• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فاطمة المعصومة.. كريمة أهل البيت (عليهم السلام)

عمار كاظم

فاطمة المعصومة.. كريمة أهل البيت (عليهم السلام)

فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وأخت الإمام علي بن موسى الرضا (ع) وقد ورد في بعض التواريخ أنّ الرضا لقّبها بالمعصومة. كانت ولادتها في المدينة المنورة في الأول من ذي القعدة عام 173هـ. وترعرت في بيت الكاظم ونشأت فاطمة تحت رعاية أخيها الرضا توفيت في عام 201هـ ودفنت في مدينة قم في إيران ولها مرقد ضخم ويزوره الملايين سنوياً. عاشت السيدة المعصومة في كنف والديها الكريمين، تكتسب منهما الفضائل والمكارم، إذ كان أبوها إماماً معصوماً وأُمها "نجمة" أيضاً من النساء الصالحات المؤمنات التي تعلّمت في مدرسة زوجة الإمام جعفر الصادق (ع). وكانت معروفة بالتقوى في ذلك الزمان. كانت السيدة المعصومة تستفيد كلّ يوم من والدها وأخيها المعصومين (عليهما السلام) وأُمها التقية العالمة بحيث وصلت إلى مقام رفيع من العلم والفضيلة وصارت عارفة بالكثير من العلوم والمسائل الإسلامية في أيام صباها. وهي الأخت الشقيقة للإمام الرضا (ع) تشترك معه في أُمّ واحدة، فأُمّها أُمّ ولد تكنّى بأُمّ البنين وقد ذكر لها العديد من الأسماء كنجمة وأروى وسكن وسمان وتكتم. وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها. تقول السيّدة حميدة المصفّاة لولدها الإمام الكاظم (ع): "يا بنيّ إنّ تكتم جارية ما رأيت جارية قطّ أفضل منها ولست أشكّ أنّ الله تعالى سيطهّر نسلها إن كان لها نسل وقد وهبتها لك فاستوصِ بها خيراً". ولمّا ولدت الإمام الرضا (ع) سمّاها الإمام الكاظم (ع) بالطاهرة وقد كانت من العابدات القانتات لربّها. لم يكن في ولد الإمام الكاظم (ع) مع كثرتهم بعد الإمام الرضا مثل هذه السيّدة الجليلة وقد قيل في حقّها: إنّها رضعت من ثدي الإمامة والولاية، ونشأت وترعرعت في أحضان الإيمان والطهارة.. تحت رعاية أخيها الإمام الرضا (ع)، لأنّ أباها الإمام الكاظم (ع) قد سُجن بأمر الرشيد لذلك تكفّل أخوها رعايتها ورعاية أخواتها ورعاية كلّ العوائل من العلويّين التي كان الإمام الكاظم (ع) قائماً برعايتهم. إنّ هذه العقيلة هي من الدوحة العلوية النقية الطاهرة المطهّرة، ومن حفيدات الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وبناتها الطيّبات العالمات المحدّثات المهاجرات اللاتي اختصهنّ الله تعالى بملكة العقل والرشاد والإيمان والثبات، والعزيمة والفداء والتضحية، وأودع فيهنّ العفّة والطهارة، وبواعث القوّة والحقّ والغلبة والكمال مع تجنبهنّ عوامل الذلّ والخذلان، والخوف والاستسلام.. تعرف هذه السيّدة بالمحدّثة، والعابدة، والمقدامة، وكريمة أهل البيت (عليهم السلام). لقد كانت فاطمة (عليها السلام) على دين قويم صادق وانقطاع متواصل إلى الله وفي غاية الورع والتقوى والزهد، كيف لا؟ وأبوها الإمام الكبير القدر العظيم الشأن الكبير المجتهد الجادّ في الاجتهاد المشهور بالعبادة والمواظب على الطاعات المشهور بالكرامات يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقضي النهار متصدّقاً وصائماً ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعي كاظماً كان يجازي المسيء بإحسانه إليه ويقابل الجاني بعفوه عنه ولكثرة عبادته كان يسمى بالعبد الصالح، ويعرف بباب الحوائج إلى الله. إنّ فاطمة المعصومة كانت عابدة مقدّسة مباركة شبيهة جدّتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأنّها على صغر سنّها. من الطبيعيّ أن تكون هذه السيّدة الجليلة من العابدات القانتات حيث تربّت في أجواء العبادة والطاعة بين أبيها العبد الصالح (ع) وأُمّها الطاهرة (رض). كما كانت عالمة محدّثة راوية، حدّثت عن آبائها الطاهرين (عليهم السلام)، وحدّث عنها جماعة من أرباب العلم والحديث، وأثبت لها أصحاب السنن والآثار روايات ثابتة وصحيحة من الفريقين الخاصّة والعامّة، فذكروا أحاديثها في مرتبة الصحاح الجديرة بالقبول والاعتماد. لما كانت السيدة المعصومة (عليها السلام) ربيبة الإمامة فقد حظيت بأحسن الأسماء، وأجمل الألقاب، وإنّ لأسمائها وألقابها من الدلالات والمعاني ما يشير إلى سمو مقامها ورفعتها عند الأئمة (عليهم السلام) فلقب كريمة أهل البيت (عليهم السلام) وهو من الألقاب الخاصّة بهذه السيدة الجليلة، وقد عرفت به من دون سائر نساء أهل البيت (عليهم السلام)، كما اشتهر الإمام الحسن المجتبى (ع) من قبلها بهذا اللقب من دون سائر الرجال، فكان يقال له كريم أهل البيت (عليهم السلام). ولهذا اللقب دلالة بعيدة الغور على شأن فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهم السلام)، فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) قد جمعوا غرّ الفضائل والمناقب وجميل الصفات، ومن أبرز تلك الخصال الكرم، وقد عرّفه اللغويون: (بأنّه إيثار الغير بالخير ولا تستعمله العرب إلاّ في المحاسن الكثيرة، ولا يقال كريم حتى يظهر منه ذلك)، والكريم هو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.

ارسال التعليق

Top