• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحضارة الغربية والنموذج المطلوب

أ.د. عبدالكريم بكّار

الحضارة الغربية والنموذج المطلوب

◄فطر الله - تعالى - الإنسان على حبّ التحوّل من الحال التي عليها إلى حال أخرى يظنّها أفضل منها؛ فهو في سعي دائم تلبية أشواقه واحتياجاته في الرقي والتحسّن. لكن لكلّ أُمّة من الأُمّم تشوفاتها واستشرافاتها الخاصّة نحو الأفضل على نحو ما توحي به المنظومات القيمية والمعرفية والرمزية التي تكوّن ثقافتها. وهذا لا ينفي وجود خطوط إنسانية مشتركة تمليها الفطرة والحاجات الروحية والجسمية والخبرة التاريخية... لكن هذا الإنسان محدود الرؤية، ضعيف الإدراك لما يصلحه، وللأسباب التي توصله للإصلاح... ومن ثمّ فهو في حالة دائمة من محاولة استشفاف المستقبل ومراجعة الماضي وتبديل الطروحات وسُبل الخيارات..، ومن ثمّ فإن الله تعالى أمرنا أن نردد كلّ يوم مرات عديدة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة/ 6)؛ حيث إنّنا بحاجة إلى عون دائم من الله - تعالى - كيما نتمكن من وضع أقدامنا على الطريق الصحيح، ونخطو الخطوة المناسبة.

وهذا يعني أنّه ليس هناك نموذج حضاري متخيّل يسعى الإنسان إلى تحقيقه لا على مستوى الفرد، ولا على مستوى الجماعة. وما يتم تخيُّله في بعض الأحيان يعدِّله التشابك المعقَّد للظروف والأحداث التي لا يمكن لأحد أن يتصوّر كيفية حدوثها.

ومما لا شك فيه أنّ الحضارة الغربية والثقافية التي تغذيها بالروح والفكر تضغطان اليوم ضغطاً شديداً على جميع الثقافات والنظم والنماذج الحضارية الأخرى. وذلك من خلال (الغلبة) التي تم تحقيقها في مختلف الميادين المادّية.

وصارت حضارات وثقافات عديدة تحاول أن تتماشى؛ معها حتى تجد لنفسها مكاناً في العصر الحديث، وحتى لا تتهمش، وتعزل عن تيار الحياة المعاصرة. ومشكلة المسلمين أنّهم انقسموا حول الموقف الذي ينبغي أن يقفوه من الحضارة الغربية إلى ثلاثة فرقاء: فريق يرى الأخذ عن الغرب دون تمييز بين صالح وطالح، وجيِّد ورديء؛ وإن ادّعى خلاف ذلك. وفريق ينظر إليها على أنّها حضارة مادّية شوهاء؛ فهي أقرب إلى أن تكون ضرراً محضاً؛ من ثمّ فإنّ البُعد عن كلّ أدبياتها وطروحاتها واجب، مهما كان الثمن. أمّا الفريق الثالث؛ فيرى ضرورة الغربلة والنخل لكلّ ما عندهم، ثمّ اختيار النافع منه وإهمال الضار، وبين هذه التيارات الثلاثة تيارات جزئية عديدة تلوِّن كلّ واحد منها بألوان شتّى. ولا يهمنا هنا تشخيص كلّ تيار من هذه التيارات الثلاثة، ولا ذكر حجمه، لكنّنا نريد أن نفصل الحديث في أمرين:

الأوّل: هو عدم صلاحية النموذج الغربي الراهن لإسعاد الإنسان وإعمار الأرض.

الثاني: بعض الشروط والمواصفات العامّة التي ينبغي أن تتوفّر - بشكل تقريبي - في النموذج الحضاري الذي نسعى إلى تحقيقه في العالم الإسلامي.

 

- الحضارة الغربية والتيه الإنساني:

الحضارة الغربية الراهنة، هي حاصل ما بذل من جهد خلال القرون الخمسة الماضية - على أقل تقدير - على صعد تحقيق سيطرة الإنسان على الطبيعة وتحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة والمتعة له. والنشأة الأولى للحضارة الغربية كانت في غرب أوروبا، ثمّ انتقلت إلى أمريكا. وبنى أفكارها ومفهوماتها العميقة مستمدة أصلاً من الفكر والتراث الإغريقي - المسيحي وحين ثار الغرب على الكنيسة حل الفلاسفة والمفكرون والمخترعون والسياسيون محل مهنة الكنيسة، وأخذت الحضارة الغربية تنحو شيئاً فشيئاً نحو الاعتماد على العقل والعلم في رسم الأهداف الكبرى وأُطر البناء والحركة والمحطات النهائية لكثير من المعايير الحضارية بعيداً عن الدِّين والوحي والغيب.

