• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فيتامينات خمسة لبصرٍ خارق

فيتامينات خمسة لبصرٍ خارق

قال الشاعر والفيلسوف الهندي طاغور:

"في ابتسامة المرأة عَظمة الحياة وجَمالها، وفي عينيها دَهاؤها وعُمقها".

العينان إذاً تشكلان كلّ العمق، عُمق المرأة وعمق الرجل، وحين يُصيبهما أي خلل ترتبك النظرة وتُخطئ الحروف، وتُصبح هناك ضرورة من أجل إعادة الحسابات.

عيونكم بخير؟ عيونكنّ بخير؟ يبدو أنّ السؤال عن العينين يُفترض أن يأتي في صيغة مختلفة: طعامكم، سيداتي سادتي، صحّي؟ هل تتبعون ريجيماً مناسباً للنظر؟ لا تستغربوا مثل هذين السؤالين، لأنّ البصر والغذاء مُترابطان كما الدمع في البؤبؤ، الذي إذا جَفّ عانت العين الإحمرار والحرقان، كذلك هو الطعام الذي إذا أخلّ بالمسلَّمات الصحية عانت العينان الأمَرّين.

ما زلتم غير مقتنعين بالسؤال؟ ألم تسمعوا بالله عليكم من يهمس في آذانكم: الجزر يُقوّي البصر؟ ألم تتأكدوا بعد أن لبعض أنواع الغذاء تأثيراً في العينين أقوى من أقوى دواء؟

فلنبدأ من الجزر: تُحبّونه؟ تأكلونه؟ لا؟ لا تثقون في الأمثلة الشعبية؟ تبحثون عن الأدلة؟ عن العلم؟ عن الأبحاث والتجارب؟ عن جدوى تناول الجزر لتأكلوا جزراً؟ أبحاث كثيرة تتتالى على أنواع الفيتامينات والمعادن في الفاكهة والخضراوات لتحديد أهمية تناولها، وقد دَلّ كثير منها بالبراهين الثابتة، على أنّ بعض أنواع ما نأكل أو ما يُفترض أن نأكل، يقوّي البصر ويجعله عَشرة على عشرة. فماذا (نُكرّر) عن الجزر والبصر؟ وهل هناك روزنامة واضحة تقول لنا: يُفيد تناول هذا النوع وهذا وذاك؟

فلنحسم الأمر لمرة نهائية: نعم البصر الصحيح في الغذاء الصحيح.. فماذا يعني هذا أن نأكل؟ وأي ريجيم نتّبع في حياتنا لنحمي البصر؟

خمسة فيتامينات ضرورية لبصر سليم تجدونها في باقة شهيّة، متنوعة، من الأطعمة.. فما رأيكم في أن نُبحر معاً في عالمِ هذه الأنواع؟

 

فيتامين (A): جزر ومانجو وبطيخ أصفر:

فلننطلق من جديد من الجزر، الذي يُفترض تحفيز الأطفال، منذ تتكوّن أسنان الحليب لديهم، من أجل تناوله، كونه يحوي كمية عالية من فيتامين (A)، حيث توجد في جزرة عادية ما يوصى بتناوله، من هذا النوع من الفيتامينات، يومياً.

يعني قد يكفي التهام جزرة واحدة، صغيرة إلى متوسطة، كي نكون قد حصلنا على ما نحتاج إليه من فيتامين (A) الذي يعمل كمضاد للأكسدة، والتالي يقي من إصابة العينين بمرض السّاد، المياه البيضاء، أو تنكّس البقعة الصفراء الذي يؤدي إلى فقدان الرؤية.

وهذا النوع من الفيتامينات قد نجده أيضاً في الخضراوات والفاكهة الصفراء والبرتقالية، لاسيّما في زيت كبد السمك والبطاطا الحلوة والكرنب والبطيخ الأصفر والمانجو والفلفل الأحمر وفي البيض.

تشربون الدخان؟ النرجيلة؟: نتمنّى أن يكون جوابكم "لا"، لأنّ التدخين يمنع الجسم من امتصاص فيتامين (A)، حتى إنّه يعمل على إفراغ مخزون الجسم من هذا الفيتامين. لذا، انتبهوا إلى هذا وخُذوه على مَحْمَل الجدّ في الاعتبار.

