• ٧ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور القيم المعنوية في تحقيق السعادة

شهاب الدين الحسيني

دور القيم المعنوية في تحقيق السعادة
  ◄ كل إنسان يبحث عن السعادة، ويعمل ويجاهد من أجل تحقيقها في واقع حياته، ولكن تحديد أسسها ومقدماتها ومقوماتها يختلف من إنسان لآخر ومن جماعة لأخرى، تبعاً للعقيدة المتبناة والمنهج المتبّع في الحياة. في بحثنا هذا نتطرق إلى المناهج الباحثة عن السعادة، وعن دور القيم المعنوية في تحقيق السعادة بعد غياب التطبيق للمنهج الواقعي، وهو المنهج الإسلامي، وسيكون البحث موزعاً في فصلين: الفصل الأول: مناهج السعادة وموانعها وينصب البحث في النقاط التالية: أوّلاً: المنهج النفسي. ثانياً: المنهج المادّي. ثالثاً: المنهج الواقعي. ثمّ البحث عن موانع السعادة، وقسمناها إلى: أوّلاً: الموانع الأساسية، وهي الابتعاد عن الإسلام عقيدة وسلوكاً. ثانياً: الموانع الثانوية، وهي الموانع الحيوية، والسيكولوجية، والاجتماعية. الفصل الثاني: دور القيم المعنوية والروحية في تحقيق السعادة. ونتناول فيه النقاط التالية: أوّلاً: الوقاية من الأمراض النفسية. ثانياً: علاج الأمراض النفسية. الأوّل: الاعتراف. الثاني: التوبة. الثالث: دوام العلاقة مع الله. وتتمثل العلاقة مع الله في النقاط التالية: أوّلاً: ذكر الله. ثانياً: الدعاء. ثالثاً: تلاوة القرآن. الرابع: الصبر. الخامس: التفكير بالجزاء والثواب. وقد اعتمدنا في هذا البحث على القرآن الكريم وأحاديث المعصومين (عليهم السلام)، كمصادر أساسية، إضافة إلى المصادر الثانوية لبعض المفكرين والمؤلفين.   الفصل الأوّل: مناهج السعادة وموانعها: تعريف السعادة: السعادة من المفاهيم البسيطة التي لا تحتاج إلى مزيدٍ من التعريف والتوضيح، لذا اقتصر علماء اللغة على تعريفها بضدها، فقالوا: "السعادة خلاف الشقاوة". "السعد نقيض النحس". ونحن نقتصر على التعريف والمعنى المفهوم من روايات المعصومين (عليهم السلام): "السعادة: حسن الحظ، ويشمل كل ألوان الخير والراحة والرفاه والبركة".   مناهج السعادة: إنّ السعادة من أهم الأهداف التي يسعى الإنسان لتحقيقها، وقد تعددت المناهج المتبناة في فهمها للسعادة وفي تحديد أسسها ومقدماتها الموصلة إليها، تبعاً لتعدد العقائد والمتبنيات الفكرية التي يؤمن بها الفرد والمجتمع، والتي تحدّد الموقف والسلوك في الحياة الفكرية والعاطفية، ويمكن اختصارها بثلاثة مناهج: أوّلاً: المنهج النفسي: 1-    ذهب بعض العلماء والفلاسفة اليونانيين الذين سبقوا أرسطو إلى أنّ: "سعادة البشرية تنحصر في الكمالات النفسية، وهم يرون أنّ أساس السعادة الإنسانية أربع صفات هي: الحكمة، الشجاعة، العفة، العدالة. وانّ الإنسان إذا حصّل تلك الفضائل لم يضرّه في سعادته أن يكون ناقص الأعضاء مبتلى بجميع أمراض البدن". 2-    المرتاضون، وهم يعتقدون: "انّ السعادة والكمال يرتبطان بكمال النفس والتعالي في الجوانب الروحية فقط". وقد تطرفوا في اعتقادهم، فقالوا: "انّ كمال النفس يتناسب تناسباً طرديّاً مع حرمان البدن والاضرار به". وقد انحسر هذا المنهج عن واقع الحياة ولم يبق له اتباع إلّا النزر اليسير في المجتمع الإنساني، وهم يعيشون العزلة عن المجتمع، وليس لهم أي دور في حركة المجتمع الإنساني. ثانياً: المنهج المادّي: وهذا المنهج مناقض للمنهج النفسي، ويرى اتباع هذا المنهج: "التمسك بالجانب المادّي، واعتبار الأهواء، والرغبات المادية، ملاكاً في معركة السعادة". وعلى منهج هؤلاء فالكمالات النفسية، والسجايا الخلقية، والفضائل تفقد أثرها، ولا قيمة