• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فن تنمية الذكاء عند الأطفال

فن تنمية الذكاء عند الأطفال

من الحقائق التي تمّ إثباتها أنّ نسبة الذكاء تختلف من شخص لآخر، وقد وجد بيترمان أنّ حاصل الذكاء: هو الناتج من قسمة العمر العقلي على العمر الزمني مضروباً في مائة. كما ثبت أيضاً أنّ هناك علاقة وطيدة بين الذكاء والوراثة، وأنّ الذكاء يورث، وأنّه قابل للزيادة، لكن هذه الزيادة تتوقف عند حوالي السنة السادسة عشرة من العمر، وإن كانت هذه السنة ما زالت موضع خلاف بين التربويين؛ فمنهم من يرى أنّها دون ذلك بسنة أو سنتين، في حين يرى آخرون أنّها قد تصل إلى الثامنة عشرة. لذلك فقد اتجهت المدرسة الحديثة إلى تعليم التفكير للأطفال، وتمخض عن هذا التوجه تحديد المؤثرات التي من شأنها تنمية الذكاء. فما هي أنواع الذكاء التي ينبغي تنميتها لدى الأطفال؟ وما المؤثرات أو العوامل التي تساعد على زيادة الذكاء؟ وهل هناك عوائق أو صعوبات يمكن أن تحدّ من أثرها؟

·      عوامل وأنشطة تنمي الذكاء:

وصايا ذهبية في تنمية ذكاء أبنائنا

إذا أردت نمواً في قدراته وذكائه فهناك أنشطة تؤدي بشكل رئيس إلى تنمية ذكاء الطفل وتساعده على التفكير العلمي المنظم وسرعة الفطنة والقدرة على الابتكار، ومن أبرز هذه الأنشطة ما يلي:

 

أ‌)       اللعب:

الألعاب تنمي القدرات الإبداعية لأطفالنا.. فمثلاً: ألعاب تنمية الخيال، وتركيز الانتباه والاستنباط والاستدلال والحذر والمباغتة وإيجاد البدائل لحالات افتراضية متعددة مما يساعدهم على تنمية ذكائهم.

يعتبر اللعب التخيلي من الوسائل المنشطة لذكاء الطفل وتوافقه، فالأطفال الذين يعشقون اللعب التخيلي يتمتعون بقدر كبير من التفوق، كما يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء والقدرة اللغوية وحسن التوافق الاجتماعي، كما أنّ لديهم قدرات إبداعية متفوقة، ولهذا يجب تشجيع الطفل على مثل هذا النوع من اللعب.

كما أنّ للألعاب الشعبية كذلك أهميتها في تنمية وتنشيط ذكاء الطفل، لما تحدثه من إشباع الرغبات النفسية والاجتماعية لدى الطفل، ولما تعوده على التعاون والعمل الجماعي ولكونها تنشط قدراته العقلية بالاحتراس والتنبيه والتفكير الذي تتطلبه مثل هذه الألعاب.. ولذا يجب تشجيعه على مثل هذا.

 

ب‌)  القصص وكتب الخيال العلمي:

تنمية التفكير العلمي لدى الطفل يعتبر مؤشراً مهماً للذكاء وتنميته، والكتاب العلمي يساعد على تنمية هذا الذكاء، فهو يؤدي إلى تقديم التفكير العلمي المنظم في عقل الطفل، وبالتالي يساعده على تنمية الذكاء والابتكار، ويؤدي إلى تطوير القدرة العقلية للطفل. والكتاب العلمي لطفل المدرسة يمكن أن يعالج مفاهيم علمية عديدة تتطلبها مرحلة الطفولة، ويمكنه أن يحفّز الطفل على التفكير العلمي، وأن يجرى بنفسه التجارب العلمية البسيطة، كما أنّ الكتاب العلمي هو وسيلة لأن يتذوق الطفل بعض المفاهيم العلمية وأساليب التفكير الصحيحة والسليمة، وكذلك يؤكد الكتاب العلمي لطفل هذه المرحلة تنمية الاتجاهات الإيجابية للطفل نحو العلم والعلماء كما أنّه يقوم بدور هام في تنمية ذكاء الطفل، إذا قدم بشكل جيّد، بحيث يكون جيد الإخراج مع ذوق أدبي ورسم وإخراج جميل، وهذا يضيف نوعاً من الحساسية لدى الطفل في تذوق الجمل للأشياء، فهو ينمي الذاكرة، وهي قدرة من القدرات العقلية.

