• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

سر المرونة في القوانين الإسلامية

مرتضى مطهري

سر المرونة في القوانين الإسلامية

  إنّ المفكرين الإسلاميين يعتقدون انّ في الإسلام سراً ورمزاً يمنحان هذا الدين القابلية على التكيف مع تطورات العصر. ويعتقدون انّ هذا الدين يتماشى مع التقدم العصري والتطور الثقافي والتغييرات الناتجة عنهما. ولنعرف الآن ما هو هذا السر؟ وبتعبير آخر ما هذه الروابط والفواصل التي تخللت بناء هذا الدين ومكنته عن التكيف مع الأوضاع المتغيرة الناشئة عن تطور العلم والثقافة دون أن يصطدم بها أو أن يتخلى عن أحد قوانينه من أجل الانسجام معها؟ هذا هو ما سنوضحه في هذه المقالة.

لقد فطن بعض القراء وفطنت أنا إلى انّ هذه المسألة لها جانب فني وتخصصي ويجب ألا تطرح إلّا على أهل الاختصاص. ولكن نظراً لان بين السائلين والمهتمين بهذه المسألة كثيراً من المتشائمين الذين لا يصدقون أنّ الإسلام يمتلك مثل هذه الخاصية، لذا فسنبين منها ما يكفي لإقناع المتشائمين وما يصلح نموذجاً جيِّداً أمام الآخرين. ومن أجل أن يعلم القراء المحترمون انّ مثل هذه البحوث لم تكن خافية على علماء الإسلام، فليراجعوا الكتاب النفيس المسمى (تنبيه الأُمّة) تأليف العلّامة المرحوم آية الله النائيني والمقالة القيمة (ولايت وزعامت) أي (الولاية والزعامة) للأستاذ والعلامة السيد الطباطبائي في كتاب (مرجعيت وروحانيت) أي (المرجعية رجال الدين) وكلا الكتابين باللغة الفارسية. إنّ السر في انسجام الدين الإسلامي المقدس – بقوانينه الثابتة التي لا تقبل التغيير – مع التطور الحضاري والثقافي ومواءمته للصور الحياتية المتغيرة يكمن في عدة أمور سنقوم بشرح بعضها فيما يلي:   1- الاهتمام بالجوهر والمعنى واهمال القالب والشكل: إنّ الإسلام لا يهتم بالشكل الظاهر للحياة والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالميزان العلمي للإنسان، بل انّ القوانين الإسلامية تتعلق بالروح والمعنى وبهدف الحياة وأفضل السبل التي يجب أن يسلكها البشر لتحقيق ذلك الهدف، أما العلم فلا يغير هدف الحياة وروحها، ولا يهدي إلى طرق أفضل وأقصر وأسلم للوصول إلى هذا الهدف، انما يهيئ أساليب أفضل وأكمل للوصول إليه ويضيء الطرق التي تهدي إليه. إنّ الإسلام بتحديده الأهداف ضمن منطقة اختصاصه، وتركه الاشكال والصور والآلات لتقع ضمن منطقة اختصاص العلم والفن، لم يتعارض مع أي شكل من أشكال التطور الثقافي والحضاري، بل شجع على تطوير الحضارة بالعلم والعمل والتقوى والإرادة والهمة والاستقامة وقد تبنى دور العامل الأساس في تقدم الحضارة. إنّ الإسلام قد نصب معالم فيخط سير الإنسان. هذه المعالم أشارت من ناحية إلى الطريق والغاية، ومن ناحية أخرى أشارت بعلامة الخطر إلى الانحرافات والمساقط والمفاسد. فجميع التعاليم الإسلامية هي اما من معالم النوع الأوّل أو من معالم النوع الثاني. إنّ وسائل وآلات المعيشة في كل عصر ترتبط بكمية المعلومات والتجارب العلمية للإنسان، فبمقدار