ويمكن أن نعدد أهم المقولات والمنطلقات التي قامت عليها فكرة التقدم، وبالتالي الحضارة لدى الغرب في النقاط التالية:

1- عقل الإنسان غير محدود، وهو قادر على معرفة الطبيعة والسيطرة عليها.

2- المعرفة الإنسانية ستظلّ تتراكم بشكل مطرد بلا نهاية.

3- الموارد الطبيعية في الكون غير محدودة، ولا يمكن أن يصيبها العطب؛ "فالمادّة لا تُفنى".

4- المجتمعات الغربية - خصوصاً غرب أوروبا - هي ذروة العملية التطورية العالمية الطبيعية؛ ومن ثمّ فإنّها هي النموذج الذي ينبغي أن يُحتذى.

5- الثمن السلبي للتقدّم أقل بكثير من عائده الإيجابي؛ ولذا فثمن التقدّم معقول، ويمكن قبوله.

6- عملية التقدّم ليس لها غاية إنسانية محدّدة أو مضمون أخلاقي محدّد.

7- لا مرجعية للتقدّم، أو مرجعيته ذاتُه. ومن ثمّ يصبح هو الوسيلة والغاية؛ فنحن نتقدّم؛ كي نحرز مزيداً من التقدّم.

8- التقدّم في التحليل النهائي لدى الإنسان الغربي هو زيادة المنفعة، وتعظيم اللذة لأكبر عدد ممكن من البشر. وبالتدرج أصبح التقدّم هو تزايد القوّة والسلطة.

والناظر في هذه المقولات يجد أنّها تتمحور حول النمو والمنفعة والتقدّم المادّي البحت. وإذا ما تطرقت الثقافة الغربية إلى مسائل الفضيلة والأخلاق؛ فمن باب تهيئة الأسباب للنمو المادّي أكثر من استشعار تحقيق الفضائل الآدمية.

وهذه المقولات، وأخرى على شاكلتها بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى؛ كلّما أوغل الغرب في السيطرة على الطبيعة وامتلاك القوّة، فالعالم في القرن العشرين أقل تفاؤلاً منه في القرن التاسع عشر. وهو في العقدين الأخيرين أشد يأساً وبؤساً مما كان عليه في النصف الأوّل من هذا القرن. ويمكن أن نقول إنّ كثيراً من الغربيين بدأوا يكتشفون أنّ كثيراً من أُسس التقدّم التي بلغت قمة التبلور والسيطرة في أواخر القرن التاسع عشر - بدأت تنهار على المستويات الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

 

- الحضارة الغربية وفقد الاتجاه:

بعد أن ابتعد الغرب عن الدِّين - أي دين - وعن الاهتمام بما وراء المادّة اتّخذ من الوثوق بالعقل والعلم ومنتجاتهما البديل الذي سوف يجيب على كلّ تساؤلات الإنسان الفلسفية، ويلبي كلّ حاجاته الروحية والمادّية. وكان الوعي الأوروبي مفتوناً بذاته ومدركاته وإنجازاته خلال القرن التاسع عشر، والنصف الأوّل من القرن العشرين؛ مما غرس في نفوس الغربيين عقدة التفوق العنصري؛ حتى قال (سارتر) على هذه الأرض ثلاثة مليارات: نصف مليار من البشر وملياران ونصف من السكّان!. وهذه العقدة منحت المواطن الغربي نوعاً من الوثوق المطلق بالفلسفة الغربية، ومقولاتها في الكون والإنسان والحياة.

لكن تبيّن - بعد فوات الأوان - قصور العلم والعقل عن كلّ التساؤلات التي يطرحها الإنسان. وصار الشعور بالعجز عن قدرتهما على تحديد الاتجاه الصحيح والمد بآليات السيطرة على النفس والمجتمع وتوجيهما نحو الاتجاه الأصلح - يتنامى يوماً بعد يوم -. يقول الرئيس الأمريكي الأسبق (نيكسون) في لوعة: "منذ قرن مضى كانت الثورة الصناعية ماضية في طريقها، والأُمّة آخذة في التوسع، وكان الأمريكيون يتحدّثون بثقة عن المستقبل الجلي. كانت إمكانات الأمريكي يحدها الحاجة والمرض، لكن كانت روحه طليقة. واليوم فإنّ معظم الأمريكيين متحررون من الحاجة، لكنّنا ما زلنا نبدد طاقاتنا الخلّاقة في التكهن مجدداً بهُويّتنا وقِيمنا".

ويعبّر عن الانحراف الذي حصل عند الأمريكان الجُدد حين يقول: "لم يكونوا - أي مؤسسو أمريكا - بلهاء، أو مصلحين حمقى، ولكنّهم آمنوا بالقيم الأخلاقية والروحية. وكان حرياً بهم أن تروعهم الفلسفة التي يلوح أنّها على هذه الدرجة من الطغيان في العالم الرأسمالي اليوم؛ حيث لا يحرك الكثيرين إلّا دوافع من القيم الأنانية والعلمانية والمادّية. والمال عندهم هو الخير الوحيد".

