• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أصول التوكل...

زهير الأعرجي

أصول التوكل...

  ◄يلخّص التاريخ معنى التوكل على الله سبحانه في واقعة فريدة من نوعها في التاريخ الإسلامي، وهي واقعة أحُد التي فتحت في المسلمين جرحاً عميقاً، وذلك بعد أن عصى بعض المسلمين الله سبحانه وتعالى، فانهزموا، وولوا الأدبار، وعصوا الرسول (ص) عندما أمرهم بالوقوف والثبات في موضع مهم، فلم يطيعوه، وشاع في تلك الفترة بين الناس أنّ الرسول محمّد (ص) قد قتل[1]، فقال بعض المتخاذلين: ليت لنا رسولاً إلى (عبدالله بن أبي) وهو رئيس المنافقين، فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان، يا قوم انّ محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلونكم، قال أنس بن النضر: يا قوم إن كان محمّد قد قتل فإنّ رب محمّد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه محمّد، اللّهمّ إني أعتذر إليك ممّا يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مّا جاء به هؤلاء فشدّ بسيفه فقاتل حتى قتل. في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الرسالة، روّج المنافقون الكثير من الإشاعات المحبطة للعزيمة، في محاولة لبثّ روح اليأس بين المؤمنين، فقالت الإشاعات أنّ المشركين قد جمعوا وأعدوا، وأنّ مصير المؤمنين القتل والفناء وهتك الأعراض. في تلك الفترة الحرجة قدَّم الإسلام أوّل درس في معنى الارتباط الروحي بالله سبحانه، فثبت قاعدة التوكل على الله سبحانه والاستعانة به والاعتماد عليه، خاصة في ظروف الشدة والمحنة، لأنّ ما يتعلمه الإنسان في المحنة يسهل عليه ممارسته في اليسر والرخاء.. فيصف القرآن الكريم هذه الحالة وذلك الظرف وصفاً رائعاً.. يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران/ 173)، والناس في الحالة الأولى غير الناس في الحالة الثانية.. فالمراد بالناس في الحالة الثانية هم المشركون الذين أرادوا إبادة المسلمين، وفي الحالة الأولى هم المتخاذلون المثبطون، الذين كانوا يستخدمون مختلف الأساليب لتثبيط المؤمنين المقاتلين، وإخماد عزيمتهم لقتال المشركين.. إنّ التوكل على الله سبحانه إنما يرسّخ الإيمان ويثبّت الطمأنينة في قلب الإنسان المؤمن.. ولذلك يقول القرآن: (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا)..

والحقيقة أنّ السعي في الحياة يتطلب أسباباً طبيعية وأخرى روحية غيبية، أو نفسية كما يصطلح عليها الغربيون.. فالخوف والتهيب لا ينتج إلّا عن شيء لا يفسّر إلّا تفسيراً واحداً ألا وهو اختلال الحالة النفسية والشعورية للإنسان.. وكذلك الحزن وسوء الظن وفساد النيّة والطيش وغيرها من الأمور.. ولا شيء يصحح هذا الاختلال النفسي، والاضطراب الروحي غير التوكل على الله سبحانه وتعالى.. ولذلك يقول الباري عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) (الطلاق/ 3).

ويثبت القرآن الكريم خمس صفات أساسية في شخصية الإنسان المؤمن، الواعي لحقيقة الإيمان، من هذه الصفات التوكل على الله سبحانه وتعالى.. يقول عزّ وجلّ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال/ 2-4). والصفات التي يتناولها القرآن الكريم هي: وجل القلب عند ذكر الله، زيادة الإيمان عند استماع آيات الله، التوكل على الله، إقامة الصلاة، والإنفاق ممّا رزقهم الله سبحانه.. "وقد روعي في ذكر هذه الصفات الترتيب الذي بينها بحسب الطبع، فإنّ نور الإيمان إنّما يشرق على القلب تدريجياً، فلا يزال يشتد ويضاعف حتى يتم ويكمل بحقيقته، فأوّل ما يشرق يتأثر القلب بالوجل والخشية إذا تذكّر بالله عند ذكره، وهو قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ).

ثمّ لا يزال ينبسط الإيمان ويتعرّق وينمو ويتفرع بالسير في الآيات الدالة عليه تعالى، والهادية إلى المعارف الحقّة، فكلّما تأمل المؤمن في شيء منها زادته إيماناً، فيقوى الإيمان ويشتد حتى يستقر في مرحلة اليقين، وهي قوله تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا).