ما تنمو المعلومات والتجارب، تتكامل الآلات وتأخذ مكان النواقص بحكم حتمية التاريخ. في الإسلام، لا يمكن أن نجد أداة أو تشكيلة مادية ذات (قدسية) لكي يجد حتى فرد واحد نفسه ملزماً بالاحتفاظ بها. إنّ الإسلام لم يقل انّ الخياطة أو النساجة أو الزراعة أو الحمل والنقل أو الحرب أو أي عمل آخر من هذا القبيل يجب أن يتم بالآلة الفلانية حتى إذا الغيت تلك الآلة نتيجة لتقدم العلم، شب نزاع واختلاف بين العلم وقانون الإسلام. إنّ الإسلام لم يحدد أنماطاً خاصة بالحذاء واللباس، ولا طرازاً معيناً للبناء ولا آلات خاصة للإنتاج والتوزيع. لذلك فهو ينسجم مع تطور ورقي العصر.   2- قانون ثابت للحاجة الثابتة وقانون متغير للحاجة المتغيرة: والخاصية الأخرى من خصائص الدين الإسلامي الفائقة الأهمية هي أنّه قد وضع الاحتياجات الإنسان الثابتة قوانين ثابتة، ولاحتياجاته المتغيرة نظماً متغيرة. فإن قسماً من الحاجات سواء على الصعيد الفردي والشخصي أو على الصعيد العام والاجتماعي ذات وضع ثابت، فهي واحدة في جميع العصور. فالنظام الذي يجب أن يحكم غرائز الإنسان، والنظام الذي يجب أن يحكم مجتمع الإنسان – من حيث الأصول والضوابط العامة – واحد في جميع الأزمان. انني واع لمسألة (نسبية الأخلاق) ومسألة (نسبية العدالة) اللتين تملكان رصيداً من المؤيدين، وسأبين رأيي آخذاً بنظر الاعتبار نظريات هؤلاء المؤيدين. وقسم آخر من حاجات الإنسان متغيرة وتستوجب قوانين متغيرة وغير ثابتة. والإسلام بالنسبة لهذه الحاجات المتغيرة قد أخذ بنظر الاعتبار أوضاعاً متغيرة وذلك بربط هذه الأوضاع المتغيرة بمبادئ ثابتة وهذه المبادئ تنشئ لكل وضع متغير قانوناً فرعياً خاصاً. انني لا أستطيع أن أوضح هذه المسألة أكثر من ذلك ضمن هذه المقالة، لكنني سأضرب للقراء المحترمين بعض الأمثلة. في الإسلام مبدأ اجتماعي يتمثل بقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (الأنفال/ 60). وفي السنة النبوية مجموعة من التعليمات تعرف في الفقه باسم (السبق والرماية). ورد في الحديث ما معناه: تعلموا وأولادكم فنون الفروسية والرماية حتى تتقنوها. وكان ركوب الخيل والرماية من الفنون العسكرية في ذلك العصر. وواضح جدّاً ان جذر ومبدأ قانون (السبق والرماية) هو نفس مبدأ (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، أي انّ الرمح والسيف والسهم والخيل ليست هي الأصل في القوة في نظر الإسلام. إنّما الأصالة للقوة. الأصالة أن يصبح المسلمون في كل عصر وزمان أصحاب قوة في النواحي العسكرية والدفاعية أمام الاعداء وإلى أقصى حد ممكن. فلزوم المهارة في الرماية وركوب الخيل اطار لمسألة لزوم القوة. بتعبير آخر هو صورة تنفيذية لها لا غير. إذاً فشرط القوة أمام العدو قانون ثابت ينبع من حاجة ثابتة ودائمة. أما شرط المهارة في الرماية وركوب الخيل فمظهر لحاجة مؤقتة ومتغيرة تتغير من عصر إلى عصر، وبتغير ظروف الحضارة تحل محلها أمور أخرى من قبيل الأسلحة النارية المتداولة هذه الأيام والمهارة