إنّ الغرب حين فقد الثوابت المستمدّة من الوحي لم يبقَ أمامه إلّا الاستفادة من معطيات العلم، ومن الخبرة التاريخية. ومعطيات العلم تفرز الآن من المشكلات ما تعجز عن حله. كما أنّها أضعف من أن تساعد الإنسان على تلبية حاجاته الروحية والفطرية. أمّا الخبرة التاريخية والاستفادة منها في عدم تكرار الأخطاء؛ فإنّ مما يُخشى أن تكون استفادة البشرية منها مجرد وهم! والمشكلة التي تواجه الغرب اليوم تعدت الإحساس بفقد الاتجاه ومسوغات الوجود إلى الشعور بأنّ منتجات الحضارة، هي التي بالعجلة تدور بسرعة فائقة، والإنسان هو الذي يدفعها؛ ولكنّه أصبح يجري وراءها، ويدور معها. فهو الذي حرّكها في البداية؛ لكنّها صارت هي التي تحرّكه دون إرادة أو وعي منه. والمشكلة، الآن، هي أنّ الإنسان فقد القدرة على التحكم بالحضارة، والقدرة على تلافي الأضرار الناجمة عنها. وفي هذا يقول (بريجنسكي) مستشار الأمن القومي السابق في أمريكا: إنّ (الديموقراطية) التي تمثّل المساهمة الرئيسة للغرب لا تقدم بنفسها الأجوبة عن معضلات الوجود الاجتماعي، ولا تملك - خصوصاً - مفهوماً للحياة الجيِّدة. ويرى أنّ التطوّر الهائل في مجال تقنيات (الهندسة الوراثية) قد يوقع الإنسان في فقد السيطرة على ذاته فيما تطرح أسئلة من نوع: ما هو الكائن البشري؟ وما هي الصفات النهائية التي تحدد الأصالة البشرية؟ كما أنّ التطوّر الهائل في مجال الحاسب الآلي قد يؤدي إلى أن تصبح الحاسبات في مستقبل قريب كائنات واعية، وقادرة على التفكير في المشاكل بدل التعامل مع المعطيات. ومجمل التطوّرات في المجالات المختلفة سوف يلقي أسئلة عديدة أخرى مثل: ما هي حدود التفرّد والأصالة الإنسانيين؟ وما معيار المجتمع الجيِّد على الصعيدين القومي والعالمي؟ وهذا كلّه قد يحوِّل مركز الثقل من السياسة والاقتصاد إلى الفلسفة والعلم.

وتتجلّى أزمة الحضارة الغربية في العجز عن الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالمصير وأهداف الوجود ومسوغاته - في عشرات الملل والنحل التي بدأت تترعرع في الغرب بقيادة مجموعة من الدجالين والمهووسين الغربيين والقادمين من الشرق. وما حادثة (قورش) عنّا ببعيدة. كما تتجلّى أزمته في استعادة الحركات النازية والفاشية والعنصرية المتطرّفة لمركزها وحيويتها في السنوات الأخيرة؛ لملء الفراغ الذي أحدثه إبعاد الدِّين عن دائرة الانتماء والتوجيه.

 

- مفرزات الحضارة الغربية في الميدان الاجتماعي:

تعدّ إخفاقات الحضارة الغربية في الميدان الاجتماعي والأخلاقي هي الأكثر بروزاً؛ حيث زادت أعداد الأطفال غير الشرعيين من أُمّهات مراهقات كما كثرت حالات الإجهاض، وحالات تشبُّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال. وأهمل الآباء والأُمّهات تربية أطفالهم؛ فخرجوا من أيديهم إلى غير رجعة. وانتشر إدمان المخدرات، وأفضى ذلك إلى ارتفاع معدلات الجريمة بصورة شُبه مطردة منذ الحرب العالمية الثانية. وساد الاكتئاب وعدم الاتزان والتوتر العصبي، وازداد تناول الناس لأدوية الحساسية وضيق التنفس. وضعف التواصل الاجتماعي نتيجة انتشار أجهزة التلفاز والحاسب الآلي. وساءت معاملة الناس للشيوخ والعجائز، وما عادوا يلقون سوى الإهمال!

وسادت في الغرب روح استهلاكية عارمة، تدمّر كلّ شيء أتت عليه، من باب التعويض عن الخواء الروحي الرهيب الذي يعاني منه المواطن الغربي.