لها في تحقيق السعادة. وأصحاب هذا المنهج متوزعون على طائفتين: الأولى: تعتقد انّ: "السعادة منحصرة في التقدم الاقتصادي، وأنّ مصير السعادة الإنسانية مرتبط بمصير الوضع الاقتصادي". الثانية: تعتقد أنّ: "الأصل في السعادة الإنسانية هو اللذة، وعليه فالسعادة عبارة عن تحقيق اللذائذ المادية". وقد أثبت الواقع فشل هذا المنهج في تحقيق السعادة، فعلى الرغم من التطور الاقتصادي والعلمي الذي سهّل كثيراً من الحاجات المادية، وحصل المجتمع على جميع لذائذه المادية من مأكل ومشرب ومسكن وجنس إلّا أنّ السعادة لم تتحقق. ففي عام 1960 بلغ مصرف الأقراص المنومة والمهدئة للأعصاب، والخاصة للأمراض الروحية المستعملة في أمريكا مائتي مليون دولار. وانّ عدد المصابين روحياً في المستشفيات العقلية الأمريكية 340 ألف سنة 1932، وارتفع هذا الرقم إلى الضعف سنة 1959. وبلغ عدد الجرائم سنة 1955 في أمريكا 450/262/2 وارتفع في سنة 1957 إلى 400/796/2". إضافة إلى الأمراض الجنسية كالزهري والأيدز، وازدياد عمليات النتحار، وتفكك الأسر. فالمنهج المادي لم يحقق السعادة لأنّه لم يراع الجانب الروحي في الإنسان، ولو فرضنا انّ السعادة تتحقق في حالة تطبيقه الكامل في الواقع، فهل يجيب أصحاب هذا المنهج عن كيفية تحقيق السعادة في حالة عدم التطبيق، وفي حالة غياب منهجهم عن واقع الحياة؟! ثالثاً: المنهج الواقعي: وهو المنهج الذي تبنّاه الإسلام، وسمّي بالواقعي، لأنّه يراعي واقع الإنسان باعتباره جسداً وروحاً، وانّه: "ينظر إلى الإنسان من جميع جوانبه المادية والمعنوية، والروحية والجسدية، ويحسب لكل جانب حسابه الخاص". والمنهج الواقعي هو المنهج الوسط بين المنهجين؛ النفسي والمادي، ويسعى إلى اشباع حاجات الإنسان المادية والروحية، فهو كجسد يحتاج إلى المأكل والمشرب والملبس والمسكن والجنس، وهو كروح يحتاج إلى السمو والارتقاء نحو الكمال، فالإنسان مخلوق من دوح الطبيعة "يقوم كيانه على قبضة من طين الأرض، ونفخة من روح الله؛ ففيه عنصر أرضي يتمثل في جسمه الذي يطلب حظه ممّا خرج من الأرض من متاع وزينة، وفيه عنصر سماوي يتمثل في روحه التي تتطلع إلى هدادها ممّا نزل من السماء". وقد جمع القرآن الكريم كلتا الحاجتين بقوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا...) (القصص/ 77). وقال الإمام محمد الباقر (ع): "ليس منّا من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه".   المنهج الإسلامي كفيل بتحقيق السعادة: المنهج الإسلامي كفيل بانقاذ الإنسان من كل ألوان الشقاء والتعاسة، لأنّه المنهج الوحيد الذي أحاط بالإنسان بكل جوانبه، وقد وضعه خالق الإنسان العليم بكل خفاياه وكل سكناته وحركاته، والخبير بما يضرّه وبما ينفعه، فيكون التشريع والمبدأ الإسلامي كاملاً لا نقص فيه، ومنسجماً مع مقومات الإنسان، الفكر والعاطفة والسلوك، فيستجيب لها الإنسان مطمئناً بأنّ ذلك هو مصدر سعادته في الدنيا قبل الآخرة، بعكس التشريع والمبدأ الوضعي الذي يضعه الإنسان المحدود في معرفته وادراكه، والذي لا يحيط إحاطة تامة بالحياة. والرسالة الإسلامية هي: "رسالة الحرية والعلم والحضارة والرخاء إلى كلّ إنسان". والإسلام وحده هو: "الكفيل بإخراج الإنسان المعاصر من أزمته التي تؤدي به إلى الدمار، وهو الكفيل بصياغته من جديد وإحلال التوازن في كيانه الذي مزّقته الدعوات والفلسفات المجافية لفطرة الله المعاندة لكلمة الحق، وهو الكفيل بتحريره من جميع عبودياته، الفكرية، والاجتماعية، والمادية". فإذا كان الإسلام هو المنهج المتبع في الحياة في جميع جوانبها فإنّ السعادة تتحقق بصورتها الأكمل. والتجربة الإسلامية في صدر الدعوة الإسلامية خير دليل على ذلك، واما إذا اقصي الإسلام عن واقع الحياة واستبدل بمناهج وضعية، أو بقي قاعدة فكرية للدولة والمجتمع ولكن لم يطبّق تطبيقاً حقيقياً، فإنّ الإسلام كفيل أيضاً بتحقيق السعادة لمن التزم بتعاليمه ومفاهيمه المعنوية والروحية.   