• ٦ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور الإعلام الحضاري

محمد حمدان

دور الإعلام الحضاري
- على المستوى السياسي: "المهمة الثالثة للصحافة في عالم اليوم: فهي تسييس الجماهير وغرس الروح السياسية والاهتمام بالأمور السياسية في نفوس أبناء الشعب، فكلما كان المجتمع سياسياً ويتمتع بالروح السياسية بشكل أكبر، كلما كان أكثر استقلالاً وأقل تعرضاً للمخاطر من قبل الأعداء. وبالعكس كلما كان الشعب بعيداً عن السياسة، وليس له القدرة على الفهم والتحليل والإدراك السياسي فسيتعرض لنفس البلاء الذي تتعرض له بعض الشعوب من قبل المراكز الخبرية الكبرى في العالم، وسيكون ذلك الشعب غير قادر على إتخاذ القرار بنفسه، بل سيكون منفذاً لما يلقن من أفكار ونظريات من قبل الأعداء".   - على المستوى الديني والثقافي: "لقد ولّى هذا العهد من عمر الإذاعة والتلفزيون.. لكننا يجب أن لا نكتفي بذلك، بل يجب أن تتحول هذه المؤسسة إلى جامعة عامة تنتفع منها جميع الشرائح حتى القرويين كما أكّد الخميني الراحل وذلك من خلال ممارستها التأثير الديني، ورفع المستوى الفكري للشعب، وتقريبه من مرحلة الحكمة والتعقل، وتعميق قدرة الشعب على التفكير في مجالات الحياة المختلفة ومن جملتها القضايا السياسية، وتعريفه على عمق القيم الدينية والإدارية وهذه المهمة لا يمكن أن لأي شخص أن يقوم بها سواكم". "فالمهمة الأولى التي يجب أن تقوم بها الصحافة هي توعية أبناء المجتمع، أما هي تلك التوعية وأساليبها فتأتي في المراحل الأخرى". وبشكل عام يجب أن تكون الإذاعة والتلفزيون مدرسة عامة يطرح فيها بشكل صحيح وبنّاء مفاهيم ومبادئ الإسلام المحمدي الأصيل ومعارف أهل البيت النبوّة".   - على مستوى المواجهة والتصدي للإستكبار العالمي: "يجب أن يكون المسار العام لبرامج الإذاعة والتلفزيون هو مواجهة الهجمة الإعلامية والثقافية والخبرية للإستكبار العالمي، ولا يجب العمل بهذا الأمر في مجال الأخبار فحسب، بل يجب أن يتعدّاه إلى التقارير والبرامج العلميّة والاجتماعية والسياسية وأيضاً، وبالأخص البرامج الثقافية والمسلية كالتمثيليات والمسلسلات. توضيح هذا الأمر المهم لجميع العاملين في هذا الجهاز الإعلامي: وهو أنّ الثقافة الأجنبية المهاجمة تستطيع التأثر على الأذهان عن طريق العروض الفنية والبرامج المسليّة أكثر من التأثير عن طريق الحوار، لذا يجب التصدي لهذا التأثير القسري بطريقة ذكية وعقلائية". "ففي إحدى المرات قام تحرك مشبوه ومخطط له – تحت غطاء صحافي وثقافي وفني – ضد مسألة أساسية وضد حقيقة قائمة في البلاد. وقد قامت إحدى الصحف بالرد السريع على ذلك التحرك المشبوه وإحباطه". "لاحظوا أنّه لا يمرّ أسبوع إلا ويتعرض فيه الشعب العربي والإسلامي إلى السهام المسمومة للإعلام المضاد للحق والمخالف للواقع، وحتى في هذه الأيام وبمناسبة الأحداث الإرهابية التي وقعت في أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة الأميركية نفسها، فإنّ المرجفين الدوليين، وحملة الأقلام المرتزقة، والأشخاص الذين يستغلون هذه الأحداث من أجل اختلاق الأكاذيب. والإرتزاق وكتابة الأكاذيب بدؤوا بتوجيه أصابع الإتهام إلى الشعب العربي والنظام الإسلامي المقدّس، وكل ذلك يتوجب أن نرد على هذه الشبهات. فالرأي العام لشعوب العالم مظلوم وأعزل، وإذا ما لم نرد على هذه الأراجيف فمن الذي يسرد عليها".   - على المستوى الوطني ووحدة الشعب: "أما المسؤولية المهمة الأخرى التي يجب على الصحافة أن تنهض بأعبائها هو الحفاظ على وحدة الشعب وتعميق مرتكزاتها. فالشعب ليس مجرد جمع من الناس، بل هو مجموعة من الناس يرتبطون بأواصر خاصة وتجمعهم علاقات قوية وعميقة ومهمة. وإن من واجب الصحافة التركيز على الأواصر، وتعميق العلاقات القوية، والتصدي لدواعي التفكك والتمزق والثقة بالنفس وإضعاف الروح الوطنية عند أبناء الشعب". "فالجرائد والمجلات مهمتها الأساسية هي الحفاظ على الهويّة الوطنية والجماعية التي تعتبر الأساس الذي يقوم عليه كيان الشعب. إنّ التفكير في نوعيّة الأساليب التي تؤدي للحفاظ على تلك الهوية سيفتح فصولاً جديدة أما العاملين في هذا المجال".   - على مستوى تقديم الخدمات الإعلامية العامة للجتمع: "إزرعوا الأمل في نفوسكم، يجب على كتابنا وخطبائنا أن يزرعوا الأمل لدى هذا الشعب، فلا تجعلوه يشعر باليأس، وليقولوا بأننا قادرون ولسنا عاجزين وهذا هو الواقع، وإننا قادرون ويجب أن نريد، إنّ أفضل خدمة يقدمها كتابنا اليوم هو زرع الأمل في قلوب أبناء هذا الشعب الذي يقف بوجه الغرب. وأن يقولوا لهم بأنكم قادرون على البقاء غير مرتبطين بالغرب حتى النهاية. فلو أوجد هؤلاء الكتاب والخطباء الأمل لدى الشعوب بدلاً من الاعتراض على بعضهم البعض ومحاربة بعضهم البعض. وجعلوا الشعب يشعر بالثقة بنفسه والإطمئنان. وأوجدوا الاستقلال الروحي لدى الشعب، إذا قامت وسائل الإعلام بهذه الخدمة وكذلك المطبوعات والكتاب والخطباء، فأوجدوا هذا الإطمئنان في الشعب، فإننا سنبقى منتصرين حتى النهاية".  "إنّ وسائل الإعلام، وخاصة الإذاعة والتلفزيون ومراكز التربية والتعليم العامة هذه قادرة على أداء خدمات كبيرة للشعب العربي وللثقافة الإسلامية، وأنّ الأجهزة التي هي في تماس سمعي أو بصري يومي مع الناس في أنحاء البلاد، سواء المطبوعات في مقالاتها وكتاباتها، أو الإذاعة والتلفزيون في البرامج والتمثيليات والأفلام والفنون المفيدة يجب أن تشد من همتها، وتعمل أكثر. ويطلب من القائمين عليها والفنانين الملتزمين الاهتمام بالتربية الصحيحة وتهذيب المجتمع، والأخذ بنظر الاعتبار جميع فئات الشعب، وأن يعلموا الجماهير الحياة الشريفة وليكونوا أحراراً وذلك من خلال الفنون والتمثيليات والإمتناع عن تقديم الفنون السيئة والمبتذلة". "يجب أن تكون المجلة في خدمة البلاد، وخدمة البلاد هي القيام بالتربية، وتربية الشأن، وبناء الإنسان الشريف، وبناء الإنسان المتفكر حتى ينفع بلاده". "يجب أن تسير صحافة أي دولة وإذاعتها وتلفازها مع الشعب في طريق واحد وتكون في خدمته، وينبغي بالصحافة أن تهتم بما يريده الشعب والطريق يسير عليه وتبث الوعي من هذا الطريق وتهدي الناس". "يجب أن تقوم الأجهزة وبعد عدة سنوات، بتوعية جميع فئات الشعب، وأن تجعلهم جميعاً من المجاهدين، ومن المفكرين ومن المستقلين، ومن الأحرار، وأن تخلصهم من التغرب، وتمنح الإستقلال للجماهير فهذه هي أهم وظيفة لهذه الأجهزة".   - على مستوى نوعية الخدمات الإعلامية العامة من حيث المضمون: "والمهمة الثانية التي يجب على مجموع الصحافة القيام بها: هو الإرتقاء بمعلومات أبناء الشعب إلى مستوى أعلى مما هو عليه، وهذه غير مسألة الوعي التي سبقت الإشارة إليها، وطبعاً هناك بعض الصحف والمجلات المختصة، كالصحف والمجلات الفنية والعلمية أو السياسية أو الأدبية، وكل منها يمارس دوره في هذا المجال. لكنها يجب عليها أن تسعى إلى الإرتقاء بالمستوى الفكري للجماهير كل حسب اختصاصها". "وهناك عدة نقاط أود الإشارة إليها في هذا المجال: أوّلاً: هناك اتجاه في الصحافة نحو القبول بالأفكار الذيليّة التي تتطابق مع أذواق عوام الناس، في الوقت الذي يجب على الصحافة أن تكون رائدة للأفكار بدلاً من أن تكون تابعة لما تمليه عليها الأذواق الشخصية. لأنها إذا سارت وفق تلك الأذواق فإنّها سوف لن تتمكن من تحقيق أي تقدم في مجال عملها، والنقص الثاني المشهور في الصحافة هو قلة العمل، وهو يعني وللأسف قلة المقالات والتحاليل والأعمال الدقيقة في الجرائد والمجلات".   - على مستوى نوعية الخدمات الإعلامية العامة من حيث الشكل: "الفن الإسلامي هو الذي يتوفر فيه عنصر بنّاء مأخوذ من الفكر الإسلامي.. أي أن يتوفر الشكل الفني وليس في المحتوى فقط مأخوذ من الإسلام ومناهجه؛ فابحثوا عن هذا الشيء لكي تستطيعوا العثور على منبع الفن الإسلامي". "قبل مرة قرأت مقالة لكاتب أجنبي أجاد كثيراً التشبيه في هذا الباب وأورد أمثلة عليه منها أنّه تحدث عن الفن الإسلامي في بناء المسجد وقال أنّ قبة المسجد هي نموذج دقيق للفن الإسلامي فهي تشير إلى قيام النظرة المعرفة للإسلام على محور التوحيد بمعنى أنّ كل شيء يتحرك حول محور واحد هو الله؛ وعندما يجلس الشخص تحت تلك القبة يشعر بأنّه في مركز العالم ويرى نفسه مرتبطاً بجميع الكائنات". "فالجاذبية عنصر أساسي في الفيلم، بمعنى أننّا لو فرضنا أنّ فيلماً يحمل أفضل مضمون ورسالة لكنه يفتقر الجاذبية، فهو عاجز عن تحقيق وتبليغ أي شيء وحاله حال الإنسان الذي يجلس وحده في غرفة ويتحدث عن أسمى موضوع". "لقد قلت مراراً أنّ لا حظ لأي رسالة ودعوة وثورة وحضارة وثقافة، من التأثير والإنتشار والبقاء إذا لم يطرح في شكل فني، ولا فرق في ذلك بين الدعوات المحقة والباطلة". "إنّ الثورة الإسلامية باقية لأنّ دعامتها هو التأييد الإلهي والشعب، ويجب أن يكون نتاجكم الفني والأدبي باتجاه تعميق قيمها، وعليكم أن تصنعوا من رسائلكم الفنية سيفاً تستأصلون به الخبائث والشوائب لكي تفتحوا وتعبروا بذلك سبيل تنامي الطهارة والإخلاص والتقوى في المجتمع". "لا ينبغي الشك في حاجة الثورة للفن، وحيث أنّ فن الثورة يجعل مفاهيم جديدة لذا فطبيعي أن يكون غريباً لكنه يجب أن يكون ممتازاً أو فاخراً وتقديماً إذ من المؤكد أنّه سيصطدم بأشكال المعارضة والعداء التي لا مناص لأي ثورة عن مواجهتها يضاف إلى ذلك أن عليه أن يرسخ في الأذهان المعارف الجديدة". "فالفن كان على الدوام أفضل أساليب تبيين العقائد، وعليه يجب تجهيز الفنان والأديب بالأولويات التي يحتاجها المخاطبون اليوم".   المصدر: كتاب الإعلام الملتزم مبادئ وأهداف

ارسال التعليق

Top