ويكفي أن نعلم أنّ بعض الدراسات التقديرية انتهت إلى أنّ ما استهلكه الأمريكان خلال قرن يعادل ما استهلكته البشرية كلّها في تاريخها الطويل! ويكفي للتدليل على ضخامة آليات الاستهلاك والترغيب فيه أن نعلم أنّ أمريكا وحدها أنفقت على الدعايات عام 1992م ما يقرب من (86) بليون دولار!.

وغزت نتيجة ذلك كلّه العالم الغربي الأمراض الفتاكة التي أخذت تحصد مئات الألوف سنوياً.

إنّ المجتمعات الغربية ما زالت قادرة على دفع التكاليف الباهظة للانهيار الأخلاقي والاجتماعي الذي أفرزته حضارتهم بسبب بقايا المنهوبات من عالم المستعمَرين وبسبب الجهود والعبقريات الفذة عندهم؛ لكن حين تستحكم الأزمات الاقتصادية، وتعجز الدول عن تأمين الحدود الدنيا من الغذاء والدواء والرعاية الاجتماعية؛ فإنّ الانهيار سوف يسير بخُطى متسارعة، وسوف تعمّ الفوضى بطريقة لا يستطيع أحد أن يتخيلها!.

ولا تقتصر المشكلات الاجتماعية في الغرب على ما ذكرناه، وإنما هناك مشكلات أخرى تؤثّر في السياسة، وفي توجيه الحركة العامّة للمجتمع؛ ففي فرنسا - على سبيل المثال - كان عام (1992م) 6% من الشعب يمتلكون 50% من الثروة القومية. و94% يقتسمون الباقي.

واعترف (كلنتون) في نيسان الماضي بأنّ 1% من الشعب الأمريكي يملكون 7% من الثروة القومية.

والمشكلة في هذا التفاوت في امتلاك الثروات تنعكس على السياسة؛ إذ إنّ الحملات الانتخابية في الغرب عامّة، وفي أمريكا خاصّة - تكلف عشرات الملايين من الدولارات، ويدفع أكثرها أصحاب المؤسسات والشركات الكبرى؛ ليستردوها فيما بعد بطُرق مختلفة، كالتغيير في قوانين الضرائب وغير ذلك. والمواطن الغربي ينظر، ولا يدري ماذا سيصنع تجاه امتصاص دمه بطُرق وأساليب قانونية محترمة!.

 

- الغرب والاقتصاد:

أمّا في المجال الاقتصادي فإنّ التقدّم العلمي الهائل والخميرة المالية المنهوبة من البلدان المستعمرة فيما مضى، وما يمارسه الغرب من تصدير تكاليف رفاهيته إلى العالم الثالث - قد ساعدت على تمتع المواطن بدرجة عالية من الدخل والتمتع بكماليات لم يكن باستطاعة الإنسان مجرد تخيلها قبل قرن من الزمان.

لكن من المعلوم أنّ هناك علاقة جدلية مؤثرة جدّاً بين مختلف جوانب الحياة الحضارية؛ فالانحباس والتأزم على أي صعيد سوف ينعكس على بقية الصُّعد؛ فالنمو الاقتصادي المتسارع في دول جنوب شرق آسيا واليابان ودول عديدة أخرى - قد حرم الغرب من أسواقه الداخلية؛ فالميزان التجاري بين أمريكا واليابان يميل لصالح الأخيرة بعشرات المليارات من الدولارات. والطريف أنّ أمريكا تغطي ذلك العجز من قروض من البنوك اليابانية!.

والحرص على إنتاج سلع جيِّدة ورخيصة جعل حدة البطالة في الغرب ترتفع، حيث هاجرت رؤوس أموال ضخمة إلى المناطق الأسرع نمواً في الشرق الأقصى، كما أنّ الشركات الكبرى فتحت لها مصانع كثيرة خارج أوروبا وأمريكا مما حرم العمال هناك من ملايين الوظائف.

وإذا أخذنا أمريكا نموذجاً على ما ينتظر الغرب من شؤم اقتصادي فإنّنا سنجد أموراً مذهلة حقّاً!

إنّ الدخل القومي لأميركا أعلى من الدخل القومي لأوروبا الغربية مجتمعة. لكنّ المشكلات التي بدأت أمريكا تغوص فيها لا مثيل لها في القارة الأوروبية - مع أنّ أوضاعها في الأصل أفضل بكثير من أوروبا -. وقد صدرت تحذيرات كثيرة في أمريكا من الوضع المأساوي الذي ينتظر الاقتصاد الأمريكي خلف الأبواب. ومن ذلك ما توقعه الجنرال الأمريكي المتقاعد (هاملتون هوذ) من السقوط (التراجيدي) لأمريكا عام 2020م. وما ذكره مرشح الرئاسة الأمريكية في الانتخابات الماضية (روس بيرو) في كتاب له عن انتقال الاقتصاد الأمريكي من الطفرة إلى الفاقة. ويمكن أن نستعرض بعض الحقائق التي عرضها الكاتبان حول الوضع الاقتصادي في أمريكا.

