وجوارحه ليتزود بالتقوى والبركة. أيام شهر رمضان أيام لو علم الإنسان ما مدى أهميتها لما أهملها ولجعلها خير الأيام في تلك السنة، أيام يقضيها بالإستغفار والندم والتوبة والدعاء إلى الله بقلب صافي نقي ونية صادقة، تلك أيام لا تصفها الكلمات ولا تعبر عنها الجمل. في الصوم ينهانا المنهج الرباني عن أشياء ويأمرنا بأشياء أخرى، عن الإمام الصادق (ع): "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك واحفظ يدك، وأكثر السكوت الاّ من خير". "فإذا صمتم فاحفظوا السنتكم عن الكذب وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تماروا ولا تتنابزوا ولا تجادلوا ولا تظلموا ولا تسافهوا ولا تزاجروا ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة والزموا الصمت والسكوت والحلم والصبر والصدق ومجانبة أهل الشر واجتنبوا قول الزور..".

إنّ شهر رمضان معهد نتربى فيه على الأخلاق الفاضلة وننتهي عن الرذائل، فمن خلال هذه المثل والقيم ان التزم بها الصائم يصبح شخصية مؤمنة مثالية ملتزمة وقائد منتصر وتصبح الأُمّة الإسلامية أُمّة ملتزمة وبالتالي تتوفق إلى رضا الله وعطفه عليها. ولنعلم أنّ هذا الشهر موسم للربح، ففيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم، فهلموا إلى التنافس في هذا الموسم، فقد لا يتكرر. إنّ الحسنة في رمضان عظيمة ولها أثرها البالغ في القلب، فهي تشرح الصدر وتصفي النفس، ولها أثر واضح في المجتمع، فهي تقوي الروابط بين الناس، وتجعل المحبّة شعارهم، والتقوى دليلهم إلى جنات عدن، والإحسان هو عنوانهم إلى الخير والبركات، والإيمان زادهم إلى المعاد.

ارسال التعليق

Top