والتخصص في استعمالها. مثال آخر: مبدأ اجتماعي آخر ذكر أيضاً في القرآن يتعلق بتبادل الثروة، فالإسلام قبل مبدأ الملكية الفردية. وبالطبع فإن ما قبله الإسلام بعنوان الملكية يختلف عما هو موجود في العالم الرأسمالي وليس الآن وقت المقارنة بينهما. وشرط الملكية الفردية هو التبادل. وقد قرر الإسلام (للتبادل) مبادئ من جملتها مبدأ (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (البقرة/ 188)، أي انّ المال والثروة المتداولة من يد إلى يد والتي تخرج من يد المنتج وصاحب الصلاحية في مقابل فائدة مشروعة تعود على صاحب الثروة. أمّا انتقال الثروة من يد إلى يد بدون أن تعود على صاحبها بفائدة ذات قيمة إنسانية فهو أمر ممنوع. فالإسلام لا يعتبر الملكية مساوية للصلاحية المطلقة. من ناحية أخرى، ورد في التعاليم الإسلامية منع بيع وشراء بعض الأشياء ومن جملتها الدم وغائط الإنسان، لماذا؟ لأن دم الإنسان أو الخروف ليس لهما استعمال مفيد يجعلهما ذَوَي قيمة جزءاً من ثروة الإنسان، ومبدأ منع بيع وشراء الدم والغائط يستند إلى مبدأ (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، فمنع بيع الدم والغائط ليس له أصالة في نظر الإسلام، انما الاصالة لوجوب كون التبادل بين شيئين نافعين للإنسان، فمنع بين أمثال دم وغائط الإنسان اصطبغ بصبغة منع تداول الثروة بالباطل. وبتعبير آخر انها الصورة التنفيذية لمبدأ (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (النساء/ 29)، بل لو لم تكن هناك مبادلة أصلاً فلا يمكن لاية ثرة أن تمتلك من الغير بالباطل وتصرف. هذا المبدأ هو مبدأ ثابت لكل عصر وينبع من حاجة اجتماعية ثابتة. أمّا كون الدم والغائط لا يعدان مالاً وغير قابلين للتبادل فأمر يرتبط بالعصر والزمان والمستوى الحضاري، وبتغير الظروف وتقدم العلوم والصناعات وامكان استعمالهما لفائدة الإنسان يتغير هذا الحكم. مثال آخر: كان أمير المؤمنين علي (ع) – في أواخر عمره – لا يستعمل الاصباغ بالرغم من بياض شعره. فكانت لحيته وشارباه بيضاً. فقال له رجل ألم يقل رسول الله (ص): "عظوا الشعر الأبيض بالصبغ" فقال (ع): "نعم"، قال الرجل: فلماذا لا تصبغ شعرك؟ قال (ع): "حين أمر رسول الله (ص) بذلك كان عدد المسلمين قليلاً وكان بينهم عدد من الشيوخ يشاركون في الحروب، فإذا نظر العدو إلى صفوف المسلمين ورأى أولئك الشُيَّب سكن روعه وقويت معنوياته لأنّه يقاتل شيوخاً، فأمر الرسول الأكرم (ص) أن يصبغوا شعرهم كي لا يتنبه العدو إلى سنهم. فعندها ذكر الإمام علي (ع) ان رسول الله (ص) إنما أمر بذلك حين كان عدد المسلمين قليلاً وكان لابدّ من ممارسة مثل هذه الأساليب. أما اليوم فقد انتشر الإسلام في أقطار العالم ولم تعد هناك حاجة لهذا العمل، فكل شخص حر في أن يصبغ شعره أو لا يصبغه. في نظر علي (ع) ان أمر الرسول الأكرم (ص) ان: (اصبغوا شعوركم) لم تكن له أصالة. فالشكل التنفيذي كان قانوناً آخر غلف به القانون الأساسي الذي هو عدم تقوية معنويات العدو. إنّ الإسلام يهتم بالشكل والمظهر والخارج كما يهتم بالروح والباطن والجوهر لكنه إنما يطلب الشكل والمظهر للروح والباطن. يطلب الغلاف من أجل النواة، ويطلب القشر من أجل اللب، واللباس من أجل الجسد.   - مسألة تغيير الكتابة: طرحت في بلادنا هذه الأيام مسألة (تغيير حروف الكتابة). هذه المسألة في الوقت الذي يمكن يحثها من ناحية اللغة والأدب الفارسي، كذلك يمكن بحثها من وجهة نظر المبادئ الإسلامية. ويمكن طرح هذه المسألة من وجهة نظر الإسلام على صورتين: الأولى: هل للإسلام الفباء خاصة به وهل يفرق بين الافباءات؟ وهل يعتبر الإسلام ألفباءنا – المعروفة اليوم باسم الالفباء العربي – خاصة به ويعد الالفباءات الأخرى كالالفباء اللاتينية أجنبية؟ بالطبع لا، فالإسلام الذي هو دين عالمي يعتبر كل الالفباءات سواء. الثانية: ما تأثير تغيير الكتابة والالفباء في اجتذاب وذوبان الأُمّة الإسلامية في الأجانب؟ ما تأثيره في قطع علاقة هذه الأُمّة بثقافتها إذا علمنا انّ المعارف الإسلامية والعلمية لها قد كتبت بهذه الالفباء طوال أربعة عشر قرناً؟ ومن الذي اقترح خطة تغيير الكتابة؟ ومن الذي ينفذها؟ هذا ما يجب أن نبحثه الآن.   - التطفل حرام وليس لبس القبعة: يواجه أمثالي أحياناً بأسئلة تخالطها لهجة احتقار واستهزاء، يسألونني: ما حكم الشرع في تناول الطعام وقوفاً؟ وما هو حكم استعمال الشوكة والملعقة؟ وهل اعتمار القبعة حرام؟ وهل استعمال لغة أجنبية حرام؟ فاجيب قائلاً: انّ الإسلام لم يضع لهذه الأمور حدوداً خاصة. انّه لم يقل: كل بيدك، ولا قال: كل بالملعقة. إنّما قال: حافظ على النظافة على كل حال. ومن ناحية القبعة والحذاء واللباس كذلك لم يأت الإسلام (بموضة) خاصة. وفي نظر الإسلام انّ اللغة الانكليزية واليابانية والفارسية شيء واحد. ولكن... ولكن الإسلام قال شيئاً آخر. انّه قال: ان ذوبان الشخصية حرام. الخوف من الآخرين حرام. التقليد الأعمى حرام. الذوبان والتلاشي في الآخرين حرام. التطفل حرام. الانخداع بالأجانب كانخداع الأرنب بالحية حرام. تصور الحمار الأجنبي الميت بغلاً حرام. قبول انحرافاتهم ومآسيهم باسم (ظاهرة القرن) حرام. اعتقاد انّ الايراني يجب أن يصبح افرنجياً جسماً وروحاً وظاهراً وباطناً حرام. والاقامة أربعة أيام في باريس وتبديل مخرج (الراء) بمخرج (الغين) وقول (غحت) بدلاً من رحت حرام.   3- مسألة الأهم والمهم: وأمر آخر من الأمور التي مكنت الإسلام من الانسجام مع مقتضيات العصر هو جانب المعقولية في تعاليم هذا الدين. فالإسلام أبلغ أتباعه أن كل تعاليمه ناشئة عن مجموعة مصالح عليا، ومن الناحية الأخرى توضحت في الإسلام درجة أهمية المصالح، هذا الأمر يسّر عمل خبراء الإسلام الحقيقيين في المجالات التي تتعارض فيها المصالح المختلفة. فقد أجاز الإسلام في مثل هذه الموارد، أن يقوم الخبراء الإسلاميون بالموازنة بين درجة أهمية المصالح ومن ثمّ اختيار المصلحة الأهم على أساس من التوجيهات التي وضعها الإسلام نفسه. ويسمِّي الفقهاء هذه القاعدة باسم (الأهم والمهم). ولدي هنا أمثلة كثيرة لكنني أعرض عن ذكرها.   