في كلّ حال، يُفترض أن تتذكروا دائماً أنّ نقص فيتامين (A) قد يؤدّي إلى أضرار بالغة في البصر، قد تصل إلى حدود فقدانه جزئياً أو كلياً.

إذن، السلوكيات الغذائية تُعتبر أساسية في حماية البصر، إضف إليها طبعاً السلوكيات الاجتماعية. لكن، ما دمنا نتحدث عن "ريجيم البصر" المناسب نسأل: ماذا عن أنواع الفيتامينات والأطعمة الغذائية الأخرى؟

 

فيتامين (C): التوت والبروكولي:

فيتامين (C)، وتحديداً "الفلافونويد الحيوي" فيه، هو أيضاً يُفيد البصر ويقي من الإصابة بمرض الـ"غلوكوما" أي المياه الزرقاء، يُقلّل من أعراضها عند مَن أصيبوا به، ويحتاج الجسم إلى ما لا يقل عن نسبة 60 ملليغرام يومياً منه، حتى نقول إنّه حصل على كفايته.

أما مَن يعانون السكري، فيُفترَض أن يتناولوا كمية أعلى، والسؤال: أي ريجيم غذائي يمنحنا هذا النوع من الفيتامينات؟

أكثروا من تناول الفاكهة الاستوائية والخضراوات الورقية والفلفل والبروكولي والتوت والكريب فروت، وتذكروا أنّ تناول هكذا مأكولات طازجة يُفيد أكثر بكثير من تناولها مُعلّبة مجمّدة.

في كلّ حال، حاولوا أن تلتقوا مع 10 اختصاصيين في التغذية، واطرحوا عليهم السؤال: أي غذاء تنصحون به لنَقي بصرنا من المرض؟ وأجوبة 10 من 10 ستكون: البروكولي والتوت.

فلماذا البروكولي؟ لأنّه في اختصار يحوي على أصباغ مضادة للأكسدة التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية، وبالتالي إذا كنتم تخططون من أجل تمضية عطلة على شاطئ ما، فضعوا في حسابكم أهمية الإكثار من تناول البروكولي. أما التوت المعروف بالعنب البرّي، فإنّه يساعد على الحد من خطر إعتام عدسة العين، وتناوله باستمرار يُحسّن الرؤية ويقوّي الأوعية الدموية في الجزء الخلفي من العين. وهو يساعد أيضاً على تحسين مظهر الجلد، ويُنصح بتناوله أيضاً، كما البروكولي، على البحر.

 

فيتامين (E): بصرٌ صحيح ثاقِب:

رائعٌ هو أيضاً هذا الفيتامين (E)، وستجدونه في المكسرات كاللوز والبندق المصدرين الأساسيين للسيلينيوم، ويُفترض هنا أن تعرفوا أنّ عنصر السيلينيوم هذا، يُكافح الشيخوخة والأكسدة، وتحتاج إليه العين كثيراً من أجل أن تبقى نضرة، ثاقبة، ذات نظرة شابة وصحيحة، ويمكننا أن نجد أيضاً عنصر الزنك في المكسرات وفي المنتجات البحرية، ومن شأن هذا العنصر صَوْن العين من تَنكّس اللطخة الصفراء. ويوجد فيتامين (E) أيضاً في اللّفت والسبانخ، وفي مصادر حيوانية مثل الكبد واللحوم الحمراء. في كلّ حال، أكثر ما يؤثر نقص هذا الفيتامين في البصر، حيث تنخفض الرؤية، خصوصاً في الليل، وقد تحدث عَتامة القرنيّة وتزيد من إمكانات الإصابة بعدوى في العين، وتجف الملتحمة وتفقد ليونتها، وفي حال استمرّ مثل هذا التدهور، فإنّه قد يؤدي إلى فقدان النظر كلّياً.

أتتصورون إذن أن يكون سبب فقدان النظر ريجيماً غذائياً غير مناسب؟ لا تشطبوا هذه المعادلة منذ هذه اللحظة من حساباتكم.

