• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مظاهر السلوك العدواني لدى الأطفال

مظاهر السلوك العدواني لدى الأطفال

أ- السلوك العدواني:

السلوك العدواني سلوك يحمل الضرر إلى كائنات أخرى من الإنسان أو الحيوان، فالطفل قد يؤذي طفلاً آخر ينزع لعبته من يديه، وقد يفعل ذلك في مشاجرة حول ادعاء حق ملكية شيء ما وقد يفعل الشيء نفسه إذا طلبت المعلمة أن تنزع جميع اللعب من الأطفال وتوضع في مكان آخر. بل قد يفعل الشيء نفسه مع أحد والديه خلال اللعب مع أي منها.

ويدخل ضمن السلوك العدواني الذي يتضمن الإضرار الجسدي – الأفعال التي تتدخل في أي سلوك مشروع يقوم به الآخرون مثل: استخدام السباب أو المنع أو الإكراه بالتهديد، ويعد التصرف عدائياً إذا ما أدى عادة إلى إثارة رد فعل ينطوي على الضرر أو الإيذاء أو الاحتجاج أو الانتقام أو الانسحاب أو الصراخ أو الشكوى لصديق أو لمعلمة.

 

ومن المواقف الخاصة التي يستثار فيها السلوك العدواني:

-         النزاع حول الملكية شيء ما أو حول الأحقية في مكان ما.

-         المطالبة باستبعاد طفل آخر من جماعة اللعب أو جماعة الرفاق.

-         الاختلاف بسبب تصادم الرغبات حول الأدوار التي يقوم بها الأطفال، أو حول التعليمات التي تحكم العمل، أو التي تحكم اللعب بينهم.

-         التمسك بحق التفوق على الآخرين: من يتصدر المجموعة؟! فقد يصر أكثر من طفل على التصدر.

-         الاختلاف حول تنظيم العمل في المجموعة والتشدد في تطبيق قوانين الحضانة.

-         العقاب القاسي من أجل الاتساق مع النظام، الكذب أو الغش، المطالبة بشيء ليس له..

وهناك مواقف يحدث فيها العدوان على شكل إزعاج متكرر أو مضايقات للآخرين بشكل مستمر؛ وفيها لا يحقق العدوان شيئاً ملموساً أو مادياً للمعتدي من وراء سلوكه، وإنما ينجح فقط في إثارة رد الفعل من الغريم.

كما أنّ هناك مواقف تتضمن الإزعاج المتكرر جسمياً وبدنياً، وفيها يحدث الاشتباك البدني مع الغريم في تصارع أو المسك بإحكام (في غير مواقف اللعب) وجذب الشعر أحياناً والتراشق بالرمل أو التراب.. إلخ.

وثمة مواقف يلجأ فيها المعتدي إلى إغاظة غيره عن طريق التدخل في الألعاب التي يقومون بها، أو في الأنشطة التي يمارسونها، ولا يكون ذلك بغرض الحصول على تلك الأشياء. فقد يلجأ إلى إيقاف أرجوحة التوازن التي يجلس على كلّ من طرفيها أحد الأطفال ليعطلها عن العمل، وقد يقوم بهد القلعة الرملية التي كدح غيره من الأطفال في بنائها، وقد يستخدم ألفاظ التوبيخ الساخرة موجهاً إياها إلى غيره من الأطفال.

كما أنّ هناك مواقف يغلب أن يأخذ فيها العدوان شكل التهديد المادي أو اللفظي باستخدام القوة والعنف أو بإبداء العداوة مثل: (سوف أشكوك للمعلم) أو (لن أشركك في اللعب بعد اليوم).

وهناك مواقف يظهر فيها العدوان أثناء اللعب على هيئة تعرض بدني كالإمساك من حول الرقبة، والرمي بعنف إلى الأرض أو الإكراه على القيام بعمل ما تحت وطأة التهديد، أو حجز الخصم ضد رغبته في مكان معيّن (حبس غير قانوني).

 

ب- المشاعر العدائية (العدوانية):

وإذا كان العدوان الصريح يأخذ أشكالاً ظاهرة تتمثل في الاعتداء البدني أو الاعتداء اللفظي أو بالتخريف أو بالمشاكسة والعناد ومخالفة الأوامر والعصيان والمقاومة – فإنّ المشاعر العدائية أو العدوانية تتخذ شكل العدوان المضمر غير الصريح كالحسد والغيرة والاستياء، كما تتخذ شكل العدوان الرمزي الذي يمارس فيه سلوك يرمز إلى احتقار الآخرين، أو توجيه الانتباه إلى إهانة تلحق بهم أو الامتناع عن النظر إلى الشخص وعدم الرغبة في مبادرته بالسلام أو رد السلام عليه.

وقد عرض القرآن الكريم للأشكال التي تتخذها المشاعر العدائية في آيات كريمة نذكر منها:

-         (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (البقرة/ 212)، وتشير هذه الآية الكريمة إلى العدوان بالتهكم والسخرية.

-         وجاء في القرآن الكريم: (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ) (الأعراف/ 150)، وتشير الآية الكريمة إلى العدوان بالشماتة.

-         وجاء أيضاً قوله تعالى: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) (يوسف/ 8)، وتشير إلى العدوان الخفي متمثلاً في الغيرة.

-         وعن العدوان المتستر في الحسد ورد قوله تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا) (يوسف/ 5).

-         وعن العدوان المتستر في الكراهية ورد قوله تعالى: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) (آل عمران/ 120).

وهكذا يحذر القرآن الكريم من العدوان المضمر الذي يعرفه العلم الحديث بـ(المشاعر العدوانية) Hostility والذي يظهر على شكل مشاعر عامة الكراهية والاستياء من الآخرين.

 

جـ- العدوان تجاه الذات:

السلوك العدواني لا يتجه بالضرورة نحو الغير فقط، فقد يتجه نحو الذات أيضاً متمثلاً في نواح بدنية، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك حين قال: (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) (آل عمران/ 119).

وقال أيضاً: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) (الحشر/ 2).

 

المصدر: كتاب عدوان الأطفال

ارسال التعليق

Top