• ٢٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإسلام والغرب.. حوار يتجدد ونظرة نحو المستقبل

تركي علي الربيعو

الإسلام والغرب.. حوار يتجدد ونظرة نحو المستقبل

الكتاب: الإسلام، الغرب، وحوار المستقبل
الكاتب: محمد محفوظ
الناشر: المركز الثقافي العربي – بيروت
سنة النشر: ط1، 1998م

يلحظ المتتبع لحركية الخطاب العربي المعاصر في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من قرننا الماضي، تنامياً للخطاب الذي يبحث في علاقة الأنا بالآخر، فقد شهدت هذه العقود أهم المراجعات الفكرية، لا بل أهم الحفريات التي راحت على طريقة الاركيولوجيين، تحفر في طبقات الوعي العربي وكذلك اللاوعي العربي الذي يدفع إلى الانكفاء والانغلاق على الآخر، مرة بحجة جاهليته ومرات كنتيجة للعجز عن فهمه، وقد طالت هذه الحفريات بالأخص المركزية الأوروبية في وجهها البشع والساخر الذي تعكسه صورة الآخر الذي تمت عملية نفيه وتدميره واسترقاقه، وأشير إلى الجهود العديدة التي بذلها "مثقفوا ما بين الحضارات" مثل: (إدوارد سعيد ونعوم تشومسكي وتزفيتان تودروف وسمير أمين) وغيرهم كثيرون، وعلى سبيل المثال فقد بيَّن "تودروف" في كتابه الموسوم بـ"فتح أمريكا: مسألة الآخر" والذي يهديه إلى "امرأة من المايا التهمتها الكلاب" إنّ كل محاولة لفهم الآخر كانت تقود إلى الاستيلاء، والاستيلاء إلى التدمير؟ وما يقلق "تودروف" وغيره أنّ هذا الفهم/ الحدث، هو الذي دشن وأسس في واقع الأمر هوية الغرب المعاصرة والحاضرة من "مثقف ما بين الحضارات" على حد تعبير إدوارد سعيد، إلى المثقف العربي، يلحظ المتابع تنامياً للدراسات التي تبحث في علاقته الأنا بالآخر، العرب بالغرب، الإسلام بالمسيحية، لنقل الإسلام بالصليبية، خاصة وأنّ الحروب الصليبية إلى جانب الاستعمار وقيمه المادية والصهيونية واحتلالها لفلسطين، هي واحدة من أهم الأسباب التي يدرجها الباحث "محمد محفوظ" في البداية في رده على التساؤل الذي يطرحه: ما الذي جعل العلاقة التاريخية بين الغرب والعالم الإسلامي دائماً علاقة توتر وحذر ومواجهة؟
في هذا السياق المسكون بهاجس الغرب، وبنموذجه التحديثي الظالم على حد تعبير "محفوظ" والذي يشبهه بالغول، يأتي كتابه الموسوم بـ"الإسلام، الغرب وحوار المستقبل" الكتاب وعلى طول صفحاته، مسكون بالتساؤل النهضوي وبالكيفية التي يمكن من خلالها إنجاز التقدم، فمنذ البداية يتساءل "محفوظ": كيف نقوم بتحديث مجتمعنا العربي، وننجز التقدم ونسهم بالجهد الإنساني لبناء المستقبل؟ تساؤل يلازم الباحث في حله وفي ترحاله عبر صفحات الكتاب، وهو لا يكتفي بطرح التساؤل، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، عن الكيفية التي من شأنها أن تؤسس للحوار مع الآخر/ الغرب، وذلك انطلاقاً من "أنّ الغرب اليوم هو حقيقة لا يمكن التغاضي عنها" لا بل أنّه يرتفع بمستوى الحوار إلى المستوى الذي يجعل منه فريضة وواجب كل مسلم يقول "كوننا مسلمون مسكونون بقيم الشهادة لا يمكن أن نحقق هذه القيم بدون التفاعل مع الحضارة الحديثة" ص81. وفي الحقيقة إنّ هذا التوجه إلى التفاعل والحوار، الذي نقرأه في خطابات إسلامية أخرى، يمثل قطيعة معرفية مع قراءة أخرى بقيت ولفترة طويلة أسيرة نظرتها الحسيرة إلى العالم والتغيرات التي تحدث فيه.
منذ البداية يسعى الباحث محفوظ إلى الانفكاك من "هيصة الحوار" والرايات المؤدلجة التي ترفع من حوله إذ "ليس المطلوب أن ينادي كل طرف بضرورة الحوار، وإنما لابدّ من إثراء هذه الضرورة بحقائق اجتماعية، ثقافية، سياسية، حضارية، حتى تتشكل الارادة الجماعية الفاعلة، والمتجهة إلى اثراء التجربة الإنسانية" ص7. من هنا نفهم مساعي محفوظ إلى بناء أسس حقيقية وملموسة للحوار ومن هنا نفهم سعيه إلى تسييج أرضية الحوار المنشود والمستقبلي بمزيد من التساؤلات، وبمزيد من النقد والضبط والتأسيس. فهو يطمح طموحاً مشروعاً إلى "نقد علمي لمفهوم الحداثة الغربية"، خاصة وأنّ هذه الحداثة تأخذ شكل الغول الحضاري وكما مرّ معنا، وإلى ضبط جديد ومنهجي لقراءة الغرب ومعرفته على حقيقته، وإلى التأسيس النظري للموقف من الغرب وذلك بهدف القطيعة من النظرة الحسيرة للغرب التي تسود في أروقة الخطاب الإسلامي، خاصة وأنّه يريد لهذا التأسيس أن يأخذ شكل المنطلقات النظرية التي يهتدي بها البديل الإسلامي الذي يعول عليه محمد محفوظ في معركة الحضارة، والتي يسميها بالمعركة المصيرية "إنها معركة مصيرية لابدّ أن يخوضها أبناء الإسلام في كافة المجالات والحقول، حتى يبرهنوا للإنسانية جمعاء أنّ الاختيارات الكبرى للبشرية لن تتعدى اختيارات الإسلام، وانّ الدين الإسلامي يمتلك ذلك المخزون الحضاري الهائل والقادر على إمداد البشرية بأمصال العافية والشفاء من الأمراض الحضارية" ص30.
منذ البداية يطيح الباحث محفوظ بالإجابات التي تنطحت للإجابة عن التساؤل النهضوي: لماذا تخلفنا وتقدم الآخر؟ فمن وجهة نظره أنّ هذه الإجابات قد ضلت الطريق ولم تهتدِ إلى السر الذي يكمن في غياب "الذات التاريخية الفاعلة" التي يعول عليها كثيراً، فهي التي تأخذ على عاتقها إنجاز التقدم، وصياغة أجوبة فاعلة على تحديات العصر، لا بل أنّه يجعل من وجود "الذات التاريخية الفاعلة" شرطاً يسبق كل الشروط، إنها شرط المشروع النهضوي ومن هنا فهو يرى "أن مهمة العرب والمسلمين المعاصرة، تتجلى في توفير كل أسباب وعوالم إنجاز مقولة الذات التاريخية المجتمعية الفاعلة" و"أن نتلمس سيرورة فكرية – اجتماعية قابلة للتراكم والتواصل لإنجاز الذات التاريخية الفاعلة على مستوى المجتمع والأمة التاريخية".