وإذا زاد الإيمان وكمل كمالاً عرف عندئذٍ مقام ربه وموقع نفسه، معرفة تطابق واقع الأمر، وهو أنّ الأمر كلّه إلى الله سبحانه، فإنّه تعالى وحده هو الرب الذي إليه يرجع كلّ شيء، فالواجب الحقّ على الإنسان أن يتوكل عليه ويتبع ما يريده منه بأخذه وكيلاً في جميع ما يهمه في حياته، فيرضى بما يقدّر له في مسيرة الحياة، ويجري على ما يحكم عليه من الأحكام ويشرّعه من الشرائع فيأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه، وهو قوله تعالى: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).

ثمّ إذا استقر الإيمان على كماله في القلب، استوجب ذلك أن ينعطف العبد بالعبودية إلى ربه، وينصب نفسه في مقام العبودية وإخلاص الخضوع وهو الصلاة، وهي أمر بينه وبين ربه، وأن يقوم بحاجة المجتمع في نواقص مساعيهم بالإنفاق على الفقراء ممّا رزقه الله من مال أو علم أو غير ذلك، وهو أمر بينه وبين سائر أفراد مجتمعه، وهو قاله تعالى: (       الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[2]".

وراعى الإسلام في مفهوم التوكّل، إرادة الإنسان أيضاً، فوافق بين عزيمة الإنسان وتصميمه على عمل شيء، وبين التوكل على الله في تسديد ذلك العمل.. وهذا ما ذكّر الله به المؤمنين بعد غزوة أحُد، مخاطباً رسول الله (ص): (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران/ 159). فالإرادة والتصميم الحازم هي الأساس في التوجه نحو العمل، وإنّما يتوكّل الإنسان على الله سبحانه، وبطلب تسديد العمل، وطلب النصرة والتوفيق.. فالتوكل "هو أن ينكشف للعبد بنور الحقّ أنّ لا فاعل إلّا الله، وأنّ كلَّ موجود، من خلق ورزق وعطاء ومنع وغنى وفقر، وصحة ومرض، وحياة وموت... إلى غير ذلك، متفرد بإبداعه واختراعه هو الله تعالى لا شريك له فيه، وإذا انكشف له هذا لم ينظر إلى غيره، بل كان منه خوفه وإليه رجاؤه، وبه ثقته وعليه اتكاله"[3]. والتوكل موقوف على أن يعتقد الإنسان اعتقاداً جازماً بأنّ لا موجد ولا محيي إلّا الله، وأنّه لا حول ولا قوة إلّا بالله، وانّ له تمام العلم والقدرة على كفاية العباد، ثمّ شمول العطف والرحمة والعناية بالناس، وانّه ليس وراء منتهى قدرته قدرة، ولا وراء منتهى علمه علم، ولا وراء منتهى عنايته عناية، فمن اعتقد ذلك اتّكل قلبه على الله، واطمأنّت سريرته بذلك، كما قال سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (البقرة/ 260).

ويقول الإمام الصادق (ع)[4] في هذا الصدد: "من أعطى ثلاثاً لا يمنع ثلاثاً: من أعطى الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطى الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطى التوكل أعطي الكفاية. أما تلوت كتاب الله عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق/ 3)، (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم/ 7)، (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر/ 60)".

ويخاطب القرآن الكريم أولئك الذين يعتمدون على عباد أمثالهم وينسون التوكل على الله سبحانه، فيذكّرهم بأنّ الرزق والحياة والمصير والأقدار كلها بيد الله سبحانه، فيقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) (الأعراف/ 194). (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ) (العنكبوت/ 17). (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (المنافقون/ 7). (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون) (الزّمر/ 38). والآيات الكريمة المذكورة آنفاً تهاجم بشكل عام، الذين يجعلون لله أنداداً يقدمون لهم الولاء والطاعة، ويحسبون أنهم بولاء هؤلاء الأنداد إنّما يستطيعون دفع السيئات والابتلاءات ومصاعب الحياة.. وينسون أنّ الأمر الأوّل والأخير بيد الله سبحانه، وأنّ تقدير الأمور وتقسيم الأرزاق بيده عزّ وجلّ، فلِمَ الاعتماد على غيره، وهو القادر الحكيم، المقتدر الرازق، جبار السماوات والأرض؟... إنّ الذين لا يتوكلون على الله في أعمالهم هم بلا شك من الأخسرين أعمالاً، الذين خسروا الدنيا والآخرة، وليس لهم في الآخرة إلّا الحسرة والندم والعذاب..