والخيال مهم جدّاً للطفل وهو خيال لازم له، ومن خصائص الطفولة التخيل والخيال الجامح، ولتربية الخيال عند الطفل أهمية تربوية بالغة ويتم من خلال سرد القصص الخرافية المنطوية على مضامين أخلاقية إيجابية بشرط أن تكون سهلة المعنى وأن تثير اهتمامات الطفل، وتداعب مشاعره المرهفة الرقيقة، ويتم تنمية الخيال كذلك من خلال سرد القصص العلمية الخيالية للاختراعات والمستقبل، فهي تعتبر مجرد بذرة لتجهيز عقل الطفل وذكائه للاختراع والابتكار، ولكن يجب العمل على قراءة هذه القصص من قبل الوالدين أوّلاً للنظر في صلاحيتها لطفلهما حتى لا تنعكس على ذكائه؛ لأنّ هناك بعض القصص مثل سوبرمان والرجل الأخضر طرزان. قصص تلجأ إلى تفهيم الأطفال فهماً خاطئاً ومخالفاً لطبيعة البشر، مما يؤدي إلى فهمهم لمجتمعهم والمجتمعات الأخرى فهماً خاطئاً، واستثارة دوافع التعصب والعدوانية لديهم. كما أنّ هناك قصصاً أخرى تسهم في نمو ذكاء الطفل كالقصص الدينية وقصص الألغاز والمغامرات التي لا تتعارض مع القيم والعادات والتقاليد – ولا تتحدث عن القيم الخارقة للطبيعة – فهي تثير شغف الأطفال، وتجذبهم، وتجعل عقولهم تعمل وتفكر وتعلمهم الأخلاقيات والقيم، ولذلك فيجب علينا اختيار القصص التي تنمي القدرات العقلية لأطفالنا والتي تملأهم بالحب والخيال والجمال والقيم الإنسانية لديهم، مما يجعلهم يسيرون على طريق الذكاء، ويجب اختيار الكتب الدينية ولمَ لا؟ فإنّ الإسلام يدعونا إلى التفكير والمنطق، وبالتالي تسهم في تنمية الذكاء لدى أطفالنا.

 

ج) الرسم والزخرفة:

الرسم والزخرفة تساعد على تنمية ذكاء الطفل وذلك عن طريق تنمية هواياته في هذا المجال، تقصي أدق التفاصيل المطلوبة في الرسم، بالإضافة إلى تنمية العوامل الابتكارية لديه عن طريق اكتشاف العلاقات وإدخال التعديلات حتى تزيد من جمال الرسم والزخرفة. ورسوم الأطفال تدل على خصائص مرحلة النمو العقلي، ولا سيّما في الخيال عند الأطفال، بالإضافة إلى أنّها عوامل التنشيط العقلي والتسلية وتركيز الانتباه. ولرسوم الأطفال وظيفة تمثيلية، تساهم في نمو الذكاء لدى الطفل، فبالرغم من أنّ الرسم في ذاته نشاط متصل بمجال اللعب، فهو يقوم في ذات الوقت على الاتصال المتبادل للطفل مع شخص آخر، إنّه يرسم لنفسه، ولكن تشكل رسومه في الواقع من أجل عرضها وإبلاغها لشخص كبير، وكأنّه يريد أن يقول له شيئاً عن طريق ما يرسمه، وليس هدف الطفل من الرسم أن يقلد الحقيقة، وإنّما تنصرف رغبته إلى تمثلها، ومن هنا فإنّ المقدرة على الرسم تتمشى مع التطور الذهني والنفسي للطفل، وتؤدي إلى تنمية تفكيره وذكائه.