- مقولة الذات التاريخية الفاعلة:
إنّ مقولة "الذات التاريخية الفاعلة" عند الباحث محفوظ، تشبه كثيراً مقولة "النخبة المثقفة" أو الانتلجنسيا بمعناها الشامل، وتشبه كثيراً مقولة المفكر/ الساحر، التي جاءت في أعقاب النقد الحاد لمقولة النخبة المثقفة، التي يقول بها مفكرون عرب مثل حسن حنفي وفهمي جدعان واللذان ينيطان بالمفكر الحر النزيه المتعالي، تقديم الإجابة الصحيحة على كل الإشكاليات والتساؤلات، بحيث يغدو المفكر شبيهاً بالساحر، ما أن يتمتم بشفتيه أو يحرك يديه حتى يظهر المارد الذي يجيب على كل التساؤلات ويحل جميع الإشكاليات. ومع ذلك فإنّ الباحث محفوظ لا يستسلم لإغراءات "الذات التاريخية الفاعلة" إذ أنّه سرعان ما يحيد عنها ليبدأ البحث عن أسس وقواعد الحوار المستقبلي المنشود بين العرب والغرب والذي يجب أن ينهض على قاعدة الاحترام المتبادل "انطلاقاً من أنّ الغرب حقيقة لا يمكن التغاضي عنها وكذلك الإسلام" ولذلك فهو يطالب أوّلاً باعادة تشكيل الوعي الاجتماعي لدى كل قوة وطرف بحيث يكون وعياً اجتماعياً متواصلاً، وثانياً الارتفاع بمستوى الفهم والمفاهيم الأصلية لدى الجماعات الوطنية المعنية بالحوار، وثالثاً بتشكيل إرادة جماعية لإثراء الفهم المشترك وإيصاله إلى أقصى مستوى من التفاهم والتنسيق.