موانع السعادة: إنّ الأمراض النفسية؛ كالخوف، والقلق، والاضطراب، والاكتئاب، وعدم الشعور بالأمن والسلام، والأمراض الناجمة عن عدم اشباع الحاجات المادية هي مبعث الشقاء، وهي المانعة من تحقق السعادة والتي تتمثل؛ بالطمأنينة، والهدوء، والاستقرار الفكري والعاطفي، والسلوكي. ويمكن تقسيم موانع السعادة إلى قسمين: أوّلاً: الموانع الأساسية. الموانع الأساسية للسعادة تتحدد بنقطتين. 1-    عدم اتخاذ الإسلام عقيدة ومنهاجاً في الحياة. قال سبحانه وتعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا...) (العصر/ 1-3). فالكفر، والشرك، والتشكيك؛ مصدر الشقاء لأنها مخالفة للفطرة الإنسانية، وهي تمرّد على خالق الإنسان والكون والحياة. يقول أبو حامد الغزالي: (انّ المرض النفسي ثمرة مريضة للاعتراض، والتحدي، والشرك الأصغر، والشرك الأكبر، لإرادة الله ومشيئته). 2-    عدم الالتزام بالمنهج الإسلامي في الموقف والسلوك. قال سبحانه وتعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 7-10). فالتلوث بالآثام والإنحرافات مصدر للشقاء. وملخص القول انّ إنحراف العقيدة وإنحراف السلوك عن المنهج الإلهي هو مصدر الشقاء ومانع من تحقيق السعادة، وإنحراف السلوك يشمل كل مجالات الحياة؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأخلاقية. ثانياً: الموانع الثانوية: الموانع الثانوية للسعادة تأتي بالدرجة الثانية بعد تحقيق الموانع الأساسية وهي الابتعاد عن الإسلام عقيدة وسلوكاً، وإلّا فالالتزام بالإسلام يعوّض عن أنواع الحرمان والآلام ويخفف من وطأتها على النفس والضمير والسلوك، والموانع الثانوية تمنع السعادة منعاً حقيقياً ان اتحدت مع الموانع الأساسية. ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة موانع: الأوّل: الموانع الحيوية: وتتضمن؛ "الاضطرابات الفيزيولوجية التي قد تحدث في مراحل النمو المتتالية ابتداءً من الحمل، والولادة، والبلوغ الجنسي، والزواج، وسن اليأس، والوراثة، والبنية التكوينية، والعوامل العضوية مثل: الأمراض والعاهات، والعيوب، والتشويهات الخلقية، والعاطفية". الثاني: الموانع السيكولوجية: وتشمل: "الصراعات، وحالات الاحباط، والعدوان، والحرمان، والكبت، والخبرات السيئة، وميول الدفاع النفسي الفاشلة، وعدم النضج النفسي". الثالث: الموانع الاجتماعية: وهي الناجمة عن؛ "اضطرابات في عملية التنشئة الاجتماعية، والاضطرابات الأسرية، وسوء التوافق الاجتماعي، وسوء الأحوال الاقتصادية". ومن الموانع الثانوية للسعادة؛ الصراع النفسي الذي يولّد القلق، والاضطراب في النفس، وفي السلوك، وأهم منابعه: "1- الموانع المحيطة التي تحول دون ارضاء الحوافز. 2- العيوب الشخصية. 3-    الحوافز المتضاربة، في المواقف التي يصعب فيها الاختيار".   