يستعرض (هاملتون) العجز في الميزانية الأمريكية والديون الكبيرة التي فاقت كلّ التصوّرات. ويذكر أنّ ديون أمريكا كانت عام 1950م (43) بليون دولار. وفي فترة رئاسة (ريجان) (1980-1988م) ارتفعت إلى (2.6) تريليون دولار. وفي عام 1992م قاربت ديون أمريكا ما مجموعه 4 ترليونات.

ويذكر (بيرو) أنّ ديون أمريكا زادت بمقدار ثلاثة ترليون خلال الاثنتي عشر سنة الماضية فقط. وهذا يعني أنّ الزيادة كانت بمعدل ترليون واحد لكلّ فترة رئاسية! ويتطرق (بيرو) إلى ظاهرة تقليص الشركات الأمريكية لحجمها وإغلاق بعض مصانعها، وتسريح بعض موظفيها، كما فعلت (جنرال موتورز). ويقول: إنّ سبب ذلك هو تدهور الاقتصاد الأمريكي. ويشير إلى أنّ نسبة البطالة في أمريكا تصل إلى 7%. ويذكر أنّ المجتمع الأمريكي فقد خلال الفترة من (1989-1992م) أكثر من (700000) وظيفة في القطاع الصناعي الخاص فقط. ويقابل هذا زيادة مستمرة في الوظائف الحكومية. وهذا سيهدد مكانة أمريكا الاقتصادية بين دول العالم.

سيكون إطلاقنا الأحكام النهائية بنجاح التجربة الغربية في الميدان الاقتصادي، ومحاولتنا محاكاتها ونقلها إلى بلاد المسلمين نوعاً من الاستعجال المدمر؛ حيث إنّ سيرورة التحوّل في هذا المجال ما زالت مستمرة ولا ينبغي أن نُخدع بما نشاهده الآن من ازدهار اقتصادي هناك؛ لأنّ الجسم الفاره يقاوم الأمراض والأوبئة لمدة طويلة؛ ولكن مرور الأيام لا يؤدي إلّا إلى انهيار مقاومته وهزيمة مناعته.

 

- الحضارة الغربية والبيئة:

إنّ القناعة بضرورة استمرار التقدّم تمثّل جوهر الثقافة الغربية. وهذا التقدّم الذي يوفّر الكثير من السلع الضرورية والكمالية، لا يمكن أن يكون بدون ثمن. ومن جملة ثمنه نفاد المواد الأولية غير المتجدّدة، وتلويث البيئة على نحو يجعلها غير صالحة لاستمرار حياة الإنسان. وقد أُصيبت بعض دعائم فكرة التقدّم اللامحدود بإصابات لا شفاء منها؛ حيث ثبت للجميع أنّ العقل محدود، وأنّ العلم محدود، وأنّ الرؤية الكلّية ليست في متناول أي منهما؛ فالإنسان يحرز التقدّم في جانب؛ لكنّه لا يستطيع تقدير الأضرار التي سببها ذلك التقدّم. وذلك بسبب عدم إدراكنا لكلّ مكوّنات النظام البيئي، ولكلّ مكوّنات النفس البشرية.

إنّ الأخطاء التي كانت تتم في التجارب العلمية في الماضي كانت تتم داخل دورات الطبيعة، لا تتعدى قوانينها؛ ولذا كانت دورة الطبيعة تقوم بإصلاح الخلل عبر بعض السنين. أمّا التجارب في حقل الهندسة الوراثية فإنّها قد تأتي بمخلوقات (حشرات، فيروسات) لا يمكن لدورة الطبيعة أن تتعامل معها؛ حيث إنّها تقع خارجها!.

إنّ الغرب يزهو اليوم بإنجازاته الحضارية، ويعيب على الآخرين تقصيرهم في عدم تمكّنهم من اللحاق به، دون أن يحسب حساب النتائج المترتبة على سلوكه الجنوني في ميداني الإنتاج والاستهلاك؛ فقد اكتشف الإنسان أنّ المصادر الطبيعية محدودة، وأنّ الدول المتقدّمة التي يشكّل سكّانها قرابة 10% من سكّان الأرض يستهلكون 80% من المصادر الطبيعية.

وهذا يعني أنّ تلك الموارد لا تكفي لأن يلحق العالم النامي بالغرب، ويسلك سبيله في ضخامة الإنتاج والاستهلاك. وماذا يحدث لو تخيلنا أنّ 90% من البشر قرروا أن يسلكوا سبيل الغرب؟ إنّ نسبة التلوث سوف ترتفع! فلو تخيلنا أنّ البرازيل قطعت أشجار المطر الاستوائية؛ كي تلحق بأمريكا تشكّل مصدر ثلث أوكسجين الكرة الأرضية؟ وماذا سيحدث لو أنّ سكّان الصين والهند - وهم يشكّلون ثلث سكان الأرض - قرروا أن يركب كلّ واحد منهم سيارة، واستهلك من الطاقة ما يستهلكه الأمريكي؟!!.

