• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أهل البيت (ع) وتربية الأطفال

زهير الأعرجي

أهل البيت (ع) وتربية الأطفال
 ◄نقل لنا التاريخ، الكثير من الروايات المروية عن أهل البيت (ع) في أمور تربية الطفل، وإنشائه إنشاءاً أخلاقياً سليماً.. وقد قطع أئمة أهل البيت (ع) برجوع علمهم إلى النبيّ (ص)، ورجوع علم النبي (ص) إلى الله سبحانه وتعالى.. وعلى هذا الأساس فإنّ علم أهل البيت (ع) مسدّد من قبل المولى عزّ وجلّ.. ويشير إلى هذا المعنى قول الإمام الباقر (ع) لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرقا وغرّبا فوالله لا تجدان علماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت".

فعن الإمام الصادق (ع) أو الباقر (ع) قال: "إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات قل: لا إله إلّا الله، ثمّ يترك حتى يتمّ له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوماً فيقال له: قل: محمّد رسول الله (ص) سبع مرات، ويترك حتى يتمّ له أربع سنين ثمّ يقال له سبع مرات، قل: صلّى الله على محمّد وآل محمّد ثمّ يترك حتى يتمَّ له خمس سنين ثمّ يقال له: أيّهما يمينك وأيّهما شمالك، فإذا عرف ذلك حوِّل وجهه إلى القبلة ويقال له: اسجد ثمّ يترك حتى يتمّ له ست سنين، فإذا تمّ له ست سنين صلّى، وعُلِّمَ الركوع والسجود حتى يتمّ له سبع سنين، فإذا تمّ له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفّيك، فإذا غسلهما قيل له: صلِّ ثمّ يترك حتى يتمّ له تسع فإذا تمَّت له علّم الوضوء وضرب عليه وعلّم الصلاة وضرب عليها فإذا تعلّم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه".

ويقول أمير المؤمنين عليّ (ع): "قال رسول الله (ص): "علِّموا أولادكم السباحة والرماية"". وعن الإمام الصادق (ع): "قال رسول الله (ص): "من قبَّل ولده كتب الله له حسنة، ومن فرَّحه فرَّحه الله يوم القيامة، ومن علَّمه القرآن دُعي بالأبوين فكسيا حلّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنّة". وعن عليّ (ع): "لأنْ يؤدّب أحدكم ولده خيرٌ له من أنْ يتصدَّق بنصف صاع كلَّ يوم". وعنه (ع) أيضاً: "أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم يغفر لكم". وعن الإمام الصادق (ع): "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة". وعنه (ع) أيضاً: "لا خيرَ فيمن لا يتفقه من أصحابنا... إنّ الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم". ويعقب العلامة الحرّ العاملي بقوله: هذه المفسدة أقرب إلى الأولاد الصغار لضعف تمييزهم وقبولهم كلَّ ما يقع في قلوبهم. وعن عليّ (ع): "علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها".

وعن موسى الكاظم (ع) قال: "جاء رجل إلى النبيّ (ص) فقال: يا رسول الله ما حقَّ ابني هذا؟ قال: "تحسن اسمه وأدبه وضعه موضعاً حسناً"". وعن الإمام الصادق (ع): "قال رسول الله (ص): "رحم الله والدين أعانا ولدهما على برِّهما"". وفي قول آخر للرسول (ص): "يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما". وعن أبي عبدالله الصادق (ع): "قال رسول الله (ص): "حقُّ الولد على والده إذا كان ذكراً أن يستفرّه أمّه ويستحسن اسمه ويعلّمه كتاب الله ويطهّره ويعلّمه السباحة، وإذا كانت أنثى أن يستفرِهَا أمها ويستحسن اسمها ويعلّمها سورة النور ولا يعلّمها سورة يوسف ولا ينزلها الغرف ويعجّل سراحها إلى بيت زوجها". وعن الصادق (ع): "قال رسول الله (ص): "رحم الله من أعان ولده على برِّه، قيل: كيف يعينه على برِّه؟ قال: يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه ولا يخرق به، وليس بينه وبين أنْ يدخل في حدٍّ من حدود الكفر إلّا أنْ يدخلَ في عقوق أو قطيعة رحم، ثمّ قال رسول الله (ص): الجنة طيّبة طيّبها الله وطيّب ريحها، يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريح الجنّة عاق ولا قاطع رحم ولا مرخي الأزار خيلاء"". وعنه (ع) أيضاً: "من حقِّ الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوِّجه إذا بلغ". وعنه (ع) أيضاً: "قال رجل من الأنصار: من أبرُّ؟ قال: والديك، قال قد مضينا، قال: برِّ ولدك". "قال رسول الله (ص): "أحبوا الصبيان وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم فإنّهم لا يرون إلّا أنكم ترزقونهم"". "إنّ اللهَ ليرحم العبد لشدّة حبه لولده". "برُّ الرجل بولده برُّه بوالديه". قال رسول الله (ص): "من قبَّل ولده كتب الله له حسنة". "أكثروا من قبلة أولادكم فإنّ لكم بكلِّ قبلة درجة في الجنة مسيرة خمسمائة عام". "كان رسول الله (ص) يقبِّل الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقال الأقرع بن حابس: إنّ لي عشرة من الولد ما قبَّلت أحداً منهم، فقال رسول الله (ص): "من لا يَرحم لا يُرحم". وعن أمير المؤمنين عليّ (ع) قال: قال النبي (ص): "من كان عنده صبيٌّ فليتصاب له". "نظر رسول الله (ص) إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبيّ (ص): فهلا واسيتَ بينهما".

ولا شكَّ في أنّ هذه الأحاديث الشريفة ترسمُ لنا خطاً رئيسياً عاماً لمعالم تربية الطفل في الإسلام، ولكنها لا تعطي تفاصيل التربية بالأرقام، لأنّ التعامل بالتفاصيل ترجع إلى قدرة العقل البشري في الملاحظة والرصد والدراسة، وقد سَبَقنا علماء التربية، في الحضارة الحديثة إلى دراسات إحصائية حول مشاعر الأطفال ونفسياتهم، وطريقة تعاملهم مع الحياة، ولكن فاتهم أنّ هذه الدراسات الإحصائية لا تستطيع لوحدها أنْ تخلقَ جيلاً مهذّباً منتجاً قائماً على أساس الأخلاق والعدالة الإنسانية.. فما لم تتظافر الدراسة الإحصائية الحديثة في تربية الطفل، مع مبادئ التربية الإسلامية، لا نستطيع أنْ نخلق جيلاً متماسكاً نظيفاً، قوياً في العقل والإرادة والروح، لأنّ الدراساتِ الحديثة في التربية غير كافية لصنع الإنسان المسلم الذي نطمح إلى صناعته، ولا الخطوط الرئيسية التي نقلها لنا التاريخ الإسلامي كافية أنْ تصنعَ في الأُمّة تكاملاً أخلاقياً.. فنحن في الواقع بحاجة ماسّة إلى دراسة مبادئ الإسلام في التربية من خلال علمائنا، ودراسة الأساليب الحديثة في التربية من خلال مفكرينا، دراسة ميدانية تنبع من صميم التركيبة النفسية والاجتماعية والأخلاقية للمجتمع المسلم المعاصر..

 

المصدر: كتاب الأخلاق القرآنية/ ج1

ارسال التعليق

Top