 

د) مسرحيات الطفل:

إنّ لمسرح الطفل ولمسرحيات الأطفال دوراً مهماً في تنمية الذكاء لدى الأطفال، وهذا الدور ينبع من أنّ (استماع الطفل إلى الحكايات وروايتها وممارسة الألعاب القائمة على المشاهدة الخيالية، من شأنها جميعاً أن تنمي قدراته على التفكير، وذلك أنّ ظهور ونمو هذه الأداة المخصصة للاتصال – أي اللغة من شأنه إثراء أنماط التفكير إلى حد كبير ومتنوع، وتتنوع هذه الأنماط وتتطور أكثر سرعة وأكثر دقة)، ومن ثمّ فالمسرح قادر على تنمية اللغة وبالتالي تنمية الذكاء لدى الطفل، فهو يساعد الأطفال على أن يبرز لديهم اللعب التخيلي، وبالتالي يتمتع الأطفال الذين يذهبون للمسرح المدرسي ويشتركون فيه، بقدر من التفوق ويتمتعون بدرجة عالية من الذكاء، والقدرة اللغوية، وحسن التوافق الاجتماعي، كما أنّ لديهم قدرات إبداعية متفوقة. وتسهم مسرحية الطفل إسهاماً ملموساً وكبيراً في نضوج شخصية الأطفال فهي تعتبر وسيلة من وسائل الاتصال المؤثرة في تكوين اتجاهات الطفل وميوله وقيمه ونمط شخصيته ولذلك فالمسرح التعلمي والمدرسي مهم جدّاً لتنمية ذكاء الطفل.

 

هـ) الأنشطة المدرسية ودورها في تنمية ذكاء الطفل:

تعتبر الأنشطة المدرسية جزءاً مهماً من منهج المدرسة الحديثة، فالأنشطة المدرسية – أيّا كانت تسميتها – تساعد في تكوين عادات ومهارات وقيم وأساليب تفكير لازمة لمواصلة التعليم للمشاركة في التعليم، كما أنّ الطلاب الذين يشاركون في النشاط لديهم قدرة على الإنجاز الأكاديمي، وهم يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة، كما أنّهم إيجابيون بالنسبة لزملائهم ومعلميهم. فالنشاط إذن يسهم في الذكاء المرتفع، وهو ليس مادة دراسية منفصلة عن المواد الدراسية الأخرى، بل إنّه يتخلل كلّ المواد الدراسية، وهو جزء مهم من المنهج المدرسي بمعناه الواسع (الأنشطة غير الصفية) الذي يترادف فيه مفهوم المنهج والحياة المدرسية الشاملة لتحقيق النمو المتكامل للتلاميذ، وكذلك لتحقيق التنشئة والتربية المتكاملة المتوازنة، كما أنّ هذه الأنشطة تشكل أحد العناصر مهمة في بناء شخصية الطالب وصقلها، وهي تقوم بذلك بفاعلية وتأثير عميقين.

 

و) التربية البدنية:

الممارسة البدنية مهمة جدّاً لتنمية ذكاء الطفل، وهي وإن كانت إحدى الأنشطة المدرسية، إلّا أنّها مهمة جدّاً لحياة الطفل، ولا تقتصر على المدرسة فقط، بل تبدأ مع الإنسان منذ مولده وحتى رحيله من الدنيا، وهي بادئ ذى بدء تزيل الكسل والخمول من العقل والجسم وبالتالي تنشط الذكاء، ولذا كانت الحكمة العربية والإنجليزية أيضاً، التي تقول: "العقل السليم في الجسم السليم" دليلاً على أهمية الاهتمام بالجسد السليم عن طريق الغذاء الصحي والرياضة حتى تكون عقولنا سليمة ودليلاً على العلاقة الوطيدة بين العقل والجسد، ويبرز دور التربية في إعداد العقل والجسد معاً..

فالممارسة الرياضية في وقت الفراغ من أهم العوامل التي تعمل على الارتقاء بالمستوى الفني والبدني، وتكسب القوام الجيّد، وتمنح الفرد السعادة والسرور والمرح والانفعالات الإيجابية السارة، وتجعله قادراً على العمل والإنتاج، والدفاع عن الوطن، وتعمل على الارتقاء بالمستوى الذهني والرياضي في إكساب الفرد النمو الشامل المتزن.

