• ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

طرق تدريس الصيام

د. ناصر باهنر

طرق تدريس الصيام
◄إنّ الصيام أحد فروع الدين الإسلامية التي تتضمن الآيات والروايات الكثير من الوصايا حولها. وقد وجهت الأحاديث المروية، الأبوين أن يطلبوا من أبنائهم في التاسعة من عمرهم أن يصوموا على قدر استطاعتهم ولهم أن يفطروا عند تغلب العطش عليهم. بناء على هذا التوجيه الشرعي يتحتم على المعلم أن يطلب من الأبوين أو يوقظوا التلاميذ عند الأسحار ليتناولوا سحورهم بدلاً من وجبة الفطور وأن يوصوه بالإمساك عن تناول الطعام والشراب قدر الإمكان وأن يتدرجوا في زيادة ساعات إمساكهم وعدد الأيام. ويتوجب على المعلم أيضاً أن يبدأ منذ السنين الأولى من الإبتدائية بعرض معلومات بسيطة عن شهر رمضان والصوم ومراسيم الإفطار والسحر والإجراءات الشكلية ومشهدها الجذاب بهدف تكوين الرغبة في الصوم لدى الأطفال وإعدادهم للصيام على قدر إستطاعتهم. وتتسع رقعة هذه التوجيهات في السنين التالية حيث يصبح لزاماً على المعلم إضافة التعريف بالصوم باعتباره إحدى أهم العبادات الإسلامية، أن يتطرق خلال تدريسه لهذا الموضوع إلى نبذة عن فوائد الصوم وبعد آدابه بنحو مبسط وملذ للتلاميذ للتولد لديهم الحوافز والرغبة اللازمة لأداء هذه الفريضة ولكي لا يستأنف المتعلمون ولا سيما الإناث مرحلة التكليف الشرعي في حياتهم ونفوسهم غريبة عن هذه الفريضة. يجب أن نتحرز عن التعريف بهذه الفريضة بما يوحي بأنّها مؤلمة ومقيدة وذات عبء ثقيل أو أن يكون تقبلها وأداؤها مرفقاً بالإكراه والنفور، بل عن إنطباع بأنّها واجب مفيد وبناء. ولتحقيق هذا الهدف يمكن بيان مردودات الصوم وفوائده لصحة الجسم وسلامته وسائر آثاره الروحية والاجتماعية الأخرى. فعن فوائده الجسمية بإمكاننا أن نقول: مثلما تحتاج السيارة وبقية وسائل النقل بعد مرحلة من العمل الزائد إلى الاسترخاء والعناية فإنّ المعدة وسائر أعضاء الجهاز الهضمي لدى الإنسان تصاب بعد فترة من العمل بالوهن والإرهاق وكم من مرض تتسببه التخمة. والصوم وسيلة لتخلص الجسم من آثار هذا الإعياء وتلك الأمراض. ولنا أن نشير في هذا السياق إلى أحاديث كالأحاديث النبوية الشريفة: "صوموا تصحوا"[1]. "المعدة بيت كل داء والحمية رأس كل دواء"[2]. وعن الأثر الاجتماعي للصيام بوسعنا أن نشير إلى هذه الحقيقة وهي أننا عندما نمسك عن الطعام والشراب ونعاني من الجوع والعطش خلال شهر رمضان، تتجه عقولنا تلقائياً إلى التفكير بالمساكين ونجهد للقيام بعمل مفيد لهم، إنها حكمة من حكم وجوب الصوم أشارت إليها الكثير من الأحاديث. ويحسن على صعيد الأثر الروحي له أن نؤكد أنّ الصيام يعزز إرادة الإنسان ويسهل عليه إطاعة الأوامر الإلهية إرضاء لربه دون أن يهاب الصعاب الناجمة عن إنصياعه لها. كما يجب التأكيد على هذه الحقيقة أيضاً وهي أنّ الصوم لا يهدف إلى الإمساك عن الطعام والشراب فقط بل إلى إمساك جميع أعضاء الجسم وامتناعها عن الإتيان خلال شهر الصوم بالمعاصي. ويجب أن نوجههم كذلك للتحرز من التخمة أثناء الإفطار والسحور لما لها من تبعات مرضية وكذلك من الإشهار بالإفطار على مرأى الآخرين وأن من شأنهم المساهمة في الثواب بإعانة الراشدين في الإعداد لنذور السحور والإفطار وإطعام الصائمين. فقد قال الإمام الصادق (ع): "من أفطر صائماً فله مثل أجره"[3]. كما يجب حثهم للإهتمام بالدعاء لأنفسهم والمحيطين بهم في مواعيد السحور والإفطار. ينبغي على المعلمين والآباء والأُمّهات أن يعلموهم أدعية مناسبة على هذا الصعيد. ومن القضايا التي يجدر اجتذاب إهتمام الأطفال إليها هي أنّ الله يحب الصائمين حباً جماً ويكافئهم بجزيل ثوابه في الآخرة ويحتسب نومهم وأنفاسهم عبادة[4]. مما يأخذ بأيديهم للفوز بخير نعماء الجنة، وقد خصهم بأحد أبوابها[5] وبتلبية دعائهم ومضاعفة ثواب أعمالهم[6]. يتنبه الأطفال بالإستماع لمثل هذه الأحاديث إلى أن تحمل مشاق الصوم لن يذهب سدى عند الباري تعالى لأنّه يهبهم ثواباً ونعماً خاصة. وبهذا لا يزداد اهتمامهم ورغبتهم في الصيام بل يتعمق شعورهم بقربهم من الله وحبهم له عزّ وجلّ. وعلى هذا الصعيد يحسن أن يعرض لهم النماذج السلوكية المناسبة من خلال حكايات عن الصوم وسيرة وسلوك المعصومين (ع) عند الصيام وأن يتم حتى المقدور إثابة التلاميذ الأكثر رغبة واهتماماً بالصوم ليغدو أسوة للجميع مع ضرورة وضع حساب سوي ودقيق لمقارنة الأطفال بحسب قدراتهم الجسمية لكي لا يتعرض الضعفاء منهم للضغط عبثاً. يجب أن نقدم هذه الإيضاحات للتلاميذ إلى جانب التأكيد على أنّ الصيام لا يحظى بمثل هذا الثواب إلا عند توفر القدرة على أدائه لدى الشخص وأنّ على المسلم أن يستغني عن الصوم إن صار مدعاة إصابته بمرض ما. الهوامش:
[1]- بحار الأنوار، المجلد (96)، ص 255. [2]- بحار الأنوار، المجلد (96)، ص371. [3]- المصدر السابق. [4]- راجع "أصول الكافي، المجلد (4)، ص 64. [5]- راجع بحار الأنوار، المجلد (96)، ص 252.

[6]- راجع بحار الأنوار، المجلد (93)، ص 360.

  المصدر: كتاب تعليم المفاهيم الدينية في ضوء علم النفس النموّ

ارسال التعليق

Top