ويذكر لنا القرآن الكريم قصة بني إسرائيل، وكيف أمرهم الله سبحانه وتعالى بالتوكل عند المواجهة، فنكلوا بموسى (ع)، وقالوا له اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ههنا قاعدون. وفي أمالي المفيد بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: لما انتهى لهم موسى إلى الأرض المقدسة قال لهم: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (المائدة/ 21)، وقد كتبها الله لهم، (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ[5] أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا[6] ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا * قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (المائدة/ 22-25). فلمّا أبوا أن يدخلوها حرّمها الله عليهم فتاهوا في أربع فراسخ في الأرض مدة أربعين سنة. والمعنى المستفاد في هذا الموضع أنّ التوكل على الله سبحانه أمر ضروري في ساعات الشدة والمواجهة، لأنّه يعطي الإنسان المؤمن بريقاً من الأمل، ويجعله يعيش المفهوم الحقيقي للحياة، وهو أنّ أمور العالم والناس راجعة إلى خالق قدير حكيم بيده مقدرات كلّ الأمور... وهذا هو معنى التوكل على الله.. فهو الاعتماد على تلك القدرة الغيبية الجبّارة، تلك القوة المهيمنة على السماوات والأرض.. حيث تعجز قدرة الإنسان المحدودة من الوصول إلى آفاق أوسع في المحيط الذي يعيش فيه..

ويشير القرآن الكريم إلى أنّ التوكّل على الله سبحانه هو جزء من طاعته عزّ وجلّ، فالتوكيل "هو إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في إدارة أموره ولازم ذلك قيام إرادته مقام إرادة موكله، وفعله مقام فعله، فينطبق بوجه عام على الإطاعة فإنّ المطيع يجعل إرادته وعمله تبعاً لإرادة المطاع فتقوم إرادة المطاع مقام إرادته ويعود عمله متعلقاً لإرادة المطاع صادراً منها اعتباراً فترجع الإطاعة توكيلاً بوجه عام كما أنّ التكيل إطاعة بوجه عام.

فإطاعة العبد لربه إتباع إرادته ربه والإتيان بالفعل على هذا النمط وبعبارة أخرى إيثار إرادته وما يتعلق بها من العمل على إرادة نفسه وما يتعلق بها من العمل. فطاعته تعالى فيما شرَّع لعباده وما يتعلّق بها نوع من التوكل عليه، وطاعته واجبة لمن عرفه وآمن به فعلى الله فليتوكل المؤمنون وإياه فليطيعوا، وأمّا من لم يعرفه ولم يؤمن به فلا تتحقق منه طاعة"[7]. ولذلك جاءت الآية القرآنية الكريمة لتؤكد هذا المعنى.. يقول تعالى: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التغابن/ 13).

ويذكر القرآن الكريم أنّ التوكل على الله إنّما هو إرجاع أمر تدبير الأمور والحياة إليه، وأنّه هو مسبب الأسباب، وينتهي إليه كلّ سبب.. أما الإنابة فهي الرجوع إلى حكم الله تشريعاً في كلِّ واقعة يستقبلها الإنسان في مسيرة حياته.. وقد جاء التوكل والإنابة في موضع واحد حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى/ 10)، والمعنى: وهو كلام محكي للنبيّ (ص)، إني أرجع في جميع أموري إلى الله سبحانه تكويناً وتشريعاً.. وكذلك يحثُّ الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم (ص) على التوكل عليه، فيقول تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا) (الأحزاب/ 3).

إذن فالتوكل هو أحد الأسباب المتعلقة بالله سبحانه وتعالى، المكملة للأسباب الطبيعية المألوفة، فالإنسان يسعى لإنجاز العمل بكلِّ طاقته، وتسديد ذلك العمل يبقى على الله سبحانه، ولذلك فإنّ التوكل على الله أمر ضروري في حركة الإنسان في الحياة، لأنّها ترسخ العلاقة الحميمة بين المخلوق الضعيف والخالق الجبّار..

الهوامش:

[1]- في الدر المنثور أخرجه ابن جرير عن السدي.

[2]- الميزان في تفسير القرآن/ العلامة السيد محمّد حسين الطباطبائي.

[3]- جامع السعادات/ النراقي، ج3، ص218-230.

[4]- المصدر السابق، ص222.

[5]- ظاهر السياق أنّ المراد بالمخافة مخافة الله سبحانه.

[6]- أنّ النعمة إذا أطلقت في عرف القرآن يراد بها الولاية الإلهية فهما كانا من أولياء الله تعالى.

[7]- للتوسع راجع الميزان – للمرحوم السيد الطباطبائي – كلام في التوكل، ج4، ص65.

المصدر: كتاب الأخلاق القرآنيّة ج2

ارسال التعليق

Top