الفصل الثاني دور القيم المعنوية والروحية في تحقيق السعادة: الإسلام هو المنهج الوحيد الكفيل بتحقيق السعادة للإنسان، وتذليل المأساة الإنسانية التي تسود العالم بأجمعه. يقول الإمام الشهيد الصدر (قدس سرّه): "... فالفهم المعنوي للحياة والتربية الخلقية للنفس في رسالة الإسلام.. هما السببان المجتمعان على معالجة السبب الأعمق للمأساة الإنسانية". والإسلام هو الخلاص الوحيد من الشقاء الذي تعانيه الإنسانية فـ"الإنسانية على الصعيد البشري وهي تقاسي أشد ألوان القلق والتذبذب... لن تجد لها خلاصاً إلّا على الباب الوحيد الذي بقي مفتوحاً من أبواب السماء وهو الإسلام". والنظام الإسلامي "مرّ بتجربة من أروع تجارب النظم الاجتماعية وأنجحها". وانّما النظام الإسلامي بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعبادية إن كان هو القاعدة الفكرية والسلوكية للدولة وللمجتمع فإنّ السعادة تكون حليفة للإنسان الذي يعيش في ظله، لأنّ كل شيء في حياته سيكون منسجماً مع ما أراده الله وما وضعه من منهج وتشريع وسلوك. وفي حالة غياب الإسلام عن سدة الحكم، وتخلّي الدولة عن الإسلام كقاعدة فكرية، أو الالتزام ببعض أحكام الإسلام دون بعض، فإنّ ذلك يكون معوقاً لتحقيق السعادة لكل المجتمع، ولكن الإسلام وضع منهاجه في تحقيق السعادة في كلتا الحالتين؛ في حالة سيادته على الدولة والمجتمع، وفي حالة اقصائه عن السيادة وتغييبه، حيث يكون للقيم المعنوية والروحية دور كبير في تحقيق السعادة أو على أقل التقادير؛ التخفيف من الشقاء، والمعاناة، والتعاسة؛ والتي تتولّد من الابتعاد عن المنهج الإسلامي، وعدم تحكيمه، وتقريره في الواقع السياسي والاجتماعي، حيث يكون لتكامل الشخصية المعنوي والروحي دور في إسعادها. "والسعيد حقاً هو ذو الشخصية القويّة الذي يعمل دائماً لتحقيق غرض سام والذي لا تتعارض حاجاته ورغباته مع مصالح الإنسانية، وربما كان أقرب الأمثلة لهذه هم الأنبياء الذين لم يهتموا لمأكل أو مشرب أو ملبس ولم يشقهم الجوع أو الاهانة أو السجن، ولم يؤثر في اتجاهم كثرة الأولاد أو فقدهم إياهم، وإنما كان يسعدهم أمر واحد وهو الجهاد والسعي لتحقيق الفكرة الإنسانية السامية". وقد وضع الإسلام أسلوبين لتحقيق السعادة؛ الأوّل بمثابة الوقاية من الشقاء، والثاني بمثابة العلاج من الشقاء.   أوّلاً: الوقاية من الأمراض النفسية: إذا كان الكفر والضلال والتمرد على المنهج الإلهي، والانحراف السلوكي والأخلاقي مرضاً نفسياً، وقاعدة للشقاء فإنّ الإسلام وضع الوقاية من الوقوع في ذلك. وتتلخص مقومات الوقاية في تنمية الشخصية كما أرادها الإسلام، وفيما يلي أهم معالم الوقاية من الأمراض النفسية: 1-    الإيمان "التربية الدينية": ويتضمن؛ الإيمان بالله، وبما أنزله على نبينا محمد (ص) من منهج متكامل، وتشريع للحياة، والمجتمع. 2-    التدين "السلوك الديني": ويتضمن؛ عبادة الله، والإخلاص له، والمسؤولية، والالتزام بأوامره، والانتهاء عن نواهيه. 3-    الأخلاق: وتتضمن؛ الاستقامة، وإصلاح النفس، وتزكيتها، ومخالفة الهوى، وضبط النفس، والصدق والأمانة، والتواضع ومعاشرة الصالحين، والإصلاح بين الناس، والتعاون، والاعتدال، والإيثار، والعفو، والإحسان، ويقظة الضمير. فالمؤمن بالله المتدين بدينه والمتخلق بالأخلاق الفاضلة سيكون شخصية سوية مستقرة مطمئنة لتوافق مقوماتها من حيث الفكر، والعاطفة، والسلوك، فلا مجال للشك والتمرد والانحراف الذي يولّد الاضطراب والقلق. ثانياً: علاج الأمراض النفسية: قعد وقوع الأمراض النفسية والتي تولد الشقاء وتمنع من السعادة يضع المنهج الإسلامي علاجاً لها، وقد تكون هذه الأمراض ناجمة عن الإنسان نفسه، أو تكون ردّ فعلٍ لما يمارسه المجتمع معه من ظلم، واضطهاد، وسخرية، وتحقير. وفيما يلي أهم معالم العلاج: الأوّل: الاعتراف: ويتضمن الاعتراف بالمرض النفسي الناجم عن الذنب، وظلم النفس أمام الله، وشكوى النفس من النفس، طلباً للخلاص، والغفران، وافضاء الإنسان بما في نفسه إلى الله، ممّا