• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

يوم جديد.. بداية جديدة

د. ياسر عبدالكريم بكار

يوم جديد.. بداية جديدة

◄لقد استمتعت بمشاهدة أحد الأفلام الأجنبية الرائعة بعنوان (خمسين أوّل موعد).. حيث يروي الفيلم قصة إصابة فتاة بحادث سيارة فقدت على أثرها قدرتها على تحويل الذاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة دائمة. كانت الفتاة تنسى كلّ ما حدث بالأمس عند استيقاظها كلّ صباح.. أدى هذا إلى أن تعيش كلّ يوم من حياتها من جديد دون أن تتذكر تفاصيل ما حدث في اليوم السابق.

أمّا المشكلة الشائكة فكانت تواجه خطيبها! فكان عليه إقناعها كلّ يوم بأنّه هو الرجل الذي ارتضته زوجاً وحبيباً. فيضطر كلّ يوم إلى ابتكار أسلوب جديد لكسب ودّها. استطاع المخرج عبر مجريات هذا الفيلم أن يوحي بفكرة غاية في الروعة والأهمية.. لو استطعنا أن نجعل كلّ يوم من حياتنا يوماً جديد.. بداية جديدة، فسوف نعيش حياةً مليئةً بالإثارة والمتعة.

تهدف هذه المهارة إلى أن ننظر إلى الأشياء من حولنا، والأشخاص الذين اعتدنا عليهم بعيون جديدة وبشكل جديد. إنّها دعوة لأن نبدأ حياتنا من جديد، ونتخلص من عقد الماضي، وأعبائه، ومن أحكامنا السابقة عن أنفسنا، والناس من حولنا، والتي أصدرناها في ظروف تختلف تماماً عما نعيش فيه الآن. إنّ مَن يمتلك هذه المهارة يستطيع أن يستخدمها في نواحي شتى من حياته. فمع كلّ صباح سوف ينظر لشريكة حياته وكأنّه تعرّف عليها للتو. بل يعيش كلّ يوم وكأنّه من أيام (العسل) الأولى. وعلى نفس المنوال، سيخلق علاقة جديدة مع إخوانه وأخواته. وكم استغرب عندما تصيب (الوحدة) أحد أفراد الأسر الكبيرة (في العدد). فعلى الرغم من وجود خمسة أو ستة من الأخوة ومثلهم من الأخوات لكن العلاقة التي تربط بينهم علاقة (فاترة) يعلوها غبار الأيام والسنين.

هذا ينطبق أيضاً على الأشياء التي نمتلكها. فالسيارة التي اشتريتَها منذ أعوام قليلة وكنتَ في ذلك الحين (تكاد تطير من الفرح) باقتنائها، أصبحت الآن شيئاً (عادياً) لا يثير أي لذة أو استمتاع. والآن هل تستطيع أن تقف وتنظر إليها من جديد وكأنك اشتريتها الآن؟. سوف تستمتع بها من جديد وما عليك سوى التجربة.

قديماً قالوا (الصحّة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلّا المرضى). ولا أدري لماذا يراه إلّا المرضى؟!. بل إنني أراه واستمتع بوجوده وأحمد الله عليه صباح مساء. وهكذا فإنّ تذكير أنفسنا من جديد بنعم الله المنسية كالسلامة والمال والأولاد والاستقامة على الحقّ وحمده سبحانه عليها سيبعث في النفس طمأنينة وسعادة هائلة.

حتى الأحداث العادية التي تحدث كلّ يوم، سوف يكون لنا الفرصة للاستمتاع بها من جديد. فمثلاً شروق الشمس ذلك الحدث المذهل الذي يحدث كلّ صباح والناس عنه نائمون.. تخيّل عندما تشرق شمس الغد كم (ستندهش) من كرة ضخمة حمراء تبدأ بالظهور في الأفق شيئاً لتكسو كلّ ما حولها باحمرار وكأنّ الكون يحترق! وكيف تنشر هذه الكرة أشعةً ذهبية دافئة.. أليست تجربة ممتعة.

ختاماً: يذكر أنّ (أديسون) صاحب الألف اختراع كان يمتلك معملاً يضع فيه مخططاته ويجري فيه تجاربه. وذات يوم احترق ذلك المعمل. فقال بعد أن تفقد آثار الدار الذي لحق به: "إنّها كارثة.. لكنها فرصة لكي أبدأ من جديد..

لسنا بحاجة لأيّة كارثة! فقط دعونا نبدأ من الآن بأن ننظر إلى كلّ يوم على أنّه بداية جديدة وتحدٍ جديد. ►

 

المصدر: كتاب القرار في يديك

ارسال التعليق

Top