إنّ بعض الدراسات تقدّر أنّ من الممكن أن يختنق الجنس البشري في خمس أو عشر سنوات!

إنّ مشكلة الإجهاز على البيئة تنبع من أنّ الأرض واحدة، والعالم ليس واحداً؛ فكلّ تصرّف عليها سيؤدي في نهاية المطاف إلى المساس بالجميع؛ لكن كلّ دولة تسعى لأن تصارع من أجل البقاء، أو تسعى لزيادة رفاهية شعبها بشكل منفرد.

إنّ أكبر الأخطار التي يواجهها الإنسان نتيجة منهجية الحضارة الغربية في التعامل مع الأشياء يتمثّل في ارتفاع درجة حرارة الأرض ونضوب الموارد غير المتجدّدة.

وتبيّن بعض الدراسات التي تعتمد على بناء النماذج والتجارب حدوث ارتفاع في متوسط درجات حرارة سطح الأرض على نحو يتراوح بين (1.5-4.5) درجة حرارة مئوية. وأنّ ذلك ربما يكون بمقدار الضعف أو أكثر في القطبين؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار (25-140) سم. وهذا سيؤدي إلى غمر المدن الساحلية، والمناطق الزراعية المنخفضة. ويعتقد الخبراء أن تخوم المحاصيل والأحراج ستنتقل إلى خطوط عرض أبعد.

إنّ تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجوّ كان قبل الحُقبة الصناعية زهاء 280 جزءاً لكلّ مليون جزء من الهواء مقاساً بالحجم. وبلغ هذا التركيز 349 جزءاً في عام 1980م. ومن المتوقع أن يزيد إلى 560 جزءاً خلال القرن القادم. وهذا سيؤدي إلى حبس إشعاع الشمس قرب سطح الأرض؛ مما سيؤدي إلى تسخين سطح الكرة الأرضية، وتغيّر المناخ.

ولا نريد هنا أن نتحدّث عن الموارد غير المتجدّدة التي يجري الآن إنهاكها بسرعة جنونية تلبية لرغبات ورعونات لا تعرف حدوداً. كما لا نريد أن نتحدّث عن انهيار النظام البيئي وانقراض الكائنات الحيّة، ولا تلويث الهواء والماء بالمخلفات الصناعية؛ إذ ليس مرادنا الاستقصاء، وإنما لفت الأنظار إلى المشكلات الهائلة التي أفرزها النمط الغربي في الحياة.

ما قدّمناه من معلومات وملاحظات في الصفحات السابقة حول مفرزات الحضارة الغربية، لا يعني أنّ تلك الحضارة مجموعة شرور؛ كما لا يعني أنّنا لسنا بحاجة إلى التعلّم منها في مجالات عديدة؛ كما لا يعني أنّنا لا نعاني من مشكلات كثيرة تتطابق مع ما ذكرناه من مشكلات، أو تتقاطع.

إنما قصدنا إلى شيء واحد هو: أنّه سيكون من الحمق والسذاجة الاعتقاد بأنّ الحضارة الغربية هي النموذج الفاضل والحلم الوردي الذي ينبغي تحقيقه وتقليده من قبلنا، أو من قبل غيرنا.

إنّ ما قدّمنا يفرض علينا أن نبني النموذج الحضاري النظري الذي يتناسب مع عقيدتنا وإمكاناتنا وتطلّعاتنا وحاجاتنا المختلفة في إطار رؤية شاملة للكون والبيئة، وفي إطار رؤية لا تفصل بين الدنيا والآخرة، ولا تجعل العلاقة بيننا وبين الطبيعة علاقة عداء واستنزاف. فما هي أبعاد وملامح ذلك النموذج؟

 

- نحو نموذج إسلامي للتحضر:

لابدّ من القول ابتداء: إنّنا لا نستطيع أن نسرد ما يشكّل (الهيكل الحضاري) الذي نتطلّع إليه؛ فهذا غير ممكن، ولا مطلوب؛ فالناس في كلّ زمان وفي كلّ مكان يرسمون طيف ذلك الهيكل بما يتناسب مع ظروفهم وإمكاناتهم وأهدافهم وخصوصياتهم الثقافية؛ وقبل ذلك وعيهم بذاتهم وقيمهم وحاجاتهم. لكن الذي لا غنى لنا، ولا لغيرنا عنه هو تصوّر الأُسس والركائز التي ينبغي أن يقوم عليها النموذج الحضاري الذي على نُظمنا الثقافية أن تبدعه، وتستوعبه، والذي على عقولنا وأيدينا أن تبنيه.