يزيل مشاعر الخطيئة والإثم، ويخفف من وطأة عذاب النفس اللوّامة، ويطهر النفس المضطربة والقلقة، ويعيد إليها استقرارها، وأمنها، واطمئنانها. قال سبحانه وتعالى: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة/ 102). وقال سبحانه وتعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي...) (القصص/ 16). والاعتراف بالمرض النفسي يساعد على العلاج، لأنّ المريض نفسياً إن اعترف بمرضه النفسي سهل عليه علاجه؛ امّا بنفسه، واما عن طريق المعالج، وهو المؤمن الذي يركن إليه المريض، أو الله تعالى الذي وضع له برنامجاً للعلاج. وتترتب على الاعتراف آثار عملية عديدة، كما يذكرها الإمام عليّ (ع): "شافع المذنب إقراره وتوبته اعتذاره". "من اعترف بالجريرة استحقّ المغفرة". "لا اعتذار امحى للذنب من الإقرار". "من أحسن الاعتذار إستحقّ الاغتفار". "ما أذنب من اعتذر". "عاص يقرّ بذنوبه خير من مطيع يفتخر بعمله". والإيمان بالله تعالى يساعد على العلاج، لأنّ المريض نفسياً قد لا يعترف للمعالج إن كان إنساناً مثله، لما يترتب على الاعتراف من كشف للعيب المستور، وفضيحة للعمل القبيح، وكثيراً ما تستمر الأمراض النفسية بسبب عدم الاعتراف، ولكنها تنقطع أمام الله تعالى، الذي يجد الإنسان فيه المعالج الرحيم العطوف الشفيق، فلا يتحرّج في الاعتراف أمامه. الثاني: التوبة: بارتكاب الذنوب يكون الشقاء بسبب الانحراف عن الفطرة، وبملاحقة النفس اللوّامة – الضمير – فيبقى المذنب يعيش القلق والاضطراب والازدواجية بين الفكر والسلوك، ويشعر بالنقص والحقارة، فتلاحقه العقد والآلام النفسية، وقد يتمادى في ذنوبه وانحرافه إلى أن يصل إلى الانحطاط التام، ولكنّ الله تعالى فتح للمذنب أبواب الهداية والرحمة عن طريق التوبة، فإذا تاب واستغفر ربّه، فإنّه يرجع سوياً وتُمحى ذنوبه، ويتعلق قلبه بالرحيم، فيستشعر الراحة والطمأنينة بأمله بالله تعالى، ويستعيد استقامته ليعيش حياة جديدة سعيدة وهانئة. قال رسول الله (ص): "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". ويترقى التائب في سلم الهناء والسعادة، حينما يعلم انّه قد أصبح حبيباً لله تعالى، فإذا أراد أن يستمر في ظلال تلك المحبة فعليه إصلاح نفسه. قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/ 222). والتوبة تستنزل الرحمة الإلهية وهي قمة السعادة للإنسان، والتوبة دواء وتطهير للقلب من القلق، والاضطراب، والكآبة. قال الامام عليّ (ع): "التوبة تستنزل الرحمة". وقال (ع): "الذنوب الداء والدواء الاستغفار والشفاء أن لا تعود". وقال (ع): "التوبة تطهر القلوب وتغسل الذنوب". وما أسعد التائب حينما يشعر بأنّه أصبح إنساناً سوياً، كغيره من الناس، وانّ نعيم الآخرة مفتوح له. قال رسول الله (ص): "انّ العبد ليذنب الذنب فيدخل الجنة"، قيل: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: "يكون نصب عينه تائباً منه فاراً فمازال حتى يدخل الجنة". والتوبة تمنح الإنسان الأمل في التغيّر، والصلاح، والاستقامة، وإن كان الإنسان قد انحرف انحرافاً فاحشاً. قال رسول الله (ص): "لو عملتم الخطايا حتى تبلغ السماء ثمّ ندمتم لتاب الله عليكم". فالإسلام يضع حداً لشقاء المذنبين بالتوبة، والإنابة، ويفتح أبواب الهداية والاستقامة لمن أغلقها بذنبه وانحرافه، وكم هي سعادة الشقي التائب الذي يستشعر بالولادة الجديدة، التي تدفعه لأن يكون عنصراً فعّالاً نافعاً في المجتمع الذي يعيش فيه، فيضمحل القلق والاضطراب وتأنيب الضمير. الثالث: دوام العلاقة مع الله: إنّ العلاقة مع الله تجعل الإنسان