• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مفهوم أوسع للمحبّة

عمار كاظم

مفهوم أوسع للمحبّة

الحبّ عاطفة إنسانية غرسها الله سبحانه وتعالى في قلب الإنسان وفي قلوب بقية المخلوقات كالطير والحيوان، فبالحبِّ يقترب الأحباب، وتعمر القلوب بالسعادة والطمأنينة، وبالقُرب والتآلف والتعاون، وبالعفو والتسامح، وبالعطاء المتبادل، يشعر الناس بالحبِّ ولذّة الحياة.. فالمحبّ يريد الخير لِمَن يحبّه، ويعفو عنه إذا أخطأ، ويتعاون معه إذا احتاج أو عجز، ويدافع عنه ويحميه إذا هُدِّد بخطر. ولكلِّ هذه المعاني جاءت رسالات الأنبياء.. لذا نقرأ أجمل تعريف وتلخيص للعلاقة بين الدِّين والحبّ في الحديث الشريف: «وهل الدِّين إلّا الحبّ». ويتحدّث القرآن الكريم عن حبّ الله للخير.. وحبِّه للإنسان.. حبّ الله الذي يغمر القلوب بالسعادة والنور والانفتاح.. انفتاح عالم الغيب على القلوب الوالهة المفعمة بالحبِّ والعشق الإلهي المقدّس..

إنّ هذا الحبّ يُجسّد في كلّ علاقة بين الإنسان المُحبّ لله وبين الآخر.. يصوغ الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا البيان بقوله: «إنّ من أوثق عُرى الإيمان أن تحبّ في الله، وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله». يخاطب القرآن الناس على لسان نبيِّه الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران/ 31). ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «والّذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا، أوَلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم».

وأبلغ ما قيل في تأثير الحبّ على شعور الإنسان وسعادته، وأصدقه هو قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما ضاق مجلس بمتحابّين». فما أجمل هذا التعبير الذي يعبّر عن حقيقة ما يفعله الحبّ في قلوب المحبين حتى في كدر الضيق، إذ ينبثق نور الحبّ من القلبين ليحوّل ضيق المكان إلى سعة السعادة، لا بهدم الجدران، وإنما بإزالة الترسبات الجاثمة فوق إحساس الإنسان، ليتحرّر وينطلق نحو السعادة.

سُئل حكيم ذات مرة عن الساعة الأهم في عمر الإنسان، وعن الشخص الأهم الذي صادفه، وعن العمل الأهم في الحياة. فكان جوابه: الساعة الأهم هي  الحاضر، والشخص الأهم هو كلّ شخص يقف لتوه أمامك، والعمل الأهم هو الحبّ.

جمال قلبك يكون في منحك الحبّ للآخر، في أن تحبّ وتعطف وتسامح، وتنسى المشكلات والأحزان، والفوارق.. فأنت جزء من المجتمع العام. نظف قلبك وطهّر نفسك من كلّ الأدران واضمن لنفسك العيش بسعادة ورضا.. لا كره ولا حسد ولا حقد ولا حنق.. ومرحباً بالسعادة الآتية مع نظافة القلب.. لننظف قلوبنا.. نظف قلبك من الكره من الحقد من الحسد.. نظف قلبك من الكبر والتعالي، من الظلم، من التكلم على الناس.. نظف قلبك من الإساءة للآخرين، من الغش، من الكذب.. نظف قلبك من كلّ صفة ذميمة منبوذة مكروهة. تعالوا ننظف قلوبنا ونطرح هذه المشاعر البغيضة جانباً، نخرجها من أفكارنا وعقولنا وسنعيش في سعادة. انطلق في طريقة جديدة في تعاملاتك ومشاركتك للآخر، فهو جزء من المجتمع الكبير الذي تنتمي إليه أنت، ولن تكون سعيداً كلّياً ما لم تعمّ السعادة في كلّ بيت وفي كلّ نفس. وقد جاء في الحديث عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «أقل الناس راحة الحقود».. إذاً من أكثر الناس راحة الودود، المحب.

قد لا تعرف أنّي أحبّك ما لم أقل لك ذلك، أو قد تعرفه بصفة إجمالية، لكنّك لا تعرف عمقه ومداه إذا لم أُصرِّح لك بذلك، أو أن أُعبِّر عنه بكلمات طيِّبة، ومشاعر دافئة، أو مواقف مخلصة، أو هدية ذات مغزى، وما إلى ذلك. فمن المندوب إسلامياً في مجال العلاقات الإخوانية أنّك إذا أحببت شخصاً أن تبوح له بحبّك، ولا تكتم هذا الحبّ من أجل أن يستشعر الطرف الآخر محبّتك له، فيعمل على أن يبادلك حبّاً بحبّ، وقد تحقق كلمات الحبّ المخلصة نتائج مذهلة لم تكن في الحسبان. فعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) قال: «إذا أحببت رجلاً فأخبره بذلك، فإنّه أثبت للمودّة بينكما».

وأخيراً...

* ابدأ يومك بالحبّ، ولا تعكّر صفو يومك بالكراهية والأحقاد..

* ابذل جهدك في أن تكون كريماً ومجاملاً ومتواضعاً..

* لا تكثر من نقد الآخرين في الأمور التي يسع فيها الخلاف، وتختلف فيها وجهات النظر..

* الخلاف ليس معناه العداوة..

* كن معتدلاً في محبتك..

* إذا بدأت يومك بالحبّ، فسوف تعيش يومك بالحب وسوف تختمه بالحبّ..

ارسال التعليق

Top