فإذا كان الاختلاف في الهيكل مطلوباً، بل شرطاً لاستمرار النمو الحضاري؛ فإنّ توحّد الأُسس والشروط الأساسية للتكييفات الحضارية الإسلامية أمر لابدّ منه.

وسنذكر هنا أهم الملامح والمواصفات العامّة للوضع الحضاري الذي نتطلّع إليه عبر المفردات التالية:

1- يشعر المسلم بأنّ وجوده في هذه الدار لغاية عظمى، هي عبادة الله - تعالى - وأنّ مدّة هذا الوجود محدودة، وأنّ الحياة الآخرة هي دار القرار.

ومن ثمّ فإنّه يشترط في النموذج الحضاري المطلوب أن يتمحور حول هذه المعاني فتكون كلّ أبعاد النموذج محكومة بذلك؛ فتسري روح العبودية لله - جلّ وعلا - في كلّ تفاصيل حياتنا. كما ينبغي أن تُشعِر كلّ مفاصل الحركة والتبادل الآخرين بأنّ المسلم مشدود دائماً إلى دار القرار، وأنّ أعماله التي تبدو دنيوية تحمل في طياتها روح ورموز التواصل والاتصال بعالم الآخرة. وما لم نفعل ذلك فإنّ شخصية المسلم تتمزق بطريقة خفية جدّاً؛ إذ كيف يمكنه أن يمضي عمره في بناء دار يقول معتقده عنها: إنّها دار ممر. وكيف يوازن بين جهده لبناء الدنيا وجهده لبناء الدار الخالدة؟.

لكن حين يكون (البناء الحضاري) مشبعاً بروح القيام بحقّ الاستخلاف، وإعلاء كلمة الله في الأرض، وتهيئة الظرف المناسب لأداء الرسالة، وتحقيق فاعلية المسلم... فإنّ أُمّتنا هي أُمّة الاستشهاد - أي بذل النفائس - والعطاء المجاني بغير حدود!.

2- تعظيم الذاتية و(الأنا) الجمعية شرط أساس من شروط بناء النموذج الحضاري المتفرد؛ إذ ينبغي حتى نستوعب التجارب الحديثة، ونتمثل ثمارها اليانعة - على نحو مُعافى - أن نمتلك العقل المتفتح، والإرادة القوّية إلى جانب قدر من الشفافية الروحية. وفي المقابل؛ فعلى مقدار ما نتجذر في التراث نكون قادرين على استيعاب روح العصر، وتمثّل نُظمه، والعيش في مركزه، لا على هوامشه. ومن خلال حركة التردد بين الانغراز في الماضي، والانغماس في الحاضر تنبثق (الذاتية) القادرة على بناء النموذج الحضاري المتفرد والمتوازن.

وإنّ أي ضعف أو خلل في أحد هذين العنصرين سينتج عنه إنتاج حضاري متخلف عن العصر، أو مندمج فيه اندماج العبد في شئون سيِّده!.

والعيش على هامش العصر، والذوبان فيه سيان؛ فكلاهما تعبير عن هشاشة (الذات)، وانعدام أرضية التبادل والتفاعل الحضاري.

3- إنّ الإنسان هو لب لباب النموذج الحضاري المطلوب؛ فلا فائدة من الأبنية الشاهقة، ولا المصانع الشامخة، ولا الشوارع النظيفة والحدائق الغنّاء إذا لم نستطع أن نحضِّر الإنسان. فالبداية الطبيعية به؛ فإذا أمكننا أن نضبط نسب تكوينه العقلي والروحي والنفسي والجسمي، وإذا ما استطعنا أن نجعل منه الحر الكريم القوي الأوّاب المتعاطف المنضبط، والمنسجم مع حركة الحياة والكون والأهداف الكبرى لأُمّته؛ فإنّنا نكون قد قطعنا معظم الطريق نحو ما نريد.

والإنسان حين ينضج، ويستوي على سوقه، يستثمر الإمكانات، ويبني الهياكل الحضارية وفق تكوينه الخاص والمتكامل. وهذا ما فعله النبيّ (ص) إذ كان همه الأكبر هندسة الشخصية الإسلامية التي ستُعبّد الطُّرق، وتقيم الجسور، وتشيد المصانع وتحرث الأرض فيما بعد.

والبدء بتحضير (الطبيعة) وإهمال الإنسان - على نحو ما هو حاصل الآن - سيجعل منه عبداً للأشياء، عاجزاً عن إبداع النظم الحضارية واستيعابها بل عاجزاً عن المحافظة على المنجزات المادّية وصيانتها.