ومن الناحية العلمية، فإنّ ممارسة النشاط البدني تساعد الطلاب على التوافق السليم والمثابرة وتحمل المسؤولية والشجاعة والإقدام والتعاون، وهذه صفات هامة تساعد الطالب على النجاح في حياته الدراسية وحياته العملية، ويذكر د. حامد زهران في إحدى دراساته عن علاقة الرياضة بالذكاء والإبداع والابتكار: "إنّ الابتكار يرتبط بالعديد من المتغيرات مثل التحصيل والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والشخصية وخصوصاً النشاط البدني بالإضافة إلى جميع المناشط الإنسانية، ويذكر دليفورد أنّ الابتكار غير مقصور على الفنون أو العلوم، ولكنه موجود في جميع أنواع النشاط الإنساني والبدني". فالمناسبات الرياضية تتطلب استخدام جميع الوظائف العقلية ومنها عمليات التفكير، فالتفوق في الرياضيات (مثل الجمباز والغطس على سبيل المثال) يتطلب قدرات ابتكارية، ويسهم في تنمية التفكير العلمي والابتكاري والذكاء لدى الأطفال والشباب. فمطلوب الاهتمام بالتربية البدنية السليمة والنشاط الرياضي من أجل صحة أطفالنا وصحة عقولهم وتفكيرهم وذكائهم.

 

ز) القراءة والكتب والمكتبات:

والقراءة مهمة جدّاً لتنمية ذكاء أطفالنا، ولِمَ؟؟ فإنّ أوّل كلمة نزلت في القرآن الكريم اقرأ، قال الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق/ 1-5). فالقراءة تحتل مكان الصدارة من اهتمام الإنسان، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لأن يستكشف الطفل البيئة من حوله، والأسلوب الأمثل لتعزيز قدراته الإبداعية الذاتية، وتطوير ملكاته استكمالاً للدور التعليمي للمدرسة، وفيما يلي بعض التفاصيل لدور القراءة وأهميتها في تنمية الذكاء لدى الأطفال!! والقراءة هي عملية تعويد الأطفال: كيف يقرأون؟ وماذا يقرأون؟ ولا أن نبدأ العناية بغرس حب القراءة أو عادة القراءة والميل لها في نفس الطفل والتعرف على ما يدور حوله منذ بداية معرفته للحروف والكلمات، لذا فمسألة القراءة مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة الطفل، فعندما نحبب الأطفال في القراءة نشجع في الوقت نفسه الإيجابية في الطفل، وهي ناتجه للقراءة من البحث والتثقيف، فحب القراءة يفعل مع الطفل الأشياء كثيرة، فإنّه يفتح الأبواب أمامهم نحو الفضول والاستطلاع، وينمي رغبتهم لرؤية أماكن يتخيلونها، ويقلل مشاعر الوحدة والملل، يخلق أمامهم نماذج يتمثلون أدوارها، وفي النهاية تغير القراءة أسلوب حياة الأطفال.

والهدف من القراءة أن نجعل الأطفال مفكرين باحثين مبتكرين يبحثون عن الحقائق والمعرفة بأنفسهم، ومن أجل منفعتهم، مما يساعدهم في المستقبل على الدخول في العالم كمخترعين ومبدعين، لا كمحاكين أو مقليدين، فالقراءة أمر إلهي متعدد الفوائد من أجل حياتنا ومستقبلنا، وهي مفتاح باب الرشد العقلي؛ لأنّ من يقرأ ينفذ أوامر الله عزّ جلّ في كتابه الكريم، وإذا لم يقرأ الإنسان، يعني هذا عصيانه ومسؤوليته أمام الله، والله لا يأمرنا إلّا بما ينفعنا في حياتنا.

والقراءة مهمة لحياة أطفالنا فكلّ طفل يكتسب عادة القراءة يعني أنّه سيحب الأدب واللعب، وسيدعم قدراته الإبداعية والابتكارية باستمرار، وهي تكسب الأطفال كذلك حبّ اللغة، واللغة ليست وسيلة تخاطب فحسب، بل هي أسلوب للتفكير.

 

ح) الهوايات والأنشطة الترويحية:

هذه الأنشطة والهوايات تعتبر خير استثمار لوقت الفراغ لدى الطفل، ويعتبر استثمار وقت الفراغ من الأسباب المهمة التي تؤثر على تطورات ونمو الشخصية، ووقت الفراغ في المجتمعات المتقدمة لا يعتبر فقط وقتاً للترويح والاستجمام واستعادة القوى، ولكنه أيضاً، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر فترة من الوقت يمكن في غضونها تطوير وتنمية الشخصية بصورة متزنة وشاملة. ويرى الكثير من رجال التربية، ضرورة الاهتمام بتشكيل أنشطة وقت الفراغ بصورة تسهم في اكتساب الفرد الخبرات السارة الإيجابية، وفي الوقت نفسه، يساعد على نمو شخصيته، وتكسبه العديد من الفوائد الخلقية والصحية والبدنية والفنية. ومن هنا تبرز أهميتها في البناء العقلي لدى الطفل والإنسان عموماً. تتنوع الهوايات ما بين كتابة شعر أو قصة أو عمل فني أو أدبي أو علمي، وممارسة الهوايات تؤدي إلى إظهار المواهب، فالهوايات تسهم في إنماء ملكات الطفل، ولابدّ وأن تؤدي إلى تهيئة الطفل لإشباع ميوله ورغباته واستخراج طاقته الإبداعية والفكرية والفنية.