مرتبطاً بغاية وهدف، فلا عبث ولا لهو، بل تكون كلّ أفكاره، وعواطفه، وإرادته، متجهة نحو المطلق في سيرها التكاملي، فيبتعد عن التخبط والتغيّر السلبي والمزاجية والتمزق والصراع النفسي، فيستقيم على عقيدة واحدة، وعواطف واحدة، وسلوك واحد. وهذه العلاقة إن كتب لها الدوام تحرر الإنسان من كل ألوان العبودية؛ عبودية الإنسان للإنسان، وعبودية الهوى، والتي هي مصدر الشقاء، وتحرر الإنسان من؛ القلق، والحيرة، والاضطراب، لأنّه سيرتبط بواهب الرحمة، واللطف، والأمن، والطمأنينة، وإذا امتلأ شعور الإنسان بأنّه على اتصال كامل بالله سبحانه وتعالى لم يتأثر بشعور الخوف على الحياة، أو الخوف على الرزق، أو الخوف على المكانة. والعلاقة مع الله تتنوع وسائلها، ويمكن تحديدها ببعض النقاط: أوّلاً: ذكر الله: حينما تحيط الشدائد، والمعاناة بالإنسان، وحينما يتعرض للبلاء في جميع ألوانه من؛ ظلم، واضطهاد، واستغلال، واستهزاء، وفقر، وجوع، لا يبقى له سند ولا حصن إلا الله، فالله سبحانه وتعالى يرحم المتعلق به، والملتجئ إليه، فيشرح صدره ويطمئن قلبه، كما قال سبحانه وتعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد/ 28). واطمئنان القلب يخفف من وطأة المعاناة والهموم، وكلما إزدادت الطمأنينة خفت وطأتها إلى أن تتلاشى، فلا يبقى لها تأثير ملموس. وعلاقة الذكر ذات طرفين، الإنسان والله سبحانه وتعالى، فإذا ذكر الإنسان الله فإنّ الله يذكره: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (البقرة/ 152). فإذا كان الذاكر هو الله فإنّه سيكون عوناً للإنسان المحروم في معركة الحياة يثبت قلبه ويزرع فيه الأمل ويمنحه الأمن، والاستقرار، والاطمئنان، فتتحول بهذا الذكر المعاناة إلى لذة، والشدة إلى يسر، لأنّ الذكر يشرح الصدر، وهذا الإنشراح هو قمة السعادة والهناء، والذكر مفتاح الانس والارتياح، والذكر دواء للأمراض النفسية، وبه يعيش الذاكر في ظلال الرحمة الإلهية، فلا يلتفت إلى ما يعانيه من شدائد، وآلام، ومعوقات فيكون مستقراً في فكره وعواطفه وسلوكه، فلا قلق، ولا اضطراب، ولا زعزعة روحية. قال الإمام عليّ (ع): "الذّكر يشرح الصدر". "الذكر مفتاح الانس". "ذكر الله جلاء الصدور وطمأنينة القلوب". "بذكر الله تستنزل الرحمة". "ذكر الله دواء اعلال النفوس". ثانياً: الدعاء. حينما يبتعد المجتمع عن المنهج الإسلامي في الحياة، فإنّه سيعيش الواقع المأساوي المليء بالانحراف والشذوذ، فتحيط به الآلام والهموم، ويحيط به القلق، والحزن، والكآبة، والاضطراب، ويعيش حالات الفقر، والجوع، والحرمان، والمرض، والاضطهاد. وفي هذه الأوضاع التي يعيشها الإنسان، لا يبقى له ملجأ إلّا الله ولا ركن ركين إلّا الله، فيكون هو الملاذ والمغيث للإنسان لانقاذه من الشقاء والتعاسة. فيفزع إليه الإنسان بالدعاء، وبالدعاء تتعمق العلاقة الروحية بين الإنسان الفاقد للهناء والأمان والطمأنينة، وبين واهب الهناء والأمان والطمأنينة. وبالدعاء يكون الإنسان قد وجد السبيل الذي يوصله بمصدر اللطف فتخف معاناته والآمه وهو مشدود إلى أقوى القوى وإلى أرحم الراحمين. فتوسل الإنسان بالله عن طريق الدعاء مع الاطمئنان والوثوق بالاستجابة، يجعله يعيش في بحبوحة من الهناء والارتياح، لأنّ الله تعالى وعده بالاستجابة. قال تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر/ 60). والدعاء وقاية من البلاء وعلاج له بعد وقوعه. قال الإمام علي (ع): "ادفعوا أنواع البلاء بالدعاء. عليكم به قبل نزول البلاء". وقال (ع): "بالدعاء يستدفع البلاء". والدعاء شفاء من كل الأمراض النفسية