• ٢ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

«العين» أعصاب وطبقات

رفيق شاكر النتشه

«العين» أعصاب وطبقات

◄البصر:

يعتبر هذا الجهاز من عجائب خلق الله، وقد تمكن العلم من اكتشاف طرق الأبصار، وعرف أنّ الأبصار يتم بواسطة النور الذي ينعكس على شبكة العين، وانّه لا أبصار بدون نور وقد احتار العلماء في معرفة ماهية النور الذي ينتشر بسرعة جبارة تبلغ 300 ألف كيلومتر في الثانية.

وتعتبر العين وسيلة الأبصار وقد خلقها الله من أعصاب وطبقات، وجعلها قادرة على التكيف في البيئات المختلفة من النور والظلمة، والجفاف والرطوبة، وجهزت العين بعدسات قابلة للتحرك بحيث تزداد فتحاتها اتساعاً في الظلمة وتزداد انقاصاً إلى خمسمائة ضعف، كما يمكن أن تنخفض إلى 20 مليون ضعف.

وبإمكان العين أن ترى حتى إذا بلغت الرؤية مقدار (0.000.0007) أمبير وإذا زادت عن الحدود القصوى أحست العين بشعور مؤلم، كما أنّ المقدار الضوئي إذا نزل إلى ما دون الحدود الدنيا لم تعد تشعر العين بشيء.

ويتم الإبصار عندما تلقى عدسات العين صورة على الشبكية، فتنظم العدسات بطريقة آلية إلى بؤرة محكمة. وتتكون الشبكة من تسع طبقات منفصلة تتكون من أعواد ومخروطات، يبلغ عددها في الأولى 30 مليون عود وفي الثانية ثلاثة ملايين، وقد نظمت كلها في تناسب محكم. وإذا كان الله قد جهز للإنسان عينين، فقد جهز بعض الحيوانات بالعديد من العيون يتراوح بين اثنتين وعدة الآف عين. ويقول العالم موريسون: "لا شك أنّ احكام علم المرئيات لا يمكن أن يتم إلا بعون من الخالق".

ولقد استطاع العلماء أن يكبّروا الأشياء بواسطة المجهر الإلكتروني إلى 300.000 مرة. ولكن مع ذلك لم يستطع هذا المجهر أن يرى الذرة ويعتقد العلماء أنّه سيكون بإمكانهم ذلك إذا اخترعوا مجهراً إلكترونياً يستطيع أن يكبّر الأشياء 800.000 أو مليون مرة.

ولا شكّ أنّ إشارة القرآن إلى الذرات في القرآن لهو لفته من الله للإنسان ليزداد تدبراً في أسرار هذا الكون. فقد قال الله تعالى:

(وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس/ 61).

وقوله تعالى:

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة/ 7-8).

وكما كان جهاز السمع عند الإنسان محدود الطاقة والاستيعاب كذلك جهاز البصر محدود بما يتناسب وحاجة الإنسان في حياته ومهماته التي خلق على الرؤيا، تضرر الإبصار، وقد تدمر شبكات العين، تماماً كما يحصل إذا زاد التيار الكهربائي فجأة فتنفجر اللمبات، وتحترق الآلات الكهربائية ذات القوة الكهربائية المحدودة.

وإذا قل النور المنبعث أو المنعكس من بعض الأجسام فإنّ العين لا تتمكن من رؤية تلك الأجسام.

ولذلك فإنّ عدم رؤية العين لبعض الأجسام أو المخلوقات لا يمكن أن يكون دليلاً على عدم وجودها، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في آيات منها قوله تعالى:

(إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) (الأعراف/ 26).

وهذه إشارة إلى وجود (الملائكة، والجن، والشياطين) التي لا تتمكن العين من رؤيتها لعدم تأهيلها لذلك. ولقد توصل عدد من العلماء الأميركان في كليفورنيا إلى "احتمال وجود كائنات لا مادية (Anti – Matter) على بعض العوالم الأخرى".

وقد ذكر الله بهذا الصدد تجربة موسى (ع) حينما طلب من الله تعالى أن يراه فقال تعالى عن موسى:

(قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف/ 143).

كما وانّ أي إنسان يستطيع أن يقوم بتجربة بسيطة فيربط خيطاً بجسم صلب ويحركه بسرعة كبيرة، فلا تلبث أن تختفي صورة الجسم لشدة سرعته. وذلك ناتج عن أنّ العين لديها قدرة محدودة على رؤية الأجسام في أوضاع محدودة وبنسبة إضاءة محدودة، كما هو الحال في جهاز السمع عند الإنسان الذي يستطيع سماع الأصوات التي تتراوح اهتزازاتها ما بين 16 و20 ألف هزة في الثانية، بينما وهب الله بعض الحيوانات قدرة أكثر من ذلك كما هو الحال في القط الذي يمكنه سماع الأصوات التي يبلغ توترها 50 ألف هزة في الثانية، والفأر 40 ألف هزة في الثانية، ومن أعجبها الخفاش الذي يستطيع سماع 120 ألف هزة في الثانية، وهو ما قلده العلماء وتوصلوا بواسطته (الخفاش) إلى اكتشاف الرادار، وذلك لأنّه حيوان ليلي يعيش في الكهوف وسط الظلام حيث لا رؤية، ولكن يستطيع أن يجد فريسته بفضل قدرته على سماع رجع صرخاته ما فوق الصوت التي يطلقها ويعود فيسمعها ثانية باذنيه الكبيرتين.

وعلى نفس المبدأ تمكن العلماء من اختراع الصواريخ المضادة للطائرات التي تعتمد على متابعة الحرارة المنبعثة من محرك الطائرة مقلدين بذلك الأفعى التي تملك في وجهها نوعاً من المستطيلات الحرارية التي تستطيع أن تكشف خلال ½ ثانية جسم فأر تزيد درجة حرارته عشر درجات مئوية عن المحيط.

 

المصدر: كتاب كتاب الإيمان بين الوحي والعقل

ارسال التعليق

Top