والهوايات إمّا فردية، خاصة مثل الكتابة والرسم وإمّا جماعية مثل الصناعات الصغيرة والألعاب الجماعية والهوايات المسرحية والفنية المختلفة. فالهوايات أنشطة ترويحية ولكنها تتخذ الجانب الفكري والإبداعي، وحتى إذا كانت جماعية، فهي جماعة من الأطفال تفكر معاً وتلعب معاً، فتؤدي العمل الجماعي وهو بذاته وسيلة لنقل الخبرات وتنمية التفكير والذكاء. ولذلك تلعب الهوايات بمختلف مجالاتها وأنواعها دوراً مهماً في تنمية ذكاء الأطفال، وتشجعهم على التفكير المنظم والعمل المنتج، والابتكار والإبداع وإظهار المواهب المدفونة داخل نفوس الأطفال.

 

ط) حفظ القرآن الكريم:

فالقرآن الكريم من أهم المناشط لتنمية الذكاء لدى الأطفال، ولِمَ لا؟ والقرآن الكريم يدعونا إلى التأمل والتفكير، بدءاً من خلق السماوات والأرض، وهي قمة التفكير والتأمل، وحتى خلق الإنسان، وخلق ما حولنا من أشياء ليزداد إيماننا ويمتزج العلم بالعمل. وحفظ القرآن الكريم، وإدراك معانيه، ومعرفتها معرفة كاملة، يوصل الإنسان إلى مرحلة متقدمة من الذكاء، بل ونجد كبار وأذكياء العرب وعلماءهم وأدباءهم يحفظون القرآن الكريم منذ الصغر؛ لأنّ القاعدة المهمة التي توسع الفكر والإدراك، فحفظ القرآن الكريم يؤدي إلى تنمية الذكاء وبدرجات مرتفعة. وعن دعوة القرآن الكريم للتفكير والتدبر واستخدام العقل والفكر لمعرفة الله حقّ المعرفة، بمعرفة قدرته العظيمة، ومعرفة الكون الذي نعيش فيه حقّ المعرفة، ونستعرض فيما يلي بعضاً من هذه الآيات القرآنية التي تحثّ على طلب العلم والتفكر في مخلوقات الله وفي الكون الفسيح، قال تعالى: (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) (سبأ/ 46)، وهي دعوة للتفكير في الوحدة وفي الجماعة أيضاً. وقوله عزّ وجلّ: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة/ 219). وهي دعوة للتفكير في كلّ آيات وخلق الله عزّ وجلّ. وفي هذا السياق يقول الحقّ جلّ وعلا: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة/ 266).

وقوله عزّ وجلّ: (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس/ 24). و(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرّعد/ 3)، وقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/ 11)، ويفرّق الله بين المتفكرين والمستخدمين عقولهم، وبين غيرهم ممن لا يستخدمون تلك النعم. فيقول الحقّ: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (الأنعام/ 50)، ويقول الحقّ سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) (الروم/ 8)، وهي دعوة مفتوحة للتفكير في النفس والمستقبل. وهناك دعوة أخرى للتفكير في خلق السماوات والأرض، وفي كلّ حال عليه الإنسان، فيقول المولى عزّ وجلّ: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) (آل عمران/ 191)، بل هناك دعوة لنتفكر في قصص الله وهو القصص الحقّ، لتشويق المسلم صغيراً وكبيراً، يقول الحقّ: (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف/ 176). وحتى الأمثال يضربها المولى عزّ جلّ للناس ليتفكروا فيها، قال الحقّ سبحانه وتعالى: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر/ 21).

 

الكاتب: د. ناصر الشافعي

المصدر: كتاب اكتشف مواهب طفلك

ارسال التعليق

Top