 

احفظوا هذين الاسمين جيداً: "لوتين" و"زيازانثين":

لماذا طلبنا منكم هذا؟ لأنّ لهاتين المادتين ببساطة دوراً كبيراً في خفض خطر الإصابة بإعتمام عدسة العين، تصل نسبته إلى 20 في المئة، كما من شأنهما خفض نسبة تحلُّل البقعة الصفراء بنسبة 40 في المئة. فما رأيكم؟ أليست النسبتان كافيتين لنُعيرهما كلّ الانتباه؟

الـ"لوتين"، لمن لا يعرف كلمة لاتينية.. تعني الصفراء، وتوجد في الخضراوات الورقية مثل السبانخ، وفي صفار البيض والدهون الحيوانية، وهو يتراكم في شبكية العين ويحمي من أثر الضوء الضارّ فيها، أما الـ"زيازانثين" فيوجد عادةً داخل البقعة الصفراء الموجودة في القرب من مركز شبكيّة العين البشرية، بينما اللوتين ينتشر كما ذكرنا في شبكية العين، ونظراً إلى أنّ البقعة صفراء اللون، فهي تمتص فائض الضوء الأزرق والأشعة فوق البنفسجية التي تدخل إلى العين، وتعمل المادة بمثابة نظارات شمسية واقية لبقعة الشبكيّة في العين. في كلّ حال، يُقال بحسب الأبحاث، إنّ الذرة قد تكون من بين أغنى مصادر الـ"لوتين" والـ"زيازانثين".

كما يُفترض ألّا ننسى تناول صفار البيض، لأنّ الدهن الموجود فيه يزيد من كفاءة امتصاص خلايا العين لكلّ من المادتين المذكورتين.

 

نعم للزيوت النباتية لا للدهون المشبعة:

يبدو أنّ النصائح المستنَدة إلى العلم، تُفيد بوجوب عدم استبعاد الزيوت النباتية من أي ريجيم غذائي، لأنّ بعض هذه الزيوت تُفيد البصر وتحمي من "الضمور البقعي" الذي يتسبب به التقدم في العمر، لاسيّما منها زيت الزيتون زيت الجوز وزيت السمك، ويتردد أنّ مَن يتناول حفنة من الجوز، بمعدل 4 إلى 5 حبات، مرّتين في الأسبوع، تنخفض لديه نسبة خطر الإصابة بمرض الضمور نحو 35 في المئة، نظراً إلى احتوائه على أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، وكلّنا يعلم أنّ نقص هذه الأحماض يؤدي عند الكبار إلى ضعف في الرؤية، أما عند الصغار فيحد من تطور القدرة البصرية لديهم.

هل يُفترض أن تدفعنا مثل هذه المعلومات إلى أن نزيد من استهلاكنا للدهون غير المشبعة؟

لا، هذا يضرّ ولا يُفيد، لأنّ الإكثار من الدهون المشبعة، أي الدهون المتحوّلة إلى زبدة صلبة أو سمن نباتي عبر هَدْرجة الزيوت النباتية، يؤثر سلباً ليس فقط على البصر، بل على القلب والعقل أيضاً، فيخفض من نسبة الذكاء.

 

ماذا نفهم إذن من كلّ هذا؟

قبل أن تختاروا "ريجيم حياة" فكروا مرّتين في ارتداد ما تختارون على أعضائكم لتبقى سليمة، حيّة، تعمل "مثل الساعة"، الساعة التي لا تؤخّر ولا تُقدّم، خصوصاً إذا كان البصر هو المحور والهدف.. ماذا يعني كلّ هذا؟ اختاروا البيض والسمك والجزر والتوت واليقطين والعنب والبروكولي والثوم والبصل والبطاطا الحلوة والفلفل الأصفر، وهكذا تضمنون أنّكم تحصلون على ما تحتاجون إليه من "بيتاكاروتين" وفيتامين "أ" وأحماض أمينيّة تعمل على إفراز الدموع، وعلى الكبريت والـ"لَيستين" اللذين يحميان من الإصابة بالمياه البيضاء، وعلى مضادات الأكسدة والـ"لوتين" والأحماض الدهنية والـ"أوميغا/ 3".

 

هل اخترتم الريجيم المناسب؟

نجيب محفوظ، الأديب الكبير، قال يوماً: "أكبر هزيمة في حياتي هي حرماني من متعة القراءة بعد ضعف نظري".

أنتُم تتمتعون بهذه النّعمة؟

حافظوا إذن عليها، عَزّزوها، باتّباع ريجيم صحي يحمي نعمة البصر.

ارسال التعليق

Top