- غياب المنهج في التواصل الحضاري:
يؤكد المؤلف على غياب المنهج الواضح والدقيق في عملية التواصل والحوار، وعلى غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة في عملية التواصل الحضاري مع الآخر، ومن هنا فهو يرى أنّ التحديات التي تواجهها الأمة لا تستدعي الانكفاء والانغلاق، وإنما التجديد والانفتاح المعتمد على الأصالة، التي يشدد عليها الباحث مراراً، ليجعل منها شرطاً للحوار وشرطاً للمعرفة والتقدم يقول "لكي تكون عصرياً ناجحاً كن أوّلاً أصيلاً ومحافظاً على مقدساتك وذاتك الحضارية" ص76. وبهذا فهو يرشح الإشكالية العريقة في خطابنا المعاصر، أقصد إشكالية الأصالة والمعاصرة، التراث والتجديد إلى مزيد من الاستمرار ومزيد من الإشكال. ولذلك فهو ومن منظور الأصالة يستبعد النخبة العلمانية المتفرنجة التي أضاعت الهوية والأصالة، وأسست لموقف المهادنة والخضوع للغرب على حد تعبيره، ويستبعد أيضاً كل المواقف التي دعت إلى القبول المطلق بالغرب، والأصالة من جهة نظره وكما يعرفها تعني الأخذ بنمط حضاري يمدنا بالقوة والمعرفة وقادرة على تحقيق الطموحات الحضارية للأُمّة ص21. والذي يتتبع محفوظ وسعيه إلى تحديد الحقل النظري والمفاهيمي الذي يتحرك فيه، يجد أنّ مفهوم الأصالة عنده هو الوجه الآخر الحقيقي لما يسميه بـ"الانفتاح الواعي" والمقصود به أن "ننطلق من قيمنا ومبادئنا وأصالتنا للأخذ بالمعرفة والتطورات العلمية التي تحدث في الغرب"، وهو لا يكتفي بهذا بل يحدد شروطاً ثلاثة للإنفتاح الواعي أو ما يسميه أحياناً بالتوفيق الواعي بين الثقافة الإسلامية ومكاسب الحضارة الغربية:
أوّلاً: الحفاظ على ذاتنا الحضارية وانتمائنا المتميز.
ثانياً: إنّ طريق العصرنة ليس محاكاة للغرب فقط.
ثالثاً: أن يكون انفتاحاً على الآخر وليس تقليداً له.
إنّ الشروط الثلاثة عند الباحث لا تصدر عن فراغ أو عن كلام أيديولوجي وإن كانت تندرج في رؤية أيديولوجية لكيفية التعامل مع الحضارة الغربية، ولكنها تظهر بمثابة نتيجة لرؤية الباحث لمفهوم الحداثة، فهو يؤكد على أنّ "الحداثة بالدرجة الأولى مفهوم نسبي"، ولهذا فهو يمضي في نقده لمفهوم الحداثة الغربية ليؤكد على "أنّ الحداثة ليست صفة يتصف بها الجميع، أو شكلاً يتزيا به، وإنما هي مرحلة يبلغها المجتمع، ويدخل بتطوره النوعي الذاتي في نمط جديد من الحياة، قوامه الإستيعاب التام للحظة الراهنة التي يعيشها المجتمع في مختلف المستويات وإدراك التطورات العلمية والصناعية والسياسية والاجتماعية" ص33. وهو لا يكتفي بهذا بل يذهب إلى التفريق بين الحداثة كموقف واعٍ وبين التحديث كموقف شكلاني يقع الكثيرون في أنفاقه.

نحو منهج جديد لقراءة الغرب:
يلحظ القارئ لصفحات الكتاب أنّ الباحث محفوظ ظل حريصاً على طول صفحات الكتاب، على القيام بعملين اثنين الأوّل تحديد المفاهيم وأقصد مفاهيم الأصالة والمعاصرة، الأنا والآخر، وهو بذلك يكمل جهداً فكرياً يمتد من عبدالله العروي الذي يسعى إلى تحديد مفاهيم الدولة والحرية والأيديولوجيا والعقل. والتاريخ.. إلخ، إلى محمد عابد الجابري في ثلاثيته عن تكوين وبنية العقل العربي والعقل السياسي العربي، إلى عبدالكريم غلاب في كتابه الصادر لهذا العام والموسوم بـ"أزمة المفاهيم وانحراف التفكير" والذي يرى فيه أنّ ضبابية المفاهيم واختلاطها هما مشكلة الفكر والممارسة. وهذا ما يراه محفوظ إذ أنّ وضوح المفاهيم هو الشرط الأساسي والموضوعي للحوار المستقبلي المنشود بين العرب والغرب. أما العمل الثاني فيتمثل في سعي الباحث إلى رسم ملامح المنهج الجديد لقراءة الغرب والذي يسمو به أحياناً إلى مصاف المنطلقات النظرية التي على البديل الإسلامي أن يهتدي بها كما مر معنا وذلك انطلاقاً من أنّ الحوار بات بمنزلة الفريضة. وفي الحقيقة أنّ الباحث محفوظ يختصر لنا من خلال منهجه كل ما يود قوله، فالمنهج الذي يدعو إليه والذي من شأنه أن يحد من الرؤية الضبابية الخاضعة لمزاج أو هوى مجموعة يقوم على التالي:
أوّلاً: الإلتزام بالأصالة والقيم الحضارية للإسلام.
ثانياً: الإنفتاح والتعاطي الموضوعي مع العصر ومتطلباته.
ثالثاً: تأسيس خطاب حضاري منبثق من قيمنا وأصالتنا وينسجم والتعاطي مع الآخر الحضاري.