قال الإمام الصادق (ع): "عليك بالدعاء فإنّه شفاء من كل داء". والدعاء مفتاح للرحمة التي تمنع الطمأنينة، والاستقرار في النفس الإنسانية، قال الإمام الصادق (ع): "... فأكثر من الدّعاء فإنّه مفتاح كل رحمة ونجاح كلّ حاجة...". وليس للدعاء زاوية واحدة، بل هو شامل لكل زوايا الحياة وجوانبها. كما جاء في أدعية أهل البيت (ع)، ومنها أدعية الإمام زين العابدين (ع) والتي نختار منها بعض الفقرات: "اللّهمّ إني أعوذ بك من الكسل والفشل والهم والحزن والجبن والبخل والغفلة والقسوة والذلة والمسكنة والفقر والفاقة وكلّ بلية". "وامنن عليّ بالصحة والأمن والسلامة في ديني وبدني". والدعاء في مجال الشفاء من القلق والاضطراب، له دوره الواقعي في العلاج لأنّ القلق والمضطرب سيبرز ما يضمره من أمور مكبوتة إضافة إلى ما يرافق الدعاء من استكانة وتضرع وتوسل وبكاء، مع الوثوق بالاستجابة فانه سيكون عوناً للإنسان لعلاج مرضه النفسي، أو التخفيف من حدته، لأنّ الإنسان يطلب من الله تعالى حاجته والله أنس كل مستوحش، وفرج كل مكروب، وغوث كل مخذول. وبالدعاء تتحقق بعض ألوان العلاج التي يستخدمها المعالجون، وهي التداعي الحر، والتنفيس الانفعالي. والتداعي الحر: "هو إطلاق العنان للأفكار والخواطر والاتجاهات والصراعات والرغبات والمشاعر في تلقائية دون قيد أو شرط مهما بدت تافهة أو محرجة أو مؤلمة أو معيبة، وإخراج هذه المواد المكبوتة من اللاشعور إلى حيز الشعور حتى يمكن التعامل معها". والتنفيس الانفعالي: "هو تطهير وتفريغ الشحنات النفسية الانفعالية. وهو تخفيف الحمولة النفسية التي يعاني من عبئها المريض حتى لا يحدث تصدع في الشخصية". ففي الدعاء ينطلق الإنسان في التعبير عن خلجات نفسه بلا قيود وبلا حرج، فيكون علاجه سهلاً. الثالث: تلاوة القرآن: حينما تضيق الحياة بالإنسان، وحينما يُحرَم من متاع الدنيا، وحينما تلاحقه الهموم والآلام، ولا يجد لها حلاً من قبل المجتمع، فإنّ مداومته على الارتباط بالله عن طريق تلاوة آيات كتابه الكريم تساعده على التغلب على كل ألوان الهموم والآلام الناجمة عن غياب التطبيق الإسلامي، لأنّ القرآن نور يستضيء به، ففيه منهاج شامل لجميع الحلول، يمنحه الأمل والطمأنينة، وخصوصاً إذا تدبّر في أحوال الأنبياء الذين اجتازوا العقبات وهم أسعد الناس. فالقرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، كما قال سبحانه وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء/ 82). فهو شفاء من الوسوسة، والقلق، والحيرة، لأنّه يوصل القلب بالله، فيسكن ويطمئن ويستشعر الحماية والأمن، وهو شفاء من الهوى والدنس، وهو شفاء من العلل الاجتماعية التي تذهب بسلامة الإنسان والمجتمع. والقرآن كذلك يحيي القلب، ويغمره بالهدوء، والاستقرار، والإنشراح، لأنّه نور وربيع القلوب، كما وصفه الإمام أمير المؤمنين (ع): "تعلّموا القرآن فإنّه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور". والقرآن يمنح الأنس للإنسان الذي جعله المجتمع منعزلاً ومنفرداً. قال الامام علي (ع): "من أنس بتلاوة القرآن لم توحشه مفارقة الاخوان". امّا الهموم الناجمة من الجوع والفقر والحرمان فانّها ستضمحل وطأتها على الإنسان الذي يذلل الصعاب بارتباطه بكتاب الله وباقتدائه بالأنبياء والأولياء والصالحين. الرابع: الصبر: الصبر سلاح الإنسان في مقاومة العقبات والأشواك والهموم والآلام، وبالصبر يتغلب الإنسان على كل أثقال الحياة من جوع وحرمان، ومن اضطهاد وظلم، ومن تكذيب واستهزاء، ومن ضغط الشهوات ومن نداء الإغراءات. فالصبر كما وصفه الإمام علي (ع): "الصبر يهوّن الفجيعة". "الصبر عدة للبلاء". "ليس مع الصبر مصيبة". "اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين". "من صبر خفّت محنته". "بشرّ نفسك إذا صبرت بالنجاح والظّفر". والإنسان الذي يقابل الهموم والآلام والحرمان بالصبر والثبات سيكون سعيداً لإيمانه بأنّ الله معه يحرسه ويرعاه ويتلطف عليه، وسيفرّج عنه الضيق والشدة قال تبارك وتعالى: (.