4- إنّ النموذج الحضاري المطلوب لا يقوم في مجتمعات غير متمدنة. والتمدن يعني - فيما يعنيه - أنّ العلاقات في المجتمع لا تقوم على القهر والظلم والعدوان والعنف؛ وإنما تقوم على أنّها مفرزات لمجموعات القيم والمبادئ والقواعد العقدية والسلوكية التي يؤمن بها المجتمع. فالنموذج الحضاري المطلوب ليس إضافة مبتسرة إلى مجتمعات أقرب إلى التوحش منها إلى المدينة، وإنّما هو مجموعة الإشعاعات الروحية والفكرية والقيمية التي يطلقها المجتمع المتمدن في الهياكل المادّية المختلفة، فتأسيس روح المدنية ورزياتها ونظمها شرط أساس لقيام وضعية ثرية ومتفردة. ولن يتم ذلك إذا لم يوفر المجتمع للفرد أقداراً من الكرامة والحرّية والعدل والحماية والوعي بالذات.

5- إنّ الوضعية العامة لأُمّة الإسلام وضعية بائسة. وإنّ الخلاص من الحالة المذلّة التي تعيشها الأُمّة يحتاج إلى جهد كلّ فرد فيها؛ حتى تستطيع أن تعوّض ما ضيعته في قرون السبات الطويل؛ وحتى لا تتراكم عليها استحقاقات أخطاء وخطايا القرون. وهذا يعني أن نخطط لكيفية شحذ فعالية المسلم الروحية والذهنية؛ حتى يضاعف العطاء.

كما أنّ علينا أن نخطط لتوجيه طاقاته وإمكاناته نحو بؤرة محدّدة؛ حتى لا تتبعثر الجهود في غير ما فائدة.

وهذا لن يتم ما لم نوجد أعداداً كبيرة من الأهداف المرحلية الصغيرة ونوجد أعداداً لا تُحصى من الأُطر والدوائر والآليات التي تخدم تلك الأهداف.

فهذه دوائر لتنشيط الأداء الاجتماعي، وتلك لترشيد الاستهلاك، وثالثة لمساعدة الضعفاء وخدمة الفئات الخاصّة، ورابعة لمحو الأُمّية، وخامسة لتعليم الناس المحافظة على الوقت وملء الفراغ، وسادسة لمقاومة تلوث البيئة، وتعليم الناس المحافظة عليها، وسابعة لتذكير الناس بواجباتهم، وممارسة الضغط الأدبي على الناشزين. وهكذا وهكذا...

إنّ لدينا جيوشاً من العاطلين عن أي عمل، والقادرين على عمل الكثير ولديها إمكانات هائلة، تنتظر شرارة التفجير وآليات التوظيف.

وإنّ المشكلة الهائلة لدى الشعوب المتخلفة ليست في شح الإمكانات، وإنما في الضعف المروع في إرادة التحرك وروح الإنجاز والعطاء وشحذ الفعاليات وتوجيهها.

6- إنّ الحضارة الغربية حضارة إنتاج وفير، واستهلاك كبير. وإنّ من واجبنا؛ حتى نسد الفجوة الحضارية بيننا وبينهم أن نضاعف الجهد، ونقتصد في الاستهلاك إلى أبعد حد اقتداء بخاتم النبيين (ص) الذي كان يعيش على الكفاف في شأنه الخاص، وينفق على الشأن العام بغير حساب. وإذا ما أردنا أن نفعل ذلك؛ فإنّ علينا أن نشتري الآلات والمصانع ونتعلّم صيانتها، ومحاكاتها، وأن نقلل من استيراد أدوات الرفاهية والسلع الاستهلاكية، كما أنّ علينا أن نعلّم الناس كيف يستغلون سطوح المنازل والشُّرفات وكلّ شبر من الأرض في سبيل توفير القوت اليومي لأكبر عدد ممكن من الناس. كما أنّ علينا أن نساعد كلّ موظف على أن يتعلّم مهنة خفيفة لطيفة يمكن أن يمارسها في منزله بدل الجلوس في الملاهي، وأمام (التلفاز)، وأن نعلّم ربّات البيوت كيفية إعداد الطعام المغذي المتكامل بطريقة لا تجعلنا نلقي الأطعمة الزائدة في أوعية القمامة. أشياء كثيرة تساعدنا على أن نوسع من إنتاجنا، ونقتصد في الاستهلاك؛ حتى تقف الأُمّة على قدميها وتمتنع عن الاستدانة وتكفف الآخرين...

إنّ أفكاراً كثيرة يمكن أن نقولها في هذا المضمار؛ لكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق. وفي باقي الكتاب ما يوضح بصورة أفضل الوضع الحضاري الذي ينبغي أن نسعى للصيرورة إليه. ولله الأمر من قبل ومن بعد.►

 

المصدر: كتاب من أجل انطلاقة حضارية شاملة (أُسس وأفكار في التراث والفكر والثقافة والاجتماع)

ارسال التعليق

Top