• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

نورانية وعطاء سيِّد الأنبياء محمّد (ص)

عمار كاظم

نورانية وعطاء سيِّد الأنبياء محمّد (ص)

اسمه ونسبه: محمّد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وينتهي نسبه الشريف إلى النبيّ إبراهيم (ع) وأُمه هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف. أما ألقابه: المصطفى، المختار، الحبيب... وله أسماء وردت في القرآن الكريم مثل: خاتم النبيين، والأمّي، والمزمل، والمدثر، والنذير، والمبين، والكريم، والنور، والنعمة، والرحمة، والعبد، والرؤوف، والرحيم، والشاهد، والمبشر، والنذير، والداعي، وغيرها. ولد النبيّ (ص) يوم الإثنين 17 وقيل 12 من شهر ربيع الأول عام الفيل بمكة، وقد مات أبوه وهو في بطن أُمه، وتوفيت أُمه وعمره ست سنين فكفله جده عبدالمطلب ولما بلغ عمره ثمان سنين توفى جده فكفله عمه أبو طالب وأحسن كفالته، وكان لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً، وصحبه في أسفاره إلى الشام للتجارة، ولما بلغ الأربعين سنة من عمره الشريف نزل عليه الوحي بالنبوة وكان في غار حراء، وأول آية نزلت عليه: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) (العلق/ 1-2). فأخبر خديجة فصدقت به، وأخبر عليّ بن أبي طالب (ع) فصدق به، وأخذ في نشر دعوته سراً، ثم أعلنها فأسلم جماعة من العرب فعذبتهم قريش وهاجر إلى المدينة بعد أن أسلم جماعة من أهلها، وأخذ في نشر الدعوة وحاربته قريش والعرب فانتصر عليهم وفتح مكة. وبعد أن أكمل نشر دعوته وانتشر الإسلام في جزيرة العرب توفاه الله تعالى في 28 من صفر في يوم الإثنين في سنة 11 هـ. وقد عاش (ص) ثلاثاً وستين سنة، أربعين منها قبل أن يبعث بالرسالة، وثلاثاً وعشرين سنة نبياً رسولاً قضى منها (13) سنة في مكة و (10) سنين في المدينة. وعن أخلاقه (ص): امتاز النبيّ محمّد (ص) بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة. فقد كان بعيداً عن كلّ ما يشين سمعته سواء في أقواله أو أفعاله، متواضعاً عفيفاً صادقاً أميناً حتى لقبته قريش بالصادق الأمين. وكان (ص) حليماً كريماً سخياً شجاعاً أوفى العرب ذمة، صبوراً على المكاره والأذى في سبيل نشر دعوته. وكان لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها، سفيقاً لأصحابه كثير التردد إليهم، يقبل معذرة من اعتذر إليه، يحب الفقراء والمساكين ويأكل معهم، قليل الأكل، يختار الجوع على الشبع مواساة للفقراء. وكان (ص) يجلس على التراب ويرقع ثوبه ويخصف نعله بيده الكريمة. وكان لا يجلس ولا يقوم إلّا ذكر الله تعالى. وقد مدحه الله جلّ جلاله بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم/ 4). كما وإنّ المتتبع لسيرة الرسول (ص) يجد بوضوح أروع تجل لهذه الحقائق، (الحقّ والعدل، والحب، والرحمة) ليكون بحقّ المتمم لمكارم الأخلاق، والرحمة المهداة للبشرية. والمستعرض لسيرة رسول الله (ص) يجدها ملأى بالعطف والحنان والمشاركة للأصحاب في كلّ الأعمال، الأمر الذي يثير الحماس فيهم وينسيهم مصاعب المسير ويدفعهم للتفاني. ومن أروع ما في سيرته (ص) أنّه كان يواجه المواقف الكبيرة مواجهة عقائدية وعاصفة تلهب الحماس في النفوس وتدفعها نحو التضحيات الجسام. يقول الإمام عليّ (ع) كما يذكر نهج البلاغة: "ولقد كُنَّا مَعَ رسول الله (ص) نَقْتُلُ آباءَنا وأبناءَنا وإخوانَنَا وأعمامَنَا ما يزيدُنا ذَلِكَ إلّا إيماناً وتَسْليماً ومُضِيّاً عَلى اللَّقَمِ وصَبْراً عَلَى مَضَضِ الأَلَمِ وجِدّاً في جِهَادِ العَدُوِّ... فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر". وأما عن رحيله (ص) فكانت غصة في قلوب المؤمنين.. فما إن حلَّ موسم الحج من السنة العاشرة للهجرة المباركة، فدعا خاتم الأنبياء (ص) الناس إلى الحج، وسار بهم قاصداً حجَّ بيت الله الحرام، وبعد أن أدوا مناسكهم وتوجهوا إلى عرفة، وقف حبيب الله فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وقال: "أما بعد أيها الناس... لا أدري لعليّ لا ألقاكم بعد عامي هذا... إنّ دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد... أيها الناس إنما المؤمنون إخوة، ولايحل لامرئٍ مال أخيه إلّا عن طيب خاطر، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّه نبأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.. أيها الناس إنّ ربّكم واحد، وأباكم واحد كلّكم لآدم وآدم من تراب". وعاد خاتم الأنبياء (ص) إلى المدينة، وراح يجهز الجيوش للفتح، ولكن المرض داهمه، واشتدّ عليه، ولم يلبث أن انتقل إلى جوار بارئه. وهكذا خسرت الإنسانية بوفاة حبيب الله، شخصيَّةً ملأت الدنيا نوراً وعطاءً، فسلام على خاتم الأنبياء حبيب الله محمّد (ص).. والسلام على رسول الله محمّد (ص) يوم ولد ويوم بعث لهداية البشرية ويوم توفي ويوم يبعث حياً.

ارسال التعليق

Top