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 153). وما أسعد الإنسان المتمسك بالصبر حينما يعلم بأنّ الله يعوضه عن صبره بالحبّ واللطف، فلا شقاء مع حبّ الله له، ولا قيمة لشيء أمامه وهو قد دخل في دائرة الحبّ الإلهي، فلا تأثير للجوع والفقر والاضطهاد المفروض عليه، ولا تأثير للاستهزاء به ولا الأذى الذي يواجهه. قال سبحانه وتعالى: (.. وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران/ 146). وأفضل الصبر – الذي يجعل الصابر يعيش السعادة الواقعية – هو الصبر الجميل الذي عرّفه الإمام الباقر (ع) قائلاً: "ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس". والصبر الجميل هو: "الصبر المطمئن، الذي لا يصاحبه السخط ولا القلق ولا الشك في صدق الوعد، صبر الواثق من العاقبة، الراضي بقدر الله، الشاعر بحكمته من وراء الابتلاء، الموصول بالله المحتسب كل شيء عنده مما يقع به". وبالصبر لا يتزحزح الصابر ولا يضعف ولا يهن ولا يحيد ولا يتراجع أمام الانكسارات والمضايقات، وهذه قمة السعادة والهناء في الحياة، وقمة السعادة للعبد وهو يأمل بالفرج وانتهاء الشدة وكذلك العوض في يوم القيامة. الخامس: التفكير بالجزاء والثواب: إنّ التفكير بالجزاء والثواب الذي يحصل عليه الإنسان في الدار الآخرة الخالدة، - من مأكل ومشرب وملبس وحور عين ورضوان من الله أكبر؛ له تأثيره الإيجابي على الإنسان الذي يعيش الحرمان والمصائب والآلام، وتتجلى الإيجابية في نقطتين: الأولى: العصمة من الانحراف، والتقيّد بالقيود الشرعية، فيكون ملتزماً بالإسلام عقيدة وسلوكاً، وهذا الالتزام كفيل بإسعاده في الدنيا، قبل الآخرة. الثانية: تخفيف المعاناة والآلام والهموم والأحزان التي تواجه الإنسان في ظل الواقع المأساوي الذي يحيط به، والذي يجعله محروماً بائساً قلقاً مضطرباً. والتفكير بالجزاء والعوض الإلهي عمّا فقده في الدنيا يجعله يعيش الأمل في نيل ذاك الجزاء هذا الأمل يخفف من معاناته، ويجعله موصولاً بالسعادة في الدنيا التي يؤمن بزوالها وفنائها. فكلما اشتد البلاء كان الثواب أكبر وأعظم كما قال رسول الله (ص): "انّ أعظم البلاء يكافئ به عظيم الجزاء". فالذي يفقد جزءاً من حواسه، أو يكون ناقص الجسد، لا يشعر بعقدة الحقارة ولا ينعكس استهزاء الناس به على روحه وشخصيته، وهو مؤمن بالتعويض الإلهي في اليوم الخالد، قال رسول الله (ص): "ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد فعلى قدر ذلك". والأذى الذي يعانيه الإنسان بجميع أنواعه يخفف من خطاياه وتبعاتها. قال رسول الله (ص): "ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا". وهذا الشعور يجعله يتحمل الأذى بلا سخط ولا قلق ولا اضطراب. وشعور الإنسان المهموم بأنّ له درجة في الجنة يجعله يستشعر السعادة، ولا يلتفت لما يعانيه من مأساة. قال رسول الله (ص): "انّ في الجنة درجة لا ينالها ألا أصحاب الهموم". وقال (ص): "ما أصاب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن حتى الهمّ يهمّه إلا كفّر الله به عنه من سيئاته".   المصدر: مجلة قضايا إسلامية/ العدد 1 لسنة 1994م

ارسال التعليق

Top