4- القوانين التي تمتلك حق النقض (الفيتو): وأمر آخر يمنح هذا الدين قابلية المرونة والانسجام ويجعله حياً خالداً هو أن هناك مجموعة من القواعد والقوانين شرعت ضمن هذا الدين عملها الإشراف والسيطرة على القوانين الأخرى. ويسمي الفقهاء هذه القواعد بالقواعد (الحاكمة)، مثل قاعدتي (لا حرج) و(لا ضرر) اللتين تحكمان الفقه كله. عمل هذه المجموعة من القواعد هو السيطرة وتعديل القوانين الأخرى. وفي الحقيقة انّ الإسلام جعل لهذه القواعد حق النقض (الفيتو) بالنسبة لسائر القوانين والتعليمات. ولذلك أيضاً قصة طويلة ليس هنا محل ذكرها.   - صلاحيات الحاكم: بالإضافة إلى ما ذكر؛ هناك مجموعة روابط وفواصل أخرى في بناء دين الإسلام المقدس منحت هذا الدين خاصية الخلود والخاتمية. وقد اعتمد المرحوم آية الله النائيني وحضرة العلامة الطباطبائي في هذا المجال كثيراً على الصلاحيات التي اعطاها الإسلام للحكومة الإسلامية الصالحة.   - مبدأ الاجتهاد: يقول الشاعر الباكستاني اقبال: "الاجتهاد هو القوة المحركة للإسلام" هذا الكلام سليم إلا أنّ الشيء الأساس هو خاصية الإسلام في (استيعاب الاجتهاد). فلو وضعنا بدل الإسلام شيئاً آخر. لرأينا ان أمر الاجتهاد صعب جدّاً بل لا سبيل إلى وجوده، لكن الأساس هو هذه الأسرار التي خالطت بناء هذا الدين السماوي العجيب ومنحته القابلية على الانسجام مع التقدم الحضاري. ويبين ابن سينا في (الشفاء) كذلك ضرورة (الاجتهاد) على نفس هذا المبدأ فيقول: "لما كانت أوضاع الزمان متغيرة وتطرأ على الدوام مسائل جديدة، ومن جهة أخرى فإن مبادئ الإسلام الكلية ثابتة لا تتغير، لذا أصبح من الضروري أن يوجد في جميع العصور والأزمان أفراد ذوو معرفة وخبرة كاملة بالمسائل الإسلامية يأخذون بنظر الاعتبار المسائل الجديدة التي تطرأ في كل عصر، ويتجاوبون مع احتياجات المسلمين. ويجب أن أؤكد على نقطة مهمة هي انّ (الاجتهاد) بالمفهوم الحقيقي للكلمة يعني التخصص والمعرفة في المسائل الإسلامية وليس شيئاً يمكن أن يدعيه كل هارب من المدرسة؛ لأنّه حضر لعدة أيام في إحدى الحوزات العلمية. ومما لا شك فيه أنّ التخلص في المسائل الإسلامية وصلاحية إعطاء الآراء فيها يتطلب مجهود عمر، وان لم يكن العمر قصيراً لنيل ذلك فهو ليس كثيراً عليه. هذا مع اشتراط أن يكون الشخص المشار إليه ذا قابلية واستعداد كبيرين وممن كتب الله له التوفيق لبلوغ هذا الأمر. وبغض النظر عن التخصص والاجتهاد، يمكن لبعض الأفراد أن يكونوا راجع لطرح الآراء والنظريات الإسلامية إذا كانوا قد بلغوا الحد الأعلى في التقوى ومعرفة الله وخشيته. فان تاريخ الإسلام يرينا أفراداً مع ما كانوا يتمتعون به من مستويات علمية وأخلاقية عالية، إلا أنهم حين كانوا يهمون بالافتاء والتوجيه يرتجفون كالصفصاف. وأعتذر ثانية إلى القرّاء المحترمين لأنّ البحث قد جرنا إلى الكلام في مثل هذه الأمور.   المصدر: كتاب نظام حقوق المرأة في الإسلام

ارسال التعليق

Top