- ملاحظات ونقد:
أستطيع القول في الخاتمة، إنّ الكتاب يندرج في إطار رؤية أيديولوجية تقوم على ضرورة الحوار، وأنّ هذه الرؤية تستند بدورها إلى جدار من اليوتوبيا التي تؤمن بضرورة الحوار، ولا بأس في ذلك، فعلم اجتماع المعرفة يعلمنا أنّ اليوتوبيا كثيراً ما تتحول إلى أيديولوجيا، وأن اليوتوبيا بمعناها الإيجابي كما يرى كارل مانهايم كثيراً ما تكون محررة عندما يطغى فيها التفاؤل على حساب التشاؤم وبالتالي من شأنها أن تؤسس لحوار مستقبلي لما يزل بعيداً ومثقلاً برواسب التاريخ والإستشراق والإستعمار والإعلام، أضف إلى ذلك أنّ الغرب يمر بمرحلة انكفاء على ذاته، فهذا دوبريه (ريجيس دوبريه) يرى في كتابه الموسوم بـ"كي لا نستسلم" والذي حرره مع السويسري جان زيفلر، أو أوروبا أنانية ومنكفئة على نفسها وتعالج حوار الشمال والجنوب من منظار بوليسي، وهو ما يراه كثيرون من إدوارد سعيد إلى تودروف إلى محمد أركون إلى هشام شرابي. ولكن هذا كله لا يفسد للحوار قضية، إذ أنّ اليوتوبيا التي تنشأ من الحوار من شأنها حقيقة أن تحررنا من كثير من الأوهام والحقائق وبالتالي تفتح الباب على مصراعيه لحوار بناء ومستقبلي مازلت أراه مختلاً وبعيداً.
بالإضافة إلى ما سبق فإنني أستطيع أن أسجل على الكتاب مجموعة من الملاحظات الجديرة بالحوار أوّلها – إنّ الباحث مع الحضارة الغربية بصورة انتقائية وهذا يظهر في قوله: "إنّ التفاعل المنشود هو تفاعل مع نتائج ومكاسب الحضارة لا مع أسسها ومبانيها الفكرية والفلسفية" ص83.
ثانياً: بالرغم من تأكيد الباحث على أنّ "عنصر الأخلاق لا يصنع حضارة" ص28. إلا أنّه سرعان ما يقودنا باتجاه خطاب تضخيمي ورثناه بكل مضامينه الأيديولوجية عن الخطاب القطبي (نسبة إلى سيد قطب – رحمه الله –)، وهذا الخطاب التضخيمي النهضوي لا ينشد النهضة فقط بل قيادة الإنسانية إلى بر الأمان، بعيداً عن جاهلية القرن والأمراض الحضارية وهذا ما يقوله محمد محفوظ: "إنها معركة مصيرية لابدّ أن يخوضها أبناء الإسلام في كافة المجالات والحقول، حتى يبرهنوا للإنسانية جمعاء بأنّ الإختيارات الكبرى للبشرية لن تتعدى اختيارات الإسلام، وأنّ الدين الإسلامي يمتلك ذلك المخزون الحضاري الهائل والقادر على إمداد البشرية بأمصال العافية والشفاء من الأمراض الحضارية" وفي رأيي أنّه آن الأوان لأن نكون متواضعين في طروحاتنا وأن تنحصر هذه الطموحات في نشدان النهضة، فثمة مسافة كبيرة بيننا وبين قيادة الإنسانية. أضف إلى ذلك أنني لا أرى أنّ "البديل الإسلامي في فكر المسلمين هو الحل النهائي للمعضلات التي تعيشها البشرية جمعاء" كما يرى محفوظ، فالبديل الإسلامي واحد من بدائل إسلامية وإنسانية عديدة ويندرج بحق في قوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (المائدة/ 48).
وبعد.. فالكتاب مساهمة هامة في بناء اللبنات الأساسية للحوار المرتقب وذلك بعيداً عن الشعاراتية السائدة في أروقة الخطاب العربي المعاصر وإن لم يسلم من شظاياها؟

المصدر: مجلة الكلمة/ العدد 21 لسنة 1998م

ارسال التعليق

Top